أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نمر سعدي - ثعلبٌ ينامُ في حدائقِ السرياليِّين














المزيد.....

ثعلبٌ ينامُ في حدائقِ السرياليِّين


نمر سعدي

الحوار المتمدن-العدد: 5300 - 2016 / 9 / 30 - 20:57
المحور: الادب والفن
    



منذُ سنينَ طويلة وأنا لا أفعلُ شيئاً، فقط أُحوِّل أغاني اليوتيوب إلى مناديل ورقيَّة رقيقة أسحبها بلطفٍ بالغٍ من لابتوبي الشخصي وأمسح بها الدموع التي تتكوَّرُ على ضفافِ قلبي.
*
قصيدتي إمرأةٌ صامتةٌ لا تصهَلُ كأحصنةِ نزار قباني، ولا تذرعُ دهاليزَ التبغِ كالسيَّاب، وقطعاً لا تحبو على الأرضِ عاريةً كجدِّها جرير، ولا تصطحبُ عشيقها في رحلةٍ نهريَّةٍ.
الشيء الوحيدُ الذي تفعلهُ عندما تأتي هو أن تمدَّ يدَها النحيلةَ مثلَ عودِ ثقابٍ، وبدهشةِ طفلٍ غجريٍّ تُشعلُ وردةَ دمي المطفأةْ.
*
ظلُّكِ ثلاثيُّ الأبعادِ
كسرَ أصابعَ البيانو بأناقةِ عاشقٍ
وأعادَ قصبَ حنيني إلى النبعِ
ومزَّقَ مخطوطةَ قصائدي
وبعثرَها حولَ بيتي
ثمَّ جلسَ على أريكتي
ينفثُ غيمَ سجائرهِ على وجهي
*
لأيلولَ صوتُ قطَّةٍ يتيمةٍ
قرعَتْ بابَ أوَّلِ غيمةٍ ساهرةٍ
ورمقتني بحنوِّ يكفي لانصبابِ الشتاءِ في قلبي
في تلكَ الليلةِ لم أكن وحيداً تماماً
كانَ ثمَّةَ قصيدةٌ تتفتَّحُ في يدي وجهَ أقحوانةٍ
تنزعُ يدُ الليلِ أوراقها بغباءٍ بالغٍ
عرفتُ بالصدفةِ بعدَ ثلاث سنواتٍ
أنَّ ضيفتي الطارئةَ لم تكن مجرَّدَ قطةٍ حزينةٍ
كانت رمادَ جسدِ شاعرةٍ يجوبُ الأرضَ وهو يشتعلُ
على هيئةِ قطَّة
*
كلَّ يومٍ أتفحَّصُ دمي
هل ما زالَ يخفقُ في الشرايين؟
أتنشَّقُ صوتَ فيروز
هل ما زالَ يحتفظُ برائحةِ وردةِ النارنج؟
أسألُ ألفَ قناةٍ عالميَّةٍ
عن رحيلِ الحروبِ الأخيرة
أتأكَّدُ من أنَّ التفاصيلَ الصغيرةَ
ما زالت موجودةً في حياتي
كأن أُفكِّر بقلبِ امرأةٍ مُغلقٍ منذُ شهرين
وأنا أدخلُ في سحابةٍ مرتحلة
*
قالَ شاعرٌ كهلٌ لشاعرٍ شاب:
لا تكن تعيساً مثلي
ولا تحوِّل عمرَك لدواوين حبٍّ طويلةٍ
لامرأةٍ لا تستحقُّ حرفاً منها
في النهايةِ وبعدَ فواتِ الأوان
لا فرقَ بينَ نظراتِ العاشقِ والأبله
*
مهرةٌ جامحةٌ
ليسَ من عادتي أن أسجنَها في قلبي
مكسَّرِ السياجِ والعرباتِ
تعلَّمتُ أن أضعَ فمي على وجهها
هامساً لها برفقٍ: كم أُحبُّكِ
ثمَّ أفتحُ لها بوَّابةَ جسدي السماويَّة
*
يدُكِ التي تزورُ الأنهارَ الجافَّة كلَّ ليلةٍ
هيَ نفسُها الوردةُ البيضاءُ
التي كانَ يحملها إدغار ألن بو معهُ إلى النومِ
وهيَ الفراشةُ التي أخذتْ معها ناياتِ الغجرِ إلى بيتها القمريِّ
خوفاً عليها من عرباتِ اللصوصِ والأوغادِ
ذوي الورودِ السوداءِ الاصطناعيَّةِ والمعاولِ المدبَّبة
لا خوفَ على أيِّ شيءٍ بعدَكِ من يأسِ القصائدِ
إذا صارتْ يدُكِ حديقتي للأبدْ
*
كنتُ أُخفي دموعي في أكمامي
كالثعالبِ العاشقةِ
وأنا أبحثُ عن تُفَّاحةِ قلقٍ ناضجٍ
في مطالعِ القصائدِ الجاهليَّة
وأبتسمُ في وجهٍ لا تعبيريٍّ
لنادلةِ حياتي
*
حيادي الذي هو تاجي الشوكيُّ
والمساميرُ السوداءُ الغليظةُ والصليبُ والألم
يؤرِّقُ البشرَ الطيِّبينَ جدَّاً
والمصابينَ بالحنينِ والندمِ والهستيريا..
كانوا يتنزَّلونَ من قطارٍ فضائيٍّ
في طريقٍ مرصوفةٍ بآهاتٍ
يهشُّونَ بها على بعضهم البعض
وعلى النسوةِ الوحيدات وقصائدي الأولى
وكانَ الرثاءُ المالحُ خبزي ومائي
وأنا أنامُ في حدائقِ السرياليِّين
*
كلمَّا تعثَّرتُ بحَجَرٍ غبيٍّ يدَّعي أنهُ قمرٌ
لسوءِ حظَّهِ سقطَ على الأرض
وبشاعرٍ يدَّعي أن (لا نبيَّ في وطنهِ(
تيَّقنتُ بأنَّ لا أقمارَ في السماءِ التي خارجَ قلبي
وأنَّ الشعراءَ أنبياءٌ كذبة
*
حريَّتي خارجَ حياتكِ هي أفظعُ سجوني على الإطلاق
هيَ هذهِ العصافيرُ المنهارةُ من الزمهريرِ والنقرِ على نوافذكِ المغلقة
حريَّتي شاعرٌ يُغنِّي بغصَّةٍ:
خفيفاً كريحِ الصَبا سأهبُّ فلا توصدي البابَ والقلبَ دوني
سأرمي ورائي خريفَ الغيابِ فردِّي دمي من خرابِ الحنينِ
*
خذي الماءَ من صوتي واشربيهِ على مَهَلٍ
فصوتي لا يبدو جافَّاً مثلَ وادٍ من الملحِ
وأنتِ لا تبدينَ ريَّانةً مثلَ زيتونةٍ مضاءةٍ باخضرارها
*
إذا لم يخمشْ مطرُ الخريفِ قلبكَ
الشبيهَ بقُبَّرةٍ فقيرةٍ
فهو ليسَ بمطرٍ أبداً
إذا لم يقدكَ الشِعرُ للمقاصلِ المغطَّاةِ بالحريرِ
فأنتَ لستَ بشاعرٍ على الإطلاق
*
رسائلي المربوطةُ بخيطٍ كتَّانٍ ملوَّن
والمبعثرةُ مثلَ تفاصيلكِ الصغيرةِ في ردهةِ حياتكِ الضيِّقة
لن تنجحي بفكِّ طلاسمها مهما فعلتِ
فهيَ غامضةٌ وسرِّيَّةٌ ومشفَّرةٌ كخطوطِ الأطباء
أو كلغاتِ الطيورِ التي انقرضتْ قبلَ ملايين السنين
*
الكمنجةُ العذراءُ المريضةُ على الدوامِ في ظهيرةِ أيلول
والموشومةُ على ظهرِ شبيهةِ مدام بوفاري
داويتها بشقائقِ ليلٍ سريعٍ
وأهديتها لأوَّلِ ذئبٍ مؤرَّقٍ خرجَ من معلَّقةِ امرئ القيس
*
مثلَ جنديٍّ سنتمتاليِّ يحشو بندقيَّتهُ برسائلِ الحُبِّ
أحشو نعاسي بالنهاياتِ السعيدةِ وبالرواياتِ غيرِ المكتملة
مثلَ ملكٍ ينتحبُ على أنقاضِ مملكتهِ
أعجنُ رذاذَ الفلوريسنت بدمي
واهطلُ كالسحابةِ في غرفتي المغلقة
*
أنحتُ أنفاسي على هيئةِ تنهدَّاتكِ في الصباح
*



