|
بئس الليبرالي أنت يا هذا!!
كمال غبريال
كاتب سياسي وروائي
(Kamal Ghobrial)
الحوار المتمدن-العدد: 5201 - 2016 / 6 / 22 - 22:35
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
نعم في ذهني وأنا أسطر هذه الكلمات شخصية محددة شهيرة، تنشر في مصر والخارج قصائدها الليبرالية العصماء، لكنني لن أشير لاسمه صراحة، لأنه ليس أكثر من نموذج، لما يمكن أن نسميه "محترف ليبرالية"، ونعني تحديداً هذه النوعية التي تتقن استخدام مفردات ومقولات الليبرالية، دون أن تتمثلها في ضميرها، ليتوافق ما تضمر مع ما تعلن من شعارات ولا أروع، ما نستدل عليه ليس بالكشف عن الضمائر، ولكن من مواقفها وممارساتها العملية. ربما هي طبيعة الليبرالية التي تحتوي في صميم هيكلها الفكري من الثغرات، ما يجعل البعض يقع في "سوء الفهم"، وتتيح لبعض آخر "سوء التوظيف". ونظن أن صاحبنا الليبرالي من واقع أدائه في الحقبة المصرية الحرجة منذ يناير 2011 وحتى الآن، يندرج ضمن أصحاب "سوء التوظيف"، خاصة وأن "سوء الفهم" مستبعد عليه إلى حد كبير، وهو الأكاديمي والباحث في كبرى المعاهد ومراكز البحث العالمية. ارتكب صاحبنا عدة خطايا وليست أخطاء، في الفترة العصيبة التي تمكنت فيها جماعة الإخوان الإرهابية والسلفيون من نشب مخالبهم وأنيابهم في عنق مصر. أولها خطايا يمكن الهروب منها بتعلل "سوء الفهم"، ذلك حين يتحدث وكأن الليبرالية ساحة فوضوية، تسمح لأصحاب الأيديولوجيات الدينية السلطوية المهيمنة استغلال السماحية الليبرالية والآليات الديموقراطية للوصول إلى سدة الحكم، لضرب الليبرالية والحرية بآلياتها. . ربما لم يصل لعلم سيادته أن للعبة الليبرالية قواعدها وشروطها، وأن اللاعب الذي يخل بهذه القواعد قد يحصل على إنذار أو طرد من المباراة أو شطب من سجلات اتحاد اللعبة. أو ربما لم تسعفه ليبراليته في اكتشاف حجم ما ارتكبه الإخوان خلال فترة تمكنهم من جرائم، لا تطردهم فقط من الملعب، وإنما تضعهم خلف القضبان!! المدهش أن صاحب المبدأ الليبرالي القائل بالمساواة التامة بين جميع التيارات السياسية، بما فيها التيارات التي تعتبر الحرية والديموقراطية كفراً، عمل أثناء حكم الإخوان "ترزي قوانين" للإخوان المسلمين، عندما احتاجوا لتفصيل قانون يحرم أعضاء الحزب الوطني المنحل من حقوقهم السياسية. هو خلع تام للرداء الليبرالي في عرض استربتيز قدمه كنائب في برلمان الإخوان وشاهدناه جميعاً بأسى، ثم ارتداء لليبرالي الهمام لزي خادم في بلاط "مكتب الإرشاد". يقول صاحبنا بفصاحته الليبرالية أنه أيد خروج الجماهير في 30 يونيو 2013 للمطالبة بانتخابات رئاسية مبكرة، وليس للقيام بانقلاب 3 يوليو. . لا يعرف سيادته ربما رفض الجماعة الإرهابية لكل نقاش أو حديث عن انتخابات رئاسية مبكرة، ولا يعرف أيضاً والأمر هكذا أن الإخوان وفقاً لأيديولوجيتهم المعلنة، وليس بناء على اتهامات ظالمة لهم، ليسوا أهل انتخابات ولا رأي شعب ولا تبادل سلطة، إلا باتجاه واحد، هو اتجاه وصولهم هم لكراسي السلطة مرة وإلى الأبد. وهو يتحدث عن وجوب استكمال التجربة الديموقراطية لا الانقلاب عليها، نظن أنه ربما لم يحضر أو