أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - لطيفة الشعلان - شجون الجسد















المزيد.....

شجون الجسد


لطيفة الشعلان

الحوار المتمدن-العدد: 1334 - 2005 / 10 / 1 - 11:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا أعرف حدود صدمة الكاتب اللبناني وقد خسرت سارة مندلي لقب ملكة جمال انجلترا ولا طعم احتباس زغاريد النسوان في فمه التي كان قد تعهد بها من أستراليا وهواءها العليل إن هي ربحت. فقد كتب مقالا يناشدها فيه ألا تتردد في ارتداء البكيني ليعالج فوزها جراح العراقيين والعرب عن بكرة أبيهم، طالبا منها ألا تهتم بـ" انتقادات الجماعات المتشددة، ولا بفتاوى أناس لا يفتون إلا لتدمير كل ما هو جميل، ولا بثرثرات حفنة من المعقدين أخلاقيا وسلوكيا". لكن قوله في ظني لايخرج عن سياق رهان الخديعة كما قال سيار الجميل ذات مرة في دعواه على المثقفين العرب: "هم من أكثر الناس خديعة للناس". فتسليع الجسد الأنثوي وتوظيفه في أغراض الترفيه وعلى رأسها مسابقات الجمال يلقى معارضة واسعة من غير المعقدين أخلاقيا وسلوكيا، من جماعات ومنظمات واتجاهات وتيارات من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين على نطاق العالم كله، وهذه المعارضة منبتها الغرب نفسه الذي ابتكر هذه المسابقات وسوقها كونيا.

كل يملك الحق في أن يدرك المرأة، ويفصّل في موضوع كينونتها وحريتها وكرامتها بالطريقة التي تناسبه. أما الاعتقاد الراسخ بأن هذا التفصيل أو ذاك هو الحق بعينه ففيه اغفال لإرادة المرأة في أن تكون ما تريد بلا نمذجة مسبقة أو قسرية. قد نفترض أن عارضة الأزياء أكثر حرية وسعادة من فلاحة في حقل، أو من ربة بيت في قرية قصية، لكن الحكم يبقى اعتباطيا لأن الحرية أو السعادة ليست لها معايير واحدة، وما يجلب السعادة لامرأة قد يكون مشقيا لأخرى، وما تدركه احداهن حرية قد يكون عبودية في عين الثانية. لقد أمضيت مع أسرتي الصغيرة اجازة الصيف بين لندن وميونخ وكان الافطار الصباحي في الفندق فرصة لملاحظة تنوع قومنا الذي لانلاحظه إلا صيفا: المنقبات كليا والمحجبات فقط والمرتديات لآخر صيحات العباءات المطرزة جنبا إلى جنب مع السافرات، كل هذا دون ان تهتز أرض الفندق أو تنطبق سقوفه على بعضها.

هو إما يخطئ التقدير أو يختزل المسألة من اعتقد أن الاتجاهات المتشددة هي وحدها التي تصادر حق المرأة في الاختيار. هناك صناعة كونية لها أساطينها وآلتها الإعلامية الجبارة ورؤوس أموالها التي تتعاظم كل يوم وتسير في اتجاه تعميمم نموذج جمالي موحد للمرأة التي تلبس وتأكل وتتحدث وتفكر بطريقة معينة. في (عمارة يعقوبيان) لعلاء الأسواني تتضخم الصناعة المقابلة حتى تصبح محلات (الرضا والنور) لملابس المحجبات بسياستها المميزة في جذب أو شراء الزبونات امبراطورية ضخمة. تجارة وأيديولوجيا، أو أيديولوجيا وتجارة، ولا أهمية لتحديد أين تنتهي هذه لتبدأ تلك، لكن وجود المرأة الفيزيقي سيبقى كما هو دائما، سيد الانشغالات. كذلك هي الموضة الغربية، كثير من التجارة على شيء من الأيديولوجيا التي أخذت من العقيدة النسوية ثورتها ضد الثياب، ربما لإنها الوحيدة القابلة للاستعارة والنقل لتجارة السوق، لكن ما ان انقلب السحر على الساحر حتى بدأت المنظمات النسوية تناهض هذا الشكل من النكوص الحضاري نحو العري الفج الذي ساهمت هي فيه.

