أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سعادة أبو عراق - مذهب النقل والعقل في تراثنا















المزيد.....



مذهب النقل والعقل في تراثنا


سعادة أبو عراق

الحوار المتمدن-العدد: 5244 - 2016 / 8 / 4 - 00:19
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


مذهب النقل ومذهب العقل
1 - النشأة
ما كان من همي أن ابحث بحثا تاريخيا عن موضوع يؤرقنا في هذا العصر، من تغول النقل على حساب العقل، ليس في حارة السلفيين وجماعة الدعوة والوهابيين ، بل أيضا في حارة اليساريين الذين ما زالوا يرددون أقوال قيلت في القرن الثامن عشر والتاسع عشر دون مراعاة لمستجدات العصر.
إذن نحن إزاء معضلة حضارية وفكرية عميقة، تؤكد لنا أننا ما زلنا نسبح في مياه ضحلة آسنة، ومكانا نتخبط به. لذلك فإنّي وانا اطرح هذا الموضوع. لا اطرح موضوعا اكاديميا، إنما اطرح معضلة معاصرة، من معضلات الفكر العربي.
هذه المشكلة أرقت قديما كل المفكرين والفقهاء في العصر العباسي وما بعده، كان من نتائجها أن انتصر حملة مبدأ النقل على حملة مبدأ العقل أو التعقل أو العقليين، بل لنقل انهم تلاشوا فيما بعد الحروب الصليبية وابتداء من عصر المماليك والعثمانيين وإلى يومنا هذا، وأبقونا نستريح على مهاد من المنقول وإن كان هذا المنقول لم يزد عن حشو لا يخلوا من الباطل والكاذب والفاسد.
وللتأسيس لهذه الإشكالية الحضارية في تاريخنا، نجد أنها معضلة لا بد منها، نشأت في مكانها الصيح وموعدها المحتوم على النحو التالي:
1- لم يكن للعرب قبل الإسلام حضارة مكتوبة ومدونة، بل كانت حضارة شفهية، يتناقلونها عبر مفاهيم القيم والعادات والأعراف، وليس هناك دهاقنة قائمون على هذه القوانين التي تضبط المجتمع، وليس هناك من نهج فكري يجعل التفاهم سلسا بين القبائل، كما أن عدم وجود نهج فكري لم ينتج علوما في أي مستوى من المستويات،
2- في هذا المستوى من القحط الفكري جاء الإسلام ليكون نقلة نوعية في إنشاء موضوع فكري يشترك فيه جميع طبقات المجتمع، واصبح المشتغلون في هذا الفكر هم الفقهاء والقراء والمحدثون والنسابون والنحويون البلاغيون.
3- هؤلاء المشتغلون بالثقافة أو الحضارة الإسلامية، كانوا يعيشون حالة لم يسبقهم لها آباؤهم، إنهم يتعاملون مع مادة مكتوبة، وهو القرآن الكريم، وموضوعات محددة من الأحاديث النبوية والسيرة والمغازي والتفسير وأقوال الصحابة والتابعين، لذلك كان البحث منصبا على المصدر وهي الآيات القرآنية تفسيرا وفهما واقتداء، وكذلك الأحاديث النبوية مهما كان مصدرها.
4- في هذه الفترة حيث أن المصادر الفكرية كانت شحيحة ومحصورة في القرآن الكريم والأحاديث وما جمعه الإخباريون، فإن الكاتب أو المفكر لا مناص له من أن يلوذ بأي تفسير يسمع به، وأي حديث شريف يأتيه، وأي تأويل لحادث مهما كان، وأي أسطورة تقال مهما كانت غرابتها، لذلك كثر في هذا الزمن التجميع من أجل التجميع، ليقال عن المؤلف انه محيط بما يقول.
5- كما هم الأفراد تكون المجتمعات، فلا بد لها من نضج يستهك زمنا تتكثف فيه ثقافتهم وعندها يرتدون إلى أنفسهم ويفكرون بصواب أفكارهم وجدوى تصرفاتهم، لذلك بدأ في البصرة ما يسمى علم الكلام، وهو روح الفلسفة التي تبحث عن الحقيقة.
6- وإذا ما أضفنا لعلم الكلام ما تسرب من الفلسفة اليونانية، بموضوعاتها التقليدية، وجدنا من يقوم بالفهم القائم على التفكير العقلي المحض وفق الأنظمة المنطقية، وعندها ظهر مجموعة من المتفلسفين والفلاسفة بحثوا في أمور لم يتطرق لها أحد من قبل.
7- في البصرة حيث كان الحسن البصري يلقي دروسه بناء على ما يعيه من أقوال السابقين وما أورده المحدثون عن الرسول الكريم، وما يقال عن مرتكب الكبيرة على انه مخلد في النار، لكن تلميذه واصل بن عطاء اعترض على هذا الحكم القاطع وقال إن هناك منزلة بين المنزلتين، لكن الحسن البصري غضب وأمره بقوله ( اعتزلنا واصل ) فأعتزله ومن اتبعه وسموا بالمعتزلة.
