أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد المنعم عرفة - الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم.. سيرة وسريرة [20]















المزيد.....

الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم.. سيرة وسريرة [20]


محمد عبد المنعم عرفة

الحوار المتمدن-العدد: 5181 - 2016 / 6 / 2 - 06:17
المحور: الادب والفن
    


رد الإمام على الإدعاء بأن أهل الطريق يحكمون الذوق والحال والوجد ولو خالفوا في ذلك الشريعة:
جهل بعض الناس ممن لا علم لهم بالطريق فظنوا أن أهل الطريق يحكمون الذوق والحال والوجد ولو خالفوا في ذلك الشريعة، ومن يعتقد ذلك في أهل الطريق فقد جهل مبادئهم، ومن جهل شيئا عاداه، فإن الذوق: قبس من نور اليقين الذي هو فوق العلم، والحال: ظهور أنوار اليقين على السالك المخلص حتى يكون متجملا بجمال أهل الخشية والخوف من الله تعالى والرغبة فيما عنده سبحانه، والوجد : حضور بالقلب والسر مع الرب جل جلاله.

ولا يمن الله بتلك المعاني على من خالفوا حُكْمه سبحانه، ومن حكم الذوق والحال والوجد وخضع لحكمها فقد عبد غير الله، وما عند الله لا ينال بمعصيته، فإذا انقاد أهل الطريق للحكم بذوقهم وحالهم ووجدهم فليس ذلك انقيادا لها وإنما هو انقياد لواجب الوقت الذي أوجبه الله على السالك مسارعة إلى تنفيذ حكم الله تعالى الذي تلقاه عن الله إما صريحا من كتابه العزيز، أو من عمل وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمل ائمة الهدى من الصحابة والتابعين، أو استنباطا من الكتاب والسنة.
فإذا اضطر إلى الحكم على أمر ولم يستبن لـه رفعه إلى من هو أعلم منه، فإن خفي عليه نظر بعين المخافة من الله وفكر فيه بقلب ملؤه الخشية من الله، فإن ظهر فيه مصلحة وخير، حكم بإباحته، وإن ظهر لـه فيه مفسدة ومضرة، حكم بكراهته، فإن روح الشريعة تقضي أن كل ما هو خير مباح.
فهم في ذوقهم وحالهم ووجدهم مقهورون بحكم الله تعالى، وكل ذوق أو وجد أو حال يخالف حكم الله تعالى يفرون منه ويتبرأون منه.

ولعلك تنكر قولي "واجب الوقت" فأبين لك هذا الأمر: أخر رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العصر إلى الغروب في غزوة من الغزوات وقال (حبسونا عن الصلاة الوسطى ملأ الله قبورهم نارا). وجلس أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في المسجد يذكر الصحابة بأمر فأخر صلاة العصر، فقال المؤذن: الصلاة يا أمير المؤمنين، فقال: (نحن في صلاة) فقد يقتضي واجب الوقت طهارة القلب فيسارعون إلى طهارة القلب، فإن كل عمل لم يكن صادرا عن قلب: مردود.

وإن الله سبحانه قد أكرم أهل الطريق بما هو كمعجزات أنبياء الله السابقين على نبينا وعليهم الصلاة والسلام، وكيف يستجيب الله تعالى لمن لم يستجب لـه، أو يكرم بآياته من خالف حكمه؟ فأساس طريقهم رضي الله عنهم العمل بحكم الله تعالى ومخالفة كل من خالفه، حتى أنهم يخالفون كشفهم الصريح ويرجعون إلى حكم الله تعالى، وأئمتهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. كان الرجل منهم رضي الله عنهم إذا حكم بحكم وظهر لـه حكم الله تعالى قال اخطأت ويرجع إلى الحق، وإنما أهل الطريق أتباع لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومقتدون بهديهم رضي الله عنهم جميعا.

