أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - وليد يوسف عطو - الحداثة والعولمة :ازمة الهوية















المزيد.....

الحداثة والعولمة :ازمة الهوية


وليد يوسف عطو

الحوار المتمدن-العدد: 5284 - 2016 / 9 / 13 - 12:09
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    



الثقافة هي مؤسسة انتاج المعنى وانتاج القوة

علاقة الحداثة بالعولمة

ازمة الهوية من افرازات نظام العولمة

تقول الباحثة العراقية فاطمة المحسن في كتابها(تمثلات الحداثة في ثقافة العراق ), انه من الصعب البت حول جواز استخدام مفردة (حداثة)في رصد التحولات التي شملت الثقافة في بلدان العالم الثالث والتي تسميها بالبلدان الطرفية مثل العراق .

مفردة (حداثة)المشتقة في اللغة العربية من (تحديث)تختلف عن مصطلح (حداثة) Modernity الذي يستخدم في اللغات الاجنبية كمفهوم .الحداثة غدت مفهوما فكريا وفلسفيا ينظر اليه من زوايا مختلفة .فهي نسق من التطورات ظهرت على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والمعماري . ارتبطت الحداثة في العالم العربي بعلمنة الحياة وعقلنتها .

كلمة Modernismالتي تعني الحداثة الفنية والادبية تحيل في معظم الدراسات الى تعريف شارل بودلير (1821 -1867)المشهور باعتبارها (الازلي والمتغير , العابر), وهوجمع لايستوي سوى على ماهو خارج التوقع , ولكنها ارتبطت بفكرة الزمن وبتاريخية المرحلة التي مثلتها .مثلما وصفت بالتشظي والفوضى . فالحداثة تميزت بما توحي به من سرعة وزوال مثلما هي مشدودة الى تاريخية الماضي والحاضر.انها صيرورة دائمة ومتغيرة.

في كتاب بودلير (رسام الحياة الحداثة)يضع تصوراته عن الحداثة , فالحداثي هو المتمسك بالموضة والساعي الى السفروالمتباهي ,او بحسب تعبير فاطمة المحسن (او هو السوبرمان الجديد الذي يدهش الاخرين بدانديته ). يصف بودلير الانسان الحداثي على الشكل التالي :
(يمضي بعيدا, مسرعا,باحثا.. ولكن عن ماذا يبحث ؟فلنكن على يقين ان هذا الانسان مثلما وصفته – المتوحد الذي يحمل خيالا متوقدا,والمرتحل بلا انقطاع في شعاب الصحراء البشرية – يضمر غاية اسمى من من مجرد الترحال يحمل هدفا اكبر من اللذة الفالتة للحظة. انه يبحث عن الخاصية التي ينبغي ان تسمحوا ان اسميها ( الحداثة)).

وهو يفسر الحداثة في فقرة اخرى (انه ينغمر في مهنة استخلاص كل مايمكن استخلاصه من الموضة , اي عنصر قد تحويه من شعرية التاريخ .ان يستقطرماهوسرمدي مما هو عابر ).

تصل فاطمة المحسن الى استنتاج مهم وهو :
( في كتاب بودلير نعثر على الكثير من الخلاصات التي شكلت مادة مهمة في درس الحداثة الادبية والفنية اللاحق ,فقد بدت تلك التشخيصات والاقوال البودليرية , وكانها تضع اللبنات الاساسية لفلسفة الحداثة التي قراها مفكرو وادباء القرن العشرين على نحو متقدم ).

كان المقهى البرزيلي والمقهى السويسري يقصدهما مثقفوا الطبقة الوسطى في العراق وفي بغداد, حيث الموسيقى الكلاسيكية والحديثة الخافتة واللقاء بالاجانب والحوار عن عالم هو خليط بين المحلية والعالمية .المقهى العراقي بقي يحتفظ بتقليد يمنع المراة من الدخول اليه , باعتبار المقهى يمثل المجال العام للرجل وليس للمراة .ولكن مقاهي المثقفين الحديثة كسرت هذه القاعدة كما يقول بلند الحيدري :

(حيث الكراسي الوثيرة والموسيقى الكلاسيكية الغربية ومجالسة الفتيات ,كان اسم الاول (المقهى السويسري )والثاني (المقهى البرازيلي ). من رواده القاص عبد الملك نوري . وكان احدهما يجاور الاخر وقد صار المقهى السويسري ملتقانا المفضل والذي اعطيناه الكثير من خصوصيتنا, فالموسيقى الكلاسيكية تستوجب حسن الاصغاء وعلى تردد الاحاديث ان تدور بخفوت كلي وعلينا ان نبحث خلال هذه اللقاءات عن انفسنا في الجديد الذي يفردنا بما نتمايز به ).

ولعل قصة (النادلة والجرذي)لعبد الملك نوري تلخص تلك المسافة المتباعدة بين فتاة فقيرة تعيش في حي شعبي وعملها في المقهى الحديث ,حيث تنتقل بين عالمين لايجمعهما جامع .رمزية تلك الانتقالة تتشكل في وعي المثقف , فهي فتاة تساير في مظهرها عالم المقهى الانيق , ولكنها خارجه تعيش حياة البؤس .