2 - التأريخ
مع بداية القرن الثاني الهجري ، بدأت عمليات التدوين الحضاري تتسع لتشمل الشعر الجاهلي والثقافة الجاهلية من أخبار وحكايات وأنساب وغيرها كتأسيس لما يمكن أن تقوم عليه حضارة إسلامية جديدة بجانب القرآن الكريم والأحاديث الشريفة والسيرة النبوية والمغازي والتاريخ
ويعتبر ابن جرير الطبري هو أول من كتب التاريخ وفسر القرآن في ثلاثة آلاف صفحة، الذي يعتبر الموسوعة أو المصدر الذي اعتمد عليه كل الذين أسسوا للحضارة العربية من بعده.
وحيث أن ابن جرير كان يدرك انه يورد معلومات لا يستطيع أن يثبت صحتها وخطئها فإنه اعتذر لعجزه بقوله ( فما يكن من كتابي هذا من خبر ذكرناه من بعض الماضي ما يستنكره قائله أو لا يستسيغه سامعه, من أن يجعل له وجها في الصحة ولا معنى في الحقيقة، فليعلم انه لم يؤت ذلك من قبلنا، إنما أتى من قبل بعض ناقليه إلينا) إن الإمام الطبري في هذا القول عقلاني يؤسس للعقلانية، إذ يبرأ من خطأ اقترفه غيره، فما هو إلا ناقل فقط، وكأنه يريد ممن يأتون من بعده أن يدققوا بما هو صحيح وما هو خاطئ، ولا يأخذون كل خبر محمل الصدق المطلق.
إلا أن الذين أتو من بعده اخذوا عنه ولم يدققوا، حتى ما قاله آدم من شعر، ذلك أنهم لم يكونوا يملكون الوعي بالتاريخ، ولم يفرقوا بين الوقائع الحقيقية والأسطورة، وربما لم يكونوا يعرفون أن التاريخ ليس حكايات ممتعة، بل حقائق يجب إثبات صحتها، ولكن المؤرخين لم يكونوا يهتمون إلا بالرواية الباهرة التي تجلب الأسماع ولا يهتمون بالهزائم التي يجب أن تدرس جيدا ليس لأخذ العبر، إنما لاستخراج أسباب النصر والهزيمة, وإعطاء صورة حقيقية للفترة الزمنية التي يكتبون عنها.
لقد ظل هذا المنوال من الكتابة التاريخية إلى أن جاء ابن خلدون، وألف كتابه (العبر...) على نفس المنوال، لكنه اكتشف وهو يدبج مقدمته انه نقل أخبارا لا تستقيم مع العقل. وأن حركة المجتمع لها قوانينها، وليست مسيرة بالقضاء والقدر، ولا يوجد حدث تاريخي إلا بسبب فعل بشري، خاطئ أو صائب، فوق القدرة البشرية أو ضمن نطاقها، ولا مكان للأسطورة، إنما ما يقبله العقل فقط.
من هنا نستطيع أن نقول أن تاريخنا لم يكتبه مؤرخون لديهم وعي بما يكتبون، بل كتبوا ما يمتع السامعين، وما يرضي السلطان و يمجده. فأعطوه صفات الكرم والشجاعة والتقى والبر وضلوعه بالأمور الدينية، وانه يحج عاما ويغزو عاما، هذه الصفات التي تشبه العباءة كانوا يلبسونها لكل خليفة.
ان هذه التزوير المتعمد في التاريخ جعل من الكثيرين يرون الخلفاء بررة مقدسين، وان الشعب في ظلهم كانوا ينعمون بالرفاه والأمن والسعادة، ومن هنا كانت فكرة الرجوع إلى الدولة الإسلامية، فكرة سهلة المنال، وسوف تنقلهم إلى جنة رغدة من العدل والأمن والسلام.
ورغم أن ابن خلدون أوضح أن لا يوجد في التاريخ حدث لم يصنعه عقل بشري وقدرة بشرية، إلا أن المؤرخين من بعده لم يسمعوا له ، وظلوا يتبعون النقل ولا يدققون فيما يكتبون، ما زالت المشكلة متواترة في أيامنا هذه، فنادرا من نجد من يتأكدون من المعلومات خارج ما يقوله الناطق الرسمي وتبثه وسائل الإعلام، وسوف نعذرهم بسبب سرية المعلومات التي تحجب الحقيقة، ولكن عليهم أن يعتذروا كما اعتذر ابن جرير الطبري، ولكن المشكلة الكبرى أن المؤرخين لم يتخلصوا من أهوائهم وميولهم الفكرية والعاطفية، وما زال مبدأ النقل قائما في هذا المجال حتى هذه الساعة،
3- الفقه
في الأصل كانت حركة النقل والتدوين لأحاديث رسول الله، بسيطة وعلى استحياء، لأن رسول الله ما كان يحرص على أن تكون حركاته وأقواله مرصودة، ذلك انه نهى عن نقل احاديثه لكي لا تختلط بآيات القرآن الكريم, وحرصا منه على التركيز على القرآن الكريم، لذلك فإن حياته اليومية ما كان يتابعها أحد، ولم يكن من أحد يتقصد تسجيل أقواله وتصرفاته وكان كأي واحد منا، يتكلم في حالة الرضا والغضب، أو في حالة خطط لها، أو في حالة حكمتها الظروف.
