أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نمر سعدي - قيثارةُ الوجعِ الإنساني (عن محمود درويش في ذكرى رحيلهِ الثامنة)














المزيد.....

قيثارةُ الوجعِ الإنساني (عن محمود درويش في ذكرى رحيلهِ الثامنة)


نمر سعدي

الحوار المتمدن-العدد: 5248 - 2016 / 8 / 8 - 05:23
المحور: الادب والفن
    


قيثارةُ الوجعِ الإنساني
(عن محمود درويش في ذكرى رحيلهِ الثامنة)


نمر سعدي/ فلسطين




في ذكرى رحيلهِ الثامنةِ أعترفُ أن محمود درويش كانَ بوصلةَ قلبي الشعريَّة ولا يزال، لم يُتحْ لي أن أقرأهُ في مرحلة مبكِّرة لحرماننا منهُ في المنهاجِ الدراسي، أتذكرُ الآن ذلك اليوم الذي رجعتُ فيه من الناصرة متأبطاً الجزء الأوَّل من ديوانهِ الذي أصدرتهُ دار العودة في أوائل التسعينيات وأتذكر اليوم الآخر الذي منحتني فيه حيفا الجزء الثاني بفارق عامٍ أو أكثر، يقولُ البعض أنني تلاشيتُ في قصيدتهِ وأقولُ أنا ربما هو تفاعلٌ كيميائيٌّ غريبٌ وسريٌّ ما جعلني أصادقُ هذه اللغة المختلفة الثرَّة ذات الوهج الإشراقي والموسيقى المتدفِّقة العذبة، كانت تفعيلتهُ هي الإيقاع الأصفى والأنقى والأجمل في سمفونيَّة الشعرِ العربيِّ كلِّهِ، وكانت قادرةً على جذب روحي كما جذبَ غناءُ السيريناتِ في الأساطيرِ الإغريقيَّة عوليسَ التائه، لم يكن درويشُ سقفاً لأحلامنا الشعريَّة المتعثِّرة ولا لتجاربنا الفجَّة كما زعمت وجهات نظر نقديةٌ عديدةٌ بل كانَ سماءً زرقاء مفتوحةً على رفرفاتنا الهشَّة ورؤانا الضوئيَّة، وسهلاً أخضرَ تركضُ فيهِ أنهارنا العارية، بالرغم من قراءتي لتجارب شعريَّة لا حصر لها ما زلتُ مفتوناً بلغتهِ الصافيَّة وبطريقتهِ السحريَّةِ في صوغ عبارتهِ الآسرة المنحوتة بإتقانٍ بالغٍ والمنتفضةِ كفراشةٍ تتأهَّبُ للذوبان في معركةِ الضوء.
الإختلافُ على شاعر بحجم درويش لم يكن إلاَّ ليلِّمعَ أسطورتهِ الشخصيَّة كشاعرٍ مثيرٍ للجدل وكصاحب مدرسة شعريَّة لها أصداءٌ عميقةٌ في تجارب شعراء لا يحصون، ولها أثرٌ لا يزالُ يتشظَّى في أصواتهم.
أتخيَّلُ جيلَ السبعينيَّات كلَّهُ وهو ينظرُ بغيرةٍ إلى هذا الأمير الجليلي الذي شاءتْ الأقدار أن يتربَّع على هرمِ الشعرِ العربي على حدِّ تعبير الشاعر السوري نزار قبَّاني، في وجود قامات شعريَّة عالية حينذاك.
إستطاعت قصيدة درويش أن تصنعَ من حديدٍ تافهٍ قمرا على حد كلامهِ في الجدارية، واستطاعت أيضاً أن تعيدَ لنا الثقة بالشعر الجميل المكتوب بعناية والمضمَّخِ بعبير البرتقالِ وعطرِ الحبقِ الجليلي.
أدينُ لصديقي القديم الذي فتحَ عينيَّ على عوالمِ درويش الساحرة عندما قالَ لي ذات مساءٍ: ألم تقرأ لشاعر يُدعى محمود درويش؟ دع شوقي ومطران والشعر القديمَ جانباً، سأعطيكَ أحد دواوينهِ الأخيرة وأظنهُ كانَ ديوان (أرى ما أريد)، أريدُ رأيكَ بعدَ القراءةِ، هذا شاعرٌ فيهِ من السيَّاب ونزار قباني ولوركا ونيرودا والمتنبي.
بالرغمِ من وجود قصائد عربيَّة مدهشة كقصيدة (المومس العمياء) للسيَّاب أو قصيدة (الوقت) للشاعر السوري أدونيس ومطوَّلات الشاعرين العراقيين حسب الشيخ جعفر وسعدي يوسف وكلُّها تصلحُ كنماذج عالية المستوى والجودة في مدوَّنةِ شعرنا الحديث إلا أنَّ الجدارية في نظري تتفوَّقُ فنِّياً وشعريَّاً على ما سواها من حيث الأسلوب الأنيق والدلالات العميقة والصور المبتكرة.
(هذا هُوَ اسمُكَ /
قالتِ امرأةٌ ،
وغابتْ في مَمَرِّ بياضها .
هذا هُوَ اسمُكَ ، فاحفظِ اسْمَكَ جَيِّداً !
لا تختلفْ مَعَهُ على حَرْفٍ
ولا تَعْبَأْ براياتِ القبائلِ ،
كُنْ صديقاً لاسمك الأُفُقِيِّ
جَرِّبْهُ مع الأحياء والموتى
ودَرِّبْهُ على النُطْق الصحيح برفقة الغرباء
واكتُبْهُ على إحدى صُخُور الكهفِ)
سيمرُّ وقتٌ طويل وقصائدُ كثيرةٌ ونظريَّاتٌ نقديَّةٌ لا تسمن ولا تغني من جوع حتى نحظى بشاعرٍ من طرازٍ فريد كدرويش، ذلكَ الذي جعلَ من روحهِ قيثارةً سماويَّةً لوجعنا الإنساني.



