أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ممدوح رزق - الحاوي العجوز















المزيد.....

الحاوي العجوز


ممدوح رزق

الحوار المتمدن-العدد: 1404 - 2005 / 12 / 19 - 05:01
المحور: الادب والفن
    


مجرد أن شخصا ما سقط جفناه رغما عنه

فأصبحت عيناه مغمضتان إلا قليلا

مجرد أن شفته العلوية سقطت رغما عنه

فأصبح فمه مغلقا إلا قليلا

مجرد أنه تمدد دون أن يجيب على من يصرخون باسمه

على من يهزون جسده بقوة

هذا يعني سقوط جبل جليدي هائل من الصمت

والذهول

والألم المحشو بفزع قاس

مرحبا بكم

أنتم الآن على موعد

مع فقرة جديدة للحاوي العجوز

سيعيد تقديم لعبته الشهيرة

وبنفس الطريقة التي شاهدتموها مرارا

والتي مع ذلك ستباغتكم بسهولة

تفضلوا

كما تعرفون

فالعرض مجاني

وممتد

ولا تنسوا

يمكن الاشتراك في اللعبة

عن طريق تذكركم لبراعة الحاوي

أثناء الفاصل المخصص لاستراحته

* * *
لأن كل ما يحدث منطقي جدا
ــــــــــــــ

هنا

سوف تجلس شقيقتي

لا

هي لن تجلس معتدلة بالتأكيد

نتيجة أنها ستلقي بنفسها أو ستسقط على هذا المقعد

وبينما تبكي بحرقة شديدة

وأثناء لحظات إغماء متقطعة

سوف تتمتم باسمي

وهي لا ترى شيئا

سوى مقاطع متبعثرة من حياتي التي عاشتها

وذاكرة مرتعشة عن تفاصيل كثيرة جمعتنا معا

ربما ستفكر في التاريخ البائس لحياتها

وفي نهاية عمرها التي بالتأكيد اقتربت

ربما ستخاف جدا

بينما تتحسر وهي تهذي

على الأيام التي مرت

والأشخاص الذين ذهبوا

والزمن الذي لم يكن عادلا

ربما لن يمكنها أن تصدق

أو تستوعب جيدا أن ما يحدث الآن يحدث فعلا

وأن الأمر ليس كابوسا مرعبا من كوابيسها المعتادة

ستظل تتلفت حولها

ولا ترى شيئا

أكثر من غيوم وخيالات ساكنة أو تتحرك

بينما نصل سكين حاد لأقصى درجة

يتحرك في صدرها

كلما أوشكت على التصديق

أعتقد أنها ستشعر وكأنها تحتضر بالفعل

وأنها على وشك اللحاق بي

لكنها في جميع الأحوال

لن تفكر في الله إلا في صيغة الدعاء

الذي حفظته عن ظهر قلب

نتيجة تعدد موتاها

فقط كان عليها وهي تقرأه بحزن ومرارة

أن تضع الاسم الجديد بدلا من القديم

* * *
ممر
ــ

جبل

وقلب

الجبل لا يُرى

والقلب لا يُرى

الذي يُرى

شخص جالس بجوار نافذة

ولا يتكلم

* * *
لماذا سيصر بشدة على أن يراني ؟
ـــــــــــــــــ

كما تفعل النساء عادة

سيظل شقيقي يضرب على صدغيه لفترة طويلة

ويبكي بصوت عال ولاهث

وبعد أن يفرغ من احتضان شقيقتي

ومحاولة كتم دموعه في صدرها

سيطلب رؤيتي بتصميم

هل يعرف معنى مختلف للنظرة الأخيرة لا يعرفه أحد ؟!

أم أن هذا الفعل تقليد عائلي ينبغي الحفاظ عليه ؟!

سنوات طويلة وأنت تراني

وتجلس وتتحدث معي

ما الجديد في أن تراني هذه المرة ؟!

ربما تكون هي نفس الخطوة المعتادة التي لابد منها

حينما يموت شخص ما كنا نعرفه

وبالتالي يهمنا أمره كثيرا

بأن نتأمله قليلا وهو ممدد

لنتمكن بعد ذلك لفترة من الوقت

لأن نتحدث بيقين عن أننا رأينا وجهه

قد أصبح دائريا فجأة

كالقمر المكتمل

وأننا رأينا بياضا صافيا كالنور يكسو ملامحه

والابتسامة

بالطبع

الابتسامة الشهيرة

التي من اللازم أن نراها على شفتيه

لنتحدث عنها أيضا كدليل قوي

على أن هذا الشخص الذي كان حظه عثرا في الدنيا

مثلنا

قد دخل الجنة

* * *
فلسفة القبو
ـــــ

رأى ذات يوم قطة صغيرة

تموء مواء عنيفا وغريبا

( لا شك أنها جائعة جدا )

