أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - الصراع المفتوح مع الحكم















المزيد.....



الصراع المفتوح مع الحكم


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 5195 - 2016 / 6 / 16 - 20:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


المواجهة المفتوحة مع الحكم-
سعيد الوجاني
سنحاول في هذا الباب اعطاء لمحة مقتضبة عن بداية مراحل الصراع على الحكم بين الحركة الاسلامية المغربية وبين الحكم ، لنخلص الى ان كل المراحل كانت متزامنة ومواكبة للصراع الذي خاضه اليسار البرجوازي الصغير ، ويسار هذا اليسار الممثل في منظمات الحركة الماركسية الينينية المغربية ـ وكأنه كان هناك تسابق بين المتصاريين لمن يكون اوفر حظ للسبق في السيطرة على النظام ، وبناء نظام يعكس توجهه الايديولوجي او العقائدي .
عند عودتنا الى السبعينات سنجد ان بدايتها كانت حبلى بمحطات الصراع المختلفة . قد تكون قضية الزيتوني وجماعته بفاس الذين لم يترددوا في كبّ الماء الساخن من سطوح المنازل على البوليس والقوات العمومية ، اول مواجهة بين جماعة اسلامية وبين الدولة ، كما بلغت المواجهة درجتها في منتصف السبعينات بعد عملية تصفية عمر بنجلون من قبل كوماندو ينتمي الى الشبيبة الاسلامية كان مدفوعا من قبل عناصر لمديرية مراقبة التراب الوطني لضرب توجهين سياسيين متناقضين في آن : تيار الشبيبة الاسلامية الذي كان ينظر للخلافة ، وكان مخترقا من قبل البوليس ، والتيار الراديكالي في حزب الاتحاد الاشتراكي الذي كان يمثله في ذاك الوقت عمر بنجلون بعد المؤتمر الاستثنائي في يناير 1975 .
ستتعقد الازمة بين اعضاء هذه الجماعة الاسلامية التي كانت مخترقة من قبل البوليس حين سيتمكن اغلب قادتها من الفرار خارج المغرب ، في حين ستتدخل قيادات محسوبة على القصر للتأثير في مجرى تطور قضية اغتيال عمر بنجلون ، وفي مجرى شق الجماعة من قبل من كان يتعاون مع البوليس برئاسة عبدالاله بنكيران . بطبيعة الحال سيتضح لاحقا ان البوليس نجح في احداث خرق في صفوف الجماعة حين احتفظ الشيخ عبدالكريم مطيع بمنظمة الشبيبة الاسلامية ، وكان ينشر من فرنسا جريدة " المجاهد " وكلها سب وقدف في حق الحسن الثاني ونظامه ، كما اشرف الشيخ مطيع على اصدار كراسات سياسية متحاملة على النظام وعلى الاحزاب السياسية خاصة حزب الاتحاد الاشتراكي ، وحزب الاستقلال ، في حين سنجد ان المنشق عبدالعزيز النعماني ( تمت تصفيته من قبل البوليس المغربي وبتغطية من البوليس الفرنسي على متن القطار الرابط بين فلانس وباريس ليلا ) الذي تعود اليه مسؤولية تصفية عمر بنجلون ، سيؤسس في فرنسا منظمة المجاهدين – فرع المغرب – وسيصدر مجلة " السرايا " التي كانت مثل جريدة " الجماعة " موجهة ضد شخص الحسن الثاني وضد نظامه ، وضد الاحزاب المرتبطة له .
يلاحظ عند تحليل مختلف الصراعات التي حدثت بهذه الحقبة ، ان تلك الجماعات كانت تهدف اصل الحكم لاقامة نظام الخلافة الاسلامية ، ولم تكن في يوم من الايام تكفر المجتمع او الشعب ، كما انها كانت تخطط لمواجهة النظام مباشرة ، ولم تكن تستهدف في حربها المواطنين الابرياء لتنفجر وسطهم ، وهذا يجعل من تلك الحركات ، رغم الاختلاف العقائدي والايديولوجي ، شبيهة بتنظيمات اليسار البرجوازي الصغير الذي حمل السلاح ضد الحكم في 16 يوليوز 1963 ، وفي 3 مارس 1973 ، كما انها لم تكن تختلف عن مجموعة بلعيرج التي كانت تستهدف النظام وليس المواطنين .
ان هذه الحقيقة تجعل من هذه المنظمات تختلف جذريا عمّا حصل من تفجيرات وسط المواطنين في 16 مايو 2003 بالدارالبيضاء ، وحصل وسط المواطنين الاسبان في 11 مارس 2004 في مدريد . فلاول مرة يُشاع باستهداف ( القاعدة ) التي حلت محل هؤلاء المنظمات ، المواطنين الابرياء . لكن ومن خلال كل ما راج ، قبل واثناء وبعد العملية الاجرامية ، سيخرج عبدالاله بنكيران زعيم حزب العدالة والتنمية عندما كان يمارس المعارضة البناءة ، ليطلب من الملك عدة مرات باعادة فتح التحقيق الحيادي والنزيه في موضوع التفجيرات التي شكك فيها ، وهو هنا بموقفه هذا ، يملك من الحقائق والمعطيات ما يفند رواية الجنرال الجزار حميدو لعنيكري ، ويفند بيان وزارة الداخلية . لقد حمل عبدالاله بنكيران مسؤولية التفجيرات الى من اسماهم ب ( العفاريت والتماسيح ) ، وهو نفس الشيء قام به الوزير المخلوع ادريس البصري حين قال عن العملية بانها " مغربية – مغربية " ، اي انه ارجع مسؤولية التفجيرات لمجرمين لا علاقة لهم بالاسلاميين او ما شابه دلك . اما الضحايا الذين وصل عددهم كمعتقلين اكثر من 7000 ضحية ملئوا بهم السجون التي كانت فارغة ، فهم يجهلون كل ما حصل ، ولا يزالون الى الآن ، وبما فيهم من يسمون ب ( الشيوخ ) يطرحون السؤال عن : من الواقف الحقيقي وراء كل ما حصل ؟ .
وحتى لا نذهب بعيدا في التحليل الذي يستند الى حقائق دامغة ، ونترك ذلك الى وقته وزمانه ، فان تفجيرات 16 مايو 2003 بالدارالبيضاء كانت انقلابا مخططا له ضد شعارات المرحلة الجديدة من قبيل ( المفهوم الجديد للسلطة ) ، ( العهد الجديد ) ، ( ملك الفقراء ) ، ( المغرب الجديد ) . نعم لقد نجح الانقلابيون في تدمير الامل الذي لاح بعد موت الحسن الثاني ومجيء محمد السادس ، ونجحوا في اعادة الدولة البوليسية وسلطة الظلم والاستبداد . كما ان تفجيرات 11 مارس 2004 بمدريد نجحت في ابعاد رئيس الوزراء عن الحزب الشعبي ( أزنار ) الذي كان يشرف شخصيا على تنظيم استفتاءات دائرية لتقرير مصير الصحراويين خلال كل اسبوع بمختلف المقاطعات الاسبانية ، والمعرقل لعملية عبور الخضر والفواكه المغربية ، كما نجحت في ابعاد اكبر عدو للنظام الذي هاجمه اثناء واقعة جزيرة ليلى . لكن الاكيد ان الكومندو المغربي الذي فجر مدريد ، والذي لم يكن ضمنه لا ليبي ، ولا سعودي ،ولا كويتي ، ولا امارتي ، ولا باكستاني ، ولا سوري ، ولا فلسطيني ... لخ ، واكيد ان الشمكارة من حي الليدو الذين تم تفجيرهم ، ومن يقف وراء كل هذه الجرائم ، فشل فشلا دريعا في حسم نزاع الصحراء المغربية التي دخلت عنق الزجاجة واصبحت قاب قوسين من الانفصال . ان تصويت مجلس الامن على القرار 2285 والقاضي بالعودة اللامشروطة للفريق السياسي المكلف بالاستفتاء التابع للمينورسو يحمل قراءة واحدة لا اثنان ، وهي ان اي حل خارج حل الاستفتاء وتقرير المصير هو حل مرفوض امميا .
