سليم نصر الرقعي
مدون ليبي من اقليم برقة
(Salim Ragi)
الحوار المتمدن-العدد: 5241 - 2016 / 8 / 1 - 21:00
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
العرب وما جناه عليهم التيار القومي الاشتراكي وتيار الاسلام السياسي !!
----------( تعطيل نمونا الطبيعي سياسيا وحضاريا !!؟؟)----------
خلال مرحلة الاحتلال والانتداب الاجنبي ثم الاستقلال الوطني شهدت عدة دول عربية منها مصر وسوريا والعراق وليبيا مرحلة من الحكم الليبرالي غير الناضج مع بدايات ديموقراطية وليدة غضة في طور النشوء والتطور والنمو الطبيعي الذي كان يحدث بشكل بطيئ ولكن بشكل عميق واكيد يتغلغل تدريجيا في حس وثقافة الناس العاديين! . كما سبقت ذلك بوادر نهضة حثيثة في الادب والفكر والصحافة والفن بل شهدت ولادة عمالقة الفكر والادب والفن العربي في العصر الحديث فضلا عن التطور الاقتصادي والصناعي والتجاري التدريجي لكن ، ومع ان كل المؤشرات كانت تبشر بالخير ولو بعد حين ، حدث بعد ذلك ما عكر صفو هذا التطور (الليبرالي) واربك سير هذا النمو الطبيعي التدريجي الحضاري والسياسي في هذه الدول والمجتمعات لا ليوقف عجلة هذا النمو الطبيعي التدريجي التلقائي البطيء وحسب بل ليجعل هذه العجلة تتحرك الى الوراء عكس عقارب الساعة بشكل بطيئ ثم سريع ، فتمحو ، بدورانها عكس عقارب الساعة ، كل الخطوات التقدمية والمكاسب الحضارية السابقة التي كانت تتحقق في حقبة الاحتلال ثم الاستقلال !!.
كانت الضربة الاولى التي أصيبت بها عجلة التطور والنمو الطبيعي في مجتمعاتنا العربية ، وخذ مصر وليبيا نموذجا ، هي صعود نجم وموجة التيار القومي العروبي المصحوب بايديولوجيا اشتراكية شمولية شعبوية ثورية وانقلابات عسكرية ، فهذه الضربة العنيفة والقوية كان لها أثر أساسي في إبطاء سير عجلة التطور والنمو الطبيعي لمجتمعاتنا المتخلفة ودولنا المستقلة حديثا تدريجيا الى ان توقفت تماما عن الحركة والنمو العميق ووصلنا بالتالي الى مرحلة حدوث تشوهات واعاقات في فكرنا واخلاقنا وسلوكنا العام ومن ثم الجمود والشلل التام !! .
اما الضربة الثانية فتمثلت في صعود نجم وموجة التيار الاسلامي ومشروعات الاسلام السياسي ، السنية والشيعية ، وهي مشروعات جاءت كرد فعل احتجاجي غاضب على فشل المشروع القومي الاشتراكوي الذي انتهى الى انظمة حكم شمولية مستبدة وفاسدة من جهة ومن جهة نتيجة الشعور بعقد النقص والاضطهاد حيال العالم الغربي مع العجز عن النهوض الذاتي !! ، فهذه الموجة الاسلاماوية التي تولدت عن ما سمي بالصحوة الدينية لم تعمل على تعطيل حركة التقدم الحضاري والنمو الفكري والسياسي (الطبيعي) لمجتمعاتنا وحسب بل شوهت صورة التدين انتهاء الى تشويه صورة الدين نفسه بل أدت بالنهاية الى ظاهرة التدين السلبي المريض والمعاق والقاصر المعزول عن العقل والاخلاق ، هذا التدين المشوه العقيم الذي لا ينتج اخلاقا عامة ولا نهضة حضارية حقيقية للامة ولا مناعة ضد التحلل الاخلاقي والهوياتي !! .
