أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وليد يوسف عطو - السرقة والقتل بديلا عن العمل















المزيد.....

السرقة والقتل بديلا عن العمل


وليد يوسف عطو

الحوار المتمدن-العدد: 5202 - 2016 / 6 / 23 - 12:27
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



سار العراقيون عبر عقود من الزمن ابتداء من الحكم الملكي في القرن الماضي واستمرارا الى اليوم, في ظل نظام المحاصصة الطائفي الاثني الحالي ,في رحلات هجرة وتهجير قسري داخل وخارج العراق ومصادرة ممتلكات المواطنين.

كان من نتيجة هذه الهجرات والتهجير اعادة رسم الخارطة السكانية للعراق وافراغ العراق من الكفاءات العلمية والثقافية وتدمير الطبقة الوسطى . واحلال الفئات البرجوازية الرثة والطفيلية وصعودها الى سدة الحكم ابتداء من انقلاب 8 شباط 1963 والى اليوم .

ادت هذه الهجرات الى افراغ العراق من مجموعات سكانية اصيلة مثل اليهود والمسيحيين والصابئة المندائيين . وحل محلهم ابناء البادية والارياف .

يقول الشاعر والناقد جمال جاسم امين في كتابه :
( مقهى سقراط :مراحل تدمير المعنى : نقد السوسيو ثقافي في التجربة العراقية )-الناشر:دار سطور للنشر والتوزيع – بغداد – شارع المتنبي :
(استغلال ابناء الارياف الوافدين الى المدن سياسيا وزجهم في الترسانة العسكرية خاصة في زمن النظام السابق الذي خطط لحروب طويلة).

ان افراغ المدن من سكانها واحلال جماعات سكانية من الارياف بديلا عنها انتج منظومة قيمية مختلفة تماما عن ثقافة المدينة.
لقد سيطرت خيمة البداوة وبيت القصب وبيت الطين على المراكز الحضرية والثقافية في المدن العراقية . وتحولت المدن العراقية الى مجموعات عشائرية واخيرا انتصر الريف على المدينة وتم سحق الطبقة الوسطى واضطر الكثير منهم الى الهجرة خارج العراق.

ان مدينة بلا طبقة وسطى لايمكن لها ان تنتج حضارة ولا ثقافة ولا عقلانية .ان ابناء الريف المهاجرين الى المدن يحاولون الانتقام من سكان المدينة ومن الطبقة الوسطى .ومن عاش في بغداد يتذكر ان هؤلاء الوافدين عندما يحاولون الوصول الى وسط البلد , مثل الباب الشرقي او شارعي الرشيد والسعدون يقولون للاهل وللاصدقاء( نحن ذاهبون الى بغداد)طبعا باللهجة الجنوبية , او الغربية المحكية.

اي انهم لاينتمون الى بغداد, بل الى الريف.يقول الشاعر جمال جاسم امين (ان الريفي مهما تقادم وجوده في المدينة فانه لايريد ان يتمدن , بل يظل ريفيا من باب الانشداد الى الاصل وضرورة عدم تضييعه . ان بعضا من هؤلاء قضى وطرا طويلا من عمره في بلدان الغرب لكنه عندما عاد ذهب مباشرة الى اريافه عادا ذلك اصالة).

ان خطيئة عبد الكريم قاسم بعد انقلاب – ثورة 14 تموز 1958 هو عدم حله مشكلة الوافدين الى المدن من الارياف واعادتهم الى ارضهم ,او توزيع انتشارهم في المدن من ناحيةانثروبولوجية بحيث ينصهرون في ثقافة وتقاليد المدينة.. لقد قام عبد الكريم قاسم بتوزيع الاراضي والمنازل عليهم في مناطق في اطراف بغداد تشبه المعازل السكانية التي بناها صدام حسين للاكراد واسماها بالمجمعات السكنية والمحاطة بنقاط حراسة من الجيش.

لقد اصبحت هذه المناطق السكانية حاضنات للقيم العشائرية والتي تلغي القانون والدولة عن طريق القوة والعنف وسيطرة اخلاق العشيرة على المدينة فتم ترييف بغداد والمدن الاخرى.لقد ظهرت العصبية القبلية والمناطقية والمذهبية بدلا من قيم المواطنة . وشيئا فشيئا تحول اهل المدن الى العصبية العائلية والمناطقية والقبلية والمذهبية .