هذا النوع من الحياة الثقافية ازدهرفي عواصم عربية كثيرة, ولكن خلال فترة الخمسينات كانت النذر بزوالها عندما قام انقلاب 14 تموز 1958 واطاح بالنظام الملكي وخلق الفوضى الشاملة , وما ترتب على ذلك من استهداف للوجود الاجنبي في العراق , لتنتهي بتصفية مظاهر ثقافته على نحو تدريجي .

ان كلمة الحداثة لم تكن الدرس الفني والادبي الجديد فقط ,فهي قبل كل شيء تترجم على هيئة توق او نازع الى التمرد على القيم القديمة وطرق ادراك العالم . انها مسالك لاكتشاف الزمن المتحرك .

علاقة الحداثة بالعولمة : ازمة الهوية

الحداثة هي عملية صيرورة تاريخية دائمة ومستمرة وهي تبحث عن الجديد دائما. وفي اللحظة الراهنة فان الحداثة ارتبطت بنيويا في الغرب بالعولمة .

ماهي العولمة ؟

العولمة هي نظام انتاج المعرفة والتبادل والمواصلات , او انها شكل الانتاج والتداول والاتصال والتواصل والانتقال عن طريق الحاسوب والذي يعمل بسرعة الضوء .فالثورة العلمية والتكنولوجيةهي ثورةعلميةلانها تحيل اي معطى الى معلومة رقمية ,وكونها ثورة تقنية لانه يتم نقل المعلومة بسرعة الضوء .

العولمة تقوم على الانتاج الالكتروني والاقتصاد الناعم والعمالة المعرفية , او عمال الاعلام حيث يردمون الهوة بين العمل الفكري والعمل اليدوي .في ظل العولمة تحولت العلاقات بين البشر الى علاقات افقية بعد ان كانت قائمة على التراتبية الهرمية العامودية .وهكذا انهارت بفضل العولمةالمؤسسات الايديولوجية الشمولية القائمة على التراتبية الهرمية والانضباط الحزبي الصارم لصالح فردانية الانسان من خلال العلاقات الافقية المباشرة.

فالعولمة قضت على فكرة المثقف النخبوي والطليعي والرسولي , وفي ظل العولمة اصبحت المعرفةهي مصدر للثروة وللسلطة .ان سقوط تجربةالاتحادالسوفييتي والدول الاشتراكية ادى الى ظهور ازمة هوية . الهوية هي الذاكرة حيث تشظت الهوية في زمن العولمة , حيث تحولت الهوية الى هوية مركبة ومعقدة ومتغيرة .وادت الى موت الجغرافيا , فاصبح نشاط الانسان عابرا للقارات وللحدود السياسية والسيادية للدول ولنقاط الكمارك . بضغطة زر الحاسوب تنتقل الاموال من مصرف الى اخر عبر المحيطات .واصبحت بورصات السندات والاوراق المالية والعقارات وبورصات البترول والغاز تدار عن طريق الحاسوب.

الهوية في زمن العولمة لم تعد تقوم على رابطة الدم او القرابة او القبيلة , او القومية والعرق , او الارض . انها نوع من الهويات القائمة عن بعد حيث تجاوز نظام المعلومة والبريد الالكتروني والاقتصاد الناعم حدود الدول القومية. ان فتح الحدود بين الدول بفضل العولمة انتج هويات هجينة او مولدة .

فهنالك الملايين من الناس الذين يملكون اكثر من جنسية واحدة ويتكلمون باكثر من لغة واحدة ويسكنون في اكثر من بلد واحد ويديرون اعمالهم من اكثر من بلد واحد . وبذلك اصبح الاقتصاد اقوى من السياسة واصبحت الشركات الاقتصادية العملاقة تفرض توجيهاتها على السياسيين .واصبحت الشركة اقوى من الدولة.

في عصر العولمة تغلبت الصورة على الفكرة والرسالة وتغيرت العقائد والايديولوجيات القديمة .

مقالات ذات صلة

مقالنا ( المثقف الداندي ) والمنشور على الرابط التالي :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=530971



#وليد_يوسف_عطو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المثقف الداندي
- ظاهرة حسون الامريكي والميني جوب واغتراب المثقف
- عراق نوري السعيد - ج 8 والاخير
- عراق نوري السعيد - ج 7
- عراق نوري السعيد - ج 6
- عراق نوري السعيد - ج 5
- عراق نوري السعيد - ج 4
- عراق نوري السعيد - ج 3
- عراق نوري السعيد - ج 2
- عراق نوري السعيد - ج 1
- شيزوفرينيا المثقفين
- المثقف بين عصرين
- الله للمسلمين فقط
- شكر وتقدير الى ادارة الحوار المتمدن
- ملاحظات حول سلسلة مقالاتي عن 14 تموز 1958
- تهميش المسيحيين في العالم الاسلامي
- مالاتعرفونه عن اسرار 14 تموز 1958 - ج4 والاخير
- شروط صيرورة الامة
- ( مالاتعرفونه عن اسرار 14 تموز 1958 - ج3 ).
- اضطهاد المتنصرين في الدول الاسلامية


المزيد.....




- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - وليد يوسف عطو - الحداثة والعولمة :ازمة الهوية