أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الحسين شعبان - رؤيتان لكتاب عبد الحسين شعبان (المثقف وفقه الأزمة... ما بعد الشيوعية الأولى)















المزيد.....


رؤيتان لكتاب عبد الحسين شعبان (المثقف وفقه الأزمة... ما بعد الشيوعية الأولى)


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 5257 - 2016 / 8 / 17 - 12:17
المحور: الادب والفن
    



المثقّف متمرّدٌ: عبد الحسين شعبان نموذجاً

مهدي السعيد
لندن
منذ أمد ليس بقليل كان موضوع المثقف والسياسي مثاراً للجدل والنقاش الطويلين، وقد طفح هذا الموضوع المثير على سطح التطورات السياسية والاجتماعية التي عاشها العراق، بدءًا من الأعوام التي أعقبت ثورة 14 تموز العام 1958 وإلى الآن، خصوصاً بظهور اختلالات عميقة بينهما. وهنا لا بدّ لي أن أشير إلى أن معظم الذين سبق لهم أن ناقشوا الإشكالية وتناولوا جوانبها المختلفة وفكّكوا حيثياتها، أدركوا إنْ عاجلاً أو آجلاً، حجم التحدّيات التي واجهتها، بقدر ما واجهتهم، خصوصاَ حين غاصوا في أعماقها، قراءةً وبحثاً ونقداً، كما فعل مؤلف الكتاب، الذي نحن بصدده، والمقصود -المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى.
الكتاب الذي نتناوله يعتبر من أهم الكتب التي صدرت مؤخراً، والتي عملت على معالجة الإشكالية، سواءً في بحث فقه الأزمة التي يعانيها المثقف والتي هي حسب الكاتب، أزمته من جهة وأزمة الثقافة من جهة ثانية، إضافة إلى أن ثقافة الأزمة تفشّت إلى حدود غير قليلة، من خلال التشابك بين المثقف والسياسي، وبين المثقف والحاكم، وبين المثقف ورجل الدين، وأدّت إلى إخضاع الأول للثاني. وشعبان انطلق في مناقشته للموضوع من تجربته الغنية السياسية – الثقافية، والحياتية – المجتمعية، الأمر الذي يضفي على الكتاب بُعداً عملياً، إضافة إلى بُعده النظري، وهو ما يطلق عليه الكاتب (البراكسيس).
وقد حاول شعبان التفريق نظرياً وعملياً بين الداعية السياسي وبين المثقف، خصوصاً المخلص لثقافته، فالأول هو المنحاز، المُبشر، «المؤمن»؛ بطريقة عمياء أحياناً، لدرجة يكون مستعداً للارتكاب، بزعم أفضلية جماعته وحزبه والتزامه بالانضباط والقرارات، في حين أن الثاني منشغل بالحقيقة والإبداع وهي عنده الأهم، وهذه رديفة للحرّية التي يدافع عنها، وبذلك حاول الابتعاد عن الحزبوية الانحيازية الضيّقة لصالح الثقافة العقلانية النقدية المفتوحة. وحتى وهو يمارس النقد للتجربة، لم يبشّع كل الماضي أو يؤثّم التاريخ، بل قام بنقد موضوعي للأخطاء والثغرات، ووضع يده على العيوب والمثالب، وكان حرّاً وجريئاً في ذلك، مؤكداً أن وظيفة المثقف هي النقد، ونقده كما يقول يدعوه لنشر الحقيقة والمعرفة وكشف المزعومات التي تنتجها جماعة سياسية لنفسها أو طائفة دينية أو فريق يضع بوجه النقد ميليشيات ثقافية؛.
ويذهب شعبان إلى ذلك دون أوهام، عارفاً تعقيدات السياسة والثقافة والمجتمع، لكنه لا يتخلّى عن وظيفة التنوير بصفته مثقفاً ومنشقّاً، فتراه يدعو إلى التحلّي بأخلاق المناظرة والمبادرة والمحاورة، والابتعاد عن المبارزة والمناورة والمؤامرة، وتلك بعض سمات يتشبث بها بعض السياسيين في مواجهة أي نقد أو رأي أو وجهة نظر.
