أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف - بمناسبة 8 مارس/ اذار 2005 يوم المرأة العالمي - لطيفة الشعلان - يا بطلة الراليات السعودية: السكوت من ذهب !















المزيد.....

يا بطلة الراليات السعودية: السكوت من ذهب !


لطيفة الشعلان

الحوار المتمدن-العدد: 1148 - 2005 / 3 / 26 - 13:32
المحور: ملف - بمناسبة 8 مارس/ اذار 2005 يوم المرأة العالمي
    


بينما كنت أهم بكتابة مقالي ونحن على مشارف يوم المرأة العالمي وقعت عيني على خبر فوز السعودية مروة محمود بالمركز الأول في بطولة دبي للراليات النسائية الذي تصدر صحيفة "الحياة" الجمعة الفائت. لم يحمل لي الخبر البشرى التي حملها للصحيفة فطيرته لصفحتها الأولى، ولست ممن يجد في مثل هذه الإنجازات الفردية كرنفالات لتحسين الصورة المعطوبة، ولم أكن لأشير للخبر أصلا، لولا تصريح السيدة الذي احتاج مني وقتا للمواءمة فيه بين صورتها ببدلة التسابق خلف مقود سيارتها، وبين رأسها البرجوازي. فهذه المرأة السعودية التي تعيش في الإمارات وتقول عن نفسها: "لحاجتي إلى السيارة في تنقلاتي تعلمت القيادة " تفتي في شأننا بنفس أمومي: "الوقت لم يحن بعد لقيادة المرأة في المملكة"! والسبب يا سيدة الراليات ؟ "قبل ذلك المرأة السعودية بحاجة إلى العمل في مجالات تنموية وتطويرية أخرى".

يردد كثيرون إذا جاء ذكر الإصلاح، وعلى الأخص مايتعلق منه بشأن المرأة، مقولة الوقت الذي لم يحن بعد، أما ان تقولها هذه السيدة التي تعيش في الخارج، وتشارك في الراليات، وتقود سيارتها لقضاء حوائجها، فهذا مما يثير السخرية ويكشف ان السماجة بلا حد.

لطالما رأينا في التجارب العربية نوعا من التقاطع بين قوة الدفع الإجتماعي والإرادة السياسية في إقرار حق ما للنساء، أو تغيير قانون مجحف بهن، بينما نجد المكتسبات المتواضعة التي حصلت عليها المرأة السعودية، قد أتت بقرارات رسمية لم تؤثر فيها، أو تدفعها أوتعجل بها، مطالبات إجتماعية أو نضال نسوي ما. مثلا البدء في تعليم المرأة عام 1960 كان قرار رسميا خالصا صدر وطبق رغم أنف الممانعة الإجتماعية. ومع انني ممن يعولون على فعالية القاعدة الإجتماعية في التغيير الأنجح، إلا ان قرارا آخر هو تحويل الإشراف على تعليم البنات إلى وزارة التربية والتعليم، أثبت واقعيا ان الإرادة السياسية مطلوبة بشدة لفرض الإصلاحات الإجتماعية، حتى مع توقع ممانعة قوية لدى بعض الفئات.

ولنفهم كيف أن تمكين المرأة السعودية بات مطلبا اقتصاديا اجتماعيا ملحا، علينا ان نتأمل مثلا في ذلك الواقع الذي جعل أمهات من الطبقة الوسطى، ومن منطقة نجد المعروفة تاريخيا بمحافظتها الشديدة، يلجأن بمباركة من قمة الهرم الأبوي، للإنتقال والسكن منفردات مع بناتهن اللواتي يعملن معلمات في قرى ومناطق نائية .. وهو ما كان قبل سنوات قلائل سيعد أمرا شائنا معيبا..

غني عن القول انه لا وجود في المجتمع السعودي لحركة نسوية، ولا لناشطات في مجال حقوق المرأة. وأنت لن تفهم الصورة الرومانسية الفخمة التي يسقطها أنصار حقوق المرأة على فعل بدأ وانتهى في ظهيرة يوم واحد، قامت به بعض الأكاديميات وتلميذاتهن في 1991 إلا في ضوء هذا الفراغ المريع في الفكر والعمل النسوي. ولو فتشت اليوم عن البارزات ممن تصدرن تلك المظاهرة الرمزية لوجدتهن مثل سواهن قد ابتلعهن ثالوث الوظيفة الحكومية والمنزل والكتابة الصحفية. وشخصيا أزعم معرفتي بفقر (بعضهن) الشديد في الثقافة النسوية، وبساطة تفكيرهن إذا تعلق الأمر بالوعي السياسي وآليات التغيير الإجتماعي واشكالية المرأة. البون شاسع بين التحصيل العلمي المرتفع وطبيعة الوعي المشخص آنفا، فهما لايرتبطان بالضرورة. ومثل هذا الوعي هو مايعوزنا لخلق حراك نسوي أبعد مايكون عن لغة الشعارات الثورية، الفارغة فراغ بعض الروؤس والتنظيرات. وحتى لا أظلم أحدا، فقد ركنت النخبة من النساء - ولا أستثني نفسي- لدعة الوظيفة الأكاديمية، وأمان الأبواب المغلقة في وجه الريح، مكتفيات بشغب الكتابة، هذا إن شاغبن أصلا. إنهن يعرفن في قرارة أنفسهن انهن بلا سند ولن يرحمهن كائنا من كان، فربما فضلن قول نصف الكلام أو نصف الحلم أو نصف الحقيقة على صمت الجدران.

