الوحي و القرآن3_

حميد المصباحي

الحوار المتمدن-العدد: 5208 - 2016 / 6 / 29 - 22:08
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

كيف للوحي أن يكون صورا تستصاغ،و ما الحكمة من عدم تنزيل الوحي بلغة تكفي الأنبياء خطر القراءة؟و لماذا لا تحفظ تلك العبارات لتتلى في الصباح أو بعد الإيحاء؟؟


1_الوحي و الإيحاء


أوحى الله إلى النحل ليتخذ لها بيوتا في الجبال،و مما يعرشون،و النحل حشرات نافعة،و كان يمكن أن تكون غير ذلك بإرادة الله،و هو_النحل موجه لنفع الناس و ليس له أن يكون إلا ما اقتضت حكمة الله،و البشر حتما مختلف عن كل الكائنات،بل إن لها مكانة سامية في الديانة الإسلامية و كل الديانات الموحدة،فهل يمكن أن يوجه كما توجه باقي الكائنات غير العاقلة؟و قد أوحي لأم موسى بعد أن ألقت بابنها في النهر بأمر إلاهي،و يدخل قصر فرعون بأمر الله, و ترضعه أمه دون غيرها من النساء،و تقر عينها،إننا نجد في الوحي مو يميزه عن الإيحاء بدرجة تحرره من الإكراه الرباني،لكننا سرعان ما نجده في آيات أخرى يعود بقوة الأمر و بدون أن يترك مجالا للمبادرة أو صياغة الرؤيا.


2_الرؤيا و الوحي
اختص الله رسوله يوسف بتفسير الأحلام،و الفكر الإسلامي يميز بين الرؤيا و الحلم،فالأنبياء لا يحلمون،لأن الحلم وسواس شيطاني،و الأنبياء لا تقربهم الشياطين،أما الرؤيا فهي حقيقة صيغة رمزيا و يتكفل النبي أو الرسول بفك لغزها،كما حدث لإبراهيم عندما رأى نفسه يذبح إبنه إسماعيل،الذي أجاب _يا أبي إفعل ما تؤمر به_لكن هناك قصة يوسف،في السنوات العجاف،التي ستعرفها مصر،لكن لم تكن رؤيا،لأن ملك مصر هو من رأى الحلم،و لم يستطع الكهنة تفسيره إلى أن دعي يوسف عليه إلى قصر الحكم ،فكان تفسيره تنبؤا بما سوف تعرفه من مصر،و ذكر القرآن الحل الذي اقترحه يوسف عليه السلام،و بذلك ألا يمكن القول،بأن هناك صيغا من الوحي يفك الأنبياء رموزها بدون أدنى صعوبات أو مجازفات في التفسير و التأويل؟؟

3_الوحي و الغموض
هناك آيات قرآنية صعبة الفهم،لأن رمزيتها متداخلة المعاني،شبيهة بحكمة التحدي لفهم البشر و عجزه عن استيعا الدلالات المنفلتة،و قد وقف التفسير الأثري عندها مطولا،و وجد بعض الشروحات لها حسب الرواة بدون أن يكف التفكير الإسلامي عن تذكير المسلمين بتلك السورة الزاجرة للسؤال،__يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم________قرآن
و هي تلك العبارات التي جعلت العقل الإسلامي يتأمل ذاته و يسائلها بصمت باطني،خلق حركات متصوفة غاصت في الذات البشرية لتحررها من سطوة البشري و تنفتح على الإلاهي،في نقائه و صفائه.

4الوحي المنسوخ
اجتهد المسلمون للخروج من مشكلة نسخ أحكام لأحكام سابقة عليها،بحيث برروا ذلك،بإدراك الإسلام لمسألة التدرج في إحكام أحكام الشريعة،في التحريم و ربما حتى الإباحة،لكنهم ينسون أن فكرة النسخ كانت مقرونة بالنسيان_قرآن_ما ننسخ من آية أو ننسها،نأتي بخير منها أو مثلها__لنعد لفكرة النسخ،فهل يمكن لهذا المنطق الإستمرار؟طبعا الجواب لا يمكن أن يكون إلا رفضا،لأن التعديل و النسخ لا يكون إلا في زمن الوحي،حيث السماء لازالت مفتوحة على الأرض،و ما أن انغلقت بموت الرسول عليه الصلاة و السلام،فلا مجال للتدرج،فإما الإسلام أو خارجه،و هو منطق غريب،لكنه مفهوم،و هو دائما منطق الخوف من تحرير الفكر الديني.
حميد المصباحي

#حميد_المصباحي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات