أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - لطيفة الشعلان - الغول والعنقاء و المثقف السعودي














المزيد.....

الغول والعنقاء و المثقف السعودي


لطيفة الشعلان

الحوار المتمدن-العدد: 1118 - 2005 / 2 / 23 - 11:41
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    


dيكاد المثقف السعودي - العضوي بالتعبير الغرامشي- ان يكون خرافة تنضم لطابور خرافاتنا السعودية اللذيذة، وما أكثرها. لكن ماذا عساك تفعل في خلط الوظائف والمسميات الذي وقعنا فيه إلى الركب، حتى أصبح كل صحفي أو كاتب زاوية أو ناقد أو أكاديمي أو شاعر أو باحث في زمرة المثقفين. من دون ان نتكلف مشقة السؤال عن أي أولئك انطوى على وعي سياسي ثقافي واهتم بالشأن العام وبقيم الحرية والعدل والتسامح، ومارس نقد المجتمع متعاطيا مع أسئلته في حاضره ومستقبله، ووظف معرفته للنهوض بالانساني والمعاشي مستنكفا عن دور المسوغ أو الداعية .. من كان أو فعل ذلك حتى يستحق وصفه بالمثقف؟

حتى في أوج تيار الحداثة والزمن زمنهم والأبواب مفتوحة لهم، كان جل من تسموا بالمثقفين ممن ركبوا الموجة، لايهجسون بغير الطوباويات والتهويم الشعري نظما ونقدا، وما يدور في هذه الدوائر من قضايا تحديثية، لفظية وشكلانية، تتمحك بهموم وجودية مستعارة لاموقع لها في مجتمع ناشىء، نفطي وقبلي، مازال في طور تحديث الوسائل والأدوات.

تمنطقوا بلغة موغلة في الاشارية والتعقيد محدثين قطيعة شبه تامة بينهم وبين وعي الناس حتى المتعلمين منهم، من دون ان يحفلوا بتجسير هذه الهوة الهائلة، إن لم يستطعموها لإنها تمنحهم احساسا شاعريا وموهما بالاغتراب.

قطيعة بينهم وبين اختناقات المجتمع ومشكلاته وارهاصات (الطفرة) المستجدة، التي كانت بحاجة إلى بصائر ناقدة، ورؤى انبعاثية، وتوظيف لتطبيقات المناهج العلمية والإجتماعية، في تفسير الظواهر وتحليلها، لا مجرد صرخات أنبياء في البراري تلامس قشرة زائفة.

ما كانوا مع حملات التشويه التي واجهوها فيما بعد سوى ثلة من الدون كيشوتيين الحالمين الذين يخوضون حربا خاسرة مع طواحين الهواء. فحين حاصرتهم الهجمة الفاشستية وقف منهم المجتمع – للأسف- موقف المتشفي على نخبة مشيطنة انفصلت عن حاضره واستشرافاته، أو موقف المتفرج على حفلة أرستقراطية ليس من مدعويها.

لقد صارعوا أوهاما لا قضايا واقعية، وتعاطى شبابهم المفتقد للتراكم المعرفي مع الحداثة كمفهوم ناجز شاعري، أقصى طموحاته تتشكل في فضاءات الشعر والقصة، لا أكثر.

فلم تتموضوع في طروحاتهم حتى الأسئلة النهضوية القديمة عن المرأة والأقلية والمواطنة وحرية الفكر وما شاكلها من أسئلة لم تظفر بإجابات فحق لها ان تطرح بزخم جديد. بل إنك لا تجد أحدا وهي تطرح هذه الأيام يحيل على أحد من جيل الحداثة ولو على استحياء. أحسبها من المسليات المحزنات ان تصادف -على سبيل المثال- مقدمات الحداثة الفكرية والاجتماعية قوية قبل أكثر من قرن في اسهامات رجالات النهضة، بينما لاتقع على أثر لها في طروحات (ربعنا) قبل عشرين سنة لاغير.

ورب قائل إن الطبيعة المحافظة للمجتمع وللمؤسسة أيا كانت تمظهراتها، لم تكن لتمنحهم فرصة لإثارة قضايا كهذه، خاصة وهم يفتقدون الظهير الرسمي والشعبي في آن. لكن لايمكننا التسليم النهائي بشكل ردود الفعل على وقائع لم تحدث. كما ان أكثرهم –وهذه حقيقة سيحفظها التاريخ- لم تكن تنقصه الشجاعة الأدبية للتجريب من خلال ابداعه، وللتعبير عن رؤى جريئة فلسفية ووجودية .. أفلم تستحق والحال كذلك اشكاليات الانسان والمجتمع قسطا من شجاعة الحداثيين، ولو من باب أولويات النظر، واستفزاز الراكد التاريخي أو لنقل مناوشته في حدود القدرة ؟

