أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الناصر حنفي - أغنية البجعة الليبرالية














المزيد.....

أغنية البجعة الليبرالية


عبد الناصر حنفي

الحوار المتمدن-العدد: 5238 - 2016 / 7 / 29 - 11:25
المحور: الادب والفن
    


مع ترسخ حضور ما هو إرهابي أكثر فأكثر، أصبحنا جميعا نرقص على نحو متفاوت في حيويته وجديته حول ثغرات محيط تلك الدائرة التي تبدأ من لحظة: "كان يمكن أن نكون هناك"، والتي عادة ما تنزلق إلى لحظة: "ينبغي ألا نكون هناك .. أبدا"، إلى أن تتسارع الرقصة بحيث تلتئم هذه الثغرات فجأة، ويلتف محيط الدائرة حول أجسادنا خانقا، وبلا فكاك: "ينبغي ألا يوجد هناك أصلا ... مهما كان الثمن" ومن ينهي هذه الرقصة سيجد "أغنية البجعة" بإنتظاره.
وهذا ما حدث –ربما- مع "هدى بركات" في مقالها: "لقد غيرونا إلى ما نكره" (موقع المدن، 25-7-2016)، والذي تواجه فيه بجرأة نادرة –ولكنها مرشحة للتكرار- تسلل الرعب إليها كإنسان، وأم، وجدة، حتى تخلص إلى: "هكذا شيئا فشيئا تغيّرنا، نحن ... المحبّون للحرية والحريّات. ... كنّا في السابق نميل إلى إعمال العقل وأساليب الفهم. كنّا، حبّا بالديمقراطيّة، ندعو إلى البحث عن الأسباب ومعالجتها قبل الدعوة إلى الحروب والإجتثاث. إنّنا تدريجيّا نخسر عقلانيتنا وننزلق إلى منطقهم"!!
هذا المقال هو لحظة إلتفاتة حميمية وحزينة من الذات إلى ما أصبح يمس عالمها المعاش من تبدل طارئ، فبعيدا عن ترسانة الأفكار والمقولات الصلبة التي لازالت تملك "حتى الآن" ما يكفي للدفاع عن نفسها، سنجد هنا رصدا لتغير عميق بقدر ما هو بطيء وحاسم، فما يمكننا تسميته بعالم القيم الليبرالية المشتقة من "النزعة الإنسانية"، والذي كنا نعتقد بيقين دائم، أو حتى نحلم، أنه سيشكل ما "يأتي"، قد بات فجأة وكأنه يمثل ما "كان"، مما يفجر شعورا بالحسرة التي ستبدو وكأنها رثاء سيتكرر كثيرا في الفترات القادمة، فثمة عالم كان ممكنا، ولكنه لم يعد كذلك، ولا يوجد سبيل واضح لاستعادته!
والواضح أن توالي الموجات الإرهابية الأخيرة في الغرب قد خلقت مجالا مختلفا للهموم اليومية هناك، إن لم نقل أنها تستهل حركة إعادة بناء هذا المجال بالكامل، وهذه الحركة قد تدخل في دورة تباطؤ -كما حدث كثيرا من قبل- إذا هدأ ذلك الاندفاع الارهابي، وخفت إلحاحه في استعراض ذاته على هذا النحو الفظ، ولكن في كل الأحوال ثمة حركة ما قد بدأت تجاه تباعد العالم عما هو ليبرالي وإنساني، وثمة لحظة تاريخية مختلفة تماما تطالب بحقها في الحضور، وكما نعلم، فالتاريخ "الماكر" لا يهمل أبدا تلك المهام التي يختارها لنفسه، حتى وإن منحها وقتا أكثر مما يمكننا تصوره.
ولأغنية البجعة دلالة مزدوجة، فهي إما أن تكون بمثابة نعي ذاتي، نهائي، أو صرخة إنقاذ، تشير إلى ما بات عرضة لخطر لا يخصه، خطر ناجم عن إلتباس من النوع الذي نجده في خرافات ايسوب، حيث تلك البجعة التي تم اصطيادها بإعتبارها أوزة، وقبل ذبحها أطلقت اغنيتها التي أكدت هويتها وإختلافها وعلاقتها بما يستحق "الحياة"، والإستمرار. وشيئا من هذا أو أكثر سنجده في آراء "سلافوي جيجك"، الذي يعتقد أنه يطلق نداء الانقاذ الليبرالي مركزا على جلب الإلتفات إلى تلك الأوزة التي تطير تجاه الغرب حاملة اللاجئين والارهاب الإسلامي معا، مما يعرض القيم الأوروبية لخطر يمكن تجنبه عبر قص أجزاء "بسيطة جدا" من أجنحة البجعة الليبرالية، ولكن هذا يعني أن الإختيار قد اصبح بين قتل البجعة وإنتحارها، أو إفقادها قدرتها على التحليق! (ما جدوى بجعة لا تطير إلينا؟)
ليس للأغنية إذا إلا معنى واحد فحسب، فايسوب الأسطوري قادر بفضل "خرافيته" على الاندفاع خارج العالم تجاه "أمل" بلا شروط ولا حسابات، حيث لا يوجد سوى خفة تناجي ذاتها، أما "جيجك"، ونحن جميعا، فلم يعد لدينا بجعة ننتظرها لتذهب بنا إلى هناك.



