أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - عَدْوَى الْهُرُوب














المزيد.....

عَدْوَى الْهُرُوب


علي دريوسي

الحوار المتمدن-العدد: 5290 - 2016 / 9 / 20 - 18:18
المحور: الادب والفن
    


على متن قاربٍ رخيصٍ معدٍ للموت في بحر إيجة ركب العشرات من مختلف الأعمار والأوطان في طريقهم إلى بلدان العطايا في القارة الأوروبية!
هناك تفاجأ الثوري الهارب أبو خالد برؤية المساعد أول الهارب أبو هيثم.

همس المجاهد بإذن زوجته: انظري يا فاطمة إلى الرجل صاحب الكرش الكبير، إنه من نزع بعض جلدي عن لحمي في فرع المخابرات سيء الصيت في دمشق! نعم، هو المحقق الذي أذاقني ورفاقي الثوار المجاهدين الشرفاء شتى أنواع العذاب.
نظرت فاطمة إليه بقرفٍ، هرب أبو هيثم من نظراتها اللئيمة.

همس المساعد بإذن زوجته: انظري يا أم هيثم إلى الرجل النحيل صاحب الذقن الطويلة، إنه ممن قاموا بتفجير الجسر وتسببوا بمقتل عشرين عسكري!
نظرت أم هيثم إليه بِكُرْهٍ واشْمِئْزازٍ، هرب الثوري من نظراتها الحاقدة.

قالت فاطمة بحزمٍ: يجب أن نبلغ الشرطة ومنظمات حقوق الإنسان عن هذا الجلّاد عندما نصل إلى اليونان.
قالت أم هيثم بقرفٍ: يجب أن نبلغ الأنتربول الدولي ومنظمات حقوق الإنسان عن هذا الإرهابي حالما نصل إلى جزيرة ليسبوس اليونانية.

قال أبو خالد: أرجو ألا يكون الاستقبال في الجزر اليونانية كما هو الحال في معسكر روزتسكي في الجنوب الشرقي من المجر!
تدّخل صديقه عبد الهادي: نعم، إنه إذلال ممنهج، لقد سمعت أنّ الفوضى هناك لا حدود لها، محفوفة بالمخاطر وبمشاهد غير إنسانية، إنهم يقذفون الطعام إلى أقفاص اللاجئين كأنهم يطعمون الحيوانات في حظيرة!

علّق أحدهم: حكومة فاشية داعشية من نوع مسيحي، لقد فضحهم الإعلام الغربي الديمقراطي منذ اللحظة الأولى.
نظر إليه أبو خالد نظرة تهديد ووعيد بعد أن سمعه يتلفظ كلمة "داعش".

أجاب آخر: عندي سؤال لم أجد إجابة له حتى الآن، طالما أن الهاربون لايفكرون في البقاء في بلدٍ هزيلٍ مثل هنغاريا وأنّها ليست بالنسبة لهم أكثر من أرض عبور، لماذا إذاً هذه الحملة المَسْعُورة ضد جماعات العابرين.

ضحكت إحدى الهاربات وقالت: سنهاجر إلى ألمانيا، إنها تعامل الهاربين كأنهم بيادق على رقعة شطرنج يملكه الأقوياء.

قالت اِمرأة عفرينية بمرحٍ: نحن أكراد، والكردي عَنِيد، برأسٍ يابس، سنصل إلى ما نريد، لا تقلقوا يا رفاق... سنصل إلى ألمانيا الغربية حصراً حتى لو اضطررنا إلى عبور الغابات والمروج والنوم في مخيمات الهواء الطلق.

أكدَّ أبو خالد: معك حق يا أختي، ما زالت إرادتنا حديدية بفضل الله، سنصل إلى جزيرة الكنز الموعودة حتماً …
رفعت زوجته فاطمة قبضة يدها إلى الأعلى وهتفت:
الله، ألمانيا، ميركل و بس!
الهارب يريد إسقاط الحدود...

هتفت المجموعة خلفها بصوتٍ واحد:
الله، ألمانيا، ميركل و بس!
الهارب يريد إسقاط الحدود...

صرخ شاب يافع بخشوع: تكبيييييير...
صرخ أبو خالد وجماعته: الله أكبر .. الله أكبر!

أصرت أم خالد: لا تنسوا يا رفاق... أول شيء سنفعله هو الإخبار عن هذا المخبر البقرة مشيرةً بأصبعها ناحية المساعد أبو هيثم، لن يهدأ لي بال حتى أراه محبوساً كجرذٍ في قفص!

قال محمد: إن شاء الله نصل بخير وبعدها لكل حادث حديث، لقد وصلني أن قوارب الأتراك مضروبة، علينا أن ننتبه، الله يستر...

ردّت اِمرأة عراقية: لقد قرأت البارحة أنّ الاتحاد الأوربي بدون مشاركة ألمانية سيبدأ بمكافحة سفن وقوارب المهربين في البحر، إيقافها وربما تخريبها والقبض على المهربين.
ثم أردفت: إنهم يتوقعون مع نهاية هذا العام، وصول أكثر من مليون هارب إلى ألمانيا...
قاطعها هارب ليبي: تقصدين إغراقها يا أختي وهذا مايفعلونه منذ مدة. تبدأ الأمور بمنطلق إنساني وتتحول فيما بعد الى متاجرة واستغلال للظروف ويختلط الحابل بالنابل حنى ألمانيا ستدفع الثمن غالياً...

قال رجل تجاوز السبعين من العمر: عندي سؤال، أخجل من طرحه!
أجابته شابة أريتيرية: لا يوجد أسئلة غبية يا عم، بل أجوبة غبية.
سألها: ما هو الفرق بين الهروب إلى ألمانيا أو الهروب إلى بريطانيا؟
أجابته: في ألمانيا لا وجود لمهنة ماسح أحذية، يقولون أنّ كرامة الإنسان مصانة وغير قابلة للمس... أما في بريطانيا فإن ممارسة المهنة مسموحة!
قهقه المساعد أبو هيثم فرحاً بالإجابة...

بين مزحٍ و جدٍ، بين إقياءٍ و إغماءٍ، بين إنهاكٍ و أملٍ، بين نعسٍ و يقظةٍ، بين طقسٍ مشمسٍ و آخر عاصف... بين هروبٍ وهروب، بين كذبةٍ وأخرى ... انقلب قارب الهاربين بمن فيه و ما عليه، غرق في بحر الموت! في بحر إيجة قبل الوصول إلى شبه الجزيرة اليونانية... مرة أخرى، عشرات القتلى بما فيهم المجاهد الإرهابي الهارب أبو خالد وعدوه المساعد المخبر الهارب أبو هيثم.



#علي_دريوسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصير الهاربين
- الهروب لا يُطعم خبزاً
- بعيداً عن الهاربين
- الفارُّون
- من فضاء الهروب
- بَكْتيريا اللُّجُوء
- اللُّجُوء إلى جَنَّة الغرب
- حدث في قطار آخن -53-
- حدث في قطار آخن -52-
- حدث في قطار آخن -51-
- حدث في قطار آخن -50-
- حدث في قطار آخن -49-
- حدث في قطار آخن -48-
- حدث في قطار آخن -47-
- حدث في قطار آخن -46-
- حدث في قطار آخن -45-
- حدث في قطار آخن -44-
- حدث في قطار آخن -43-
- حدث في قطار آخن -42-
- حدث في قطار آخن -41-


المزيد.....




- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - عَدْوَى الْهُرُوب