وكيف يتخيل متخيل أن قوما أقبلوا على الله بالكلية يعتقدون أنهم غير معصومين يحكمون ذوقهم وحالهم ووجدهم ويتركون حكم الله تعالى؟ والحق فوق الخلق عند غيرهم.. فكيف عندهم؟ فهم مع الحق وإن شهدهم من جهل حالهم مخالفين، ولذلك فإنك تراهم يطيعون فقيرا مسكينا وتذل لـه نفوسهم الكبيرة وتخشاه قلوبهم، ويبذلون له نفوسهم ونفائسهم، يعادون لأجله الملوك والجبابرة ما ذلك إلا لأنهم أحبوا أهل الحق ولو كانوا أذلاء فقراء مهانين مرذولين في أعين الناس، ولو أنهم لم يكن الحق مقصدهم الأول لما أذلوا أنفسهم العزيزة لفقير مسكين سمعوا منه الحكمة وفقهوا عنه العظة وعلموا منه الخشية من الله. وكم من سيد في قومه عزيز في سربه ذل لفقير مسكين اتخذه سيدا وإماما يخدم نعليه ويذل بين يديه ويسمع لـه ويطيع ، مع أن الملوك تسترضيه فلا يرضى عنهم، ما ذلك إلا للحق سبحانه، فأهل الطريق رضي الله عنهم صغر في أعينهم ملوك الأرض ما داموا على غير الحق وعظم في أعينهم الفقير الذليل ما دام على الحق.

ولو قرأت تراجم من سادوا في عصورهم لرأيت أغلبهم من العبيد أو من الأذلاء والموالي أو من أهل المهن الدنيئة، بم عزوا وسادوا؟ بما أظهره الله على ألسنتهم من الحكمة، وبما وهبه لهم من الحب لـه وفيه سبحانه، وكيف لا؟ وقد ألقى الله عليهم محبة منه سبحانه بما وفقهم لـه من العمل بما علموا فصاروا عظماء حتى في قلوب العصاة والفسقة لما أظهره الله عليهم من أنوار محبته، فترى الفاسق الفاجر الجبار العنيد إذا رآهم يخشع قلبه ويتذلل أمامهم ويسألهم الدعاء لـه وهم في شظف العيش ورداءة الثياب وخشونة الظاهر، ولا ترى أحدا يعاديهم إلا عليم اللسان جهول القلب أو معاند للحق خب لئيم لا يؤمن بيوم الحساب.

وكفاهم شرفا أن الله تعالى ألقى عليهم محبة منه سبحانه فأحبهم الأميون والعامة والصبيان والنساء، وهي سنة الله في أوليائه، ولعلك قرأت قوله تعالى مشنعا على أعدائه (وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ) (هود: من الآية27) ولعلك قرأت حديث البخاري في باب الهجرة عندما أخرج كفار قريش سيدنا أبا بكر رضي الله عنه وجاء ابن الدغنة ليمنعهم من إخراجه فقالوا: إنا نخشى على نسائنا وصبياننا منه، واشترطوا عليه أن يمنعه عن قراءة القرآن بصوته خارج بيته لأن النساء كن يجتمعن عليه ويبكين ببكائه ويجتمع عليه الصبيان والبسطاء ويبكون معه عندما يرتل القرآن باكيا، ذلك لسلامة قلوب العامة وصفائهم من دون الحظوظ والأهواء وحب الدنيا.

رد الإمام على من يقولون إن الشريعة والحقيقة ليست طريقا واحدا:
أدعياء الطريق وتأويلاتهم: إن الأصول الشرعية يجب على السالك في طريق الله أن يرعاها حق رعايتها فلا يحيد عنها قيد شعرة، والسلوك إلى الله تعالى لا يمكن أن يكون من غير الطريق الشرعي. لما كانت هذه النقطة من أدق النقاط وأصعبها فهما على عقول العامة- خصوصا في هذا الزمان المظلم الذي تفشت فيه البدع واشتدت وطأة المضللين والجاهلين- فقد رأينا أن نعرض الكلام فيها ونفصل ما خفي منها حتى تستبين الحجة فيها وتتضح المحجة، وينجلي ذلك الستار الموهوم الذي أسدله أدعياء المتصوفة وقاطعوا طريق الله تعالى على أنفسهم لتضليل البسطاء وإغواء الأبرياء والتحايل على العيش من وراء هذا الافتراء والبهتان.