انطلاقا من هذه الحقيقة الدامغة يمكن القول ، أن الوزير المخلوع ادريس البصري زمن الحسن الثاني قد نجح نجاحا باهرا في كسر شوكة اليسار الماركسي اللينينيني ، واليسار البرجوازي الصغير ، كما نجح في افراغ الاتحاد الاشتراكي من كل المضامين السياسية التي طُرحت غداة عقد المؤتمر الاستثنائي في يناير 1975 ، خاصة التركيز على المنهجية الانتخابية ، وان الذي تغير جدريا من ذاك التاريخ ، هو الحزب وليس النظام الذي نظر الحزب لتغييره من الداخل ، فاصبحت الوضعية التي يوجد عليها اتحاد اليوم ، اضافة الى الوضعية التي توجد عليها كل المكونات التي خرجت منه تثير الحسرة والشفقة ، من حزب الطليعة الى حزب المؤتمر الوطني ، الى الحزب العمالي المنحل والعائد بدون شروط للاصل ، الى الحزب الاشتراكي الذي اختفى من الساحة نهائيا ، الى مجموعة الوفاء للديمقراطية التي انخرطت ضمن تشكيلة سياسية اطلق عليها اسم " الحزب الاشتراكي الموحد " الذين يمارسون اليوم معارضة صاحب الجلالة لحكومة صاحب الجلالة . ان الدور الذي تقوم به اليوم احزاب النيو – مخزن يعيد تكرار ، وبشكل بئيس المشهد المفلس غداة تبني قرارات المؤتمر الاستثنائي ، وغداة الانخراط تحت راية الحكم لتنفيذ اجندته تحت مسميات شتى ابرزها " الديمقراطية الحسنية " . ان الانخراط وبعناوين ضخمة لا تعكس حقيقة اصحابها في " الديمقراطية المحمدية " يعكس سكيزوفرانية سياسية مقيتة بين ما يسوق لل ( مناضلين ) الجدد من قبل من اعيتهم نضالات سنوات العجاف ، وبين المشروع الايديولوجي العام المفروض من قبل القصر ، والذي تتهافت هذه الكائنات على سبق الشرف لتحمل اعباء تنفيذه ، او على الاقل المشاركة في التنفيذ .
لكن إذا كان ادريس البصري قد نجح في كسر شوكة اليسار بشقيه المراكسي والبرجوازي الصغير ، فانه فشل فشلا دريعا في قضية الصحراء . وهنا فان من سيخلفه في السلطة من الجزار الجنرال حميدو لعنيكري الى فؤاد الهمة الى الشرقي ضريس الى نور الدين بن ابراهيم الى عبداللطيف الحموشي ، قد فشلوا في كسر شوكة الحركة الاسلامية سواء من خلال المقالب التي وظفوا اجهزة الدولة في صناعتها وباشكال اكثر رداءة ، او عندما اسسوا " الحركة من اجل الديمقراطية " وبعدها حزب القصر " الاصالة والمعاصرة " ، فلاول مرة في تاريخ الاستحقاقات السياسية سيحصل حزب العدالة والتنمية على 107 مقعد بالبرلمان ، في حين توارى حزب القصر والاحزاب التي ارتبطت معه درجات الى الوراء . ومثل فشل ادريس البصري ، فقد فشل هؤلاء ومن معهم كذلك في ملف الصحراء ، بل بسببهم اضحت القضية الوطنية قاب قوسين او ادنى من الانفصال . والآن يخططون وبشكل ماكر للعودة من جديد لاعادة احياء ما افشلته حركة 20 فبراير ، اي الحصول في الانتخابات المتحكم فيها مسبقا على اغلبية مطلقة تعيد التأسيس لحزب حسني مبارك بمصر ، وحزب زين العابدين بنعلي بتونس .


الصراع المفتوح مع السلطة : تعتبر سنة 1984 السنة التي وصلت فيها درجة التصادم بين( حركة الشبيبة الاسلامية) والسلطة درجاتها القصوى . فقد شهدت هذه السنة بعد محاولة ادخال الاسلحة من الجزائر، قمة الحملة التي شنتها اجهزة الامن، ضد خلايا الاتجاه الاسلامي المتطرف الذي يؤمن بالعنف كوسيلة للسيطرة على الحكم . لقد كشفت المحاكمات التي اعقبت تلك الاحداث عن تنظيمات سرية بدات نشاطها منذ سنة 1978 و1979 مثل( فصيلة الجهاد) ،( الحركة الثورية المغربية) ،( حركة المجاهدين بالمغرب) ، و( حركة الشبيبة الاسلامية) وهذا حتى قبل ظهور القاعدة ومن بعدها ظهور داعيش وفلولها . لقد بلغ عدد الماثلين امام المحكمة 71 متابعا ينتمون الى مختلف هذه التنظيمات ، وينحدرون من مختلف المدن المغربية ، وجرى محاكمتهم بتهمة توزيع المناشير في المساجد ، وفي العديد من المدن كالدارالبيضاء ،و المحمدية ، وحيازة الاسلحة بدون ترخيص ، والتهديد بالستعمال العنف المسلح ضد الدولة وضد رموزها . وقد صدرت الاحكام على 13 متهم بالاعدام ، وعلى 34 بالسجن المؤبد .
في شهر غشت من سنة 1985 مثل 26 عضوا من اعضاء ( حركة الشبيبة الاسلامية) امام المحكمة بتهمة التزود بالاسلحة من الجزائر والتدريب على استعماله بمعسكراتها، وتحت اشراف اجهزة مخابراتها العسكرية ،ثم العمل على ارساء نظام ثيوقراطي اسلامي بالمغرب ، وكان نصيب 14 منهم ، الحكم بالاعدام ، من بينهم مرشد الجماعة الشيخ عبد الكريم مطيع المقيم الان بخارج المغرب . لقد كانت هذه هي المرة الاولى ، بعد قضية الزيتوني بفاس ، التي تدخل فيها السلطة في مواجهة عنيفة ومفتوحة مع الحركة الاسلامية . لقد دفعت تلك الاحداث في ذلك الابان وزارة الداخلية الى تكوين مجموعة من رجال السلطة الذين كلفوا بربط العلاقات بين مختلف المساجد بالمملكة ، وبين اقسام الشؤؤن العامة بالعمالات والاقاليم ، و بتنسيق مع الاجهزة الامنية المختلفة خاصة مع ( مديرية مراقبة التراب الوطني) ومع مديرية الاستعلامات العامة بالامن الوطني ، التي كان يشرف عليها غير المأسوف عن ذهابه المجرم عبد العزيز علابوش ، حفيظ بنهاشم ، حسين بنحربيط ، وتحت الرئاسة الفعلية لادريس البصري . ان هذه الاستراتيجية الجديدة التي اعتمدتها وزارة الداخلية ، كانت بغرض استباق الاحداث ، والحيلولة دون استغلال الدين او المساجد لتمرير الخطابات السياسية للتنظيمات المتطرفة ، واذا كانت هذه الخطة قد اعطت اكلها على الامد المتوسط ، فان نزول التيار الاسلامي ممثلا في( جماعة العدل والاحسان) ،( حركة التوحيد والاصلاح) و(التيار السلفي الجهادي) الذي كان لايزال يركز على التنظير، في المظاهرة الشعبية المساندة للعراق في حربه الظالمة ضد جحافل الامريكان ومن لف حولهم من الدول ، قد اربكت حسابات الداخلية ،وادخلت الرعب في قلوبهم ، ولاول مرة نزلت امام محطة القطار بالرباط كل قيادة الوزارة يتقدمهم حسين بنحربيط ، حفيظ بنهاشم ، وغير المأسوف عن ذهابه المجرم عبد السلام الزيادي وعبد العزيز علابوش ، وتحت حراسة امنية مشددة لمراقبة الحشود الغاضبة المؤطرة من طرف التيار الاسلامي الذي لم يكن ليثير اهتمامات المسؤلين . ومن يومها بدا الشغل الشاغل للوزارة هو بحث اسباب تنامي التايار الاسلامي ، وتغلغله وسط العديد من القطاعات التي كانت حكرا على اليسار التقليدي والسبعيني ، ثم سهولة استقطابه لفئات عريضة من مختلف الطبقات الاجتماعية وسط الشعب المغربي ، ويعتبر الترخيص عبد الاله بنكيران بالاندماج في حزب الخطيب ، محاولة للتقليل من خطورة الظاهرة ، واستيعابها ثم التحكم فيها ، بدل ان تبقى خارج الضوابط المعروفة ، وقد كانت عملية الاندماج بين( رابطة المستقبل الاسلامي) وبين ( حركة الاصلاح والتجديد) في اطار( حركة التوحيد والاصلاح) الناقوس الذي دق الخطر من تجميع جميع الاسلاميين في تنظيم واحد ،وهو ما سينجم عنه مشاكل للحكم في المغرب. لقد لعب المرحوم عبد الرزاق لمروري الذي اغتالوه مع زوجته في حادثة سير مفبركة ، دورا اساسيا في هذا الاندماج الذي سيفضي مع مرور الوقت بالاعلان عن( حزب العدالة والتنمية) كحزب مندمج في اللعبة الديمقراطية بكل مزاياها ومساوئها ، ومتحكما فيها من طرف الامن .
