أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد عبد المنعم عرفة - الحج والجهاد في الإسلام.. رؤية الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم















المزيد.....


الحج والجهاد في الإسلام.. رؤية الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم


محمد عبد المنعم عرفة

الحوار المتمدن-العدد: 4782 - 2015 / 4 / 20 - 18:18
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أسرار النواميس الإلهية عند الجاهل أعمال صنمية:
ما هو التابوت الذي كان يحمله موسى عند الجهاد وعند الشدائد وعند الاستغاثة والنجدة؟ وذاك موسى كليم الله! لم يكن التابوت إلا صندوقا من الخشب فيه قطع بالية من سفينة نوح عليه الصلاة والسلام، وماذا قال اليهود فيه وقد أمر الرب كليمه أن يحمله أمامهم وهو كليم الله؟ ويستنصر به ويستسقي به ويستفتح به، قالوا: إنه أنزل مع آدم من الجنة. أنا لا أنكر عليهم قولهم ولا أسلمه لهم، فإن الرب الذي أنزل الناموس بمشيئته يقدس ما ينزله من الجنة، وبمشيئته يقدس ما شاء من الأرض من طين أو ماء أو شجر أو مدر.
فحمل التابوت هذا عند من لا يعقل أسرار النواميس عمل صنمي، وعند من يعقل النواميس يقول: الرب يحكم على خلقه بما شاء ويأمرهم بما شاء ويختبرهم بما شاء. هذا التابوت بعد موسى رفع إلى السماء كما بين في التوراة. خصوصا عندما فشي الزنا والفسوق في بني إسرائيل. ولما قام العمالقة لهلاك شعب إسرائيل، بشرهم الرب في التوراة أن التابوت ينزل مع الملائكة. هذه أسرار الناموس وغرائب آياته تحجب العقل المكسوف نوره عن أن يدرك حقائق الحكمة وغرائب الآيات.
نزل التابوت تحمله الملائكة. ما الذي كان فيه؟ كان فيه : نعلا موسى وثيابه وعمامة هارون وعصى موسى.. سبحان الله!َ! نعلان لرسول من رسل الله يبلغ بهما التعظيم إلى درجة أن يكونا في التابوت؟؟ ويكون هذا التابوت به النصرة وبه الفتح وعود المجد لشعب إسرائيل؟! وتنزل به الملائكة؟! تلك مرموزات الناموس لا تكشف إلا لمن جاهد نفسه مجاهدة يطهر بها من خبث الضلالة وظلمة الجهالة ودخان العناد ونار العصبية للآباء ويخرجها من هوة الطمع فيما يفنى.

انتقل بنا إلى عصا موسى عليه السلام ما هي عصا موسى؟ غصن من شجرة ربما زرعها كافر، وسقاها كافر، وقطعها من الشجرة كافر. وإذا أراد أن يظهر الآية يظهرها كيف شاء وبما شاء وفيما شاء. كانت العصا عند شعيب عليه الصلاة والسلام ثم أعطيت لموسى ، فقدسها الله وبارك فيها حتى صارت كأنها كلمة الله، وصار موسى – كليم الله- بدونها إنسانا لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا. فالقادر على أن يجعل العصا كلمة كن في يد موسى قادر أن يجعل هذا كله بكلمة من موسى وبحركة يده وبأي عصا من العصى، ولكنه سبحانه يقدس ما شاء ويظهر ما شاء ويضع سره فيما شاء وفيمن شاء، وهذا أيضا رمز من مرموزات الناموس الأعظم.