يحاول أولئك القوم أن يفهموا السذج من الناس أن الشريعة والحقيقة مختلفتان متناقضتان في لفظهما وجوهرهما، وأنهما طريقان متباينان لكل طريق منهما أصول وقوانين، وأن كلا منهما انفردت بأهلها ومعتنقيها عن الأخرى، ولذلك يحتمون على كل من سار في طريق الحقيقة أن يترك كل ما يتعلق بالشريعة لأنه يسير بزعمهم في طريق أعلى وأسمى من تلك الطريق، ولا يجمل بمن رقي أن يتنزل، ولا بمن تغلغل في بطن الدار وجالس أهلها أن يعود للوقوف على بابها.

رد الإمام على هذه التأويلات:
وجهل أولئك المغرورون أن الشريعة والحقيقة طريق واحد بدايته الأولى ونهايته الثانية، وأن الحقيقة من الشريعة كالقصر المشيد العالي من الأساس المتمكن في أعماق الأرض، فلو لم يبق هذا الأساس ويحكم بناؤه لما قام بذلك القصر ولما دام بقاؤه. وإنه وإن كانت الحقيقة بيتا والشريعة بابه، فإن البيوت لا تؤتي من غير أبوابها، وإن الذي يدخل البيت من غير الباب إنما هو لص مريب لا ينظر إليه بعين الثقة ولا الاحترام.

ولقد بين العلماء العارفون بالله وهن تلك الدعاوي الباطلة التي يضلل بها أولئك الأدعياء عقول الناس، يقذفون بهم في هوة مخالفة الشريعة والخروج على أوامرها، حتى إذا ما انقضت تلك الحياة الدنيا- وسرعان ما انقضى- وجاء يوم الحساب والعقاب: (إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّأُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ)(البقرة166 :167)

مكائد أدعياء التصوف وحيلهم:
واليك بعضا من مكائدهم وحيلهم التي ينصبون شراكها لإيقاع البسطاء: أول ما يبدو لك من أحوالهم: جرأة على الشريعة ، وسوء أدب مع الله تعالى وأمن واستهتار ينبيك بأن نفوسهم لقسة لم تتطهر من رجس الشهوات ولم يوجد فيها القابل الذي يقبل الحقائق ويرضخ لها، وإذا ما أنكر عليهم منكر بعض أمورهم المخالفة للشرع الشريف قالوا كذبا إن حرمة ذلك في العلم الظاهر، وإنا أصحاب العلم الباطن وهو في علمنا حلال، وإن الناس يأخذون من الكتاب والسنة، أما نحن فنتلقى من صاحبهما محمد صلى الله عليه وسلم، فإن أشكل علينا ما نتلقاه منه رجعنا إلى الله تعالى بالذات وإنا بالخلوة، وهمة شيخنا تصل إلى الله فتكشف لنا العلوم فلا نحتاج إلى كتاب وسنة، إن الوصول إلى الله تعالى لا يكون إلا برفض العلم الظاهر الشرعي، وإنا لو كنا على الباطل ما حصلت لنا تلك الكرامات العلية والأحوال السنية من مشاهد الأنوار وكشف الأسرار.

الرد على هذه المكائد والحيل:
كل ذلك ونحوه أكاذيب وترهات بل هو إلحاد وضلال، إذ فيه ازدراء بالشريعة السمحاء وإبطال لحكمة تشريعها، وإن الشيطان لم ينل من المسلمين ما ناله الفساق من المدعين التصوف بالباطل، فإن الله تعالى يقول (وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ) (البقرة: من الآية282) والتقوى هي العمل بعلم الشريعة لأن الأخذ بالعزيمة من شأن الأتقياء، ومن خالف الشريعة صار غوياً لا تقياً، ومثله يعلمه الشيطان الطمع في الأموال وإباحة الأعراض والكيد لمخالفيه والمنكرين عليه.