أما إن اتفقنا على انه لم يكن في الامكان أبدع مما كان، فلا بأس، ولكن في هذه الحالة يلزم كل من يسبغ الفتوحات والتدشينات على جيل الحداثة ان يشفع تقولاته هذه بالبراهين لا بالبديع. وعلى الذي يزعم ان نضال الحداثيين السعوديين تجاوز الحداثة الشعرية -وأنا أسميها الحداثة الافتراضية- إلى الحداثة الفكرية والاجتماعية ان يستحضر لنا كتاباتهم وندواتهم ومعاركهم في ذلك الوقت، التي هدفت إلى نشر التنوير والعقلانية بين الشريحة الكبرى من الناس، وإلى حداثة الموروث والانسان والقيم والمجتمع، وإلى مصارعة اللاعقلاني والفئوي والعصبوي والقهري والجائر والدوغمائي.

بل إنهم من دون وعي على الأرجح، قد كرسوا في حياة السعوديين الثقافية قيما لاحداثية حين سادت بينهم الخطابية والشعاراتية والتوثين ومركزية الذات والشمولية وثقافة الإلغاء والمحسوبية حتى صنع تواطؤهم الدعائي – كمثال فقط على قيمهم - من مواهب شعرية متواضعة قامات شامخة سرعان ما ذهبت مع الريح.

كل من تسمى اليوم بـ مثقف سعودي، عليه ليكون نزيها منسجما مع نفسه ان يحاكم خطابه الثقافي وهو يحاكم الخطاب الديني، وان يدين ذاته وهو بصدد ادانة ذات غيره. فرغم اعتكافه الفخم في الصالونات والدوريات والملاحق الثقافية والحصون الأكاديمية للاشتغال التنظيري البحت أو اعادة تدوير الأفكار والنظريات، أقبل ملهوفا على دور الشاهد الذي لم يشهد شيئا، فملأ الدنيا وصفا وتحليلا وضجيجا في الارهاب ومسبباته وتربته ومناخه.

ومع حذقه وبلاغته كأي مثقف عربي نموذجي في خطابات النفي والاستبداد والصاق شتى التهم بخصومه، انطلق يهجو خطاب الآخر الذي يقاسمه الآليات الذهنية نفسها، جاعلا منه مقدمة منطقية لهذا الحصاد المر. وكأنه بانتهازيته واستقالته وسوء تقديره وتدبيره لم يكن طرفا في ترك المجتمع نهبا للفكر المتطرف الذي سيصول ويجول ويجند العقول ويفسد الضمائر ويخلق الوحش القميء الذي سيفاجئ العالم كله بعد حين.

جاء ليشيطن جلاده التاريخي كما شيطنه هو مرارا، وليلقي تبعة المسؤولية كاملة على عاتقه ذاهلا عن تقاعسه هو كـ (مثقف)، وعن كارثة وعيه الاجتماعي الزائف، وعن كون دقة الأزمة تحتاج إلى تأويل معرفي، وقراءة نقدية متحررة من تصفية الحسابات وتنزيه الذات أو اشتهاء الوصل أو الرضا.



#لطيفة_الشعلان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لاوقت للتثاؤب
- جروح ايه اللي انت جاي تقول عليها
- خلف كل ثائر دمعة سدى
- عباسيون وعارضات أزياء
- هيفاء وعالية .. والسجن السياسي
- الاجتماعي والسياسي
- خليل حاوي وعروة بن الورد


المزيد.....




- أثار مخاوف من استخدامه -سلاح حرب-.. كلب آلي ينفث اللهب حوالي ...
- كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير ...
- جهاز التلقين وما قرأه بايدن خلال خطاب يثير تفاعلا
- الأثر الليبي في نشيد مشاة البحرية الأمريكية!
- الفاشر، مدينة محاصرة وتحذيرات من كارثة وشيكة
- احتجاجات حرب غزة: ماذا تعني الانتفاضة؟
- شاهد: دمار في إحدى محطات الطاقة الأوكرانية بسبب القصف الروسي ...
- نفوق 26 حوتا على الساحل الغربي لأستراليا
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بها
- الجيش الأمريكي يختبر مسيّرة على هيئة طائرة تزود برشاشات سريع ...


المزيد.....

- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!! / محمد الحنفي
- احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية / منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
- محنة اليسار البحريني / حميد خنجي
- شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال ... / فاضل الحليبي
- الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟ / فؤاد الصلاحي
- مراجعات في أزمة اليسار في البحرين / كمال الذيب
- اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟ / فؤاد الصلاحي
- الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية / خليل بوهزّاع
- إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1) / حمزه القزاز
- أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم / محمد النعماني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - لطيفة الشعلان - الغول والعنقاء و المثقف السعودي