في الفترة التي تلت وفاة رسول الله، اصبح الناس ينظمون عاداتهم و ويهذبون تصرفاتهم ومفاهيمهم وعلاقاتهم وحياتهم اقتداء بالرسول الكريم، وخاصة ما استجد منها بعد هذا الزلزال الفكري الكبير، والصراع ما بين ما اعتادوا عليه في الجاهلية وما جاء به الإسلام، واصبحوا مواطنين بدولة كبيرة، هنا كانت الأحاديث النبوية ضرورية ولازمة لما يجب أن يكونوا عليه، ونشا رجال راحوا يتفقهون في الآيات والأحاديث، أي يتمعنون في معناها، فأصبحوا يسمون الفقهاء، وما يقولونه فقها.
هنا كان الإخباريون وجامعي الحديث، اكثر حرصا على تسجيل ما قاله الرسول مع أي فرد مهما كانت صلته به، ولقد كانت مهمة شاقة في عدم اكتراث بعضهم بالنص الذي قاله الرسول، بالإضافة إلى تشتت الكثير منهم مع جيوش الفتوحات في بلاد الشام والعراق وموت كثير منهم في حروب الردة، لذلك كانوا حريصين على اللحاق بهم قبل أن يموتوا، فما كانوا يكذبون أحدا، يأخذون منه ولم يكن بأذهانهم التمييز بين الصحيح والمكذوب، وما كانوا يقدرون عليه، وكان أبو هريرة اكبر مخزون للأحاديث بفضل ذاكرته القوية.
هذا الاهتمام بالحديث قاد إلى فكرة الاقتداء بما قاله الرسول وما فعله، وخاصة من الذين لم يروا الرسول ولم يأخذوا منه مباشرة، وقد كان مشاهير الصحابة يفتون بما يرونه مناسبا اعتمادا على فهمهم للآيات القرآنية وبما آثروه عن رسول الله من قول أو عمل أو تقرير، ولكن هؤلاء الصحابة لم يدر بخلدهم أن يصبح رأيهم وقولهم بذرة للفقه فيما بعد ،وأحد مرتكزاته عند الفقها والأئمة ، إنهم لم يسجلوا اجتهاداتهم، ولكن الذين أخذوا عنهم آراءهم شفاها إنما اخذوا عنهم أراء وفتاوى لها قدسية الحديث الشريف
لقد كان الإمام مالك قد وطد علمه في المدينة المنورة، بين ظهراني الصحابة والتابعين وتابعي التابعين، وكانوا جميعا قد توارثوا ما قاله الرسول والصحابة من اجتهادات، اقتباسا أو قياسا مما سمعوه من الرسول الكريم، لذلك لم يكن الإمام مالك في شك في ما سمعه أو وعاه.
من هذه البداية نشأ منهج النقل، لذلك فإن مدرسة أو منهج الإمام مالك راحت تنمو في الأجيال اللاحقة، اعتمادا على جلالة قدر الإمام مالك وتقواه ومصداقيته، ولم يكن لأحد من معاصريه أن يعارضه في أحكامه وبنود فتاواه، إلى أن جاء الإمام الشافعي وكان قد تتلمذ عليه صغيرا، وتوقيرا له فإنه لم يتبعه ولم ينتقده فقد أسس فقها جديدا له منهجه المختلف، ونستطيع أن نقول أن الإمام الشافعي اتخذ خطوة نحو التدبر في فتاواه، بشيء يختلف عن أستاذه، وإن كان قد اعتمد على القرآن الكريم والأحاديث وما توارثه عن الصخابة والتابعين كما هو سلفه.
أما الإمام احمد بن حنبل الذي كان في بغداد حيث تمور بغداد بأفكار ومعتقدات مستقاة من الديانات الفارسية القديمة، وفلسفات مقتبسة من الحضارات المجاورة، ومناهج في الفهم مثل الباطنية، فقد كان اكثر تشددا في عدم استعمال العقل، وكان منهجه هو : اتبع النص ، ولا اجتهاد مع النص، بمعنى أن لا تفسر النص بما هو ابعد من المعنى المعجمي للفظ، لذل فإن المذهب الحنبلي اقفل على العقل، وذهب موغلا نخو النقل.