محاولات تجميع منظمات الاسلام السياسي : لقد عرفت تجربة الاسلام السياسي عدة محاولات للتوحيد والتجميع بهدف بناء الحركة الاسلامية العريضة ، واظهارها امام الحكم ، وامام غيرها من الاحزاب ، بالشكل الحقيقي الذي تشغله في الساحة . وقبل عملية الاندماج التي تمت بين( رابطة المستقبل الاسلامي) وبين (حركة الاصلاح والتجديد) التي افضت الى تاسيس( حركة التوحيد والاصلاح) الجناح الدعوي والايديولوجي ل( حزب العدالة والتنمية) ، وبخلاف محاولة عبد القادر بلعيرج توحيد ( الحركة الثورية الاسلامية)،( حركة المجاهدين بالمغرب)،( حركة الشبيبة الاسلامية) و( الجماعة الاسلامية المغربية المقاتلة)، فقد كانت هناك عدة مبادرات شخصية حاولت بقدر ما ، ان تجمع جميع منظمات الاسلام السياسي في تنظيم واحد . ان من اهم تلك المبادرات ، تلك التي جسدها الشيخ عبد السلام ياسين من خلال مجلة( الجماعة) التي كانت تدعو الى ضرورة توحيد مختلف مكونات الحركة الاسلامية في حركة واحدة . فرغم ان الشيخ لم يكن في بداية عمله ينتمي الى اية جمعية دينية ، الاّ انه كان يهدف الى جعل( الجماعة )جريدة مركزية ، واداة لبناء وتجميع الاحركة الاسلامية في تنظيم واحد ، مثل حركة الاخوان المسلمين في الشرق العربي . فكان بذلك الاستاذ عبد السلام ياسين يركز على ثلاثة محاور اساسية هي :
1- الدعوة الاسلامية في مختلف المنابر، والمحافل ، والمرافق العامة ، والخاصة التي يلجها الناس بمختلف مشاربهم الاجتماعية واختلافاتهم الثقافية ، من اجل الاستقطاب وتعريض قاعدة العمل الاسلامي ، تمهيدا ليوم الهبة او القومة اوالثورة ، لاقامة نظام الخلافة ، والتخلص من النظام الجبري المستبد .
2- العمل على ضم جميع الجماعات الاسلامية التي تنشط في الساحة ، وتوحيدها في اطار منظمة اسلامية واحدة قادرة على "فرض اختيارات الشعب" ، ومسهلة امكانية حسم مسألة الحكم ، بدل ضياع الوقت في النزاعات المفتعلة بين الحركات الاسلامية في ما بينها ، الامر الذي قد يطيل من عمر الحكم ، وتستغله الاحزاب التي تستفيد من كل ضعف او نكسة تصيب العمل الاسلامي الجاد.
3- وضع استراتيجية محكمة للعمل الاسلامي ، ثم المطالبة بالحكم ، مع استغلال جميع الطرق المؤدية الى السلطة ، أي " الثورة الاسلامية " و امكانية " الانقلاب من فوق " . ومن خلال التحليل يتضح ان( جماعة العدل والاحسان) ، التي لاتعترف بامارة المؤمنين ، وتنازع الملك مشروعيته الدينية ، وتؤمن بالجمهورية الاسلامية على الطريقة الايرانية ، وتدعو الى الخلاص والتخلص من النظام الجبري المستبد ، وتعتبر الاحزاب مجرد حوانيت اودكاكين يشتري منها الحكم سلعته المفضلة ، هي في نظر النظام ، منظمة لاتختلف في شيء عن غيرها من منظمات الاسلام السياسي المتطرفة ، لكن الاختلاف يوجد في الوسائل فقط للوصول الى المشروع الاسلامي الضخم الذي ينتهي باقامة الجمهورية او الخلافة التي وعد بها مؤخرا الشيخ العبادي . ومادام ان الاستراتيجية واحدة ، فان( جماعة العدل والاحسان) تؤمن بالتغيير من تحت ، أي " بواسطة الثورة الشعبية " وهي تحضر لذلك بما تسميه في ادبياتها بتعريض القاعدة استعدادا للقومة، وتؤمن بالتغيير من "فوق" ، أي بالانقلاب، اذا كانت ظروف العمل الاسلامي تقتضي ذلك . أي استعمال السلاح في المراحل الاخيرة للثورة لضرب جيوب مقاومة النظام ، وهي المهمة التي سيتكلف بها جند الله : من نحن ؟: جند الله- ولاؤنا : لله . غايتنا: وجه الله . قائدنا : رسول الله . حاكمنا : الله . دستورنا : كتاب الله .وسيلتنا :الجهاد في سبيل الله . هكذا سنجد ان الشيخ عبد السلام ياسين كان ولا يزال يدعو الى عدم الاقتصار على نقد ما ينافي الاخلاق ، مبرزا ان ابراز العلاقة الوثيقة بين ما هو اخلاقي وبين النظام الاقتصادي والسياسي امر جوهري بالنسبة للشعب المغربي ، ولمناضلي الحركة الاسلامية . وبخصوص السلطة قال الشيخ : " نطالب بالسلطة ، نريدها برضى من الشعب وبتصويت منه " ، والتصويت هنا ليس هو صناديق الاقتراع ، بل" اختيار الشعب" الداعي الى التغيير الجدري ، أي الى تغيير النظام الحالي ، بنظام الخلافة الاسلامية التي ستحكمها دكتاتورية ( اهل الحل والعقد) او( مجلس الارشاد) او ( مجلس الفتوى والنصيحة) او ( المرشد الاعلى للثورة ) ، وهو ما يعني تبني مفهوم الاستبدالية السياسية للحركة الاسلامية عوض الشعب الذي يجب ان يخضع بالمطلق لفتاوى تلك الهيئات ، أي تغيير دكتاتورية بشعة بدكتاتورية ابشع منها . ان تركيز الجماعات الاسلامية في مطالبها بالشورى بدل الديمقراطية ، لايعني في واقع الامر ، غير اختزال الشورى في تلك المجالس ، وليس المقصود بها استفتاء الامة والرجوع الى الشعب الذي يجب ان يكون مصدر القرارات والاختيارات . ان هذه القاعدة الديمقراطية ترفضها الجماعات الاسلامية ، وهي اذ تُغيب الشعب من كل مشاركة في تحديد الاهداف العامة ، ترى ان العلماء وحدهم اهل للتقرير مكان الشعب المغيب والذي ستتخذ القرارت باسمه . وبخصوص موقف الشيخ من الاحزاب السياسية يقول كذلك : " انها لسداجة لا تغتفر انتظار ان ينفد المرتدون والملحدون والكفار عبر مشروع استغلالي ديماغوجي ومنتج لجاهلية جديدة . ان الاستعداد لاستلام السلطة يتطلب كثيرا من القوة والصفاء ، وهذا ما يجب علينا الاّ ننال من شخصيتنا الاسلامية ، وذلك بتجنب اية علاقة مع الاحزاب السياسية " . ان اكبر مغالطة للشيخ واكبر تناقض اساسي تسقط فيه ( جماعة العدل والاحسان) ، هو عندما تدعي رغبتها في مشاركة جميع الاحزاب في التقرير المشترك للخلاص من النظام ، في الوقت الذي نجد فيه الشيخ عبد السلام ياسين لايتورع في الدعوة الى " تجنب اية علاقة مع الاحزاب السياسية ".