عبد الحسين شعبان لا يدع قضية إلاّ ويخضعها للنقاش والتحليل، سواءً كانت كبيرة أو صغيرة، خصوصاً فيما يتعلّق بعلاقة السياسي بالمثقف، ويحاول أن يعطي أمثلة حيّة على مجريات الأمور، ويستعين بعرض تجارب عربية وعالمية، فضلاً عن توثيقه لكثير من الوقائع التي ظلّت غامضة أو مبهمة إلى حد ما من قبل الكثير من المثقفين والسياسيين، في تاريخ العراق الذي امتاز بالسرّية وحجب المعلومات، ليس عن الأعداء والخصوم فحسب، بل عن أعضاء الأحزاب، حيث تعمل القيادات على الاحتفاظ بصندوق المعلومات لنفسها، وتعمل جاهدة بإخفائها عن القواعد الحزبية.
فضول كبير
حين شرعت بقراءة الكتاب وجدت نفسي مشدوداً إلى متابعته بفضول كبير، وقد شعرت أنه وفّر عليّ عناء عدد من السنين بما فيه من ثروة معلوماتية تخص مراحل تطور الوضعين السياسي والثقافي في العراق، حيث قدّم إضاءات مهمّة على هذا الصعيد، والأمر لا يتعلّق بالحركة الشيوعية أو المرحلة الأولى منها، كما يسميها الكاتب (ويقصد شيوعيته) بل بعموم الحركة السياسية، التي تقع الثقافة بالقلب منها، ويتناولها شعبان كمناضل سياسي في صفوف الحزب الشيوعي العراقي، حتى وإن انشق عليه وتمرّد على بعض توجهاته من جهة، وكمفكّر ومثقف مستقل لاحقاً، وأصبحت له شهرة واسعة في العراق والوطن العربي وربما في الكثير من بلدان العالم، بحكم نتاجاته وأبحاثه ومشاركاته المتنوعة، من جهة أخرى.
ويمكنني القول إن المثابرة والجد والشجاعة هي المميزات التي حافظ عليها الدكتور شعبان طوال عمره السياسي والثقافي، وقد جمعتنا حقول عمل كثيرة ومتعدّدة، وكنت شاهداً على مروءته وصلابته وشجاعته منذ أن عرفته في أوائل الستينات وإلى الآن، مثلما كنت متابعاً وراصداً لآرائه وأفكاره وانتقاداته، سواء اتفقت أو اختلفت معه، وكنا نلتقي حتى ونحن في المواقع المتعارضة.
لقد فتح شعبان في هذا الكتاب نافذة ذات أبعاد مؤثرة بالنسبة لي، وربما للكثيرين في نقد الظواهر السلبية والحياة الداخلية المغلقة لمراحل مهمة في حياة الحركة السياسية عموماً والحركة الشيوعية في العراق خصوصاً، وإنْ كنّا قد عشناها، لكنه عالجها بطريقة موضوعية ودون حساسيات مسبقة، الأمر الذي أعطاها بُعداً جديداً وتنويرياً وعلمياً.
وأعتقد أن من المفيد جداً على القيادات السياسية في الحزب الشيوعي العراقي أن تتنبّه إلى الكبوات الكثيرة والأخطاء القاتلة والارتكابات المذلّة بحق منتسبي الحزب أولاً وأصدقائهم ثانياً، وعموماً الشعب العراقي ثالثاً، ويجدر بها أن لا تكابر بعد الآن، وتستمر في تجاهلها للأصوات النقية والمناضلة والحريصة على الحزب التي شكّلت جزءًا هاماً من تاريخ العراق السياسي منذ تأسيسه بقيادة الرفيق الخالد «فهد»؛ وإلى الآن، خصوصاً وأن الأعداد الـغفيرة التي هي خارج الحزب، أكبر بعشرات المرّات من الأعداد القليلة التي في داخله بسبب سياسيات التفريط والبيروقراطية والأخطاء المتكررة. وبالنتيجة فالحزب هو مجموع نضالنا جميعاً وليس حكراً لأحد، وليس هناك طابو أو وصاية من أحد عليه مهما كان موقعه.
ولا أغالي إذا قلت إن هذا الكتاب يعتبر من حيث «نقد خصوصيات الحركة السياسية والثقافية في العراق وخصوصاً الحركة الشيوعية»، وربما في الوطن العربي، عبارة عن انتفاضة فكرية جديدة ذات مضمون سياسي وثقافي رائد، لأنه يعالج مسألة التعدّدية والتنوّع داخل الأحزاب وأنظمتها الداخلية وتعارضاتها مع المسألة الديمقراطية من خلال رؤية ثقافية، تقوم على حق التعبير والنقد والرأي والرأي الآخر والحق في الاختلاف، وواجب احترامه.