ونستطيع أن نجد البذرة الأولى للعقلانية في الفقه عند الإمام أبي حنيفة النعمان، ذلك أن معظم الدارسين للفقه الإسلامي يدعون الأحناف بأصحاب الرأي، بمعنى انهم يعللون أفكارهم، قبل أن يحملها منهم غيرهم، ذلك ا ن أبي حنيفة نشأ وترعرع في الكوفة عاصمة الثقافة الإسلامية، ففيها كانت تمتزج علوم التفسير والفقه وعلوم النحو والأدب والشعر، وكانت هذه العلوم يتأثر بعضها ببعض وخاصة علم النحو الذي هو بحاجة إلى منطق لتعليل ظواهر النحو والصرف والبلاغة، كما بحاجة لتصنيف الموروث الثقافي من أخبار وقصص وأشعار وخطب وغيرها هذا اذا ما اعتبرنا أن اختلاط العنصر الفارسي بالعربي كان اختلاطا منتجا لثقافة جديدة، حيث وجدنا من العنصر الفارسي سيبويه والكسائي وابن المقفع بجانب الخليل بن احمد والجاحظ وغيرهم، كما نضيف بأن الإشتغال بالأحاديث النبوية في الكوفة لم يكن قويا كما كان في المدينة المنورة، لذلك في هذا الجو الثقافي وجدنا أن أبي حنيفة النعمان كان ينظر في الأحاديث ولا يأخذها على علاتها، بل كان يترك الحديث إذا كانت آية في القران تفترق عنه، كما يترك الأثر عن رسول الله ولا يأخذ به، وجعل إجماع العلماء الذين سبقوه ركنا ثالثا، ثم استعمل القياس وهو مذهب شرطي من أركان المنطق،
إذن نستطيع أن نسمي تجاوزا مذهب أبي حنيفة بذرة لنشوء المذهب العقلي في حضارتنا، او هو الجانب العقلي في الفقه، اعتمادا على قوله المأثور بأنه لا يوجد في الدين شيء لا يقبله العقل
4- المعتزلة
ذكرنا سابقا أن فرقة المعتزلة نشأت صدفة حينما لجأ الحسن البصري إلى القول لواصل بن عطاء( اعتزلنا واصل)، وهنا ظهر المنهج العقلي عمليا قادرا على العطاء بعد أن كان متخفيا بين رجال منهج النقل.
لقد كان العقلانيون وأصحاب الرأي موجودون بالفطرة في مجتمع يعج بالمفكرين من فرس وعرب وغيرهم يبحثون موضوعات جديدة كالنحو والعروض والصرف وهي علوم عقلية بحتة، عليهم أن يعرفوا لماذا هذه الكلمة مرفوعة وهذه منصوبة وهذه مجرورة، وما يميز المرفوعات عن المنصوبات عن المجرورات، فاهتدوا إلى الفاعل مثلا والصفة والحال وكذلك المصدر والفعل الثلاثي، وجميع هذه المصطلحات بحاجة إلى عقلية علمية ومنهاج للتفكير، إن اكتشاف النحو والصرف والعروض لم يكن بناء على النقل، إنما ابتكار محض من مدرستي البصرة والكوفة.
والخليل بن احمد، شخصية عبقرية مبدعة، حيث فكر بوضع معجم العين، ولم يلجأ بالطبع إلى موروث ينقل عنه، ولم تكن المعاجم معروفة في الحضارات السابقة، إلا ما قيل عن معجم للغة الهندية، ولم يكن يعرف عنه، ما نريد قوله انه اعتمد على نظرية رياضية لم تكن معروفة في ذلك الوقت وهي ما تسمى بالرياضيات الحديثة بالتوافيق والتباديل، إذ راح يأخذ حرفين حرفين ليستخرج الكلمات الثنائية، وكذلك الكلمات الثلاثية التي استخرج من كل ثلاثة احرف تسع كلمات افتراضية ، بعضها مستعمل والآخر متروك ، أما علم العروض فقد قام بتفكيك الألفاظ إلى مقاطع قصيرة وطويلة، وهو مبدأ تجريبي علمي حديث وهو التحليل والتركيب.
إذن هذه الموضوعات التي كانوا يبحثون بها كانت معتمدة على التفكير الإبداعي والتعقل ما امكنهم ذلك، وهذه هي بداية التفلسف وعلم الكلام، وهذا يعني أن لديهم مناهج جديدة يمكن أن يطبقوها على ما نقل عن السابقين، وهذا جعلهم يحرجون السدنة القائمين على منهج النقل، وذهب أصحاب هذا المنهج يقاومون أصحاب المنهج العلمي.
كان احتجاج واصل بن عطاء على خلود مرتكب الكبيرة, وما هو إلا محاولة فهم استنتاج الحسن البصري لهذا الحكم، فهو مالا يتفق مع مفهوم العدل الإلهي لديهم، ويبدوا أن الحسن البصري لم يطق أسئلة واصل، فالحسن البصري يريد من واصل أن يقول آمين، لكن واصل رفض فقال له الحسن: ( واصل اعتزلنا )
يبدو ان المعتزلة حينما وضعوا قواعدهم الخمسة( 1 العدل 2- التوحيد 3- الوعد والوعيد 4 المنزلة بين المنزلتين 5- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) إنما أرادوا أن يكون إيمانهم عقلانيا، ولذلك تكلموا في قضايا هي عصرية في أيامنا هذه، ومن الأفكار التي نعتبرها حديثة مثل:
1- يرون أن السلطة ضرورية لإقامة العدل، والإمامة ليست وجوبا، كما يرون أن قيام العدل بين الناس ينفي قيام سلطة، وهذه الفكرة قالها فلاسفة الاشتراكية الفوضوية وخاصة الفيلسوف الفرنسي بردوين عام 1840 لكي يخلص الفرد من عبودية الدولة.