هكذا ادن يبرز الشيخ عبد السلام ياسين كاحد اكبر منظري الاتجاه الاسلامي بالمغرب ، حيث سبق ان بعث الى الحسن الثاني برسالة عنوانها " الاسلام او الطوفان " قضى على اثرها سنتين في السجن ، وبعد موت الحسن ، بعث برسالة اخرى الى محمد السادس بعنوان " الى من يهمه الامر " ، كما ابدى معارضة قوية وصريحة حينما اصدر مجلس ( العلماء ) بالمغرب فتوى تكفر الخميني ، وقد سار الاستاذ مصطفى المعتصم الذي اعتقل ظلما في قضية بلعيرج في نفس الطريق ، حينما وجه بدوره رسالة الى " من يهمه الامر " أي الى الملك .
اليسار والحركة الاسلامية : مرت علاقة اليسار المغربي بالحركة الاسلامية المغربية بعدة محطات تختلف من العداء الاعمى ، الى المهادنة ، الى التنسيق والتعاون في بعض المجالات التي كانت تهم الجميع . في سبعينات القرن الماضي كانت علاقة اليسار الماركسي اللينيني( منظمة الى الامام) ،( منظمة 23 مار س) ،(حركة لنخذم الشعب) (الاتحاد الوطني تم الاتحاد الاشتراكي) (حزب الطليعة) تتسم بالعداء التام ، وقد كانت حلبة الصراع دائما هي منظمة (الاتحاد الوطني لطلبة المغرب) ، وكان الصراع بالاساس مع ( حركة الشبيبة الاسلامية) ، ومع( الجماعة الاسلامية) . بعد افول اليسار وتراجعه امام تصاعد الموجة الاسلامية في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي ، وامام النجاحات التي حققتها بعض الاحزاب التي تحسب على الصف الاسلامي كتوسيع قاعدة( حزب العدالة والتنمية )و(جماعة والعدل والاحسان) ، وتغطيتهما ، ان لم نقل استحواذهما على جل المظاهرات الوطنية التي ساندت الفلسطينيين و العراقيين ، بدا ت احزاب اليسار تغير من موقفها من الدين، حيث لم تعد تعتبره" افيونا للشعوب" ، كما غيرت من تصورها للعلاقة التي يمكن ربطها مع بعض التنظيمات الاسلامية المستعدة للقبول بالاخر ، حيث يمكن التعاون معها في المجالات التي تحظى باهتمام الجميع كالتعددية ، التسليم والاعتراف بالاخر ، نبذ العنف بكل اشكاله المادي والمعنوي ، الايمان بالديمقراطية وبان صناديق الاقتراع هي المفصل بين الخطابات السياسية للحركات التي تشتغل في الساحة ،الاهتمام المشترك بحقوق الانسان ، التأكيد على الثوابت الوطنية ومنها الاعتراف بالوحدة الوطنية .. هكذا ففي الوقت الذي نجد فيه ( الاتحاد الاشتراكي ) ،ايام زمان او الآن يستخدم الدين لاستمالة الجماهير المتدينة ودفع تهمة الالحاد عنه التي تلصقها به الجماعات الاسلامية المتطرفة حيث سبق للاستاذ الحبيب الفرقاني ، والاستاذ محمد عابد الجابري ان لعبا دورا مهما في هذا المجال من خلال المقالات الغنية التي كانت تصدر لهما بجريدة الحزب ، او المقالات التي ينشرها اعلام الحزب الأن، اوالمواقف والتصريحات المختلفة التي يصدرها بعض قادته بخصوص الموقف من الاسلام ومن اشكالية تسييس الدين ، فان( حزب التقدم والاشتراكية ) قد سلك نفس المسلك في اطار تعامله مع الدين وفي اطار تطبيقه ( الخلاق للماركسية ) ، حيث سبق ان اصدر فتواه الشهيرة في امر الراسمالية قائلا : " ان الاسلام يدين الراسمالية والاستغلال ، والاشتراكية ليست ضد الدين ولا ضد تعاليمه التي تنادي بالمساواة " ، لكن اذا نحن رجعنا شيئا ما الى الوراء سنجد ان الاستاذ احمد الكوهن المغيلي المدير المسؤل عن مجلة( الاساس) التي كانت مقربة من السيد علي يعتة يكتب في احدى المقالات خلال فترة اشتداد المواجهة مع التيار الاسلامي ، يناشد السلطة بالعمل على اقتلاع الشر من جذوره و معتبرا ان " الهراوة " هي السبيل الوحيد لردع مخاطر الاتجاهات الاسلامية المتطرفة ، وهو نفس الموقف سبق للاستاذ احمد بنجلون ان اتخذه في مقال كانت قد نشرته جريدة الطريق بخصوص التعامل مع الاسلاميين . وهنا لا ننسى دور علي يعته حين دعا الدولة لاجثتات اليسار الماركسي اللينيني من جدوره قبل ان يستفحل الوضع .
على يسار هذين الحزبين نجد موقفا لاحد ابرز منظري منظمة( الى الامام) الماركسية ، وهو ابراهام السرفاتي ، الذي يخلص الى تقييم طبيعة الاسلام في المغرب انطلاقا من تجربة الاحزاب الاشتراكية والديمقراطية المسيحية في أمريكا الاتينية وفي ايطاليا ، فهو يؤكد على ضرورة العمل داخل الامة العربية على دفع جميع التقدميين ، كيفما كانت ايديولوجيتهم ، دينية ، اشتراكية ، قومية او ماركسية ، لبذل جهود نظرية ، وعملية في سبيل تقريب جميع الخطوط وجميع التنظيمات . فهذا شرط اساسي لتغيير المجتمع العربي تغييرا راديكاليا وتحريره من الامبريالية والصهيونية ، ومن ثم فهو يرى ان المناقشة يجب ان تبقى جارية بين الماركسيين اللينينيين ذوي التصور البروليتاري للعالم ، وبين الدين المتحرر من جميع الضغوط الرجعية . ان ابراهام السرفاتي لاينفي امكانية التعامل والتنسيق مع الاتجاهات الاسلامية ذات التوجه التقدمي والبراغماتي ، أي ما يطلق عليه بالاسلام التقدمي ، وللاشارة فان ابراهام السرفاتي اعترف بالفصل 19 من الدستور الذي تم تغييره في دستور 2011 ، أي انه اصبح محافظا اكثر من المحافظين انفسهم ، مادام ان الفصل المذكور يركز بالاساس على امارة امير المؤمنين وعلى اسلامية الدولة . ان الاستاذ عبدالله لحريف اعرب عن نفس الهم ، وهنا يمكن ان نفهم التنسيق الذي قام خلال حركة 20 فبراير بين حزب النهج الديمقراطي وبين جماعة العدل والاحسان .