القمصان المنقوشة عليها صور غيفارا أو الكوفية المرقطة أو سراويل الجينز المشققة في حقبة زمنية ما، لم تكن تشي بالضرورة بتحرر لابسيها. اليوم ليس شرطا أن تكون كل فتاة تتهادى بلباس البحر على منصات عروض الجمال إمرأة حرة. نوع من تسليع الأنوثة وتحويلها لبضاعة تقاس بالمتر والمسطرة، ولن تحتاج لمخيلة شاسعة لاستحضار دكات بغداد حين كانت الجارية تكشف عن ساقها للبائع بحسبان امتلائها والتفافها شيفرة يمررها النخاس لتطيير لب المشتري إن كان له لبا من الأصل. والطريف حدث في الأسبوع الماضي حين أعلن الامتداد المجري للدكة العباسية رئيس بلدية بودابست جورجي ميتنيان عن منعه الموظفات اللواتي لايتمتعن بسيقان جميلة من ارتداء التنانير القصيرة. وإن كنت لا تزال في شك من دور السيقان في حركة التاريخ كما في تطور النقد الأدبي العربي، فعليك أن تعود لما قاله شاكر لعيبي مرة حين تحدث عن هوس المثقفين العرب بالحضور الجسدي للنساء في المهرجانات العربية، فما أن ينتهي الناقد إلى بلده حتى يدبج من فوره غزلا متلبسا بلبوس النقد في كاتبته النحريرة فتكون الشرارة هي السيقان لا النصوص. الأكثر براءة من هذا، شاعر وناقد سوري حضر مؤتمرا عربيا ولفرط ما اشغلته الأقراط والجزم عاد لزاويته لينصب اللبنانية فهمية شرف الدين ملكة للأناقة، لها وصيفتان هما: هدى وصفي وعفاف البطاينة، في حين استبعد الباقيات.

كثيرا ما كان الدوران في فضاء الجسد، ادانته أوتمجيده بين قطبي الستر والكشف، اختزال بائس لاشكالات اجتماعية وسياسية، وعصابية أيضا، تمت مقاربتها الآمنة في الجسد. شاهدت فيلم (أسامة) أكثر من مرة دون ان أملّه، فالصبية الأفغانية لايمكنها العيش تحت حكم طالبان وإعالة أهلها إلا بكبت أنوثتها، حتى فضحت (الغلام) بضع قطرات من الدم. المتزمتون وصمهم خصومهم بالكبت، وهذه دعوى لا جديد فيها، لكن ماذا لو كان المستبسل في الدعوة للعري كصاحبنا اللبناني ينطلق من ألية الكبت الطالبانية نفسها وإن حسب أنه يفككها.

الدولة المشرقية ذات (السجل الناصع في الحقوق والحريات) ستسمح بتنظيم أول مسابقة جمال بعد انقطاع دام أكثر من ثلاثة عقود، أو الدرجة الأسهل في سلم الاصلاح الوعر. وفي مكان آخر من الأرض لن تكون مواصفات اللباس الساتر للجسد موضة ولا تجارة بل (عقيدة خالصة) يقوم عليها استقرار مجتمعات بقضها وقضيضها. الرسائل هنا أبسط من أن تفلسف، وإن كانت أكثر عمقا مما يوحي به ظاهرها البسيط.

في حين أن الرسالة الأكثر حداثة تمررها سارة مندلي وهي أيضا أكثر شفافية من الغلالة التي تلبسها المحتشمة على البكيني: الفتاة العراقية (الاكس لارج) التي فازت عام ألفين بعرش جمال العراق كانت بنت أخت صدام ! تقصد سارة أن أصولها العربية لن تؤخر حظوظها على المنصة الانجليزية إنما هو محيط صدرها ومقاس خصرها. أحسنت القول المضمر، وبينت ان لا شقاق بين الجمال والذكاء، لكني شخصيا أميل قبل اساءة الظن في نتائج التصويت البعثي أن آخذ في الاعتبار الدور الذي لعبه الشحم في التاريخ العربي، من حبيبة الأعشى التي يحجزها الباب إلى كتيبة أغنية البرتقالة التي أحدثت في الجمهور العربي المتعطش ما احدثه اعصار كاترينا في أهله.




#لطيفة_الشعلان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عفاف البطاينة: رواية الشرق والغرب
- تجنيد الأصوليين للنساء: تلك الأحجية
- قاموس يمشي على قدمين
- نساء ضد النساء
- جراح الروح والجسد
- يا بطلة الراليات السعودية: السكوت من ذهب !
- الغول والعنقاء و المثقف السعودي
- لاوقت للتثاؤب
- جروح ايه اللي انت جاي تقول عليها
- خلف كل ثائر دمعة سدى
- عباسيون وعارضات أزياء
- هيفاء وعالية .. والسجن السياسي
- الاجتماعي والسياسي
- خليل حاوي وعروة بن الورد


المزيد.....




- -لم أستطع حمايتها-: أب يبكي طفلته التي ماتت خلال المحاولة ال ...
- على وقع قمع الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين بالجامعات.. النواب ال ...
- الصين تتيح للمستخدمين إمكانية للوصول السحابي إلى كمبيوتر كمي ...
- -الخامس من نوعه-.. التلسكوب الفضائي الروسي يكمل مسحا آخر للس ...
- الجيش الروسي يستخدم منظومات جديدة تحسّن عمل الدرونات
- Honor تعلن عن هاتف مميز لهواة التصوير
- الأمن الروسي يعتقل أحد سكان بريموريه بعد الاشتباه بضلوعه بال ...
- ??مباشر: الولايات المتحدة تكمل 50 في المائة من بناء الرصيف ا ...
- عشرات النواب الديمقراطيين يضغطون على بايدن لمنع إسرائيل من ا ...
- أوامر بفض اعتصام جامعة كاليفورنيا المؤيد لفلسطين ورقعة الحرا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - لطيفة الشعلان - شجون الجسد