2- يرفضون تعيين إمام أو خليفة أو سلطان، بواسطة نص ديني أو وصية أو توريث، أو اغتصاب، وهذا أيضا فكر حديث تأخذ به كل الأمم والشعوب الديموقراطية المتقدمة في انتخاب حر ومباشر للرئيس، سوى العرب والشعوب الإسلامية المتخلفة.
3- قال المعتزلة: للأمة حق محاسبة الإمام والرقابة الدائمة عليه، والأخذ على يده تنبيها له ورده عن باطله, وهذا أيضا مبدأ الدول الحديثة الراقية، والشعب القوي الذي يحاسب زعماءه على كل صغيرة وكبيرة . وهو السبيل للحد من الفساد.
4- يرى المعتزلة أن خلع الإمام حق من حقوق الأمة, كما لها الحق أيضا في تنصيبه, وأن الخروج على أئمة الضلال واجبة، ووضعوا الشروط التي يتوجب فيها على الأمة الخروج على الإمام.
5- اعتبروا الاقتصاد هو الأساس الذي تقوم عليه الدول وترتقي به الشعوب، وهو مفهوم حديث أيضا لبناء الدول القوية، وهو عكس مفهوم الدولة الإسلامية التي تقوم على الدين.
كما هو واضح فإنه لو لم يكن للمعتزلة من فضل سوى هذه المبادئ الخمسة لكفاهم فخرا وتعظيما، لكن هذه المبادئ السياسية ما كانت لتروق للحكام المستبدين ولكن أهم ما قدمه المعتزلة للحضارة العربية هي
1- أنّهم أسهموا بشكل فاعل في نقل التراث والثقافة اليونانية في جانبها الفلسفي والعقلي إلى الحضارة الإسلامية،
٢ وكان لهم الفضل الأكبر في الجمع بين الدين والفلسفة
3- ، لقد أدّوا دوراً كبيراً وبارزاً في الدفاع عن العقيدة الإسلامية إزاء المعتقدات والديانات الأخرى السماوية ، والمشركة والإلحادية
4- أرسى المعتزلة دعائم حركة عقليّة واسعة كان لها أكبر الأثر في صياغة الحضارة الإسلامية.
اما بداية النهاية فكانت مناقشتهم حول القرآن، من خلال فهمهم أن المخلوق يحدد بالزمان والمكان ، والقرآن كذلك، وحينما سئل الإمام احمد وهو إمام النقل لم يجد جوابا في القرآن والأحاديث وأقوال الصحابة والتابعين، ولم يحاول استخدام عقله،يناقش الفكرة ويعطي وحهة نظر مضادة، لأن ذلك لا يتفق مع النقل، فسجنه المأمون فثارت لسجنه العامة. ولم يتمكن اتباع احمد بن حبل من الاقتصاص من المعتزلة إلا في عهد المتوكل وتبدأ معركة التصفية للمنهج العقلي في حضارتنا،
ولم تقف التصفيات بالحرب إنما جاءت أيضا في مجال المناطحة الفكرية ، إذ انفصل أبو الحسن الأشعري عن المعتزلة لينضم إلى جماعة النقل من أهل السنة، ويبدا بنقد الفكر المعتزلي بأساليب المعتزلة ذاتهم ويضع لأهل السنة أيديولوجيا فكرية، أصبحت تعرف العقيدة الأشعرية، والتي تقوم على مايلي:
1- تحاشى الأشعري اعتبار أن الإنسان خالق أفعاله وبالتالي مسؤولا عنها، وقال بنظرية الكسب بأن الله بقدر الأفعال والإنسان يكسب نتائجها إن خيرا فخير وإن شرا فشر,
2- قال إن العقل خادم للنصوص لا حاكما عليها، وبذلك الغى أهم وظيفة للعقل وهي الفهم والتمييز والحكم.
3- - اعتبر النتيجة اكثر أهمية من المنهج العقلي المتبع، أو أسلوب استخراج النتيجة، لذلك اصبح الوصول لأي نتيجة قفزا، هو أمر سهل ومريح ومقبول، وهنا دبت الخلافات ، أذ لا يوجد منطق مشترك بوحد تفكيرهم، وهي ما نسميها بالعامية ( الأونطا) أو ( العونطا)، او السفسطائية كما كانت عند اليونانيين، وأصبح طريق الفوضى والتناحر سالكا.
4- رفض الغزالي – وهو من جماعة النقل - مقدمات المعتزلة الصحيحة، وقال هناك مقدمات أخرى صحيحة، وهذا بالطبع غير صحيح فلا يوجد إلا مقدمة صحيحة واحدة للقضية الواحدة ، تقود إلى الصواب، وأي مقدمات غيرها تقود إلى الخطأ والضلال
وهنا أدخلنا في النفق المظلم وما زلنا مضجعين به إلى يومنا هذا، واصبحنا كالخفافيش ، نرتاح في أقبية الظلام ونرثي لحال تلك الطيور التي تحلق حرة في فضاء الضياء.