اذا كان العديد من الاتجاهات اليسارية تتزلف للمنظمات الاسلامية ، فان هذا التزلف لن يجلب له غير الهزيمة والخذلان حيث تطبع في بعض الاحيان تصرفاته بالمازوشية السياسية . ان مختلف التحليلات تبين ان المواجهة بين اليسار وبين الاتجاهات الاسلامية المتطرفة لم تحسم بعد ، فباستثناء ما كتبه الشيخ عبدالسلام ياسين عن الاحزاب ، التي اعتبرها مجرد مقاولات اودكاكين ، وحذر من التعامل معها ، فان المنظمات الاسلامية المتطرفة ، تعتبر الاحزاب وبما فيها حتى( جماعة العدل والاحسان)،( العدالة والتنمية) ، (البديل الحضاري) و(الحركة من اجل الامة) ، منظمات كافرة لاعلاقة لها بالاسلام غير الاسم . لقد كتب الاستاذ عبد الكريم مطيع : " اسفر الصراع في المغرب عن معسكرين لاثالث لهما . معسكر الشعب المغربي المسلم المتشبث بعقيدته وثورته ، ومعسكر الفكر الاجنبي الدخيل ( الليبرالي والماركسي ) الذي يقاتل صفا واحدا في جبهة واحدة مآلها الهزيمة والخذلان امام معسكر وجنود الرحمان " واضاف " الحق والباطل لا يتبدلان القبل ولا اوراق الاعتماد ". ان الحق عند عبد الكريم مطيع هم المنظمات الاسلامية المتطرفة ، اما الباطل فهو الاحزاب بمختلف تشكيلاتها السياسية . بل ان حزب الاستقلال ومن خلال هذا الموقف ، متمركس اكثر من الاتحاد الاشتراكي . كما لا ننسى انه رغم الدور النضالي الصلب الذي قامت به الحركة الماركسية الايرانية من حزب تودة الشيوعي ، الى منظمة فدائيي خلق ، الة مجاهدي خلق ، فان هذا التنظيمات تعرضت لحملة قمع استئصالية على يد ملالي ايران اكثر مما تعرضت له على يدالسافاك وكل اجهزة امن شاه ايران بهلوي. - يتبع -


الاسلام السياسي - 5- الشبيبة الاسلامية سعيد الوجاني

عرفت بلادنا نوعين من المنظمات السياسية المتطرفة منذ سبعينات القرن والماضي والى الان :
يتكون النوع الاول من المنظمات التي انشقت عن الاحزاب الوطنية ، وشكلت ما كان يعرف ب ( الحركة الماركسية المغربية ) التي تكونت من( منظمة 23 مارس) التي انشقت عن حزب( الاتحاد الوطني للقوات الشعبية) و (منظمة الى الامام) التي انشقت عن( حزب التحرر والاشتراكية) ،( الحزب الشيوعي) الذي يعرف اليوم( بحزب التقدم والاشتراكية ). لقد كانت هناك عدة عوامل ساهمت في هذا التاسيس نذكر منها ، انتفاضة الشبيبة الطلابية في ماي 1968 ، الحرب في الهند الصينية ( الفيتنام ) ، الصراع الصيني السوفياتي حيث تخندقت( منظمة الى الامام) و(حركة لنخذم الشعب) الى جانب اطروحات الحزب الشيوعي الصيني ، هزيمة الجيوش العربية في حرب 1967 التي اعتبرتها الحركة الماركسية هزيمة للطبقة البرجوازية التي قادت الحرب ، ومن ثم اعتبرت الاحزاب السياسية المغربية نمادج جاهزة لتك الاحزاب والانظمة التي افلست بالكامل ، واستنفدت دورها خلال مرحلة النضال ضد النظام الكلونيالي . لذا فان الحركة الماركسية المغربية وبعد ان رفضت الانتخابات ، بدات تنظر للعنف الثوري للاستيلاء على الحكم ، واقامة دولة العمال والفلاحين ، معتبرين ان النظام الملكي مشدود" بخيط عنكبوث" ، وان الخطر هو في كيفية التحضير لمواجهة التدخلات الخارجية خاصة الفرنسية لانقاد النظام من السقوط .
النوع الثاني من المنظمات المتطرفة كونتها وتكونها الان ( حركة الشبيبة الاسلامية ) ، ( الجماعة الاسلامية المغربية المقاتلة ) ، ( منظمة الجهاد )، ( الحركة الثورية الاسلامية ). هذه الجماعات التي كان يحاول عبد القادر بلعيرج الان ان يجمعها في تنظيم واحد ، سبق للشيخ عبد الكريم مطيع ان حاول بدوره توحيدها في اطار ( لجنة التنسيق الاسلامي بالمغرب ) ، لكن وبسبب الحساسيات الشخصية ، بسبب الحيطة والحذر التي يتطلبها ويفرضها العمل السياسي السري ، بقيت مثل تلك الدعوات مجرد محاولات للتاسيس للحركة الاسلامية القوية لمواجهة ما يطلقون عليه ب " الطاغوت " .
اذا كانت هناك عوامل موضوعية وذاتية ، محلية ووطنية ، اقليمية ودولية قد ساهمت في تاسيس اليسار الجدري الماركسي اللينيني في سبعينات القرن الماضي ، فان تاسيس ( حركة الشبيبة الاسلامية ) يعود الفضل فيه الى النظام الذي كان يراهن في استعمالها وسيلة لمحاربة المد الشيوعي والماركسي المتنامي في الحقل الثقافي ، وبالضبط في قطاع التعليم التي كان اليسار يسيطر فيه على المنظمة الطلابية( الاتحاد الوطني لطلبة المغرب) . لذا فان ظهور ( حركة الشبيبة الاسلامية ) يعود بالضبط الى سنة 1969 ، اما تاسيسها بصفة رسمية فيعود الى سنة 1972 . وحسب مؤسسها الشيخ عبد الكريم مطيع الذي كان عضوا بحزب( الاتحاد الوطني للقوات الشعبية)، قبل ان يغادره على اثر اختلافات مذهبية وسياسية مع مصطفى القرشاوي ، فان ( حركة الشبيبة الاسلامية ) هي " جمعية دينية تربوية نشاطها قانوني ومرخص به ، وهي بصفتها هذه بعيدة عن الاحتراف السياسي . اما اسلوبها التربوي فهو خاضع لقاعدة وجوب الدعوة الى الله بالتي هي احسن "، اما هدفها ودائما حسب تعريف الشيخ عبد الكريم مطيع " هدف الجمعية هو المساهمة في البناء الاجتماعي ، ونشر الاخلاق الكريمة وحث المواطنين على الخير والفضيلة والصلاح بواسطة تطبيق نهج الله الذي هو الاسلام ". وسيتاكد كما هو الشان بانسبة للعديد من منظمات الاسلام السياسي وعلى راسهم ( الاخوان المسلمون) و( منظمات الجهاد ) في الشرق العربي ، ان في الامر خطة محسوبة تسعى من خلالها الجماعة الى استغلال جميع الامكانيات والظروف لتقوية ساعدها ، عن طريق التغلغل وسط الجماهير ، والتسلل داخل القطاعات الرئيسية والاستراتيجية للدولة ، للتحضير للانتقال من " مرحلة الدعوة التربوية " الى مرحلة "الثورة الاسلامية " التي سماها الشيخ ب " قدر المغرب الراهن " .
