أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لطيفة الشعلان - خلف كل ثائر دمعة سدى














المزيد.....

خلف كل ثائر دمعة سدى


لطيفة الشعلان

الحوار المتمدن-العدد: 951 - 2004 / 9 / 9 - 10:36
المحور: الادب والفن
    


وجه الشبه كبير بين سبارتكوس و علي بن محمد مع ذلك فقد وصف الاول بأنه " قال لا في وجه من قالوا نعم .. وعلم الانسان تمزيق العدم .. ولم يمت وظل روحا أبدية الألم " في قصيدة أمل دنقل وقصائد الحياة والتاريخ الانساني والكون والثورة ضد الاستبداد ومؤسسته. في حين عرف الثاني ثائرا بائسا ضد الخلافة الشرعية، فنعته القدماء بـ (الخبيث) وتفننوا في تشويه شخصه وثورته، واستكثرنا بدورنا أن نجعل منه كما سبارتكوس رمزا انسانيا سياسيا خط (لا) كبيرة في وجه من قالوا (نعم) زحفا على بطونهم، اذ رفض اغراءات ملاك العبيد وخشخشات دنانيرهم ثمنا لوأد ثورته ورد غلمانهم عليهم (الطبري).
سبارتكوس " المعلق على مشانق الصباح .. وجبهته بالموت محنية .. لانه لم يحنها حية " يقابله علي بن محمد الذي لم يحن رأسه فحملت الى الخليفة على الايدي في صحن حوافه من ذهب. وقد يكون قبل حادثة الصحن تلك حذر أصحابه على خطى الثائر التراقي: " لا تحلموا بعالم سعيد .. فخلف كل قيصر يموت قيصر جديد".
فسبارتكوس تنبأ في كلماته الاخيرة قبل ميلاد المسيح بسبعين سنة بمجيء السادات خلفا لعبد الناصر على ذات نهجه القيصري (شاكر النابلسي). وربما فعل علي بن محمد شيئا مقاربا فهو ضالع بالتنجيم والاصطرلابات، فوسع نبؤته وفرد جناحيها على أرض العرب لتشمل البر والبحر، ولكن شعراء ذلك الزمن انشغلوا بتخليد حرب الموفق (أيده الله ) على الزنج (قبحهم الله ) ولم يحفلوا بنبؤات الثوار ضد القياصرة كما فعل من بكى بين يدي زرقاء اليمامة وقال ما عنده من جديد عن مقتل كليب.
الفرق واضح بين وحشية القيصر وحزم الخليفة، بين بطش (كراسوس) وقوة (الموفق), فالبطش لايليق بالخلفاء كمايليق بالقياصرة و لا يعيب الزعماء الخالدين كما يعيب الخلفاء، لهذا ترحم من ترحم على كراسوس الباقي من قراءة قديمة في احدى زوايا الذاكرة وهو يرى قاع الجحيم في منتصف ستينات القرن الماضي في معتقل أبي زعبل والسجن الحربي (احمد رائف في البوابة السوداء).
وفي خضم هذه العواصف والامواج لا أحد اليوم بمقدوره أن يجزم بشيء، فقد يجيء زمن يصير فيه الهواء أنقى فتهطل الشهادات والترحمات العلنية على كراسوس النائم بسلام في مزبلة التاريخ حتى تشكل جبلا يسد الشمس والريح.
ستة الاف عبد يصلبون على الطريق من كابوا حتى روما وقد أوصوا جلادهم قبل ذلك بدقائق أن " يرحم الشجر ولا يقطع الجذوع .. فربما يأتي الربيع .. والعام عام جوع ". وسبارتاكوس يقول للجلاد ذاته : " في اللحظة التي استرحت بعدها مني .. استرحت منك".
علي بن محمد لم يدخل الآداب والفنون لانه مني غابرا وحاضرا بأناس ما كانوا ليخرجوا عن توجهات السلطة الرسمية والتفسيرات التاريخية السائدة حتى لو غرغرهم الموت، زيادة على أن اسمه عادي الوقع لا يوحي بشيء معين، ولاتموجه الموسيقية التي تلف اسم سبارتكوس وتسرق ألباب الحداثيين.
كل ما يقال بعد ذلك عن عنف الزنوج الذين استحلوا القرى التي دخلوها مع علي بن محمد تفهمه في اطاره الذي يتشكل من ثقافة الحروب والثورات في ذلك العهد، وعنف أشد وأمضى بقيادة جيش الخلافة، والاوضاع النفسية لعبيد ذاقوا سوء العذاب في البطائح، وثقافة اخبارية زادت وعادت في كل دقائق الثورة التي استمرت أربعة عشر عاما باستثناء شرارتها ووقودها، وأعني به الظلم الفادح الذي لا تحيط به الكلمات وأوقعه الاقطاعيون بالعبيد، وهو داخل في نطاق النوع الثالث من الظلم الذي لا يترك الله منه شيئا، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: " الظلم ثلاثة، فظلم لا يغفره الله، وظلم يغفره الله، وظلم لايترك الله منه شيئا، فأما الظلم الذي لا يغفره الله فالشرك، وأما الظلم الذي يغفره الله فظلم العباد لأنفسهم فيما بينهم وبين ربهم (بمعنى التقصير في طاعة أو ارتكاب معصية) وأما الظلم الذي لايتركه الله فظلم العباد بعضهم بعضا حتى يدين لبعضهم من بعض".
الحالة الاجتماعية والاقتصادية للعبيد في المجتمع الروماني قبل الميلاد لا تفرق عن حالة الزنوج في العصر العباسي، فقد توارت رحمة الاسلام ورفقه حتى بالحيوانات الاعاجم خلف مؤسسة الجشع والظلم المنظم، وما عاد أحد يتذكر ان الله غفر لامرأة بغي حين سقت بخفها كلبا كاد أن يأكل الثرى من العطش.
وان كانت هناك اختلافات بين المشهدين فهي أقل كثيرا من الفروق السبعة في تسالي المجلات، بل تكاد تقتصر على فرق يتيم، بين عبد يصارع الحيوانات الضارية في مضمار روما ليتسلى سيده بنوافير الدم، وعبد آخر يصارع الجوع والسياط ولسع البعوض ونهش الملاريا وهو يقشع الطبقات الملحية من أراضي دجلة والفرات ليربي سيده في بغداد مزيدا من شحم بطنه.



#لطيفة_الشعلان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عباسيون وعارضات أزياء
- هيفاء وعالية .. والسجن السياسي
- الاجتماعي والسياسي
- خليل حاوي وعروة بن الورد


المزيد.....




- في وداعها الأخير
- ماريو فارغاس يوسا وفردوسهُ الإيروسيُّ المفقود
- عوالم -جامع الفنا- في -إحدى عشرة حكاية من مراكش- للمغربي أني ...
- شعراء أرادوا أن يغيروا العالم
- صحوة أم صدمة ثقافية؟.. -طوفان الأقصى- وتحولات الفكر الغربي
- غَيْرُ المَأسُوْفِ عَلَيْهِم -
- وفاة الفنان العراقي عامر جهاد
- غَيْرُ المَأسُوْفِ عَلَيْهِم
- غَيْرُ المَأسُوْفِ عَلَيْهِم .
- الفنان السوداني أبو عركي البخيت فنار في زمن الحرب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لطيفة الشعلان - خلف كل ثائر دمعة سدى