أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عاطف ميخائيل - مواطن عادي في دولة القانون














المزيد.....

مواطن عادي في دولة القانون


عاطف ميخائيل

الحوار المتمدن-العدد: 5231 - 2016 / 7 / 22 - 03:29
المحور: المجتمع المدني
    


قال صاحبي : سألتني ذات مرّة هل توجد حياة في هذه المحميّة الطبيعيّة ؟ .. و هل من الممكن أن يعيش ( المواطن العادي ) في ظل قانون يحمي الحقوق و يلزم بالواجبات دون تفرقة بين هذا و ذاك ؟ و ها أنا أرد عليك بقصة قد توضّح ما خفي عن الأنظار ..
قلت : أنا أسمعك .
فقال صاحبي :
عاش مجموعة من الناس ، في منطقة شبه صحراويّة ، إلّا من ترعة صغيرة ،تمر في منتصف المنطقة . و نظّم الناس حياتهم فيما بينهم ، و توارث الناس المهن و الثقافات و الأديان ، فصار ابن العمدة عمدة ، و ابن الشيخ مشروع شيخ ، و ابن القمّص قسيس ، و ابن الباشا باشا ، و ابن المواطن العادي مواطن عادي ...

و كانت القرود عندما تجوع تقف على أوّل الطريق في استحياء ، تنتظر ما ما يجود به البعض من الأطعمة و فضلات الأطعمة ، فكانت القردة تفرح و تهلل ، وسط ضحكات الناس . و ذات مرّة تجرأ أحد القردة و خطف بعض المأكولات من مواطن عادي ، فضحك الناس ، و أثنوا على ذكاء القرد . و في الأيام التالية أعتادوا على خطف القرود ، و اعتادت القرود على خطف الطعام منهم .

ثم تجرأت القرود ، و عاشوا بين الناس ، و كان بعض من المواطنين العاديين يخشى القرود ، و لا يقتربوا منهم خصوصا في الليالي المظلمة ، و لكن الناس لم يدركوا أن القرود مدرّبة ، ليس على الخطف و السرقة و النهب فحسب ، بل أيضا على القتل و سفك الدماء ، و كان من يدرّبهم يجمع منهم المحصول آخر الليل ، و ربما آخر الموسم ..

و لما زادت حدّة السرقات و النهب ، و صرخ المواطن العادي هنا و هناك ، اجتمع العمدة بكبارات البلد ، فجاء الشيخ مع القمّص ، و الباشا مع القاضي ، و قال لهم : ما رأيكم ؟ .. فقال القاضي : لا يوجد لهم مخرج قانوني ، فلا دليل عليهم . و قال الباشا : نحن نلتزم بأحكام القضاء .، أما الشيخ فعبّر عن أسفه قائلاً : هم منا و نحن منهم ، و لقد آويناهم ، و لا نستطيع التخلي عنهم . و قال القمّص : هم أعداء لنا ، و لكن يجب أن نحبّهم ، بالرغم مما يحدث .و هنا قال العمدة : إذن توكّلنا على الله .

و لما بدأ الخطف و السرقة و القتل تزداد وتيرته حدة ، بدأ الشعب يتململ ، ثم قاوموا ما يحدث ، و لكنهم لم ينظّموا صفوفهم ، فبدأ الشقاق بينهم ، و كانت القرود تسخر منهم . و حدث أثناء ضرب النار ، أن أصيب أحد الناس ثم مات ، فتطاحن أهل البلدة و قتلوا بعضهم البعض ، و نسوا القرود .
و في أحد المرات ، اجتمع العمدة بطاقمه ، و قال : ما رأيكم ؟ فقال القاضي : لابد أن نحاسبهم بالقانون .. و قال الباشا : قانونهم غير قانون المواطن العادي . و قال الشيخ : لقد صاروا أمر واقع . و قال القمّص : لقد وقعنا في الفخ . و هنا قال العمدة : ما باليدّ حيلة ، توكّلنا على الله .

ثم مات القرد الكبير ، و فرح الناس ، و ظنوا أنّهم تخلّصوا من المرض الكبير ، و لكن فرحتهم لم تدم ، لأن جينات القردة اختلطت بجينات الناس ، فصاروا منهم كما قال الشيخ ، وكما أقر القمّص ، و كما قنّنها الباشا ، و كما احتكم إليها القاضي . وعاد العمدة يجتمع بأعوانه ..

و سكت صاحبي عن الكلام المباح ، ثم قال : و هكذا سارت الأمور و تسألني هل توجد حياة في هذه المحميّة الطبيعيّة ؟



#عاطف_ميخائيل (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثنائية الحلال و الحرام
- محسن بيه من رأفت الهجّان إلى القيصر
- كرة القدم و الاسكواش و بدائل التنمية
- لا أريد لزوجتي أن تكون الأمّ المثاليّة
- ملاحظات حول ثقافة التبرّع في الشخصيّة المصريّة
- في تراث العبيد لا يوجد أحرار
- سيادة وزير التعليم ... هنيئا لك بصفر مريم !
- ماذا تقول للرئيس السيسي .. البقيّة في حياتك أم البقاء لله ؟
- البابا تاوضروس يحب داعش


المزيد.....




- مدير الإغاثة الطبية بغزة: القطاع يعاني من حالة جوع قاسية لم ...
- مسؤول دولي: الواقع الإنساني يتدهور بأفغانستان وعودة اللاجئين ...
- عائلات الأسرى الإسرائيليين تتخوف من العمليات العسكرية وسط غز ...
- الإغاثة الطبية بغزة: الاحتلال يستهدف المنظومة الصحية في القط ...
- برنامج الأغذية العالمي يفضح مذبحة إسرائيلية بحق مجوّعي غزة
- برنامج الأغذية العالمي يفضح مذبحة إسرائيلية بحق مجوّعي غزة
- رئيس أركان إسرائيلي سابق يقر: ما يجري في غزة جرائم حرب
- منظمات حقوقية: إساءات بالغة ومعاملة مهينة لمهاجرين في مراكز ...
- حماس: اعتقال مدير المستشفيات الميدانية بغزة أثناء عمله إمعان ...
- بينهم أطفال ونساء.. الشبكة السورية لحقوق الإنسان: هذا عدد قت ...


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عاطف ميخائيل - مواطن عادي في دولة القانون