5- في حياتنا المعاصرة
أوضحنا في سردنا التاريخي أننا طردنا كليا من حياتنا مبدأ إعمال العقل، منذ أن جعلنا وظيفة العقل أن يوافق على ما جاء به النقل عن الأقدمين، بمعنى أننا لم نفكر في ضرر أو فائدة هذا المشروع ، ويبدو أن الفقهاء المتأخرين الذين اعتمدوا هذا المشروع الفكري، كانوا يفكرون في تحصين ذاتهم وضمان سلامة أفكارهم ونصوصهم الفكرية من العبث بها وتصحيحها والخروج عليها، بمعنى أن هذا المشروع اعد لغاية مسبقة، وليس لهدف حضاري له قيمة مطلقة.
هنا اصبحنا نقدس كل ما نقل إلينا من أخبار وفتاوى وقيم وعادات، ذلك أننا منعنا انفسنا من مناقشة ما نتداوله من أفكار، وعليه فقد قدسنا كل رجالات الماضي والحاضر، وكل من قال شيئا فهو مقدس وما قاله مقدس أيضا، بل ذهبنا نقيم على قبور الأولياء الصالحين مزارات للتبرك والدعاء ، ووجدنا المظاهر التالية:
1- صار بمقدور أي شخص ذو ذكاء متواضع وقدرات تعليمية بسيطة أن يعلن نفسه رجل دين بأن يلبس الرداء الأفغاني أو الدشداشة السعودية القصيرة ويطلق ذقنه ويمارس كل المظهريات المطلوبة, وينطلق يبشر بما سمعه دون أدنى تفكير بما يقول، لكن لا احد يعلم مقدار ما يملكه من الإيمان أو العلم, ولا يستطيع أن يجري له اختبارا، لأن هناك ثقة متوارثة في الدين ورجال الدين، ولا ندري إلى أي مدى سيطول هذا التراجع، فالجويني الذي يحرض على الجهاد واكتساب الغنائم من الرجال والنساء والأطفال، إذ يستجلب النص دون النظر إلى الواقع وكأن المجتمعات قطعان من الحيوانات السائبة لا حول لهم ولا قوة، ولا توجد دول لها قوى كبيرة، هذا دليل على الخبل، وأن رجال دين لا يفقهون ما يقولون.
1 – ظهور الفرق الصوفية التي تمارس طقوسا تعبدية كما هي الديانات القديمة قائمة على تقديس رئيس الطائفة والولاء له، وتقديس قبورهم ومقاماتهم , وتقديم النذور والأضحيات، والتقرب إلى الله بواسطة أولئك الذين يدعون الولاية، أو الوسطاء بين الله والبشر. وما كان ليحصل لو أن أحدا كان يفكر، بما يراه أو يفعله.
3- صار الخروج عما قاله السلف الصالح يعتبر خروجا عن الإسلام، واصبح صحيح البخاري بديلا عن القرآن، وتوقف إثراء الفكر الإسلامي والفقه الإسلامي، واصبح عمل المشتغلين بالفكر إعادة إنتاج الفقه القديم، ولو نظرنا إلى ما جاء من فقه في العصر الأيوبي والمملوكي والعثماني إلى يومنا هذا، مازال يراوح مكانه وإعادة تقديم المستهلك والتالف والخاطئ.
4- بما أن النقل لا يكلف جهدا في التمحيص والاستبصار، فقد اصبح يتولى امر الدين كل شخص غير قادر أن يتعلم ما يكد به ذهنه، ويحتاج إلى التفرغ البحث، في مجالات العلم والتكنولوجيا والمعارف الأخرى، وغدا كل شخص يشعر بوضاعة مكانته الاجتماعية، أن يصبح رجل دين بشيء يسير من الدين، بل اضطر كثير من المعاقين حركيا وبصريا إلى امتهان العمل الديني.
5- اصبح فك السحر وتفسير الأحلام ومخاطبة الجان وممارسة الطب للأمراض الصعبة كالجنون والأمراض النفسية والعقم من مهام رجل الدين، وبالطبع إنها تعتمد على الدجل إلي يومنا هذا، اعتمادا على الإيمان بقدرات الجن العظيمة، وقدرات هذا الدجال على كبح أفاعيلهم, بما تيسر من تعاويذ أو بعض من آيات من القرآن الكريم.
6- أصبح كثير من الدعاة والوعاظ أداة في يد السلطة ابتداء من مشيخة الأزهر وإلى ادنى رجال الدين, سدنه في رحاب الحاكم الذين يقولون عنه انه خليقة الله في الأرض.
7- الجماعات الإسلامية التي تطلعت إلى الحكم وهي بالطبع في سياق منهج النقل، ذهبت تستنسخ أنظمة حكم بدائية لشعوب بدائية كما لو أن الزمن متوقف في تلك المرحلة، بريدون دولة راشدة بحكمها عمر بن الخطاب، غها هي داعش تستنسخ الحكم الذي تتصوره، وحزب التحرير أيضا يضع شورطا لمن يجب عليه أن يترشح للخلافة. أن يكون ذكرا مسلما بالغا عاقلا حرا، فكلمة حر هنا دليل على عدم التفكير بمعنى حر، فهل يوجد الآن من هو عبد يطمح للخلافة كما كان في عهد المماليك.