ولو تركنا النخبة الثقافية إلى نخبة بمواصفات أخرى وهي البرجوازية، فسنكون أمام وضع أكثر تعاسة، مع أنها قد تملك ما لاتملكه النخبة الثقافية من ممكنات الفعل والتأثير. أنا آخر من يبخس العمل الخيري حقه وأهميته، ولكن التاريخ يعلمنا ان البرجوازية قد تتحالف ضمنيا مع القوى التقليدية لبقاء الأوضاع كما هي. المرأة البرجوازية لها واقعها الخاص المنفصل والمتعالي في رفاهيته عن واقع النساء اليومي. إذا وضعت على ذلك قليلا من بهارات الرجعية الفكرية -كما لدى أختنا مروة محمود- رغم أحدث ما يرتدينه من موضات أوروبية، عرفت ان العمل الخيري لا مساحة فيه إلى جانب توزيع الأرز والسكر، لتبني قضايا المرأة أو دفعها للواجهة.

إن انعدام النسوية في السعودية حتى على الصعيد التنظيري، ليس أمرا عصيا على التفسير. فله جملة عوامل متشابكة يتضافر فيها المكون الأيديولوجي بسلطانه الشاسع، والبنية الاجتماعية التقليدية للمجتمع، مع الانخفاض الواضح في وعي المرأة السياسيي والاجتماعي. لكن القراءة في تاريخ وأدبيات النضال النسوي في مجتمعات عربية كمصر وفلسطين والعراق والجزائر، تبين ان ذلك التفسير وحده لن يكون كافيا لتشخيص الحالة. فالسعودي لم يعرف الحياة الحزبية، في حين كانت الأحزاب القومية واليسارية، وتحديدا الأخيرة، هي الحاضن والملهم لحركات المطالبة بحقوق المرأة. أما بالذهاب إلى البدايات المبكرة، فسنجد التيار النسوي إن من ناحية إنضاج وعي المرأة، أو من ناحية التشكل والتموضع، قد انبثق ضمن الإطار العام لحركات التحرر ومقاومة الإستعمار، بينما انتفى لدينا هذا العامل التاريخي. على سبيل المثال كانت مشاركة المرأة المصرية بقوة في ثورة 1919 هي الشرارة التي وضعت حجر الأساس لمسيرة العمل النسوي. ولم يكن ببعيد عن ذلك ما افضى إليه انخراط المرأة الجزائرية أو العراقية أو الفلسطينية في النضال ضد المستعمر. هذا طبعا يخالف كلية الزعم الذي يحشى في الرؤوس ليل نهار بأن الدعوة إلى حقوق المرأة من رجس الحضارة الغربية الفاسدة. بل إن هذا الربط بين حقوق المرأة وبين الغرب القاهر حضاريا وسياسيا، أنتج لنا ذلك الفهم الجائر للقضية، كما أفقدها فرصة درسها من زاوية موضوعية تضعها في مكانها من قضايا التنمية والإصلاح العربي عموما. ويبقى أن أي انحراف بعد ذلك في بعض الطروحات النسوية العربية، أو تحويل الحركة من تيار نضالي له قضاياه العادلة، إلى نزعة عصبوية أو عقيدة شوفينية موجهة ضد الرجل ومؤسسة الأسرة، من الأشياء التي لايعلق وزرها بقضية حقوق المرأة.



#لطيفة_الشعلان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الغول والعنقاء و المثقف السعودي
- لاوقت للتثاؤب
- جروح ايه اللي انت جاي تقول عليها
- خلف كل ثائر دمعة سدى
- عباسيون وعارضات أزياء
- هيفاء وعالية .. والسجن السياسي
- الاجتماعي والسياسي
- خليل حاوي وعروة بن الورد


المزيد.....




- مجلس الشعب السوري يرفع الحصانة القانونية عن أحد نوابه تمهيدا ...
- تحذير عسكري إسرائيلي: إذا لم ينضم الحريديم للجيش فإن إسرائيل ...
- السفير الروسي ردا على بايدن: بوتين لم يطلق أي تصريحات مهينة ...
- بالفيديو.. صواريخ -حزب الله- اللبناني تضرب قوة عسكرية إسرائي ...
- وزير الدفاع الكندي يشكو من نفاد مخزون بلاده من الذخيرة بسبب ...
- مصر.. خطاب هام للرئيس السيسي بخصوص الفترة المقبلة يوم الثلاث ...
- -أضاف ابناً وهميا سعوديا-.. القضاء الكويتي يحكم بحبس مواطن 3 ...
- -تلغراف- تكشف وجود متطرفين يقاتلون إلى جانب قوات كييف وتفاصي ...
- إعلام سوري: سماع دوي انفجارات في سماء مدينة حلب
- البنتاغون: لم نقدم لإسرائيل جميع الأسلحة التي طلبتها


المزيد.....

- المشاركة السياسية للمرأة في سورية / مية الرحبي
- الثورة الاشتراكية ونضـال تحرر النساء / الاممية الرابعة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف - بمناسبة 8 مارس/ اذار 2005 يوم المرأة العالمي - لطيفة الشعلان - يا بطلة الراليات السعودية: السكوت من ذهب !