هكذا قال لنفسه وهو يقترب منها

بعد لحظات

عرف أنها عمياء أيضا

فأسرع بالسير مبتعدا

وعن مواءها العنيف

ظل يقاوم بصعوبة الدوار والرعشة

حتى وصل إلى منزله

وبينما كان يبدل ملابسه ويغتسل

ويمارس حياته المعتادة

راح يغني أغنية مرتجلة

عن كيفية ممارسة الجنس

وعن مهمة كل عضو

ثم تصاعدت درجة حماسه

فبدأ يرقص على إيقاع الكلمات

لكنه أحس فجأة بأنه موشك هكذا على الجنون

فصمت

مضطرا

وراح يحاول شغل تفكيره بأمر آخر

كتخيل حارس البناية العجوز

وقلبه يتوقف بينما يمارس العادة السرية

في ركن مظلم أسفل السلالم

ولا يشعر به أحد طوال الليل

حتى يجدونه في الصباح جثة ممددة على الأرض بجلباب مرفوع

وسروال داخلي نازل لأسفل

وقضيب منتصب منذ أمس

* * *
الجميل الذي كان معها
ـــــــــــ

لا أستبعد مطلقا أن يتم نقل زوجتي إلى المستشفى

وتوصيل المحاليل إلى جسدها

من المحتمل جدا أن تصاب بهبوط حاد في الدورة الدموية مثلا

وتمر بفترات طويلة من الإغماء العميق

الذي لن تفق منه إلا لتواصل البكاء المتشنج

والصراخ الحاد

وأمام عينيها تمر مشاهد عدوانية

ستعمق جرحها

لمدخل بيت قديم

وركن ضيق أسفل السلالم

ونافذة علوية

ونظرات وخطابات وصور ومكالمات تليفونية ومواعيد وهدايا

ستمر أمام عينيها بوابتي الجامعة وأرصفتها الكثيرة

وشوارع كانت تقلص صدفة الالتقاء بمن يعرفوننا

لابد أنها ستسترجع وهي مصدومة حقا

كل المناضد التي جلسنا عليها في الأماكن العامة

لنتحدث ونضحك ونتشاجر ونصمت

ستسترجع أيضا الصباحات الباكرة السرية داخل شقة عائلتها

التي شهدت القبلة الأولى في الفم

والتحسس والتقبيل الأول لنهديها

والملامسة الأولى لردفيها

والمرة الأولى التي شعرت فيها بالسائل المنوي أسفل ظهرها

ستتذكر المناديل الورقية التي كانت تمسح بها أحمر الشفاه من فوق شفتي قبل أن أتركها

و التي كنت آخذها دائما معي

مثلما كنت أصر على الاحتفاظ بسوتيان لها وسروال داخلي وبعض من شعرعانتها كتذكارات لمحبة لا يعلمها أحد سوانا

ذاكرتها قوية لدرجة أنها لن تنسى النادل الغبي

الذي طلب ترك مسافة ما بين جسدينا

بينما كانت يدي ممسكة بثديها من فوق الملابس

كما لن تنسى بالتأكيد وثيقة الزواج العرفي التي كتبناها سويا بعد ساعة واحدة

من معرفة أمها أن عاطفتنا صارت جسدية أيضا

ستذهب بروح ممزقة لتجلس من جديد داخل قاعة زفاف

لتعيد تأمل مشهد عروسان يرقصان على أنغام موسيقى هادئة

وأشخاص كثيرون يصفقون ويضحكون ويتراقصون فرحا


ستتذكر بحرقة الليلة الأولى في البيت

ووجبة الطعام الأولى على المائدة

وقميص النوم الأول أمام المرآة

والمضاجعة الأولى فوق الفراش

والنوم العميق الأول ونحن محتضنان

خلف باب واحد

ربما أكثر ما سيؤلمها هو ذلك الشعور المرير

بأنها أذنبت في حقي كثيرا

ستتعذب وهي تسترجع صراخها في وجهي

وطلبها للانفصال أكثر من مرة

ستقر بأنها كانت مذنبة لأبعد مدى بأنانيتها

وبتحميلها لي بما يفوق قدرتي بكثير

مسؤلية كل الشرور في حياتها

وأولها أنها لم تصبح أما

ثم

ربما ستشعر أنها ضاعت

وستفكر في ماذا ستفعل الآن

وكيف ستواصل حياتها

أو كيف ستتمكن من البدء في حياة جديدة

هي التي أعطت تاريخها بأكمله منذ الطفولة

لرجل واحد

كيف يمكنها أن تعيش وحيدة في هذا العالم

أو كيف يمكنها تقبل فكرة أن تعيش مع رجل آخر في بيت واحد

وأن يضع يده على جسمها

وأن يقبلها

وأن تباعد فخذيها من أجله

كيف ؟!!