وشهد العراق بعد انقلاب 14 تموز 1958 صعود فئة العسكر والتي هيمنت على ثروات العراق وجلبت معها اقاربها وعشائرها الى الحكم , خصوصا بعد الانقلاب الفاشي في 8 شباط 1963وبعد صعود البعث الى السلطة في العام 1968.

لذا اصبح ابناء البادية والارياف يتحكمون بسكان المدن , وفق نظرة فوقية متعالية . يحاولون الانتقام من المدينة بتدمير كل القيم المدينية مثل التسامح والانفتاح على الاخر وقبول النقد الذاتي . حتى ذوقهم الفني كان هابطا جدا.ومن عاش في زمن البعث يعرف ان التكريتي الحزبي والذي يلبس البدلة العسكرية باللون الزيتوني لايمكن مناقشته , بل يجب طاعة وتنفيذ اوامره.

ان صعود هذه الفئات الطفيلية الرثة الى سدة الحكم باحزابها وعشائرها ادى الى تسيد قيم الاطراف والريف على قيم المدينة والحضارة . وعملوا على تنفيذ سياسة وتقنين القتل والسرقة بدلا من العمل.

لقد قامت الفئات الرثة بانتاج الاصوليات القومية والمذهبية والدينية.وقامت هذه الاصوليات باعادة انتاج فئات رثة جديدة في زمن جديد هو زمن الغفلة .. زمن المكونات والايديولوجيا الدينية.

ان الاصولية والفكر الرث ضد المواطنة والوطنية وضد فكرة الوطن والامة العراقية, حتى لو حملت شعارات تقدمية.لقد اندمجت الاصولية بالايديولوجيا وبالدين وبالطائفة فانتجت لنا نظام الطوائف والكانتونات والمكونات . وهي عودة الى الوراء الى ماقبل اكثر من خمسة الاف سنة .

من اخلاق الرثاثة سرقة عقارات الدولة والمواطنين والمخالفين لهم بالدين والمذهب .وهي اخلاق لانجدها لدى شقاوات بغداد سابقا.اصبحت الوزارة ملكا للوزير وعائلته واقاربه وحزبه وميليشياته.واصبح التعامل بين افراد الفئات الرثة داخل العائلة الواحدة يقوم على التعالي والاحتقار والتحقير للاضعف وللافقر.

لقد امتزجت اخلاق البداوة في التغالب والنفاق والقوة والمخاتلة مع اخلاق الفئات الرثة والتي تقوم باعمال السمسرة والتجارة بالعقارات بدون ان تقوم بعمل انتاجي واحد . وبما انها خاوية ولا تمتلك مشروعا حضاريا وثقافيا وفكريا , لذا قامت بالغاء ومنع المسارح ودور العرض السينمائي والموسيقى والغناء . وحولت العراق الى مكب للنفايات وجدران اسمنتية حتى يمنعوا الشعب من الاحتجاج والعيش برومانسية ورفاهية.

وتم تشجيع الطقوس الدينية والمظاهر الدينية الشعبوية. لقد ارتبط هؤلاء بالانظمة النيوليبرالية وارتبطوا بالقوى الاقليمية والدولية, ولمن يدفع اليهم اكثر.انها العقلية الانتهازية والتي لاعلاقة لها بالدين او بالمذهب او بالوطنية ولا بالقرابة بل تقدس مصالحها الشخصية فقط .

ان الفئات الرثة التي حكمت العراق منذ زمن صدام حسين الى العراق الامريكي اليوم , قد كرست ثقافة القطيع والكتل البشرية الكبيرة , والتدين الطقوسي لكي يتم لها الهيمنة على الشعب وانهاكه , لتقوم هي بالسرقة والنهب.

ان اي تغيير في العراق يستدعي القيام بثورة ثقافية ومعرفية وتنمية بشرية واقتصادية مستدامة.تنمية تعمل من اجل الانسان والارتقاء به دون الاعتماد على الدخل الريعي. وهذا يستلزم تشجيع الطبقة الوسطى على النمو والازدهاروتشجيع الفنون ومراكز البحث العلمي وتطهير جهاز القضاء من الفاسدين واعادة بناء العملية السياسية على اسس جديدة , تتضمن خروج رجل الدين من السياسة, اي علمنة الدولة والمجتمع .