بيان الإمام حول الحج والكعبة المشرفة
انتقل بنا إلى الخليل أصل الرسل عليهم الصلاة والسلام ووالدهم الأوسط ومبدأ الفيض الأقدس. ثبت بالتواتر والأثر أنه عليه الصلاة والسلام هو وابنه إسماعيل عليهما الصلاة والسلام رفعا قواعد البيت ووضعا الحجر الأسود بيديهما عليهما السلام وأخبرا أنه كان مع أبيهما آدم أنزله معه من الجنة.. فما للإنسان ينحني رأسه إذا ذكر التابوت ويصدق أن صندوقا من الخشب نزل من الجنة ولا ينكر على موسى الكليم أن يحمله عند الشدائد، ثم إذا سمع أن التابوت نزلت به الملائكة تحمله إلى طالوت عند قتال العمالقة وأن التابوت كان فيه نعلا موسى عليه السلام.. ينحني تعظيما للتابوت وما فيه ويعترف أن التابوت باركه الله وجعل فيه سر الفتح والنصر !! ولا يحظر على قلبه أنه كالصنم لبني إسرائيل، ومن موسى عليه السلام في جانب الخليل عليه الصلاة والسلام في جانب آثاره العلية وآياته الجلية، وهو عليه السلام عند خروجه من مصر لبني إسرائيل أمسك عليه مسالك الخروج حتى حمل معه الصندوق الذي به جثة يوسف الصديق بن يعقوب عليهما السلام، فهل كانت تلك الجثة صنما لموسى عليه السلام ؟ وما للإنسان ينسى عيوبه وينظر الحسن في أخيه قبيحا؟
كان التابوت صندوقا من الخشب فيه رضاض من سفينة نوح عليه السلام باركه الرب حتى أمر كليمه أن يحمله وجعله وجهة للأجسام حتى لا تقع الأعين عليه إلا اطمأنت ولا تمسه الأدي إلا سرت في القلوب روح يقين وإقدام، ولا يفتح إلا حصل النصر وانشرحت الصدر. سبحان الله. ألأنه صندوق خشب داخله نعلان؟.. لا ولكن الرب يبارك فيما شاء ويبارك فيمن يشاء.
فكذلك الكعبة التي هي حجرة بناها الخليل إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما الصلاة والسلام، وهذا الحجر الأسود هو الحجر الذي وضعه إبراهيم واسماعيل عليهما الصلاة والسلام، ورفعا هذا البيت بأمر الرب جلت قدرته وبشرهم الرب بأن هذا البيت مبارك، وبشر إبراهيم بأنه سيكون من ولد إسماعيل أمة مباركة يظهر فيها خير رسول.
فكان هذا البيت هو الذي بناه الخليل وابنه وباركه الرب كما بارك في التابوت، وبارك في عصى موسى، وبارك في الحجر الذي كانت تتفجر منه الأنهار، وبارك في الطينة التي خلق منها آدم وأسجد لـه الملائكة بنص التوراة، وهذا الحجر هو الحجر الذي لمسته يد الخليل ويد أبنه وأخبر أنه نزل مع آدم عليه الصلاة والسلام، وأني لمصدق أن الرب باركه ولو لم يكن من الجنة، فإن الرب كما تقدم يبارك فيما شاء وفيمن شاء، والعرش والأرض سواء في نظر الرب لا فرق بين الأرض السفلي والعرش الأعلى بالنسبة للرب، ولكنه سبحانه يرفع ما شاء على ما شاء.
والرب علي عظيم عن القرب المكاني من العرش والأرض، والعرش والأرض في قبضته سبحانه، وفي حيطة علمه وفي تدبير قدرته ومشيئته، ولو شاء أن يجعل قطعة من طين الأرض ترتفع حتى تكون فوق العرش لفعل سبحانه، وقد فعل.. فإن الإنسان من طين، وبعض أفراده من الرسل الكرام والصديقين والشهداء يكونون في جوار الرب يوم القيامة فوق عرشه، فمنزل الناموس سبحانه وتعالى وبارك في هذا البيت وبارك في هذا الحجر وجعله رمزا من مرموزات الناموس.

لا يسعني أن أكشف تلك الأسرار العلية الغامضة عن العقول المحجوبة بالحظ والهوى في مقام أدعو فيه أخي في النوع إلى نجاته من هاوية العذاب إلا بقدر معلوم.. إن المسلم يقبل الحجر مستحضرا اليد التي وضعته، وكأنه يبايع تلك اليد على أتباع الإسلام الذي هو ملة إبراهيم عليه الصلاة والسلام، لأن الله تعالى أكرم خليله عليه الصلاة والسلام وجعل من ولده إسحاق أمة إسرائيل وأكرمها بالرسل والأنبياء حتى أنجز ما قدر سبحانه وأراده، وأكرمه عليه الصلاة والسلام فجعل من ولده إسماعيل عليه السلام الأمة العربية، وأكمل نعمة على جميع خلقه وأتم فضله عليهم بأن جعل من الأمة العربية خاتم رسله الذي بعثه لكافة الناس بشيرا ونذيرا واستجاب لخليله دعوته التي دعاها لإسماعيل وبنيه بأن يجعل منه أمة عظيمة بقوله (رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ )(البقرة: من الآية129) إلى آخر الدعاء الذي دعاه وهو معنى قول موسى عليه السلام: يكون من بني عمنا.. إلى آخر البشرى. وبنو عمهم بنو إسماعيل، فكان الإسلام هو ملة إبراهيم الحقيقة التي كان عليها وهو وأولاده عليهم السلام، وبرهان ذلك: جعل بيته كعبة المسلمين.