لقد لعب كل من الاستاذ عبد الكريم مطيع وابراهيم كمال والمرحوم عبد العزيز النعماني الذي اسس ( منظمة المجاهدين ) بعد انفصاله عن ( حركة الشبيبة الاسلامية ) بعد خلاف مع عبد الكريم مطيع ، حيث كان يشرف على اصدار مجلة ( السرايا ) التي كانت تدخل خلسة الى المغرب من باريس، وكانت تتضمن قذفا وسبا في شخص الحسن الثاني ... دورا اساسيا في خلق ( حركة الشبيبة الاسلامية )، وبفضل وظائفهم كمفتشي تعليم استطاعوا ربط عدة اتصالات مع العديد من الشخصيات الوطنية والعربية والاسلامية ، وكان الاستاذ المرحوم الامير بهاء الدين اول المتصلين به ، حيث كان استاذا بدار الحديث الحسنية ، وملحقا بالديوان الملكي ، و بمساعدته صدرت تعليمات خاصة مكنت عبد الكريم مطيع من وضع القانون الاساسي ل ( جمعية الشبيبة الاسلامية ) مباشرة لدا وزير الداخلية انذاك السيد حدو الشيكر . ان من بين الشخصيات التي تم الاتصال بها ، نذكر اذا لم تخننا الذاكرة. سفير المملكة العربية السعودية السيد فكري شيخ الارض ، الاستاذ علال الفاسي ، الاستاذ الهاشمي الفيلالي ، الدكتور عبد الكريم الخطيب ، الاستاذ عبد الله ابراهيم ، الدكتور المهدي بنعبود ...
تم الاتصال كذلك بكل من الفقيه محمد السرغيني رئيس ( جمعية انصار الاسلام )، السيد محمد بخات عن ( جمعية الدراسات الاسلامية )، السيد الحمداوي محمد رئيس ( جمعية التبليغ )، السيد الشركي عبد الله رئيس ( جمعية النهضة الاسلامية ) بتطوان ، الدكتور الهراس رئيس ( الجمعية الاسلامية ) بفاس ، السيد محمد السواف رئيس ( جمعية الرابطة الاسلامية )، الفقيه الحاج محمد الدكالي رئيس ( جمعية الدعوة والارشاد ) اضافة الى شخصيات اخرى ذات وزن في الحقل الاسلامي والدعوي .
في سنة 1973 توصل الاستاذ عبد الكريم مطيع بدعوة من وزارة الخارجية السعودية للمشاركة في المؤتمر العالمي للشباب الاسلامي بمكة . وقد استغل الشيخ عبد الكريم مطيع هذه الفرصة قصد ربط اتصالات مع زعماء العديد من الحركات ومنظمات الاسلام السياسي العاملة في فرنسا ، المانيا ، هولندة ، اسبانيا ، ايطاليا، مصر ، سورية ، الاردن ، الكويت ، باكستان ... وبفضل هذه الاتصالات استطاع الاستاذ عبد الكريم مطيع وابراهيم كمال الحصول على دعم مالي مهم ل ( حركة الشبيبة الاسلامية )، الامر الذ ي سهل عليهما في سنة 1974 الدخول في مواجهات عنيفة مع اطر ومناضلي اليسار بشقيه التقليدي ( الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ) الذي تحول في نفس السنة الى( الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية) ،( حزب التحرر والاشتراكية) الذي تحول بدوره الى( حزب التقدم والاشتراكية )، اليسار الجديد ممثلا في ( منظمة الى الامام ) ، ( منظمة 23 مارس ) ، (حركة لنخذم الشعب )----- للمزيد من المعلومات عن اليسار الجديد ، راجع اطروحتنا : ( الحركة الماركسية اللينينية المغربية : 1965 – 1983 ) السنة : 1987. 450 صفحة . الحجم الكبير.
لقد بلغت المواجهة بين (حركة الشبيبة الاسلامية ) ، وبين اليسار المغربي حدتها بمقتل المرحوم عمر بنجلون مهندس التقرير الايديولوجي مع الاستاذ عابد الجابري للمؤتمر الوطني الاستثنائي لحزب( الاتحاد الاشتراكي) لسنة 1975، الذي شكل انقلابا على ماضي الاتحاد الراديكالي الذي كانت تمثله تصريحات المهدي بن بركة، الفقيه محمد البصري وصقور الاتحاد ، ثم الاحداث البلانكية التي حصلت في سنة1963 و(حركة3مارس 1973 ) المعروفة باحداث خنيفرة مولاي بوعزة . وبلغت المواجهة حدتها بمحاولة تصفية الاستاذ عبد الرحيم الميناوي من (حزب التقدم والاشتراكية) بالدارالبيضاء ، كما اعدت (حركة الشبيبة الاسلامية ) لائحة سوداء تضم كل العناصر اليسارية التي اتهمت بالالحاد والزندقة ، فكانت القائمة السوداء لهؤلاء اعلانا عن قمة الخطر الذي بدا ينفلت زمام مبادرته من قبل الدولة . لقد ادت عملية اغتيال المرحوم عمر بنجلون الى تعقيد الوضع بالنسبة ل ( حركة الشبيبة الاسلامية )،اذ وجهت الضابطة القضائية تهمة الاغتيال المباشر الى الاستاذ عبد الكريم مطيع ، ابراهيم كمال ، عبد العزيز النعماني الذي اسس من فرنسا ( منظمة الجهاد الاسلامي ) فرع المغرب . بعد جريمة مقتل عمر بنجلون غادر هذا الثلاثي المغرب صوب عدة اقطار عربية المملكة العربية السعودية ، وفرنسا ، حيث استانفوا من فرنسا نشاطهم السياسي هذه المرة ليس ضد اليسار فقط بل ضد الدولة والقصر وبالاخص ضد شخص الحسن الثاني. وإذا كان عبد الكريم مطيع وعبد العزيز النعماني قد ظلا في يتنقلان خارج التراب الوطني ،اذ كانا يترددان غالبا على الجزائر ، فان اللغز بالنسبة لابراهيم كمال انه عاد الى المغرب ليتم اعتقاله خمس سنوات ، بعد ذلك تمت تبرئته من طرف محكمة الجنايات بالدارالبيضاء .
كان الحكم على مطيع بالمؤبد النقطة التي افاضت الكأس . فقد غير كليا من خطته التكتيكية والاستراتيجية ، وبدا يعلن معارضته الشديدة للنظام الملكي ولشخص الملك الراحل . فكانت جريدة ( المجاهد ) التي كانت تفد سرا الى المغرب من فرنسا وتوزع سرا في عدة مدن بالشمال ،الرباط ، الدارالبيضاء، المحمدية و فاس... تتضمن مقالات متطرفة بحق الدولة المغربية ، وتحرض انصارها في الداخل على العنف .وهو نفس المسار سار عليه عبد العزيز النعماني الذي اسس ( منظمة الجهاد) واشرف على اصدار مجلة ( السرايا ) التي كانت تفد سرا من باريس وتوزع سرية في المغرب .
لقد ادى تردد عبد الكريم مطيع على الجزائر ، واتخاذه موقفا مغايرا لمغربية الصحراء ومساندا للبوليساريو ، وايمانه بالعنف الاعمى كوسيلة لقلب النظام ،،، ان اصبحت (حركة الشبيبة الاسلامية ) تعرف بعض التصدع في صفوفها ، فبدات المراجعات ، وبدا النقد والنقد الداتي ، فكانت الانسحابات بالجملة ، التي زادت من محدودية نشاط الحركة ، وتازيم وضعها السياسي ، وبالاخص التنظيمي . هكذا انشقت عن ( الشبيبة الاسلامية ) عدة مجموعات نحددها كالاتي :
1 - ( المجموعة السداسية )، وهي المجموعة الاولى التي انفصلت عن ( حركة الشبيبة الاسلامية ) . لقد اتهمها الاستاذ عبد الكريم مطيع بالعمالة لاجهزة وزارة الداخلية والاستعلامات العامة . تتكون تلك المجموعة من الاشخاص الاتية اسمائهم : السعداوي عبد الرحيم ، منار عثمان ، نايت الفقيه ، احمد بن الادهم ، نورالدين دكير و الشيخ عبد الكبير. 2- المجموعة الثانية التي انسحبت من تجربة ( حركة الشبيبة الاسلامية ) بمجموعة ( التبيين ) او ( مجموعة المعلمين ). تتكون تلك المجموعة من الاشخاص الاتية اسمائهم : اكوام عبد الرحيم ، العوفي محمد ، وفتاح عبد اللطيف .