ربما ستشعر بأنها تسقط من أعلى

إلى حيث عتمة ليس لها آخر

بينما تواصل النحيب

أما الأمر الذي لن يتغير

هو علاقتها الحميمة بالمصحف والمسبحة

اللذان طالما أمسكت بهما وهي تدعو في أعماقها

أن تصبح سعيدة في يوم ما

* * *
عظام موقوتة
ــــــ

نحن لا نتخلص من ملابسنا القديمة

لمجرد أن مقاييسها لم تعد تناسبنا

بل لأن الذين كانوا يرتدونها

لم يعد لهم وجود أصلا

* * *
لسعة السوط الخالدة
ـــــــــ

ربما لفترة طويلة

سيتوقف أصدقائي عن حلاقة ذقونهم

وربما الاستحمام أيضا

ربما سيمكث كل واحد منهم في بيته لأيام كثيرة

دون أن يخرج

وليقض معظم وقته داخل حجرة مغلقة

صامتا

وحزينا

بعينين منطفئتين

ربما سيظل كل واحد منهم جالسا فوق فراشه

عاقدا ذراعيه

بنظرات شاردة وخائفة

ويتساءل بألم

أين هوالآن ؟

ما الذي يحدث له ؟

بماذا يشعر في هذه اللحظة ؟

لا بد أنه سيستعيد كل شيء

الأوقات التي قضاها معي

الأحاديث الطويلة عن النساء والعالم والله والجنس والشر والدين والكتابة

سيتذكر طريقتي السوداوية في التفكير

وأفكاري اليائسة عن الحياة والحكمة من الوجود

وحيرتي في التوصل لإجابات مقنعة

رغم ضحكاتي العالية الكثيرة

وولعي بالأثداء الممتلئة

وبـ ( شوبنهاور )

و ( ريتسوس )

و ( ماجريت )

و ( اسماعيل ياسين )

و ( بطوط )

وبالتهكم على كل شيء

ربما سيشعر أو سيزداد يقينا أن الدنيا لا قيمة لها بحق

طالما أن في مقدورها أن تجعل شخصا ما يعيش خاسرا

ثم يموت في النهاية هكذا

ربما سيظل يفكر لفترة ما في معتقداته

مناقشا بتوسل إمكانيتها في حمايته

قبل أن يسترد أفكاره سريعا

ليخبئها في مكان لا يعرفه

فيتمكن من فك ذراعيه المعقودين

ومغادرة الفراش

وحلاقه ذقنه

بقليل من الدوار

ذلك الذي من الممكن أن يصاحب عادة

الفشل في عقد صفقة مقنعة مع الأمر

بينما تكون مجبرا على مواصلة حياتك بنفس الطريقة

* * *
لو كان بمقدورنا أن نعيده
ــــــــــــ

فجأة

سيصبح لكل ما كتبته طوال حياتي قيمة كبيرة

سيتعاقب على قراءة صفحاتي مرارا

أشخاص كثيرون

وسيكتشفون بمنتهى البديهية

أنهم ناجحون ببساطة في فهم كلماتي

سيشعرون بالألم

وربما يبكون طويلا

وهم يقرأون ويعيدون القراءة

بينما يهزون رؤوسهم

كما يليق باستيعاب واثق لما كنت أريد أن أقوله

( لا حول ولا قوة إلا بالله

نعم .. نعم .. كان حزينا ويتألم بشدة

دون أن يشتك لأحد )

ربما سيصدمون بالفعل

من بعض ما سيقرأونه

لكنهم سيتمكنون من معالجة الأمر بسرعة

بالاستغفار لي

والدعاء لله بأن يسامحني

وأن يتجاوز عن سيئاتي

وأن هذه الكلمات الآثمة ربما

ربما

لم أكن أقصدها

* * *
...................
...................................

..................................

كم أنت جميل ورائع

................................

.................................

أيها الصمت

..................................

....................................

كصفعة هائلة ونهائية

.................................

.................................

تشبه

سلااااااااااااااااااااااااام

..................................

......................................



#ممدوح_رزق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بقدرة أعمى على فهم لغة الإشارة
- الشقيقتان
- سريعا كمحترم لضيق الوقت يسترجع التاريخ النضالي لخصية
- نيرفانا التي خانتني
- الفراغ الثابت في العلاقة بين الذات والموضوع
- رجل طيب يدعى مندل
- الكتابة التي تثمر ولا تغني من جوع
- أعتني بفقاعة لأنسجم مع موكب جنائزي يمر في رأسي
- أخلاقيات التفكير في الوجود / صدر الدين الشيرازي
- عرض بطيء للتخلص من نفاية
- طاولة صغيرة لا تفسد عتمة المقهى
- علاقة ابتسامة النظرة المحدقة بمتطلبات الإيمان


المزيد.....




- شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا ...
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- مايكل دوغلاس يطلب قتله في فيلم -الرجل النملة والدبور: كوانتم ...
- تسارع وتيرة محاكمة ترمب في قضية -الممثلة الإباحية-
- فيديو يحبس الأنفاس لفيل ضخم هارب من السيرك يتجول بشوارع إحدى ...
- بعد تكذيب الرواية الإسرائيلية.. ماذا نعرف عن الطفلة الفلسطين ...
- ترامب يثير جدلا بطلب غير عادى في قضية الممثلة الإباحية
- فنان مصري مشهور ينفعل على شخص في عزاء شيرين سيف النصر
- أفلام فلسطينية ومصرية ولبنانية تنافس في -نصف شهر المخرجين- ب ...
- -يونيسكو-ضيفة شرف المعرض  الدولي للنشر والكتاب بالرباط


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ممدوح رزق - الحاوي العجوز