أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - لطيفة الشعلان - الرمز بين ابن العلقمي والبرامكة















المزيد.....

الرمز بين ابن العلقمي والبرامكة


لطيفة الشعلان

الحوار المتمدن-العدد: 1398 - 2005 / 12 / 13 - 11:11
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


أوضاع العراق الحديث تثير في بعض الأذهان المقارنات والاسقاطات التاريخية مع عراق العباسيين، فأكثرنا صادف لدى بعض الكتاب والمتحدثين العراقيين وما زال يصادف اسقاطات وترميزات من نوع: أحفاد ابن العلقمي وحكومة ابن العلقمي والبرامكة الجدد وبرامكة القرن العشرين. فمنذ سقطت بغداد في أيدي قوات التحالف وابن العلقمي قد عاد إلى واجهة القول، فكثيرون في سياق حديث التواطؤ أشاروا إلى المؤامرة التي أطاحت ببغداد مستخدمين ابن العلقمي كرمز تاريخي، وكأن سياسة البعث الفاسدة والمستبدة على مدى عقود لم تكن وحدها كافية للإطاحة بمدينة السلام من دون صفقات سوداء ولا نبش للعلقمي من مرقده. لقد كانت بغداد البعثية أشبه بثمرة اكتمل نضجها وجاهزة لتتلقفها يد بوش، كما كانت بغداد العباسية قد بلغت من الضعة والهوان ما جعلها مستعدة لأوباش هولاكو بسبب عوامل متشابكة في الحالتين ليس أولها الفساد السياسي والاداري والمالي ولا آخرها الاستبداد والعسف الذي ذهب لمنتهاه.

رمزية ابن العلقمي تذهب أبعد من ذلك حين يوضع في الصفحة الرئيسة لأحد المواقع العراقية على شبكة الانترنت شاشة صغيرة تعرض صورا متحركة لوجوه في الحكومة العراقية وواجهة العمل السياسي العراقي وفوقها عنوان: أحفاد ابن العلقمي. أحد النجوم الفضائيين من على شاشة "الجزيرة" حذر قبل أيام قلائل سنة العراق من الغفلة مستشهدا بما لقيه ابن العلقمي من تكريم واحسان قابله بالخيانة. فالوزير العلقمي أدى تاريحيا وظيفة عبقرية للذاكرة المأزومة، فالسقوط في يد التتار لم يكن لعوامل كامنة في الذات، بل لمؤامرة حاكها عملاء داخليون أشد خطرا من اليهود والنصارى مع أطراف خارجية. من جهة ثانية فوصم ابن العلقمي بالخيانة يعني وصم الطائفة بأكملها والمنتسبين لها على مر التاريخ، وتثبيت دعوى الوطنية المنقوصة عليهم أو الولاء الخارجي، وهذا سيؤدي خدمة سياسية لا تتقادم بمرور الزمن كما سيداعب الضمير الجماهيري المشدود للفروقات المذهبية. أما (البرامكة الجدد) فانتظر نكبتهم مع كاتب عراقي هو سهر العامري الذي نشر مقالة تنبؤية بعنوان (نكبة البرامكة الجدد). طبعا ليس هناك بالضرورة قواسم مشتركة بين مستخدمي ترميزات العلقمية والبرمكية، فقد يكون كل ما يجمعهم عدم الرضا عن الأوضاع العراقية الراهنة مع المعرفة التاريخية العمومية التي تمكن صاحبها من توظيف ما للرمز، أي أن المنطلقات الذهنية قد تكون متباينة تباينا شديدا، فتعبير ابن العلقمي أو العلقميين ورد في بيانات ورسائل للقاعدة كما أنه التعبير ذاته الذي يستخدمه متحدثون وكتاب ممن لايشاركون القاعدة في رسالتها الفكرية أو الدموية. أي أنه من الواضح في هذا الخطاب أن الاسقاط المعاصر يستند على الرواية الرسمية مع أن أكثرية المؤرخين الرسميين كذابون أو مزورون ليس بالفطرة وإنما في سبيل حفظ رؤوسهم فوق أكتفاهم. وإن لم يكونوا كذلك فلا أقل من كونهم كانوا يوثقون نصف الحكاية، أو نصف الواقعة، أو نصف الحقيقة، فالتاريخ أكثر العلوم تدليسا وتلبيسا، وأكثرها تأثرا بعقيدة الكاتب وقوميته وأهواءه الشخصية.