3 - تتكون المجموعة الثالثة التي تسمى ب ( المجموعة الثلاثية ) من الاشخاص الاتية اسمائهم: عبد الرحيم ابو النعيم ، سنايبي عبد الرحيم ، بروين محمد ، وعز الدين العلام .
4 - تتكون المجموعة الرابعة التي انسحبت من تجربة ( حركة الشبيبة الاسلامية ) بعد ان ادانتها وتبرات منها ، ومن الاحداث التي قادتها في سنة 1985 من الاشخاص الاتية اسمائهم : عبد الاله بنكيران ، شاهين ادريس ، العمراني علال ، عبد اللطيف عدنان ، العربي عبد السلام ، عمر السامي ، والعربي حداد . هؤلاء سيلعبون دورا مهما في تاسيس (جمعية الجماعة الاسلامية )التي اتهمها عبد الكريم مطيع بالعمالة لوزارة الداخلية وللاجهزة الامنية . للمزيد من التعرف اكثر على ( حركة الشبيبة الاسلامية ) يرجى زيارة الموقع الحركة .

الجماعة الاسلامية : كان اهم تنظيم خرج عن ( حركة الشبيبة الاسلامية ) ، ( الجماعة الاسلامية ) في سنة1981 التي تحولت الى ( حركة الاصلاح والتجديد )، بعد ان اصدر عبد الاله بنكيران بيانا موجها الى الراي العام والى السلطات يعلن فيه قطيعته مع تجربة ( حركة الشبيبة الاسلامية ) وامينها العام الاستاذ عبد الكريم مطيع . وقد صدر البيان المذكور بتاريخ 6 يناير 1982 ، أي مباشرة بعد ان اصدر عبد الكريم مطيع في المهجر جريدة ( المجاهد ) التي كانت مثل مجلة ( السرايا ) ، كلها قدف في حق الدولة العلوية وفي حق الحسن الثاني . كما اصدر عبد الاله بنكيران بيان اخرا الى في سنة 1985 موجها الى السلطة والى الراي العام الوطني يدين فيه محاولة ( حركة الشبيبة الاسلامية ) ومرشدها العام الاستاذ عبد الكريم مطيع ادخال شباب مسلحين من الجزائر لمحاولة قلب نظام الحكم بالمغرب .
في 13 يونيو 1983 وضعت مجموعة عبد الاله بنكيران ملف قانونها الاساسي بقسم الشؤون العامة بعمالة الرباط ، قصد التاسيس الرسمي ل ( الجماعة الاسلامية ) ، وقد سطرت الجمعية من مهامها الاساسية بلوغ الاهداف التالية:
1 - نبذ السرية والحلقية ، والمغامرات الفاشية التي تربك وتعطل العمل الاسلامي بدل ان تخدمه ، بحيث يستفيد من هذه المحاولات الانتحارية اعداء العمل الاسلامي الجاد المتنفدين وسط السلطة او المنتشرين وسط الاحزاب .
2 – النضال في اطار العلنية والشفافية والوضوح وفي ظل المشروعية الوطنية، واحترام مقدسات الدولة ، الله الوطن الملك . أي الاعتراف بالملك بوصفه اميرا للمؤمنين ، الممثل الاسمى للامة ، ورمز الوحدة الوطنية .
3 – ادانة كل اعمال الدس والتحريض على الفتنة وازهاق ارواح المسلمين ظلما وجورا ، والهاء العمل الاسلامي في المعارك الجانبية التي لن يستفيد منها غير اعداء الامة واعداء الحركة الاسلامية بكل تشكيلاتها وتوجهاتها .
4 - العمل للتصدي للافكار وللايديولوجيات المستوردة والهدامة والمعادية للاسلام وللمسلمين ، والمقصود هنا دعاة التغريب والحداثيين الذين يريدون سلخ المجتمع المغربي عن اصوله ومعتقداته ، ودمجه قصرا في التحولات العالمية باسم الانفتاح والمدنية ، للقضاء على الاصالة والموروث الثقافي الاصيل للشعب المغربي ، وضرب الحق في الاختلاف بالانصياع الاعمى الى املاءات الغرب المسيحي الصهيوني . أي استهداف قواة الممانعة الوطنية والقومية ، ونصرة التدجين والتمييع باسم الجديد والتجديد الذي لاعلاقة له بمفهوم الاصالة والمعاصرة التي يؤكد عليها النظام المغربي ، أي الدولة العصرية التي تجمع بين الاصالة وبين المعاصرة وتجمع الجديد بالاصيل .
5 – المساهمة المتواصلة في رفع المستوى التربوي والاخلاقي والاسلامي للشعب المغربي المسلم .
6 – الدعوة الى الاسلام وفق الكتاب والسنة المحمدية .
لقد اندمجت ( الجماعة الاسلامية ) مع ( رابطة المستقبل الاسلامي ) في اطار ( حركة التوحيد والاصلاح) ، وقد كان للمرحوم عبد الرزاق لمروري دورا مهما في هذا الاندماج . تعتبر ( حركة التوحيد والاصلاح ) الاطار اوالجهاز الايديولوجي لحزب العدالة والتنمية ، الذي تمكن بفضل نجاح خططه ودراساته ، ان يحتل مكانة مهمة ضمن الخريطة الحزبية ، وان يكون له تواجد مهم في العديد من القطاعات التي كان محروما منها في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي . واذا كان الحزب قد عرف كيف يشق طريقه بكل امعان وترو ، حيث انه جاء في المرتبة الثانية بعد حزب الاستقلال في الانتخابات التشريعية لسنة 2007 ، وفي المرتبة الاولى في انتخابات 2011 ب 107 عضو برلماني ، فانه وبدون منازع يشكل القوة الثانية بعد العدل والاحسان .
انطلاقا من هذه الحقائق الصادعة ، يمكن ان نرتب خريطة القوى السياسية المستأثرة بالمشهد السياسي ، وان نحاول رسم صورة تقريبية عن المجال السياسي الذي تشغله من حيث المواقف ، ومن حيث القوة ، وحيث التأثير في رسم المشهد السياسي المغربي .
القوة السياسية الاولى من حيث التنظيم والعدد والعدة والانتشار وسط مختلف الطبقات الاجتماعية المختلفة ، سنجد الحركة الاسلامية ممثلة ب :
1 ) جماعة العدل والاحسان كأقوى تنظيم بالساحة ، ومواقفه وان كانت واضحة بخصوص عدم الاعتراف للملك بشرعيته الدينية ، وتنكر عنه لقب امير المؤمنين لانه ليس اهلا له ، وترفض البيعة على بياض التي تنظم كل سنة في عيد الجلوس على كرسي الحكم وليس العرش لان هذا لله لا لغيره ، وتقر مكانها بالبيعة المشروطة التي تشبه ما يسميع بعض ( اليساريين ) بالتعاقد بين اولي الامر ، وبين الاوصياء على الدين ، وبما فيهم الجماعة نفسها . ان هذا التعاقد يلزم ( الامير ) بواجبات وحقوق ، ويفرض عليه شروط اساسية إن هو خرج عنها ، او تخلى عن بعضها سقطت عنه البيعة حالا . واصحاب فكرة التعاقد هذه سواء الاسلاميين ، او ( اليساريين ) يريدون من خلال هذا التعاقد اخضاع ( الامير الوالي ) عند الاسلاميين ، والملك عند اليساريين لوصاية مكبلة لكل تصرفاته المحددة بمقتضى الدستور الممنوح بالنسبة لل ( يساريين ) والدستور الالهي العرفي بالنسبة للاسلاميين .