#نمر_سعدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كتاب الغوايات/ مطوَّلة شعرية
- خفقُ الأنفاس(نصوص نثرية)
- سطوٌ أدبي
- عبد الوهاب البياتي.. أثرٌ شعريٌّ لا يزول
- فتنةُ العزلة/ شهادة إبداعية
- الفلسطيني نمر سعدي في «وقتٌ لأنسَنةِ الذئب»/ قصائد تحمل روح ...
- حبقٌ لظلالِ القصيدة/ نصوص قصيرة
- كانَ صديقاً للفراشاتِ (عن أميرِ القصيدةِ التونسيَّة أولاد أح ...
- هواجس على طريقِ القصيدة
- تلويحةٌ لحارسِ الذاكرة
- وردةٌ من دخان(مجموعة قصائد جديدة)
- مرايا نثرية 3
- سبايا الملح/ مجموعة قصائد جديدة
- بورتريهاتٌ ليليَّة بفحمٍ أبيض
- قلبُهُ طائرٌ للحنين(في رثاء جهاد هديب)
- نقوشٌ على حجرِ الورد
- الكتابة غواية محفوفة بالمكر
- إيماءاتُ خريفِ المعنى
- سِفرُ المراثي
- تقاسيم على غيتارة الحنين


المزيد.....




- انطلاق فعاليات المهرجان السينمائي الدولي الثامن -الجسر الأور ...
- نادي الشعر في اتحاد الأدباء يحتفي بمجموعة من الشعراء
- الفنانة المغربية لالة السعيدي تعرض -المرئي المكشوف- في -دار ...
- -الشوفار-.. كيف يحاول البوق التوراتي إعلان السيادة إسرائيل ع ...
- “المؤسس يواصل الحرب”.. موعد مسلسل قيامة عثمان الموسم السادس ...
- المسرح الجزائري.. رحلة تاريخية تجمع الفن والهوية
- بفعاليات ثقافية متنوعة.. مهرجان -كتارا- للرواية العربية ينطل ...
- حديقة مستوحاة من لوحة -ليلة النجوم- لفان غوخ في البوسنة
- عودة الأفلام الرومانسية إلى السينما المصرية بـ6 أعمال دفعة و ...
- عائلات وأصدقاء ضحايا هجوم مهرجان نوفا الموسيقي يجتمعون لإحيا ...


المزيد.....

- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري
- هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ / آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نمر سعدي - قيثارةُ الوجعِ الإنساني (عن محمود درويش في ذكرى رحيلهِ الثامنة)