8- ذهب الشطط بكثير من الشيوخ إلى استحضار الشاذ والغريب والمسيء والأجرامي كشرب بول البعير وإرضاع الكبير وقتل الكافر وأكله, وأيضا اكل المسلم لزوجته إذا جاع ، وكأنها دجاجة, ومن لا يؤمن بهذا فهو كافر، وعلى رأي الفوزان يقتل، فالقتل عقاب لأي تهمة بالكفر.
9- اصبح من الممكن والسهل أن ينشئ خطيب مفوه جماعة إسلامية، ويطيعونه إطاعة تامة مادام كل ما يقوله معتمدا على ما قاله السلف الصالح، فلا هو مطالب بان يكون كلامه صوابا وجديدا، ولا هم بقادرين على أن يميزوا الخطأ من الصواب، لذلك أصبحت الحور العين مقصد الشباب المتعطش للجنس، حيث أوغلوا في وصفها وأوغلوا في عددها، وكأن الجنة باحة للبوهيميين الجنسيين.
10- عارض الأزهريون تدريس العلوم الغربية على أنها علوم كفار وان ما يلزمنا في هذه الحياة الدنيا والآخرة موجود في القرآن والسنة الشريفة، وهذا المفهوم ليس نابعا من معرفة بالعلوم بل من مفهوم أن المسلمون شيء والكفار شيء مخالف آخر، قياسا على أن علومنا الإسلامية النابعة من ديننا ، وعليه فإن علوم الكفار نابعة من أديانهم، لذلك فإن تعلمنا علومهم سيفسد علينا ديننا.
11- وبناء على هذا المفهوم لم نكتسب من الغرب أي علم كان، إلا ما اصبح من البديهيات المعرفية، أي ما اكتشفوه قبل قرن أو قرنين من الزمن، وما زلنا نعاني من عدم فهمنا للعلم وضرورته لبناء الحياة والدولة والمجتمع، فنحن مهتمون في رصيد الحسنات وعددها التي ستدخلنا الجنة، ولا مانع لدينا من أن نعيش الجحيم في هذه الدنيا.
6 - ضرورة العقلانية
بينا بطريقة غير مباشرة أن منهج النقل أو منهج العقل منتجان عقليان تقتضيهما الضرورة، وأن الدين الإسلامي أو غيره من الأديان أو أي من الأيديولوجيات أو الفلسفات لم ينتج هذه المنهج، بل تم اكتشافه لا وضعه، لذلك فإن القول بأن النقل خطأ والعقل صواب، ليس من الحكمة في شيء، كما القول إن القطار مفيد والعربة غير مفيدة، فهذا له مكانه وذاك له مكانه ، كما هي الأدوات التي نستعملها في حياتنا اليومية، يجب استعمال كل أداة للوظيفة التي وجد من أجلها|. وعليه سنوضح ما يلي:
1- إن اتباع منهج النقل هي رغبة رجال الدين وليس من تعليمات الدين الإسلامي، كما أن معاداة العقلانية لم تكن بنصوص من القران أو السنة، إنما برغبة من رجال الدين ذاتهم، وحينما نقول أن رجال الدين أخطأوا حينما كرسوا هذا المبدأ، فهذا ليس اتهاما للدين، إنما نجترح لهم عذرا، إما لعدم قدرتهم على إعمال العقل. أو للحفاظ على منجزهم الفكري من أن ينتقده أو يخطئه أصحاب المنهج العقلي.
2- كما قلنا فإن المنهج النقلي له ضرورته في مجال التربية للأطفال لاتباع ما يقوله الأهل، واتباع الطلبة لما يقوله المعلم، فليس للصغار قدرة على التمييز بين الصواب والخطأ، لذلك فهم يطيعون دون أن نجبرهم على ذلك، لذلك نسمع منهم قولهم ( قالت الماما...) ولكن ليس من الصواب أن يبقى الطفل تابعا مخلصا لما يقوله الأهل والآباء، فعليه أن يشب عن الطوق كما يقولون، ويستعمل عقله لحل المشاكل والقضايا التي تواجهه، ويسير حياته حسب ميوله وطموحاته وقدراته، فالأهل والمعلمون مهما كانت معلوماتهم ثرية فإنها لن تغطي الحالات المستقبلية والمستجدة.
3- هنا نوكد أن العقلانية مرحلة لا بد منها، تتبع مرحلة النقل أي أن هذا التطور قانون طبيعي ملزم، فإن لم يحدث هذا فإنه يكون خطأً ويقود إلى أخطاء جمة، فالفتى الذي يبقى معتمدا على أبويه في قراراته، سيصبح معرضا للسخرية على انه إمعه أو اتكالي أو مدلل وغيرها من الأوصاف الشائنة التي نستعملها، بل يصبح عاجزا عن المضي في حياته.