بطبيعة الحال ، وفي اطار الاجتهاد لتكوين جبهة موحدة ضد النظام الحالي ، لم تتردد الجماعة في الدخول في تنسيق مع النهج الديمقراطي في خضم حركة 20 فبراير . لكن طرأ طارء افسد هذا التنسيق بعدما انسحبت الجماعة من 20 فبراير ، وبعدما تراجعت عن التنسيق مع النهج ، رغم ان مرشدها الشيخ عبدالسلام ياسين ، كانوا يدعو الاحزاب الى التحالف في مواهجة النظام ، وهذه كانت تتهرب . لكن حين لب النهج الدعوة للتنسيق ، انسحبت الجماعة ، وتركت النهج لوحده يواجه نتائج 20 فبراير . ورغم هذا لم يتردد مؤخرا الاستاذ عبدالله لحريف من الدعوة للتنسيق مع الجماعة كمكون اساسي للشعب المغربي .
اضافة الى الجماعة ، تعج الساحة السياسية بتيارات سياسية باسم الاسلام ، ومنه المعتدل ، كالبديل الحضاري ، وحزب الامة ، ومنها المتشدد كالجماعات التكفيرية والجهادية ، سواء تلك التي تدين بالقاعدة او تلك التي تدين بداعيش . ومع ذلك فان التيارات رغم تشبعها بالعنف والتطرف والغلو ، الا ان خطرها لا يكاد يخيف ، لانها تتكون من عدد قليل من الافراد ، ولان الاجهزة البوليسية تملك من الامكانيات اللوجيستيكية ما يسهل عليها الوصول الى هؤلاء الافراد في داخل المغرب ، واختراقها ببلاد المهجر خاصة في فرنسا وبلجيكا وهولندة واسبانيا . وإذ تجاهلت حزب العدالة والتنمية ، فلانه جزء من النظام لا ضده . ومن ثم فهو يشكل جزءا من الفسيفساء التي تكون المشهد الحزبي المرتبط بالدولة .
2 ) اما عن الاحزاب المرخص لها بمقتضى ظهير الحريات العامة ، فهي كذلك جزء من النظام لا ضده ، ويدخل هنا الاشتراكي الموحد وحزب الطليعة ، ولا نستثني حتى النهج الديمقراطي الذي يركز على مطلب الدولة الديمقراطية ، وتحت اية مظلة كانت ، ملكية ام جمهورية برلمانية .
3 ) اما مختلف فصائل اليسار الجذري المتشبع بالنظرية الماركسية اللينينية ، فلا يعدو ان يكابد ظروف العيش للاستمرار رغم محدوديته بل انتفاءه وسط الفئات الاجتماعية التي يدعي تمثيلها ، من عمال وفلاحين . ان حضوره داخل الاوساط الجامعية ، اضحى مهددا من قبل التنظيمات الاسلامية ، وعلى رأسها جماعة العدل والاحسان ، وحتى حزب العدالة والتنمية .
4 ) القوة الرابعة هي الجيش . رغم تماسك هذه المؤسسة بفعل الرشاوى التي يدفعها النظام لكبار الضباط في شكل اجور مرتفعة وترقيات متتالية ، وامتيازات مختلفة ، فان أي شرخ لقضية الصحراء سينعكس على هذه المؤسسة سلبا . ان ذهاب الصحراء ليس لها من تفسير غير ذهاب النظام . وقبل ذهاب النظام سيتواجه الجيش كقوة اولى مع قوة الاسلاميين التي ستسغل الانتفاضة الجماهيرية ، ونزول الشعب ال الشارع ، لحسم قضية الحكم لصالحها . فهل سيكون الصراع بين الجيش وبين الشعب الذي سيكون مؤطرا من قبل قوى الاسلام السياسي ؟ . هل سيخضع الجيش لاوامر الغرب بقطع الطريق عن أي مشروع سياسي سيكون مزعجا بالمنطقة ، خاصة وان شخصية هشام تحظى بتقدير الغرب ، وباحترام اشباه العلمانيين واشباه الليبراليين ؟ ام ان الصراع لن يحيد عن دولة اسلامية تطبق الشريعة وتلغي القوانين الدولية ؟ .
ولنا ان نتساءل: هل كان احد يوما يتصور امكانية ان يصبح بنكيران وزيرا اولا ، وهو الشخص الذي لم يكن يحلم حتى بمدير مدرسة ابتدائية ؟
ان من صوت على بنكيران ، هم من يسميهم الماركسيون بالعمال والفلاحين ، وهم المشكلين للطبقات البرجوازية الصغيرة ، وما فوق الصغيرة ، والبرجوازية المتوسطة ، وما فوق المتوسطة ، اضافة الى الرعايا المسلمون بالوراثة .
بمعنى لو تدخل جماعة العدل والاحسان غمار الانتخابات القادمة لحصدت الاغلبية المطلقة داخل مجلس النواب ، ولكونت الحكومة عن جدارة واستحقاق ، أي دون حاجة الى التنسيق مع احزاب اخرى .



#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النظام المخزني يرضخ للشروط الهولندية بخصوص مستحقات الضمان ال ...
- وفاة محمد عبدالعزيز
- هل اضحى محمد السادس و ( نظامه ) غير مرغوب بهما ؟
- تداعيات الحرب إذا اندلعت في الصحراء
- حكومة صاحب الجلالة ومعارضة صاحب الجلالة
- قراءة في الرسالة التي بعتها الامين العام للامم المتحدة الى ا ...
- إيجابيات وخطورة القرار 2285 لمجلس الامن
- الجبهة الوطنية التقدمية الديمقراطية بديلا عن خرافة - الاجماع ...
- قدر المغرب الراهن بين نظامين . نظام الملكية المطلقة ، ونظام ...
- تمخض الجبل فولد فأرا
- هل استشعر الملك محمد السادس بشيء يحاك ضده ؟
- بين مغالطة - الاجماع الوطني - الاجماع الفاسد ، واقرار سيادة ...
- - هيئة الامم المتحدة لتنظيم الاستفتاء بالصحراء الغربية - - ا ...
- ألإقطاعية المخزنية والانتخابات
- إقرار السيادة للشعب
- - كبر مقتا عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون - اتق الله يا جلا ...
- قرار مجلس الامن المرتقب حول نزاع الصحراء
- مثقف الطريق الوسط الراكد وراء المنصب الكبير
- هل الصحراء مغربية ؟
- هل سيتم حل قضية الصحراء الغربية بلجوء مجلس الامن الى الفصل ا ...


المزيد.....




- مصدر إسرائيلي يعلق لـCNN على -الانفجار- في قاعدة عسكرية عراق ...
- بيان من هيئة الحشد الشعبي بعد انفجار ضخم استهدف مقرا لها بقا ...
- الحكومة المصرية توضح موقف التغيير الوزاري وحركة المحافظين
- -وفا-: إسرائيل تفجر مخزنا وسط مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم ...
- بوريل يدين عنف المستوطنين المتطرفين في إسرائيل ويدعو إلى محا ...
- عبد اللهيان: ما حدث الليلة الماضية لم يكن هجوما.. ونحن لن نر ...
- خبير عسكري مصري: اقتحام إسرائيل لرفح بات أمرا حتميا
- مصدر عراقي لـCNN: -انفجار ضخم- في قاعدة لـ-الحشد الشعبي-
- الدفاعات الجوية الروسية تسقط 5 مسيّرات أوكرانية في مقاطعة كو ...
- مسؤول أمريكي منتقدا إسرائيل: واشنطن مستاءة وبايدن لا يزال مخ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - الصراع المفتوح مع الحكم