وبعد أن يناقش شعبان في مأزق المثقف الشيوعي من خلال التطور العالمي، وانهيار الكتلة الاشتراكية، يعود إلى الذاكرة والمعرفة، ولكن شعبان لا ينسَى الحلم الذي ظلّ يتمسّك به، وهو الحلم الشيوعي بالحرية والجمال والعدل والمساواة والقضاء على الاستغلال.
ويعود في القسم الثاني من الكتاب إلى بحث قضيتين تتعلّقان بكتابين صدرا له ويعطيهما عنوانين مثيرين، الأول كتابه عن النزاع العراقي – الإيراني، (1981)، احتكار الوطنية والثاني بعد مرور 33 عاماً عن عامر عبد الله – النار ومرارة الأمل؛ (2014)، ليتحدّث عن نظرة السياسي إزاء الثقافة والمثقفين، ففي الأول جرت محاولات لنزع الوطنية عن الشيوعيين، ودفعت عائلة الكاتب أثماناً باهظة بسبب ذلك، وفي الثاني جرت محاولات لزعم «احتكار الشيوعية»؛ من قبل الجهة الرسمية المتنفذة، خصوصاً وأن الكتاب أغضب القيادة البيروقراطية والمسؤولة عن الأخطاء والخطايا. والفريقان (قيادات البعث والشيوعي) يضيقان ذرعاً بالنقد والمواقف الأخرى. وفي كلا الحالين، هي محنة المثقف وطاحونة السياسة التي تحاول أن تطحن المثقف وتعتصره، لكي لا يظهر رأي حر ومخالف لما هو سائد.
لقد أدّت مواقف وممارسات القيادات الأخيرة للحزب الشيوعي إلى نكبات وانحرافات وأخطاء متتالية قادت إلى عزوف الكثير من مناضلي الحزب عن مواصلة المسيرة، خصوصاً عندما يسود نهج الإقصاء والإبعاد والعقوبات، ولهذه الأسباب نلاحظ أن مسلسل تآكل أو ذبول الحركة الشيوعية في العراق لم يكن على يد الأعداء التاريخيين وحدهم، بل على يد بعض قادتها «العباقرة»؛ الذين بدلاً من الانحياز الكلّي للشعب ومعارضة الاحتلال الأمريكي، قبلوا الانبطاح أمام «بول بريمر»؛ حتى وإن كان الحزب ضعيفاً ومهاجراً، لكنه من غير الجائز أن يدخل في صومعة «المحتل»؛ المستعمِرْ، أو يكون ذيلاً للجماعات الطائفية، مثلما قبلت القيادة في السابق أن تكون ذيلاً لحزب البعث، وذلك لتنفيذ رغبات بعض القيادات المتحكّمة بمصيره واستجابة لرأي الاتحاد السوفييتي، وقد حاول شعبان أن يفرد فقرة لذلك بعنوان «بعثيون وإن لم ينتموا»، في القسم الثالث الموسوم «المثقف والرقم الصعب»، وكنت شاهداً على بعض ما ورد في هذه الفقرة.
كتاب أخير
هذه وغيرها من أمور يناقشها الدكتور شعبان في كتابه الأخير، وقد أفصح عن الكثير من الأمور الجديدة حول المناضلَين عامر عبد الله وثابت حبيب العاني، وعالج هاتين المسألتين، انطلاقاً من مروءة إنسانية أولاً وقبل كل شيء، إضافة إلى أنها واجب أخلاقي وسياسي متميّز. وقد سبق له أن دافع عن مناضلين تعرضوا للاضطهاد، وكنت أتلمس معاناة الرفيقين من خلال علاقتي بالعاني، حيث كنا ننزوي في مقهى السلام ببراغ، وكذلك بلقاءاتي المتكررة مع عامر عبد الله في لندن.
الكتاب يحتوي على الكثير من المعلومات إضافة إلى التحليلات السياسية والفكرية التي لا تتعلّق بقضايا العراق، وإنما أيضاً بالقضايا العربية، وخاصة قضية فلسطين ودور المثقفين في حركة التحرّر الوطني التي ظلّت تدور في أزمة عميقة، قيادات وأنظمة وحركات ثورية، ويناقش في أزمة الثقافة، ويلقي ضوءًا في موضوع الثورة وعلاقة القوى السياسية ببعضها البعض ودور المثقفين، إضافة إلى أدب «المنفى»، كما يستعيد مناقشة هادي العلوي ومحمد السيد سعيد حول مفهوم «المثقف الكوني»؛ (القسم الرابع).