4- ولا تختلف هذه الصورة التي أوردنا لطفل نشأ غلى طاعة والديه، إذ لا يفعل فعلا إلا على هدي مما قالاه له، عن الأمة التي أخذت من المؤسسين أقوالهم وأفكارهم، ومنعت الأجيال الصاعدة من أن تنظر بما أورثته إياه من علم ومعرفة وثقافة وقيم وعادات، واحتراما من هذه الأجيال لآبائهم, لم تستطع هذه الأجيال أن تفحصها وتبني عليها بما يفيدها وتزيل ما لم يعد يفيدها، وترى إن كانت حية وقابلة للإنبات وصالحة للنمو أم لا، هنا يصبح هذا الإرث الحضاري فاسدا لا يمكن استنباته في الأجيال المستقبلية.
5- ولعل ما يعوزنا إلى استعمال العقل، هو هذا التغيير الذي يطرأ علينا في بيئتنا الطبيعية، وفي التحولات الاجتماعية فيما جاورتنا من شعوب, وإن هذه الأمم تفرض علينا مجاراتها والسير في ركابها، وما حدث فعلا أن الأزهريين حينما رفضوا السير في ركاب الحضارة الغربية اعتصاما بالموروث الحضاري، ظنا أن هذا حفاظا على الدين، وعلى هويتنا الدينية التي يجب أن تميزنا عن غيرنا، لذلك فإن تيار التقدم الغربي دهمنا دون تنبه منا أو استباق نظر، لذلك فقد جرفنا جرف الغثاء، ورحنا نتدحرج، نتكسر، نتحطم، يأخذنا إلى حيث يريد الموج وتدفعنا القوى.
6- إن حركة النهضة التي قادها رفاعة الطهطاوي قبل 200 سنة، في ظل حكم محمد علي ، جعل مصر في ذلك الوقت تقفزة قفزة حقيقية في التعليم والصناعة، وخاصة الصناعة العسكرية، جعلها ابراهيم باشا ابن محمد علي يتمدد إلى بلاد الشام، مما حدى بالدول الكبرى فرنسا وبريطانيا والدولة العثمانية للتكالب عليه واستعمارمصر عام 1882، وأول ما فعلته بريطانيا هو تدمير صناعة الأسلحة، وإرجاع مصر كما كانت، مجرد تجمعات بشرية، كما فعل الأمريكيين بالعراق عام 2003 إذ قضوا أول ما قضوا على العلماء ومراكز البحث والتطوير.
7- طبيعة العلم هي تراكمية ، بمعنى أنك لا تستطيع أن تبدأ من الصفر ولكن تبدأ من حيث انتهى غيرك، وأن تبدا حركة علمية بأن تصلح التعليم أولا، وتحول أسلوب التعليم المعتمد على النقل والحفظ ، إلى أسلوب استخراج الفكرة لا تلقينها، واستنتاج الأفكار مما لدى الطالب من معلومات، وأن تستورد التكنولوجيا لا كسيارات للرفاهية الباذخة، بل بابتعاث طلاب قادرين على حملها حمل هذه التكنولوجيا من مصدرها، ولو بأفدح الأثمان، ولا تنظر حسب ألوانهم أو أصولهم وعائلاتهم، وأن تهيء لهم المكان الذي سيعملون به، وتكون بذلك قد أسست للعقلانية والعلمية,
8- الذي لا يعرفه الكثير أن هناك جدلية بين التفكير والتغيير، فكل تغيير يلزمة تفكير، وكل تفكير يؤدي حتما إلى التغيير، وبما أن مبدأ النقل قد قضى على التفكير العقلي فهو بالتالي قد قضى على التغيير الحضاري والمجتمعي.



#سعادة_أبو_عراق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إلى الكتبة الفلسطينيين الذين يزيفون الوعي
- الأفكار الميتة
- الأفكار الحية والأفكار الميتة
- هوس القتل في فقه الأقدمين
- عبد الملك الحوثي حيث ينتحر
- ماذا بعد هزيمة داعش
- هل يكفي دولة واحدة للخلافة؟
- إلى روح سميح القاسم
- قبل أن يهدأ غبار الحرب
- كيف نحمي الشعب من الحاكم


المزيد.....




- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟
- كوريا الشمالية تختبر -رأسا حربيا كبيرا جدا-
- مصدر إسرائيلي يعلق لـCNN على -الانفجار- في قاعدة عسكرية عراق ...
- بيان من هيئة الحشد الشعبي بعد انفجار ضخم استهدف مقرا لها بقا ...
- الحكومة المصرية توضح موقف التغيير الوزاري وحركة المحافظين
- -وفا-: إسرائيل تفجر مخزنا وسط مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم ...
- بوريل يدين عنف المستوطنين المتطرفين في إسرائيل ويدعو إلى محا ...
- عبد اللهيان: ما حدث الليلة الماضية لم يكن هجوما.. ونحن لن نر ...
- خبير عسكري مصري: اقتحام إسرائيل لرفح بات أمرا حتميا


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سعادة أبو عراق - مذهب النقل والعقل في تراثنا