يشاهد ما سميناه "جمعة قندهار" في ميدان التحرير، ولم يشاهد محاصرة السلفيين للمحكمة الدستورية ولمدينة الإنتاج الإعلامي، ولم يشاهد كيف وقف القتلة والإرهابيين، بجانب "خيال المآتة" مرسي، يحتفلون بعيد 6 أكتوبر 2012، ومن بينهم قتلة السادات وفرج فودة، كما لابد ولم يشاهد احتفالية استاد القاهرة، وإعلان الجهاد على الشعب السوري. . هذه هي التجربة الديموقراطية التي أراد النجم الليبرالي استكمالها وليس الانقلاب عليها. "سوء التوظيف" الذي نظنه متعمداً لليبرالية، هو الذي جعل صاحبنا يخلط بين ما هو حق وبين ما هو باطل بامتياز. بين الرفض القاطع لشكل المسيرة المصرية الحالية، التي تتجه لاستبداد غير مسبوق في التاريخ المصري الحديث، وفشل اقتصادي يوشك أن يصل بنا لحالة انهيار اقتصادي واجتماعي شامل، وبين إلحاحه هو وأمثاله من أدعياء الليبرالية على ضم أعداء الحياة والحضارة ومدرسة الإرهاب الأولى إلى توافق سياسي، سبق وأن خرجنا لتونا من التجربة الأليمة لمثيل له، ذلك الذي كان قد دشنه "اتفاق فيرمونت" سيء الذكر والنتائج. هل من الليبرالية يا سيدي الحديث عن توافق سياسي مع من أجنحتهم العسكرية تقتل الشعب والشرطة والجيش المصري الآن في سيناء وسائر أنحاء مصر، أم أنك ترى أنهم معارضون سياسيون أبرياء وأطهار، ويسعون بالفعل إلى الحرية والديوقراطية والحداثة؟!! لماذا يا هذا لا تأخذ خطوة بمنأى عمن تحالفت معهم في أحلك أيام مصر، وتنضم إلى مسيرة أحرار أصلاء ومخلصين، لتعبد لمصر وأهلها طريقاً مغايراً لطرق أصحاب العمائم وأصحاب الكاب العسكري؟
#كمال_غبريال (هاشتاغ)
Kamal_Ghobrial#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من أجل الربيع المصري القادم
-
إني أختنق
-
التعثر في دنيا التابوهات
-
صهيونية إسرائيل
-
مصر وريادة السلام
-
مع مفهوم -أمن الدولة-
-
خربشات على جدار الوطن
-
نقابة الصحفيين بين السلطة الرابعة والبلطجة
-
إذا ما أطفأت تركيا الشمس
-
بداية السقوط
-
بين العاطفة والعقلانية
-
حالة ميؤوس منها
-
ما أظنها حقائق حول قضية جزيرتي تيران وصنافير
-
تنويعات على لحن السيادة المفقودة
-
حالة الاحتقان المصرية
-
مصر تبيع الترماي
-
تجديف في المتاهة
-
شذرات عشوائية
-
عفواً د. سعد الدين إبراهيم. . من فمك أدينك!!
-
العولمة ونهاية التاريخ
المزيد.....
-
وزير خارجية الإمارات يعلق على فيديو سابق له حذر فيه من الإره
...
-
سموتريتش لنتيناهو: إذا قررتم رفع الراية البيضاء والتراجع عن
...
-
DW تتحقق - هل خفّف بايدن العقوبات المفروضة على إيران؟
-
دعوة الجامعات الألمانية للتدقيق في المشاريع مع الصين بعد مز
...
-
الدفاع الروسية تعلن ضرب 3 مطارات عسكرية أوكرانية والقضاء على
...
-
-700 متر قماش-.. العراق يدخل موسوعة -غينيس- بأكبر دشداشة في
...
-
رئيس الأركان الإسرائيلي يصادق على خطط المراحل القادمة من حرب
...
-
زاخاروفا: روسيا لن تساوم على أراضيها الجديدة
-
اكتشاف ظاهرة -ثورية- يمكن أن تحل لغزا عمره 80 عاما
-
بري عقب لقائه سيجورنيه: متمسكون بتطبيق القرار 1701 وبانتظار
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|