أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - نظرية الدولة الدينية بين حكم النص وبين دور الوعي الديني















المزيد.....

نظرية الدولة الدينية بين حكم النص وبين دور الوعي الديني


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5259 - 2016 / 8 / 19 - 09:26
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


نظرية الدولة الدينية بين حكم النص وبين دور الوعي الديني

هناك فرق كبير جدا بين مفهوم تطبيق الدين كنصوص وأحكام جاهزة بمصدريتها المعروفة في تفصيلات وأسس تكوين الدولة ونظامها، بأعتبارها نصوص حاكمة لا يمكن أن تناقش أو يصنع لها وضع خاص في معالجة دورها في الحياة السياسية والقانونية لدولة الدين أي الدولة الدينية، وهو المفهوم الغالب لدى كل أطياف ما يسمى بالفكر السياديني حديثا وقديما، وبين أن يقوم المفكر السياسي باستلهام النص وجوهريته القصدية في تكوين رؤيته السياسية الخاصة وتطويعها لكي تكون قادرة على أن توفق بين المفهوم السياسي والقانوني للدولة وبين مصدرية الفكرة وضروراتها العقلية.
مصدر الأختلاف والتباين بين الفكرتين أو بين المفهومين بأن السياسي الديني الذي يريد جعل الدين حاكما مطلقا بكليته العامة في التدخل بأدق تفصيلات حياة الدولة، سواء أكان الدين قادر على لعب هذا الدور أو عاجز أن يلبي ما يطلب منه نظرا لكونية نصوصه ومديات الحكم الديني في ترتيب وتصور العلاقة بين الأفراد وبعضهم وبين الأفراد والدولة، عندما يجد السياديني أنه قادر على التسخير لا يتوانى في ذلك أستنادا إلى نص (مثلا){ وأمرهم شورى بينهم} أو نص أخر {أطيعوا الله ورسوله وأولي الأمر منكم}، فهو يصرح بالمصدرية النصية، ولكن حين يعجز عن إيجاد السند يلجأ إلى التأويل معتمدا على النتيجة التي يفصلها بين الشخص المتأول ويلحقها مباشرة بالنص {أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا}.
هذا السياديني يؤمن تماما أن ليس من حق البشر أن يمارسوا دورا في التشريع، بأعتبار أن الوظيفة التشريعية حق مطلق لله عبر النصوص الدينية لا مجال لمناقشته أو حتى أفتراض أنه من الممكن أن لا يكون الدين أو النص تحديدا قادر على إيجاد حل ما، وحتى محاولة تشريع قضايا خاصة لم يأت بها نص محدد أو متأول نراه يجعل من القضية هنا شرك بالله، يقول أحدهم ((الدول الأخرى في القديم والحديث تقوم على تأليه غير الله، أو على الكفر بالله، والذين يحكمون في هذه الدول على اختلاف نزعاتهم ومشاربهم هم الذين يضعون القوانين التي تحكم البشر، وهذا في اصطلاح القرآن شِرك، لأنَّ الله وحده هو الذي مِن حقه أنْ يُشَرِّع لعباده، الحكام في الدولة الإسلامية كالأفراد، كلهم يطيعون أمر الله ويُنَفِّذون حُكمه، ولا يجوز لهم الخروج عن شرع الله)) نحو ثقافة إسلامية أصيلة – أ.د. عمر سليمان الأشقر (ص347-348).
هذا الإسلاموي لا يمكنه أن يفهم أن الدين الذي كثيرا ما كان وبالحقيقة الكاملة هو فكرة معرفية أخلاقية مثالية عقلية تخاطب الوعي وتصنه دون أن تفرض شروط إلجائية أو قهرية لتطبيقه، والنصوص الكثيرة التي تعاضد فكرة أن الدين خيار حر وليس قرار أستلابي مثل {لكم دينكم ولي دين} ومن هذا المنطلق كان النص التخييري هو النص المحكم {من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} تطبيقا لقاعدة {لا أكراه في الدين} مثالا لرسم السياسة الفكرية وترتيب دور الدين في الحياة العامة للناس.
في المقابل الفكرة الثانية القائمة على حق المتدين أن يستلهم من الفكرة الدينية ومن أخلاقياتها ومقاصدها روح يتم زجها في الواقع القانوني والدستوري لتكون أساسا لصنع القاعدة السياسية الحاكمة أو جزء منها، هذه المحاولة لا يمكن عدها زج الدين في السياسة أو الخلط بيت الدين كفكر إرشادي توجيهي وبين السياسة على أنها منهج عملي ونظري يؤمن بأن العمل في الواقع هو الأساس في إدارة شؤون المجتمع، كل الأطر السياسية والدستورية التي تكونت عبر التاريخ وجربها الإنسام بما يسمى بالنظم السياسية الحاكمة، هي عبارة عن إنعكاس واقعي لقيم وثقافة المجتمع وإنعكاس لطبيعة العلاقات البينية السائدة في المجتمع، وحين يكون المجتمع مؤمنا بأخلاقية الدين وقدرة الخطاب العقلي الديني وصلاحيته لتوجه الفكر السياسي نحو مبدأ الأحسنية والخيرية، هنا يكون الدين مصدر حقيقي للقاعدة القانونية والسياسية وتعبير واقعي عن فهم العلاقة بين الدين والسياسة والمجتمع.