#نمر_سعدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نمر سعدي: الشعراء فوضويون وقصائدهم رسائل شخصية
- نقوشٌ بريشةِ الضوء
- جميل الدويهي.. شاعرُ اللحظةِ المفخَّخةِ بالجمال
- ديوان (تقاسيم على مقام الندم) الصادر هذا العام عن دار توتيل ...
- رسائلُ حُبٍّ في عُلبةِ صفيح
- بينَ الحيرةِ والشغف (نصوص نثريَّة)
- قيثارةُ الوجعِ الإنساني (عن محمود درويش في ذكرى رحيلهِ الثام ...
- كتاب الغوايات/ مطوَّلة شعرية
- خفقُ الأنفاس(نصوص نثرية)
- سطوٌ أدبي
- عبد الوهاب البياتي.. أثرٌ شعريٌّ لا يزول
- فتنةُ العزلة/ شهادة إبداعية
- الفلسطيني نمر سعدي في «وقتٌ لأنسَنةِ الذئب»/ قصائد تحمل روح ...
- حبقٌ لظلالِ القصيدة/ نصوص قصيرة
- كانَ صديقاً للفراشاتِ (عن أميرِ القصيدةِ التونسيَّة أولاد أح ...
- هواجس على طريقِ القصيدة
- تلويحةٌ لحارسِ الذاكرة
- وردةٌ من دخان(مجموعة قصائد جديدة)
- مرايا نثرية 3
- سبايا الملح/ مجموعة قصائد جديدة


المزيد.....




- الحضارة المفقودة.. هل حقا بنيت الأهرامات والمعابد القديمة بت ...
- مصر.. القبض على مغني المهرجانات -مجدي شطة- وبحوزته مخدرات
- أجمل مغامرات القط والفار.. نزل تردد توم وجيري الجديد TOM and ...
- “سلي طفلك الان” نزل تردد طيور الجنة بيبي الجديد 2024 وشاهد أ ...
- فرانسوا بورغا للجزيرة نت: الصهيونية حاليا أيديولوجية طائفية ...
- الحضارة المفقودة.. هل حقا بنيت الأهرامات والمعابد القديمة بت ...
- المؤسس عثمان الموسم الخامس الحلقة 159 على ATV التركية بعد 24 ...
- وفاة الممثل البريطاني برنارد هيل، المعروف بدور القبطان في في ...
- -زرقاء اليمامة-.. أول أوبرا سعودية والأكبر في الشرق الأوسط
- نصائح لممثلة إسرائيل في مسابقة يوروفيجن بالبقاء في غرفتها با ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نمر سعدي - ثعلبٌ ينامُ في حدائقِ السرياليِّين