إن الله فرض حجة على المسلمين بشروطه المخصوصة، ولم يكن عملا ضمنيا وإنما هو عمل للتقرب إلى الله تعالى وللقيام بحقوق عباد الله ولإطاعة أمر الله والاقتداء بسنن رسل الله. وكأن المسلم بلمس الحجر الأسود وأداء فريضة الحج:
1- عاهد الخليل عليه السلام على العمل بإخلاص، معتقدا أنه نفد أمر الله تعالى وقلد رسل الله صلوات الله وسلامه عليهم.
2- تقرب إلى الله تعالى بأكمل العبادات التي بذل فيها ماله، فوسع على خلق الله في السفر إلى مكة.
3- بذل فيها نفسه بمفارقة الأهل والمال والوطن.
4- شهد من عجائب قدرة الله وغرائب حكمته سبحانه وآثار رحمته ما جعل قلبه يطمئن بالقدرة وصدره ينشرح بالحكمة.
5- جعل الإيمان ينمو في قلبه حتى يبلغ درجة اليقين.
6- قابل إخوته المؤمنين فانتفع بعلم العالم وحكمة الحكيم وحلم الحليم وأخلاق الكريم وعمل الموفقين.
7- شهد من أنواع العادات واختلاف الألوان والأشكال واللغات ما جعله يحب الله سبحانه وتعالى ويعظم جنابه العلي.
8- تتجدد العافية بالحج بعد فقدها والصحة بعد زوالها، ويتعلم التدبير والحكمة والمداراة والترتيب، وينشط بعد الكسل ويشجع بعد الجبن ويسخو بعد البخل.
9- يمكنه أن يجمع بين الحج والتجارة فيتجر تجارتين للدين والدنيا، فيأخذ ما يحتاج إليه أهل الحجاز ويجلب ما يحتاج إليه أهل مصره.

حكمة لا تنكشف إلا لمن فهم أسرار الكتب السماوية وذاق حلاوة الإيمان بها والتسليم لها.
أسألك أيها المنكر حكمة الحج وأسراره على جهل منك بفوائدها الجلية وخيراته المحسوسة: ما هو هيكل الرب؟ وما هو المذبح الذي كانت تذبح عليه الأنفس أمام هيكل الرب؟ وما هو القربان الذي كانت تأكله النار؟ أكوشفت باسراره أم ظهر لقلبك خفيه؟ مالك والإنكار على الحج ونوره ساطع وسره باهر وخيره وافر وبركاته مفاضة؟ وما هو الدهن المقدس الذي كان لا يدهن به إلا نبي؟ أمن الجنة نزل؟ أم ذلك دهن لبن النعجة التي كانت نعجة الخروف المذكور في رؤيا يوحنا الذي لـه قرون من ذهب ونعال من ذهب وأنه هو الرب وأنه ذبح؟ أنا معتقد أن يوحنا نفسه لو سمع أنه نسب إليه هذا لصعق فضلا عن أن يقوله بنفسه. وليس جعل خروف لـه قرون من ذهب ونعال من ذهب إلها يتنزل به الناموس. فإن كل مرموزات الناموس نزهت الجناب العلي عن التشبيه والتحديد وعن المثيل والنظير والولد والوالدة، وكل مرموزات الكتب السماوية لإظهار آيات دالة على أنه واحد مريد فاعل لما يشاء يأمر بما شاء وينهي عما شاء، لـه الخلق والأمر وهو على كل شيء قدير.