ان التنمية المستدامة ستعمل على خلق اسواق جديدة وطرق مواصلات تجعل الناس يربطون مصالحهم مع الاخرين من المجموعات السكانية من اجل مصالحهم .ومن هنا نعيد بناء الامة العراقية.
الوطن =هوية +مصلحة
ان التطرف والعنف من سمات الشخصية العراقية ,يجب العمل على تفكيكهما عن طريق انظمة التربية والتعليم الحديثة والاعلام بداية من الاسرة والمدرسة والجامعة وجعل الاولاد اصدقاء للاب وللام .

علينا الخروج من الايديولوجيا ومن الحزبية والطائفة الى رحاب الفكر المفتوح والى ثقافة الحوار والانصات والتسامح والاعتذاروالتصالح مع الذات ومع الاخرين .

عندما تغيب الدولة ..
تظهر المليشيات ..
وعندما يغيب الوطن ..
تظهر المكونات ..
ان الغباء القيمي الايديولوجي يعمل على تدمير الوطن,بينما التسامح والمحبة والاعتذار تعمل على بناء الوطن والمجتمع .
لذا علينا محارية التعصب والكره بالحب ..
لنعمل على بناء علمانيتنا الخاصة بمجتمعاتنا ..
اطعام طفل جائع ويتيم افضل مليون مرة من بناء مسجد ..

مقالات ذات صلة:

مقالتنا (الرثاثة ضد صناعة الحياة ) والمنشورة على الرابط التالي :

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=521439



#وليد_يوسف_عطو (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرثاثة ضد صناعة الحياة
- الفاشية المجتمعية وهرميتها
- المثلية الجنسية مرفوضة مجتمعيا
- الالوهة تحت مجهر النقد والمساءلة
- مراسيم الحج قبل الاسلام ورموزها الجنسية
- الجنس : ذلك الثقب الاسود العملاق - ج 2
- الجنس : ذلك الثقب الاسود العملاق
- الجنس في القران : انزياح المفاهيم وانقلاب معانيها
- بين الحداثة وقيم المجتمعات القديمة
- انتهاك حقوق المواطنة والانسان :جزء من سيرتي الذاتية
- مكة بين التاريخ الاسطوري وحقائق التاريخ
- الفتنة تجدد نفسها
- الموسيقى في بلاد الرافدين ومصر
- بيئة مكة والمدينة والمطر
- بدايات المسيحية في فلسطين وخارجها
- تصنيع اسطورة عبدالله بن العباس
- صراع الاجيال والطبقة الوسطى المدينية
- التوظيف الايديولوجي للحديث النبوي - ج 3 والاخير
- يسوع من الناموس الى درب الصليب
- التوظيف الايديولوجي للحديث النبوي - ج 2


المزيد.....




- واشنطن تعرب عن استنكارها -أعمال العنف والخطاب التحريضي- ضد ا ...
- مجموعة من الدروز تهاجم جنديا إسرائيليا حاول فتح طريق أغلقوه ...
- واشنطن تبحث عن -حل وسط- بين مقترحات روسيا وأوكرانيا لتسوية ا ...
- القوات الجوية البوليفية وفرق الإنقاذ تبحث عن طائرة مفقودة في ...
- إدارة ترامب تطالب المحكمة العليا بالسماح بإنهاء الحماية القا ...
- مصر.. سقوط عصابة من الأوكرانيات اللواتي حولن فيلّتهن إلى مصن ...
- مشاهد جديدة من شقة بوتين في الكرملين (فيديو)
- قاض برازيلي يضع الرئيس الأسبق فرناندو كولور تحت الإقامة الجب ...
- الكاميرون تعلن انضمامها رسميا إلى التحالف الإسلامي لمحاربة ا ...
- اليمن.. طاقة نظيفة زمن الحرب تغير حياة اليمنيين


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وليد يوسف عطو - السرقة والقتل بديلا عن العمل