بتعبير أخر أن هذا الفهم الذي توصل إليه المفكر والمتدبر والنخبوي الذي يصنع الرؤية الأجتماعية والسياسية هو صاحب المشروع والمنشئ له والخالق للفكرة والقاعدة وليس الله بأعتباره حاكم، أذن هذه المحاولة بشرية صرفة كما صنع البعض من النظرية الأقتصادية إنعكاسا لها في روح النظام وقوانينه وشكلياته، وأيضا نجح الأجتماعي والفكري في بعض المجتمعات من رسم صورة لإيمانه وعقيدته الأجتماعية داخل أطار مفهوم الدولة والمجتمع المنظم، لذا لا عيب ولا تعارض أن يكون الفهم الفكري المتأثر بروحية وأخلاقيات النص الديني جزء من محاولة الإنسان في إعادة صياغة الفكر السياسي أو تطويره في دائرة الأخيرية والأحسنية للناس والمجتمع .
في كل الدساتير في العالم الحديث وحتى بعض التجارب القديمة يشار إلى مصطلح المشروعية الدستورية، حينما يشار إلى جانب أو جوانب مشتركة على أنها مصادر التشريع لبيان ماهية الأسس التي يستند عليها العقد الأجتماعي للدولة وكيفية التعبير عنها، مثلا في دستور عام 2005 لجمهورية العراق الأتحادية يشير النص إلى جملة مهمة في هذا المجال حينما جعل من الشريعة الإسلامية أو الدين الإسلامي (مصدر أساسي من مصادر التشريع) ولم يجعل منه المصدر الوحيد أو الرئيسي له، هذا يعني فتح الباب أمام الدين ليعكس دوره وروحيته في الفكر الأجتماعي للشعب، وبالتالي عندما تتبلور مفاهيم جمعية وأشتراكية بين الناس على قضايا محددة تتعلق بتكوين الدولة يكون للمشرع القدرة على تجسيدها بأعتبارها جزء حيوي ومهم من الوعي الجمعي الذي هو أساس العقد الأجتماعي في المجتمع والذي تنشأ عنه الدولة ونظامها.
هذا التفريق ضروري ومهم وتأكيد على مبدأ الفصل بين مفاهيم متداخلة تشوش وتشتت الرؤية خاصة لدى الناس البسطاء وهم عامة الشعب، فالإنسان الطبيعي مثلا لا يعارض مبدأ (التاجر فاجر ما لم يتفقه في الدين) كونه مبدأ أخلاقي قبل أن يكون ديني، وكذلك لا يمانع أن يكون السلوك الإنساني العام مراقب ذاتيا من قبل الإنسان قبا أن يراقب من قبل القانون وأجهزة الشرطة بأعتبارها قضية أخلاقية أيضا، عندما يشعر المشرع أن تطبيق روحية فكرة دينية أو نص ديني على صياغة قانون أو قاعدة قانونية دافعه أخلاقي وليس ديني فقط سيلاقي الترحيب والقبول حتى ممن لم يؤمن بالدين أو يعارض صيغة حاكمية الدين على المجتمع لأن البعد الأساسي فيها ذو شقين بشري في الصياغة فهو نتاج تجربة مدنية وبعد أخلاقي مثالي يؤمن بحاكمية الأخلاق في صياغة الواقع وتسيره ضمن منظومة إنسانية نبيلة.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من قضايا التنوير الفكري وأصول العمل فيها
- الخوف والقسوة والإرهاب الفكري والسياسي ودوره في بسط ثقافة ال ...
- مقهى عبد ننه ... قراءة في تأريخ مدينة يسكنها وهج السياسة ويت ...
- الحاكمية السياسية في الإسلام ... وهم القراءة وتخريج بلا مخرج ...
- الحاكمية السياسية في الإسلام ... وهم القراءة وتخريج بلا مخرج ...
- الحاكمية السياسية في الإسلام ... وهم القراءة وتخريج بلا مخرج ...
- قالها ومضى
- الحق بين الله ورجل الدين
- المعرفة الدينية وإشكالياتها التأريخية وأثرها في فشل الإنسان ...
- العرب والأعراب وتاريخهم المتناقض
- أنا ورائحة البحر
- رجالٌ هُويتُهم وَطَن ... قراءة نقدية في قصيدة الشاعر عبد الج ...
- الدين الإنساني وتحولات الوعي المتجدد
- العراق وخيارات المرحلة ح2
- العراق وخيارات المرحلة.ح1
- مقهى عبد ننه ... قراءة في تأريخ مدينة يسكنها وهج السياسة ويت ...
- من أفسد نواب الشعب
- الأيديولوجيا القذرة
- النقد الديني بين ضرورة المعيارية النقدية ووحدة الهدف من المم ...
- غضب .... ليس على وقع الجمر _ قصة قصيرة


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - نظرية الدولة الدينية بين حكم النص وبين دور الوعي الديني