فالتابوت ، وعصا موسى ، وحجره الذي تفجرت منه ينابيع الماء، وصنع السفينة قبل الطوفان، وناقة صالح عليه السلام، وحمل سارة بإسحاق بعد اليأس، وبناء بيت للرب، وعمل مذبح يذبح عليه إمام الرب، وماء المعمودية.. كل تلك الإشارات من إشارات الكتب السماوية تنكشف غوامضها للمقربين المحبوبين، وكذلك الأرض المقدسة والصخرة المقدسة. فالله سبحانه وتعالى بارك في النار التي ألقى فيها سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام وأبقى فيها الإشراق وأبطل منها الإحراق، وبارك في ناقة صالح فكانت وجهة أمته، وبارك في حمار العزير فكان آية كبرى، وبارك في كلب أهل الكهف فكان عجيبة للعقول ، وبارك في عصا موسى عليه الصلاة والسلام فكانت ككلمة كن.
وكم بارك لأنبيائه ورسله: فمنهم من جعله يقبض الحديد محميا بيده، ومنهم من جعل لـه بساطه يحمله ويمشي به في الهواء، ومنهم من بارك في يده فكان لا يمس بها ميتا إلى أحياه الله ولا مريضا إلا شفاه الله، وكل تلك آثار رسله عليهم الصلاة والسلام.

ذلك الإنكار إنما جاء من دين أسس على أن رجلا حل فيه الرب، أو أن الرب حل في فرج امرأة وتجسم إنسانا، أو أن الرب مجهول في ثلاث، ثم أسسوا دينهم بعد ذلك على أن الذي يترك أكل اللحم والسمن ويترك الزواج يحل فيه الرب!! والحقيقة أن الذي يترك أكل اللحم والسمن يكون حمارا يأكل النباتات أو فرسا أو جملا، والذي يترك الزواج يكون نباتا يتغذى وينمو، والحقيقة أن النباتات لـه عضو ذكورة وأنوثة، فإذا كان الإنسان ينحط عن رتبة الإنسانية إلى رتبة البهيمية إلى الرتبة النباتية يحل فيه الرب ويكون منزها مقدسا يخلو بالنساء الجميلات ويغفر السيئات ويعفو عن الخطايا ويبيع الملكوت ويحل ويحرم.. من كانت هذه عقيدته لا شك أن أعماله جميعها تكون صنمية.

والرسول الذي بعثه الله بالتوحيد للناس جاء بالمعجزات التي سجدت العقول لها وعجز الخيال عن تمثيل كمالاتها: كشف للعقل الحجاب حتى أشهده انه عبد الله ورسوله، وأنه لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا إلا أن يشاء الله، وأنه لا يعلم الغيب، وأنه إنما هو بشر مثلنا أوحى الله إليه أنه لا إله إلا الله، وأنزل عليه الوصايا والتعاليم التي استقبلها العقل بتسليم وإخلاص وتصديق.. لا شك أن أعماله تكون مؤسسة على تنزيه الحق جلت قدرته عن النظير والضد والمثيل.. كل أعماله تكون موجهة للواحد الأحد المنزه عن أن يكون محلا للأشياء وعن أن تكون الأشياء محلا لـه، سبحانه هو المنفرد بنفسه المتوحد بأوصافه، لا يمتزج ولا يزدوج إلى شيء، بائن من جميع خلقه، لا يحل بالأجسام ولا تحله الأعراض، ليس في ذاته سواه، ولا في سواه من ذاته شيء، ليس في الخلق إلا الخلق ولا في ذات الله إلا الخالق.. فتبارك الله أحسن الخالقين.. لم يلد ولم يولد ولم يكن لـه كفوا أحد.

هذه العقيدة التي يجب أن يعقد عليها قلبه الصبي المسلم من فطامه وتنمو معه في كل يوم جديد عندما يبتدئ في حفظ كلام الله القديم، وعندما يسمع قوله سبحانه وتعالى لنبيه (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُم)(الكهف: من الآية110)وقوله سبحانه وتعالى (قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً )(لأعراف: من الآية188)، وقوله تعالى (وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ) (البقرة:163) وقوله تعالى )لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا )(الانبياء: من الآية22)، فلا يحفظ آية من القرآن المجيد إلا وتنمو العزة في نفسه وتعظيم الله وحده في قلبه، أفمن كان هذا أصل أصول دينه يقال إنه يعمل عملا صنميا؟ إنما الذي يعمل عملا صنميا من اتخذ إنسانا يأكل ويشرب ويبول ويتغوط وينام ويجوع ويمرض ويفرح ويحزن ويخاف من الهوام ومن الوحوش ومن إنسان يعاديه، وبعد ذلك النقائص التي يتنزه عنها الرب- وينزه جنابه العلي عنها عقل الأطفال- إذا نظر ما حوله من الآيات وما فوقه ثم يقول بعد تلك الخسة والنقائص هو الله الذي خلق السموات والأرض.

