أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمود الباتع - رَبطَتَا خبز














المزيد.....

رَبطَتَا خبز


محمود الباتع

الحوار المتمدن-العدد: 5291 - 2016 / 9 / 21 - 20:35
المحور: كتابات ساخرة
    




في قديم الزمان وسالف العصر والأوان، يوم كان العمر غضاً والصبا كانَ سخيّاً، أدخل بعضهم في دماغي ما لم يكن لي به علم، فأقنعوني بأن ما كان يجري على لساني أحياناً من ثرثرة عدها البعض هذياناً وبعضهم سخافة بينما كان يحلو لخالتي "إلهام" أن تصفه بـ "سحبات تحشيش" على سبيل التهزيئ والاستخفاف إنما هو شعر وليس له من لوثات الحشاشين نصيب كما كان اعتقاد خالتي. وبناءً على ذلك فإن صاحبكم، ويا لدهشته الكبرى وورطتة الأكبر .. شاعر مثله مثل سائر الشعراء !
لا أخفيكم والكلام بيني وبينكم أن الفكرة راقت لي، فأخذت ورويداً رويداً في تصديق ما أقنعوني به، ورحت أتصرف كما هو ظني بالشعراء.
قيل لي أن أهم ما ينتاب الشاعر هو الإحساس بالحنين، وبالتالي جعلت أستحضر الشعور بالحنين، لكن دون أن "أعرف لمين" كما أخبرتني فيروز ذات أغنية.
لم يمض وقت طويل قبل أن أكتشف أن زميلي "محمود درويش" كان دائم الحنين إلى خبز أمه، ففرحت فرحة أرخميدس يوم اكتشف الطفو، وهتفت مثل ما فعل "وجدتها .. وجدتهت"
أخذت قراري عازماً ألا يكون لي عنه رجعة بأن أحذو حذو "محمود درويش" بالحنين إلى خبز أمي .. ولم لا ؟ ألستُ شاعراً مثله ولديّ أم رائعة كأمه وربما أروع، والأهم من ذلك أنها كانت هي الأخرى تصنع خبزاً شهيّاً لم أر في الدنيا مثيلاً له، أحمر الخدود زشهي الرائحة طريّ الملمس دائم النضرة، طازج على الدوام. كان هذا الحنين فاتحة مشروعي الشعري العتيد، وهكذا بدأت أحن بدوري إلى حبز أمي!
لكن العقدة أن أمي أيامها كانت قد اعتزلت اللت والعجن والخبيز لتفرغ لتربية الصيصان والعصافير، واتفق آنذاك أن مخبزاً قد افتتح غير بعيد عن مسكني، يعود لكهل غزاوي كان يعد كماج الخبز على الطريقة الفلسطينية، فوجدت فيه ضالتي إلى حد ما في إشباع حنيني المتنامي إلى رغيفي المنشود.
كنت عائداً ذات مساء إلى المنزل وبرفقتي جاري "ياسين" الذي عرفه الجيران بالفهلوة والشطارة والبراعة في اقتناص الفرص ما دامت تعود عليه بالكسب المجاني. الحاصل أنني وبينما نحن عائدون إاى المنزل استئذنته في أن نعرّج في طريقنا على "فرن العودة" حبث يخبز ويباع خبزي الأثير، فأحصل منه على ما تيسر من أرغفة لزوم وجبة العشاء وما أمكن من سندوتشات الإفطار في صباح الغد. في الواقع كان الاستئذان مراكبياً عابراً ولم أكن في حاجة إليه، لكنني ارتأيت أن موجبات اللياقة والكياسة تقتضي مني ذلك طالما أن السيارة سيارتي ورفيقي الفهلوي هو ضيفي فيها.
ما إن سمع استئذاني حتى انتفض "ياسين" صائحاً في ذعر كمن قرصه حنش (أوعا ...!).
وقبل أن أتدارك صدمتي تابع "ياسين" محذراً ..
"الزلمة مقرف .. مخبزه قذر وخبزه غير نظيف .."
وتابع مواصلاً إبداء الاشمئزاز .. "يا أخي غشيم وخبزه معجّن خير الله" ( يقصد أنه غير ناضج وبه الكثير من العجين النئ).
تداركت نفسي وأبديت لامبالاة بما قاله جاري، نزلت من السيارة وتوجهت إلى المخبز قاصداً مبتغاي، بينما صاحبنا يحوقل ويستغفر الله ويتحول برأسه يميناً ويساراً في خيبة وأسف.
ظل جالساً في السيارة ريثما أعود، وما ما إن أغلقت بابها، وقبل أن أصل عتبة المخبز حتى جاءني صوته منادياً بصوت مرتفع ولكن بنبرة رجاء، وقد امتد جذعه خارج النافذة ..
" زكاتك جار .. تناول لي ربطتين بطريقك ..!"



#محمود_الباتع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حفيد -أبو يسرى- ..
- ومشى حذاء العمر
- الاحتكار الاجتماعي للعقيدة
- -مردخاي- واعظاً
- قضية من لا قضية له
- مطلوب شهادات وفاة
- بين القلق والخجل .. ثمة مكان للفرح !
- زمن الحارة .. هل كان حقاً جميلاً ؟
- جذور الحرية في المجتمع المدني
- ثمار الحرية في المجتمع العربي
- وماذا بعد فقدان الذاكرة؟
- سقوط زيتونة !
- هل كان يجب أن تموت بدور؟
- الإنسان والغريزة والأخلاق
- نحو فلسفة أخلاقية للاختلاف
- أحداث نهر البارد .. من المسؤول؟
- عاشقة الليل تستأذن بالرحيل
- نحن وعصر المابعديات
- رعاةُ البشر .. فرقوا ولم يسودوا
- ماذا نريد من العلمانية ؟


المزيد.....




- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمود الباتع - رَبطَتَا خبز