ابن العلقمي شيعي أو رافضي بتعبير بعض المؤرخين فتواطأ مع التتار، فالروايات التي تبدع في تحميله وحده مسؤولية تدمير بغداد والقضاء على حضارتها تغفل في الوقت عينه الدور الفاعل الذي لعبه في هذه الكارثة المستعصم ومن سبقوه من خلفاء بفسادهم ودمويتهم وسوء سياساتهم وتدابيرهم. تحميل ابن العلقمي هذا الوزر يتجاهل أن الخلافة العباسية كانت اسمية قبل زمن هذا الوزير بكثير، وان الخور قد دب في مفاصل الدولة ونخرها كالسوس، أيضا قبل زمن الوزير بكثير. فالأساطير عليها أن تتواضع قليلا أو تتعايش مع المعلومات. أسطورة دولة الخلافة القوية المترامية الأطراف تقابلها كتيبة من الدويلات المستقلة كالطولونية والصفارية والبويهية والغزنوية والحمدانية والعبيدية .. الخ. وحتى بأحد المصطلحات الحديثة، فإن (السيادة) لم تكن عربية إلا خلال المائة عام الأولى من خمسة قرون دامتها الدولة العباسية، أما بعد ذلك التاريخ فقد ارتهن النظام العباسي شيئا فشيئا للأجنبي تركيا كان أم فارسيا، فكان بامكان عساكر الأجانب تنصيب خليفة أو خلعه أو حبسه أو قتله أو مصادرة ماله أو سمل عينيه، وبلغنا خلفاء لم يكن لهم من مظاهر الخلافة إلا الجواري والمراوح الفارهة وخطبة الجمعة. بل إن صدام حسين كان بلا شك في هيئة الأقوى والأكثر امساكا بزمام الأمور من المستعصم وأركان حكمه في ذلك الزمان، مع ذلك فلم تكن أميركا في حاجة إلا لأيام قلائل انتهت بدخول دباباتها شوارع المدن، أي لم تكن عند من يحترم عقله وعقول الناس تحتاج نموذج الخائن أو الخونة شيعة كانوا أم سنة ليقدموا لها بغداد لقمة سائغة.

البرامكة أصولهم فارسية، لذا لم تكن هناك تهمة أكثر عنصرية وغباء في تحليل أسباب نكبتهم من أنهم أرادوا إحياء عبادة النار وأوقدوا لها المجامر في الكعبة. يتداخل القومي مع الطائفي لينسف التاريخ الرسمي أي حسنة للبرامكة أو اضافة أضافوها للحضارة العربية فيصبحون شرا خالصا، كما يتداخل العنصران فيتضح سبب وصف بعض العراقيين اليوم لبعض بالبرامكة. لكن تهمة المجوسية وإن كذبها كثر فإنها لن تلقى ذلك الدفاع المحموم في نفي تهمة أخرى قيلت في تحليل هذه النكبة، وهي تزويج الرشيد أخته العباسة من جعفر بن يحي زواجا صوريا لتشاركهما مجالس الشراب من دون حرج. لقد أريقت أنهار من الحبر القديم والحديث في نفي نسبة هذه الواقعة المشينة لهارون العربي الغيور، وكان أطرفها محاضرة ساخنة لابن خلدون في شرف النسب العربي فكيف يسوغ من الرشيد أن يصهر إلى موالي الأعاجم. لابأس فلاشيء أكثر غموضا من أسباب نكبة البرامكة التي لو عرف زر قميص هارون بها لرمى به في الفرات، كما أن الشرف العربي مناطه ما تحت الثياب فقط، أما القتل بغدر وخسة فلا تثريب أن يكون من أخلاق الخلفاء، لكن ماذا لو خفف التاريخ الرسمي قليلا من أمثولة الخليفة الورع الذي يحج سنة وراء سنة، وتذرف عينه من خشية الله، لصالح صورة السياسي أو رجل الدولة الدموي بتقوى أو التقي بدموية، فيستخير الله وهو متعلق بأستار الكعبة في تطيير الرقاب. وماذا لو كنا أكثر حساسية في توظيف الرمز التاريخي بحيث لايضيف إلى تنور الطائفية الإعلامي والثقافي مزيدا من الحطب.



#لطيفة_الشعلان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طل الصبح ولك ميليس
- شجون الجسد
- عفاف البطاينة: رواية الشرق والغرب
- تجنيد الأصوليين للنساء: تلك الأحجية
- قاموس يمشي على قدمين
- نساء ضد النساء
- جراح الروح والجسد
- يا بطلة الراليات السعودية: السكوت من ذهب !
- الغول والعنقاء و المثقف السعودي
- لاوقت للتثاؤب
- جروح ايه اللي انت جاي تقول عليها
- خلف كل ثائر دمعة سدى
- عباسيون وعارضات أزياء
- هيفاء وعالية .. والسجن السياسي
- الاجتماعي والسياسي
- خليل حاوي وعروة بن الورد


المزيد.....




- فيديو مخيف يظهر لحظة هبوب إعصار مدمر في الصين.. شاهد ما حدث ...
- السيسي يلوم المصريين: بتدخلوا أولادكم آداب وتجارة وحقوق طب ه ...
- ألمانيا تواجه موجة من تهديدات التجسس من روسيا والصين
- أكسيوس: لأول مرة منذ بدء الحرب.. إسرائيل منفتحة على مناقشة - ...
- عباس: واشنطن هي الوحيدة القادرة على إيقاف اجتياح رفح
- نائبة مصرية تتهم شركة ألبان عالمية بازدواجية المعايير
- -سرايا القدس- تعرض تجهيزها الصواريخ وقصف مستوطنات غلاف غزة ( ...
- القوات الأمريكية تلقي مساعدات منتهية الصلاحية للفلسطينيين في ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا القصف الإسرائيلي
- وسائل إعلام تشيد بقدرات القوات الروسية ووتيرة تطورها


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - لطيفة الشعلان - الرمز بين ابن العلقمي والبرامكة