والله لو أن إنسانا وقف أمامي فقال لتكن السماء أرضا والأرض سماء فكانا كما يقول وشهدت ذلك بالحس وقال إني لست إنسانا ولكني ملك من السماء لكذبته في دعواه أنه من الملائكة وحكمت أنه إنسان لـه تأثير نفساني على الخيال الإنساني، فكيف بإنسان أتى بمعجزة لم تخرج عن القدر الذي أهل الله الإنسان لنيله من الطب، فإن كثيرا من الأطباء برعوا في علم الرمد حتى يمكنهم أن يزيلوا ما على العين من الغشاوة والماء الذي حجب نورها، ومن الحكماء من يعلم أن يعالج من حصلت لـه السكتة بطريق التنفس الصناعي، ويعالج من أصابته النقطة بالاستفراغات والدلك. تلك الأمور التي في العالم الطبيعي لها نظائر تجعل أهل العقول السخيفة يجعلون من اتصف بها إلها يعبد من دون الله أو ابن الله أو حل فيه الإله. وتنسى تلك الأعمال الموجبة للفضائح أمام العقول وتنكر الحق الصريح أو حل فيه الإله. وتنسى تلك الأعمال الموجبة للفضائح أمام العقول وتنكر الحق الصريح البين على أهله، ما لك وللجولان في ميدان العقل دونه خاشعا؟؟.

الشمس مشرقة أيها الحيوانات الليلية ، لم يخل الأفق من الشمس العلية. وأني اسأل الله أن يحفظ بني الإنسان من شر أكابر المجرمين الذين أفسدت عليهم السيادة والرياسة الدين والدنيا وأنستهم يوم الحساب وشديد عذاب الهاوية، وأن يمن على وعليهم بنور يبين لنا الحق والباطل، فنتبع الحق ولو لم يكن عليه آباؤنا، ونتجنب الباطل ولو كان عليه آباؤنا، ويمنحنا السعادة الحقيقية والخير أنه مجيب الدعاء، ويعيذنا من الضلال والضلال لنعمل بالكتاب والسنة، وأن يحفظني بحفظه من الشر وأهله، ويكرمني وأهلي وأولادي وإخواني والمسلمين.

الحج من مرموزات الكتب السماوية، وقد بينت لك ما ظهر لأصغر مسلم يعتقد أن الله فرض عليه الحج. ولو أنك أسلمت لله رب العالمين وتوجهت إلى الحج تأدية لما أوجبه الله عليك.. لانكشفت لك أسرار تلك المرموزات بما يجعل عقلك بعقلها عن قلبك الذي جعل الله لـه نورا يفقه به أحكامه ويقوي به يقينك.


سيف الإسلام سيف الرحمة
ليس تاريخ العرب بالتاريخ الذي كان منقوشا على الأحجار فمحى من عليها، أو مرموزا باللغة العجمية وليس من يقرأه، ولكنه تاريخ جلي يعلم كل عاقل ما كانوا عليه وما آلوا إليه.
عجبا عجبا!! يخرج العربي من جوف مكة في زمن لم تكن هناك معدات سفر ولا عوارف حضر ولا آلات للنقل، فيخرج والقرآن في يمينه، وحب الخير لامة بني الإنسان في ضميره، وقليل من القوت والماء على ظهره، والسيف الذي هو رحمة الله في يساره، أقول رحمة الله لأنه: في يد من سل؟ وعلى من سلط؟ في يد إنسان ملأ الله قلبه رحمة ليسوي بين أفراد الإنسان، وجعل في قلبه نورا لينشر العدل بين بني جنسه، لا يقصد بذلك أن يقهرهم على اعتناق دينه ولا أن يخرجهم من الملك الذي هم فيه ما داموا على مبادئه الشريفة الفاضلة من العدل والمساواة والرحمة والشفقة والتعاون والصلة والبر، لا فرق عنده بين النصراني واليهودي والصابئ، وها هم أهل الذمة في كل بلد إسلامية برهان ساطع على أن الأمر كما أقول.