فصعود هاتين الموجتين الهائلتين الجارفتين في واقعنا العربي المعاصر وحدوث هاتين الضربتين العنيفتين الموجهتين لعجلة التطور الحضاري والنمو الاجتماعي والسياسي الطبيعي في مجتمعاتنا هو سبب رئيسي في حالة التخلف والفشل العام الذي تتخبط فيه مجتمعاتنا العربية اليوم خصوصا المجتمعات التي شهدت صعودا كبيرا اكثر من غيرها لهذين التيارين الجارفين (القومجي والاسلامجي!) ، فايقاف عجلة النمو الطبيعي والتقدم الحضاري تم - اذن - بسبب ضربتين عنيفتين لعجلة النمو الطبيعي والتدريجي لمجتنعاتنا احداها كانت بمطرقة القوميين والاخرى كانت بمطرقة الاسلاميين ، فالاولى أدت اولا الى ابطاء وإرباك حركة عجلة النمو الطبيعي لمجتمعاتنا ، تحت شعار يقول ان الثورات تعني القفز فوق المراحل الطبيعية للتطور الاجتماعي (!!؟؟) ، وصولا ثانيا الى وقوف عجلة النمو وتعطيلها تماما عن الحركة ، والضربة الثانية أدت الى عكس اتجاه النمو والتطور الطبيعي نحو المزيد من الانهيارات والتشوهات ومزيدا من التخلف والتقهقر الى الوراء !! ، فاذا كان اصحاب المشروع الاشتراكوي القوموي أهبطونا الى درجة الصفر خصوصا في البلدان التي سيطروا عليها من خلال حركاتهم الانقلابية ذات النزعة الديكتاتورية والشمولية المتسربلة بأيدبولوجيات قورية وشعارات الوحدة والحرية والاشتراكبة وتحرير فلسطين ، فإن اصحاب مشروعات الاسلام السياسي من الاخوان والسلفية الجهادية وغير الجهادية عند السنة ، وما شابههم من اتجاهات سياسية واخبارية أثرية لدى الشيعة ، فهؤلاء وهؤلاء أخذونا بأفكارهم المتحجرة ونفوسهم المتنمرة المتعطشة للحكم والسلطان الى ما تحت الصفر !!.
الغريب هنا ان الكثير من الاسلاميين والعلمانيين (ليبراليين واشتراكيين) على السواء اليوم ، ورغم كل الذي حصل ! ، لم يستوعبوا الدرس جيدا ولا تعلموا منه شيئا وهم اليوم بدوافع ايديولوجية وسياسية غير واقعية يريدون اعادة تكرار التجارب الفاشلة والمدمرة مرة اخرى كأن شيئا لم يكن!!!! ، وي كأنك ( يا بوزيد ما غزيت !!) مع ان (خف حنين) الملقى في مزبلة التاريخ العربي الحديث يؤكد بشكل صارخ أن هذا الطريق الذي يصرون على المضي فيه مسدود مسدود مسدود ! ، وأنه ليس هو السبيل الصحيح نحو إعادة تشغيل عجلة النمو الطبيعي وإعادة قطار التقدم الى مساره الصحيح من أجل محاولة النهوض من جديد بشكل هادئ وتدريجي ومتوازن ورشيد! ، والذي يتطلب العودة الى العمل في أجواء من الحريات العامة ومن الليبرالية الطبيعية غير المؤدلجة ، والله خير مرشد وهو خير معين .
***********
سليم الرقعي
كاتب ليبي من "برقة" يقيم في بريطانيا
(*) يجب الانتباه الى ان (النازية) هي ايديولوجيا قومية اشتراكية وكذلك الفاشية فهما معاديتان لليبرالية وتحملان بذور النظم الشمولية وهكذا كان حال الايديولوجيات القومية العربية الاشتراكية أيضا ! .
(**) انا لست ضد القومية العربية كقومية نشأت وترعرعت في كنف وظل الاسلام ، فالأمة العربية بشكلها الحالي هي صنيعة الاسلام ، ولكن أن تتحول العروبة الى مشروع ايديولوجي سياسي والى مبرر للانقلابات العسكرية والحكم العسكري والشمولي والاشتراكوي ، هذه هي الكارثة التي أضرت بالعروبة وشوهتها وخربت مسار نموها الطبيعي ! .
(***) إخواننا المصريون لديهم دعاء طريف ومخيف في نفس الآن وهو أن يدعو عليك احدهم إن بالغت في اغضابه قائلا : ( روح يا شيخ ربنا يوقف نموك !!) ، وهذا هو الذي حصل للمجتمعات العربية وخصوصا التي ابتليت بحضور قوي للتيارين القومي والاسلامي مثل مصر وليبيا وسوريا والعراق واليمن والجزائر سواء التيار الاسلامي السني او الشيعي ، هو ايقاف عجلة نموها الطبيعي فاصبحت تعاني من التخلف الذهني والبدني في التفكير والسلوك العام ، وبالطبع حال دول الخليج والممالك العربية كالمغرب والاردن اهون من حال الجمهوريات والجماهيريات العسكرية والوراثية العجيبة !! ، فشر اهون من شر وقضاء أخف من قضاء!!!!؟؟؟.
#سليم_نصر_الرقعي (هاشتاغ)
Salim_Ragi#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