وفي القسم الخامس وبعد مناقشة أزمة الثقافة، يفرد الكاتب فقرة خاصة عن ثقافة الأزمة، ويضمّ إليها موضوعين، الأوّل عن المثقف والانتفاضة الفلسطينية، والثاني عن المثقف وبعض هموم شيوعية ووطنية. أعتبر كتاب المفكّر عبد الحسين شعبان واحداً من أهم المصادر الثقافية السيوسياسية، لمرحلة عشناها إضافة إلى قيمته العلمية، وقد جاء في ظرف هام، ولا سيّما بعد انحسار طويل للعمق الثقافي والسياسي، وهو في هذا المجال ينضم إلى كتاب حنا بطاطو الموسوعي، كمرجع فكري واجتماعي، ينفع الجيل الحالي الذي لم يعش إشكالات جيلنا، مثلما سيكون مفيداً للأجيال القادمة بالاطلال على مرحلة ملتبسة ومعقّدة للغاية.
يتألف الكتاب من 316 صفحة من الحجم الكبير، صدر عن دار بيسان، بيروت، تموز (يوليو) 2016، وكتب كلمة صفحة الغلاف الأخيرة الأستاذ سعد الله مزرعاني (نائب الأمين العام السابق للحزب الشيوعي اللبناني)، وصمّم الغلاف الفنان الدكتور عمران القيسي.


أمثلة في سباق معرفي واحد
زيد الحلي
بغداد
تذكرتُ، وأنا انهي قراءتي لكتاب المفكر د. عبد الحسين شعبان، وهو إصدار جديد انصح جميع المثقفين السعي لقراءته، لاسيما المهتمين بالدراسات الفكرية، قولاً لكاتب رحل عنا هو د. غالي شكري حيث ذكر ما نصه ” من الكلمات التي استهلكت لدرجة الابتذال في حياتنا الفكرية والإعلامية كلمة (أزمة) فلأننا نستعملها في غير مكانها أغلب الوقت، كادت تفقد معناها الحقيقي وتكتسب بدلا منه معاني سطحية خفية بعيدة عن الدقة.. ولعل أفدح الأضرار الناتجة عن ضياع المعنى الأصلي والأصيل أنه حين يأتي الوقت الضروري لاستخدامها لا نجدها أو أننا نفتقد الفروق الحاسمة بين الظاهرة التي تستخدمها وبين الظواهر التي لا تستحق !”
ينتهي قول د. غالي شكري ، لكن يأتي د. عبد الحسين شعبان ، ليؤكد في كتابه “المثقف وفقه الأزمة” أن كلمة (أزمة) لها معان وتركيبات لاسيما في علم السياسة عميقة الجذور، بعيدة عن السطحية في الجذر المراد البحث فيه ..وإنني أدرك أن المعرفة لا تتسم بالاستقرار ” التام ” مثلها مثل كلمة (أزمة) لأن المرء قد يحصل في كثير من الأحيان على بعض المعلومات “الزائفة” التي ربما تميزت بشيء من العقلانية غير أنها تستدعي التشكك في معلومات حقيقية كانت لديه في السابق ، وهذا يحصل بمعدل أقل حين يتعلق الأمر بالمعرفة وليس بالاعتقاد الحقيقي.. لذلك جاء كتاب د. شعبان دقيقا ، صادقا في محتواه… مثل صحراء حقيقية لا تعطي نفسها إلا لمن يصادقها ، وينعم النظر فيها..!
ما بعد الشيوعية الأولى د. شعبان في كتابه آنف الذكر، يواصل رفد المكتبة العربية الماركسية بكتاباته الفكرية والثقافية، التجديدية والنقديّة، حيث صدر له مؤخراً كتاب بعنوان: “المثقف وفقه الأزمة” مع عنوان فرعي: “ما بعد الشيوعية الأولى”، وتضمّن الكتاب استهلالاً وخمسة أقسام، فبحث في القسم الأوّل مأزق المثقف الشيوعي من خلال الذاكرة والمعرفة والحلم. وتوقّف في القسم الثاني عند المثقف الشيوعي والموقف من الآخر، وذلك تحت عنوانين بارزين هما: الصراع على الوطنية وعقدة احتكار الشيوعية، والأمر مرتبط بكتابين صدرا له: الأول عن النزاع العراقي – الإيراني (1981)، والتالي عن عامر عبد الله – النّار ومرارة الأمل (2014)، وما أثارا من ردود فعل ومواقف إزاء النص وكاتبه.
أما في القسم الثالث، فقد بحث فيه: المثقف والرقم الصعب، حيث عرّج على بعض الجوانب العملية من خلال المثقف واختزالات السياسة، فتوقف مجدّداً، عند قضية ثابت حبيب العاني، وبعض مستجداتها وكأنه يواصل الحوار، وتساءل أين مذكرات عامر عبد الله؟ استكمالاً لبعض ما ورده من إضافات ومعلومات كما جاء في الكتاب. وفي مبحث آخر وضع عنواناً له: “بعثيون وإن لم ينتموا”، وهي مقولة لصدام حسين، حاول أن يعطيها بعدها التاريخي والنفسي على بعض اليساريين والمتياسرين. ثم تناول مسألة بشتاشان وخطط انسحابنا في حديث بالمرارة عن هجوم الاتحاد الوطني الكردستاني على مقرّات الشيوعيين العام 1983 في كردستان، وتناول العلاقة بين الثقافة والمتاريس في بحثه الموسوم: علاقة الجمداني بالثقافة المدنية، في إشارة إلى تبدّل مضامين ثقافة اليسار وانحسار الجانب المدني العقلاني التساؤلي فيها، وفي مبحث أخير من هذا القسم، توقف عند الماركسلوجيا، أي الماركسية ضد الماركسية، كما يقول عنها.
المثقف واسئلة التغيير
وكان عنوان القسم الرابع هو: المثقف وأزمة الثقافة، وتناول فيه أربعة مباحث، هي الأول: أدلجة القمع وجدلية الثقافة والوعي، والأصل في هذا المبحث هو محاضرة ألقاها في برلين عشية غزو القوات العراقية للكويت (1990)، والثاني: المثقف وأدب المنفى، وهو بحث قدّمه في ندوة بالكويت بدعوة من وزارة الثقافة ومجلة العربي، والثالث: المثقف وأسئلة التغيير، وهو مجموعة محاضرات ألقاها في لندن ولاهاي وعمان، والرابع: المثقف اليساري والمثقف الكوني، من خلال مناقشة مفكرَين ماركسيين هما: التراثي العراقي هادي العلوي والحداثي المصري محمد السيد سعيد، وذلك بتسليط الضوء على آرائهما وأفكارهما.
وكان القسم الخامس موسوماً بالمثقف وثقافة الأزمة، وضمَّ أربعة مباحث، فكان الأول بعنوان: المثقف وأزمة حركة التحرّر الوطني، وهو بحث يعود إلى نحو ثلاثين عاماً، كان قد قدّمه إلى مؤتمر الشعب العربي في طرابلس. ووجد من المناسب نشره كما هو ليعطي صورة لجوانب من الكفاح الفكري. وفي المبحث الثاني: نشر محاضرة بعنوان: المثقف والانتفاضة الفلسطينية، وهي محاضرة كان قد ألقاها، بدعوة من المجلس القومي للثقافة العربية. وكان المبحث الثالث بعنوان: المثقف وأزمة الماركسية، – وهو حوار مطول – سبق أن أجرته جريدة أنوال “المغربية” قبل ما يزيد عن ربع قرن من الزمان، وقد حاوره في حينها الصحافي هاني الريس. أما في المبحث الرابع (الأخير): من هذا القسم، فقد أعاد نشر مقالة عمّا هو راهن من علاقة بين الثقافة والهموم الشيوعية والوطنية، ما بعد الاحتلال.
وجاء في صفحة الغلاف الأخيرة من الكتاب كلمة لنائب الأمين العام السابق للحزب الشيوعي اللبناني سعد الله مزرعاني ما يلي: “يستأنف الدكتور عبد الحسين شعبان رحلة عمله الكفاحية: الثقافية والفكرية، وهو يستذكر ويستحضر ويضيف ويكثف بشغف وإلحاح وثقة مواقف وتجارب واستنتاجات كان في بعضها رائداً وسباقاً…”.