على من سلط هذا السيف؟
سلط على جبار عنيد يستعبد عباد الله، وطاغية فاجر عامل لمحو الحق وإظهار الباطل، سبحان الله. ما للعيون عميت عن الحقائق وهي مجلوة‍‍‍!! وما للقوب انصرفت عن الآيات وهي مضيئة!! اللهم رحماك. فكأن الإنسان ليس بإنسان لأنه أهمل عقله إهمالا جعله يجعل الباطل حقا ويؤيده بأباطيل، ويجعل الشمس الجلية ضحوة مظلمة.
قلت إن السلم لم يجعل سيفه في قهر الناس على اعتناق الدين، لأن الجمال الإسلامي تجلي للعقول الكاملة وللقلوب السليمة تجليا جذبها إليه. ومن رأى الكتب التي ألفت في تفسير القرآن وخدمة الأحاديث النبوية واستنباط الأحكام من الكتاب يتحقق أن أكثر مؤلفيها من غير العرب، وأنهم من عقلاء الأمم وعلمائهم الذين جذبهم الحق إليه وقربهم منه، الذين تجلت لهم أنوار الإسلام فاهتدوا بها إليه وظهرت لهم حقائقه فأقبلوا بها عليه، فلما أن باشرت بشاشته قلوبهم تفجرت ينابيع الحكمة منها فترجمت بها ألسنتهم. ومن قرأ تلك الكتب يعلم حق العلم أن الذي دعا العالم إلى الإسلام جماله الحقيقي ونوره الجلي. وإنما كان السيف الإسلامي لمحو الظلم والفسوق والجهالة والرذائل، وإلا فما لنا نرى أكثر من أسلم من غير العرب هم الذين خدموا الدين بعلومهم وأفكارهم!! وبينوا أسراره وأنواره وكشفوا للعقول عن حكمه وآدابه!! ونرى من بقى منهم على دينه ممتعين بأملاكهم وأموالهم وخدمهم وهم أقل ممن أسلم عقلا وأدنى منهم فكرا وأبعد منهم معرفة بأسرار الحكمة.

خرج هذا العربي بعد أن تلقى عن سيد رسل الله صلوات الله وسلامه عليه من مكة مخترقا تلك البوادي القاحلة والصحاري الماحلة والجبال الشامخة والبحار المحيطة، حتى رمي بنفسه إلى الأقطار النائية، فما مر على مجتمع جاهلي إلا جمله بفضائل الإسلام، ولا على أمة ضالة إلا هداها إلى الحق، ولا على مدينة فاسقة إلا أرجعها إلى الهداية.. فكأن كأشعة الشمس التي تسري في الدقيقة الواحدة بسرعة تحير عقل العاقل في سرعة سريانها وفيما تفيضه من الخير ومن النور والهدى والبيان، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الشمس، وكان أصحابه هم الأنوار المنبعثة من تلك الشمس العلية.
خرج العربي من مكة حتى خاض لجة المحيط ، محيط الظلمات (المحيط الأطلنطيقي) غربا، وخرجط من مكة حتى سبح في لجة المحيط الهادي شرقا، ونشر النور في أقطار الهند والصين حتى جبال القوقاز، ولم تقف به عزيمته حتى أبقى لـه في كل واد أثرا لا يزال لسان صدق ناطقا بما للإسلام من الفضل العميم، ونورا مبينا شاهدا بأن الإسلام هو الدين الحق الذي يجب على كل عاقل أن يعتنقه.

قام هذا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بين أصحابه، فنور قلوبهم بالحكمة النظرية بما أنزله الله عليه من كتابه المجيد، وما أوحاه الله إليه من الحكمة والبيان، ثم قام صلى الله عليه وسلم بأكمل أحوال الحكمة العملي، فعمل الأعمال الروحانية والبدنية الخالصة للدار الآخرة ، والأعمال البدنية للدنيا والآخرة، والأعمال الروحانية والبدنية لخير بني الإنسان، فبث صلى الله عليه وسلم روح تلك الأعمال في أرواح سلمت لـه صلى الله عليه وسلم، وقلوب تخلت من سواه صلى الله عليه وسلم، وآمال تعلقت به صلى الله عليه وسلم، فكانوا صورة كاملة لجنابه صلوات الله وسلامه عليه، وآية كبرى دالة على أنه خاتم رسل الله وسيدهم صلوات الله وسلامه عليهم وعليهم أجمعين. وليس بنقص في الشمس أن يراها الخفاش مظلمة وأنكر فضلها البوم والعقارب والأفاعي وأشكالها من الحيوانات المؤذية التي لا تهتدي في النور المشرق. وكم من حيوانات تتطيب بالقاذورات وتتغذى منها، وتموت إذا شمت الطيب، وكذلك الحيوان الذي هو على صورة الإنسان يرى الحق باطلا والباطل حقا، كما يرى الخفاش نور الشمس ظلمة وظلمة الليل نورا.. نعوذ بالله من هوى يعمي عن الحق وحظ تنقلب به الحقائق، واسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل لنا نورا في قلوبنا نهتدي به إلى الحق، ويحفظني وأهلي وإخواني والمسلمين.