#عبد_الناصر_حنفي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في إنسانية المسرح الجامعي
- من -ماكبث- إلى -بير السقايا- .... تأملات أولية في تحولات الد ...
- عن اليوم العالمي للمسرح ورسالته ... تأملات حول تقليد آن مراج ...
- المسرح المصري: ظاهرة تأبى أن تعي ذاتها (2-2) .... نمط الوعي ...
- المسرح المصري: ظاهرة تأبى أن تعي ذاتها!! (1-2) 1- -عن احصاءا ...
- عن الضغينة في مسرح الثقافة الجماهيرية
- نحو أعادة بناء حركة نوادي المسرح (5) الدعم اللوجستي
- الصعود بديلا عن الخلاص ....... عن اضطرابات مسرح ما بعد يناير ...
- ظاهرة المسرح: بين العطاء الجمالي، والعطاء الاجتماعي *
- نحو أعادة بناء حركة نوادي المسرح (4) خلق مساحات جديدة للعرض
- نحو إعادة بناء حركة نوادي المسرح (3) من العروض إلى الفرق
- نحو أعادة بناء حركة نوادي المسرح (4) من العروض إلى الفرق - خ ...
- نحو إعادة بناء حركة نوادي المسرح (1)
- نحو إعادة بناء نوادي المسرح (2) استعادة الأمل
- حالات مسرح ما بعد يناير: من الاندفاع إلى التبدد .. -فرضيات أ ...
- عن انهيار مسرح الثقافة الجماهيرية 1- نوادي المسرح
- ورقة قديمة حول إعادة بناء مسرح الثقافة الجماهيرية عبر مؤسسة ...
- عن ناس مسرح الثقافة الجماهيرية
- الهيئة العامة للمناورات الثقافية: ومشروع مجدي الجابري!
- التقنيات الأولية لمسرح الشارع


المزيد.....




- -معرض الكتاب- في الرباط يتذكر -السي بن عيسى- رمزا ومثالا يحت ...
- إسرائيل زيف الرواية: الجيش يحقق مع نفسه
- بعد وفاة الراحل سليمان عيد .. فيلم فار ب 7 تراوح يتصدر أعلى ...
- فيلم -Sinners- يحطم توقعات صناعة السينما
- من 41 دولة.. 200 رئيس نقابة ينددون بإبادة غزة أمام الممثلية ...
- الفنان اليمني كمال شرف يحصل على جائزة الفن الثوري الإسلامي ا ...
- مبادرة -بالعربي-: خطوة لإحياء اللغة العربية كمحرك للإبداع وا ...
- فضيحة جديدة لميغان ماركل.. اتهامات بالسرقة الفكرية في مسلسل ...
- واسيني الأعرج: المثقفون السوريون وضعوا اللبنة التي فضحت المظ ...
- فيلم بيج رامي بطولة رامز جلال 2025 .. القصة ومواعيد العرض وت ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الناصر حنفي - أغنية البجعة الليبرالية