الذين يحصلون علم الشريعة ولا يعملون به:
كما أن الذين يحصلون علم الشريعة ولا يعملون به هم شر الخلق، لأن العالم إذا استعان بعلمه على نيل الدنيا من الملوك والأمراء- بل ومن المتسلطين من غير المسلمين- بأن يواليهم ويودهم ويتردد عليهم، سلب الله منه بركة العلم وكان العلم حجة عليه يوم القيامة، روي الإمام أبو عمر يوسف بن عبد البر الأندلسي بسنده في كتابه (جامع بيان العلم) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (أول الناس يقضي فيه يوم القيامة ثلاثة: رجل استشهد في سبيل الله فأتى به ربه فعرفه نعمه فعرفها، فقال: فما علمت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت، قال : كذبت ولكنك قاتلت لأن يقال جرئ فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقى في النار. ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن، فأتى به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما فعلت فيها؟ قال: تعلمت فيك العلم ولعمته وقرأت القرآن، قال: كذبت ولكن ليقال : فما فعلت فيها؟ قال: تعلمت فيك العلم وعلمته وقرأت القرآن، قال: كذبت ولكن ليقال هو قارئ وقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقى في النار. ورجل أوسع الله عليه وأعطاه من أصناف المال، فأتى به فعرفه نعمة فعرفها، قال: فما فعلت فيها؟ قال: ما تركت من سبيل تحب أن أنفق فيه إلا أنفقت فيه، قال: كذبت ولكن ليقال هو جواد فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقى في النار). هذا الحديث فيمن لم يرد بعلمه ولا عمله وجه الله، وقد قيل في الرياء أنه الشرك الأصغر.

الشريعة والحقيقة:
يقول الإمام رضي الله عنه : "لا خلاف بين الشريعة والحقيقة، فإن الشريعة حقيقة والحقيقة شريعة. ولكن الشريعة في الاصطلاح أمر بالقيام بواجب العبودية، والحقيقة شهود معاني الربوبية. ولا يكون المسلم كاملا إلا إذا وفقه الله فالتزم بالعبودية وتفضل الله عليه فأشهده معاني الربوبية فشاهد في الشريعة أسرار حكيم وفي الحقيقة أنوار قادر.
ومن أحاط بالشريعة علما والتزم بالعبودية ولم يشاهد معاني صفات الربوبية فغير مقبول، وكل من شاهد معاني صفات الربوبية ولم يتقيد بالشريعة لم يفز بمحصول.
فالشريعة أنزلها الله تعالى للقيام بما أمر.. والحقيقة لشهود ما قضى وقدر، وهي سر تصريف الحق لما أراد ودبر وأخفى وأظهر، والشريعة أن نعبده سبحانه.. والحقيقة أن نشهده جل جلاله، وفي (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) حفظ للشريعة وقوله (وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) (الفاتحة:5) إقرار بالحقيقة.

قلت لك الشريعة حقيقة والحقيقة شريعة: لأن الشريعة وجبت بأمره سبحانه فهي حقيقة، والحقيقة أيضا شريعة من حيث أن العلم به سبحانه وجب بأمره. ولم تكن السياحة في السلف الصالح إلا لطلب العارفين بالله من أهل الحقيقة، لأن ما من بلد من بلاد المسلمين إلا وفيها علماء الشريعة لا يحتاج طالب الأحكام إلى غيرهم، وكان السائحون من كمل العلماء بالشريعة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الشريعة أقوالي والطريقة أعمالي والحقيقة أحوالي). وإنما بينت لك تلك الألفاظ الثلاث ليتضح لك اصطلاح القوم فيها ولتعلم أنه لابد للساك من العلم بالشريعة أولا والعمل بما علم، ولديها يكون من السالكين على الطريق المستقيم. ثم يجتهد أن يطلب العارف الرباني حتى يبذل ما في وسعه، فإن فاز به فهي السعادة وإلا جاهد نفسه على العمل بما علم حتى يورثه الله ما لم يعلم وهي الحقيقة التي تنبلج بها آيات الحق جلية في نفسه وفي الآفاق ويشهده الله جل جلاله أنواره المضيئة في الكائنات التي قام بها كل شيء وبذلك يكون مؤمنا كاملا في مزيد من فضل الله ، يتجدد لـه الخير بتجدد أنفاسه.