ويقول مزرعاني: “المفكر المتمرّد الشاب وهو ينصرف عن العمل الحزبي شعر بمسؤولية جسيمة تلقى على عاتقه بضرورة الكفاح من أجل التغيير في أحزاب التغيير، لهذا الغرض واصل استكمال عدّته المعرفية والثقافية بجهد ودأب وتوجّه نحو حقول وآفاق أعمق وأرحب، ما مكّنه من بلورة رؤية ثقافية كفاحية نقدية تركز على الالتزام “بمعايير المعرفة والعدل والجمال” منتقداً، دون هوادة، “الاستكانة لليقينيات”…

أمثلة في سياق من المعرفة
ويختتم القيادي الشيوعي اللبناني مزرعاني كلمته بالقول: وفي الكتاب الحالي نقع على محاججات وأمثلة واضحة يغلّفها سياق من المعرفة الموسوعية والتناول الواثق بعد أن أدّى الجمود والتشويه إلى سقوط وانهيار المنظومة الاشتراكية، كما أدّيا على المستوى العراقي إلى أخطاء ذات طابع استراتيجي، كما حصل في الموقف من الغزو الأميركي للعراق عام 2003.
الكتاب يقع في 316 صفحة من القطع الكبير، وصدر عن دار بيسان في بيروت (تموز / يوليو/ 2016)، ورسم لوحة الغلاف الفنان عمران القيسي.
جدير بالذكر أن كتاب د. شعبان “تحطيم المرايا – في الماركسية والاختلاف” الذي صدر في العام 2009 كان قد أثار جدلاً واسعاً في الوسط الماركسي واليساري، وقام بتقريضه عشرات اليساريين والنقاد، ونشر الباحث لاحقاً مجموعة من الآراء بخصوصه (40 بحثاً)، مع مقدمة طويلة، في كتابه الموسوم: “الحبر الأسود والحبر الأحمر – من ماركس إلى الماركسية”، كما أثار كتابه عن “كوبا – الحلم الغامض” حواراً خصباً، وكان الكتاب الثالث الأكثر مبيعاً في معرض بيروت الدولي حسب الإحصاءات المنشورة للكتب السياسية، من بين 200 ألف عنوان.
أما كتابه عن “عامر عبد الله – النار ومرارة الأمل”، فقد أثار نقاشاً واسعاً لم ينقطع حتى اليوم بخصوص الفصول الساخنة في الحركة الشيوعية، وهي جوانب انشغل بها شعبان منذ عقود من السنين، ويأتي كتابه “المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى”، إضافة جديدة للمكتبة الماركسية واليسارية العربية، خصوصاً وأن ناقدها يأتي من داخلها، محاولاً إزاحة ما اعتراها من تهافت وافتئات بنفض الغبار عنها وإطلاق دفقة هواء جديدة ونقية بمراجعة نقدية للذات وللتطهّر من أدران الماضي وأحزانه، ممارساً نقداً ذاتياً جريئاً للخطاب الماركسي برمّته.
وبالمناسبة فلشعبان، إضافة إلى مكتبته اليسارية، كتباً في الأديان (الإسلام والمسيحية) والهويّات والمجتمع المدني وحقوق الإنسان والنزاعات الدولية والصراع العربي – الإسرائيلي، إضافة إلى كتب نقدية وأدبية وثقافية بخصوص الشاعر الجواهري، والروائي والصحافي أبو كاطع، والأديب سعد صالح، والفقيه القانوني حسين جميل، والسياسي والحقوقي الليبي منصور الكيخيا، والمثقف اليساري البحريني عبد الرحمن النعيمي، وآخرين.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- براغ... وثمّة عشق!!
- شرنقة الفساد -العراقية-
- حرية التعبير في العراق.. تأجيل المؤجل
- الأهرام منبر تنوير عروبي بأفق عالمي
- قانون الإقصاء -الإسرائيلي-
- ما بعد التعددية الثقافية
- استقالة أم إقالة ل6 وزراء عراقيين؟
- ميونخ وصورة أخرى للإرهاب
- أمريكا تبحث عن حصة في الانتصار -العراقي-..
- -نيس- وخريطة الإرهاب
- تقرير تشيلكوت وماذا بعد؟
- حقائق تقرير تشيلكوت ودلالاته..!!
- جدلية الهوية والمواطنة في مجتمع متعدد الثقافات
- داعش والفلوجة ودلالات الهزيمة
- ماذا بعد نشوة النصر في الفلوجة؟
- الوجه الآخر لبريطانيا -الأوروبية-؟
- تيسير قبعة: غيمة فضية في فضاء الذاكرة
- الاتجار بالبشر.. والأمن الإنساني
- الفساد والوجه الآخر لمعركة الفلوجة..!
- الأزمة العراقية الراهنة: الطائفية، الأقاليم، الدولة


المزيد.....




- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الحسين شعبان - رؤيتان لكتاب عبد الحسين شعبان (المثقف وفقه الأزمة... ما بعد الشيوعية الأولى)