وما من سالك أقامه الله في مقام مشاهدة معاني صفات الربوبية إلا وخرق العادة من نفسه أو خرقت لـه العادة، وهم أنواع:
(1) منهم ورثة الأنبياء وهم أصحاب الأحوال العالية والكرامات الظاهرة.
(2) منهم وراث رسول الله صلى الله عليه وسلم في سر من أسراره صلوات الله وسلامه عليه إذ لا يمكن لأي مخلوق أن يرث المقام المحمدي إلا بقدر ما.
(3) وارث رسول الله صلى الله عليه وسلم، خَفِيٌّ عن الخلق مجهول عندهم، لا يعرفه إلا الأفراد المحبوبون لله، لأنه يقهر حاله ووجده وذوقه، وهو الإمام المقتدي به، صورة رسول الله صلى الله عليه وسلم.. صغرت في عينيه الكرامات واضمحلت الآيات، وهو الختم المجمل بجمال الخلة المتحقق بميراث (إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (الأنعام:79)، وقوله سبحانه (فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ) (الشعراء:77)، فهو العبد المتكمل بحلل العبودة الخالصة، وأما غيره ممن ورثوا أسرار الأنبياء السابقين صلوات الله على نبينا وعليهم، فهم أصحاب الأحوال، وبينهم وبين وراث رسول الله صلى الله عليه وسلم كما بين الشمس ضحوة وبين كوكب من الكواكب، وأن الله تعالى يجدد لهذه الأمة أمر دينها على لسان ويدي وارث رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل زمان عند المقتضى.

وقد تغلب مشاهد صفات الربوبية السالك فتخرجه عن الاعتدال فيستغرق في شهود قادر ويحتجب عن شهود حكيم فهي صولة لا تدوم إلا ريثما تتجلى الآيات ويتداركه الله تعالى بمرشد كامل عناية به من الله تعالى أو يسلب منه القوة التي بها التكليف فيكون هائما على وجهه روحانيا لا يشعر بلوازم بشريته، وهؤلاء ليسوا أئمة للمتقين، ومن فضل الله تعالى عليهم أن يضع لهم في قلوب عباده عاطفة ورحمة، وهؤلاء لهم العذر، فإن ما به التكليف فقد منهم، وهم الذين ينزل الله بهم الأمطار ويوسع بهم الأرزاق، لأنهم الفقراء إلى الله، والإحسان إليهم يدفع الله به البلايا عن عباده ويهب به الخير لأنهم مستغرقون في شهود صفات الربوبية فانون عن مقتضيات البشرية، قال بعضهم:
تركت للناس دنياهم ودينهم * شغلا بذكرك يا ديني ودنياي
وفي الأثر: بفقرائكم ترزقون وترحمون.
ظهر لك الفرق بين الشريعة والحقيقة في اصطلاحنا، والأمر سهل عليك، وما عليك إلا أن تسارع إلى تحصيل ما لابد لك منه من العلم بأحكام الله وأيام الله، ثم تسارع إلى العمل به، ولديها يورثك الله تعالى علم ما لم تعلم على لسان من يشاء من أحبابه، أو بنور يجعله الله في قلبك من قبس مشكاة الأنوار.



#محمد_عبد_المنعم_عرفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسائل إلى الدكتور عدنان إبراهيم [3] سر إظهار المجددين
- رسائل إلى الدكتور عدنان إبراهيم [2] شجرة آدم وحواء
- رسائل إلى الدكتور عدنان إبراهيم [1] حكمة خلق الإنسان وإيجاد ...
- أُحِسُ حيال عينيكِ.. بشئ داخلي يبكي
- قانون الكارما.. محكمة العدل الإلهي
- فن الإستمتاع بالحياة [3]
- رحمة الصوفية (إهداء للعزيزة الكاتبة فاطمة ناعوت)
- الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم.. سيرة وسريرة [19]
- الحج والجهاد في الإسلام.. رؤية الإمام المجدد السيد محمد ماضي ...
- الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم.. سيرة وسريرة [18]
- الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم.. سيرة وسريرة [17]
- الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم.. سيرة وسريرة [16]
- الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم.. سيرة وسريرة [15]
- الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم.. سيرة وسريرة [14]
- الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم.. سيرة وسريرة [13]
- الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم.. سيرة وسريرة [12]
- الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم.. سيرة وسريرة [11]
- الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم.. سيرة وسريرة [10]
- الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم.. سيرة وسريرة [9]
- الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم.. سيرة وسريرة [8]


المزيد.....




- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...
- ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع ...
- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد المنعم عرفة - الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم.. سيرة وسريرة [20]