لعل المنكر يجهل ما من الله به على جميع الخلق من الرحمة برسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول قام والسيف صلت- أي مسلول- في يده، ونعم.. ولكنه سيف رحمة وحنانة ورافة وشفقة، وإلا فالذي كان في يده السيف للنقمة لم أبقاك أيها المنكر حيا وكان من السهل عليه أن يقول كلمة صغيرة في وصاياه تكفي أن تكون الكرة الأرضية كلها ليس على وجهها غير مسلم؟
لعلك لا تسلم بحكمي هذا، لكني أبين لك بالبرهان الحسي أنه لم يشهر السيف إلا على الظلم ولم يضرب به إلا هامة الجور. أنظر إلى المدن التي أسسها الإسلام والبلاد التي ملكها المسلمون، تر النصراني واليهودي والمسلم سواء في كل الحقوق المدنية. فلو كان السيد سيف النقمة لغير المسلم لما أبقى نصرانيا ولا يهوديا.. أقول على وجه الأرض، لأن المسلمين إذا كانوا متمسكين بالدين تمسكا حقيقيا مكنهم الله في الأرض بالحق تمكينا حتى جعل لهم من القوة ما يمكنهم به أن يقهروا الخلق أجمعين على الإسلام أو القتل- ولم نسمع بهذا أبدا- وإنما كانوا يقهرون الظلمة الذين كانوا يستعبدون خلق الله من الملوك والرؤساء، ليجعلوا عباد الله يتنعمون بنعمه سبحانه في مستوى واحد، ويكون لليهودي وللنصراني ما للمسلم من الحقوق كلها، ويمتاز النصراني واليهودي عن المسلم بأنه لا يكلف بحماية الثغور ولا بمدافعة الأعداء في الجهاد ولا بحراسة المدن ليلا، بل يكونون في أمن وأمان يعملون في أعمالهم الخاصة ويستريحون متى شاءوا.
وكان المسلم يكلف بدفع زكاة ماله في كل سنة والذمى يكلف بنظيرها من ماله، وزكاة المال من المسلم لا تجعل لـه امتيازا. وما يؤخذ من الذمي من المال يجعله في رياض الأنس وحصون الأمن، تسفك دماء المسلمين وهو آنس بزوجته وأولاده فرحا مسرورا، ويفارق المسلمون أولادهم وأهلهم وبيوتهم وهم كأنهم ملوك في منازلهم ومزارعهم ومصانعهم. هذا هو الذي سل لأجله سيف الإسلام، فهو رحمة لا نقمة، ونور لا ظلمة، وحياة لا موت، وسعادة في الدنيا لأهل الذمة، وسعادة في الدنيا والآخرة لمن انكشفت لـه أسرار الدين ممن أسعدهم الله بالعقل.

إن العرب الجاهلية الأذلاء، الجائعي البطون، العراة الظهور، المتفرقي الكلمة، الجبارين، كيف سادوا وملكوا الأرض شرقا وغربا وأسسوا المدينة الفاضلة على أكمل أسس؟ لم يكن ذلك إلا بالإسلام . نعم.. ولم يكن قبل الإسلام مدينة فاضلة بمعنى الكلمة، لا ، ولا في عصر رسل الله السابقين ، فإن شاهد الحق لدينا أقاصيص التوراة وما جاء في الكتب المقدسة من الحوادث المهمة. أي مدينة من المدن القديمة كانت مؤسسة على الفضائل الكاملة؟ الأمر جليس كالشمس في السماء الصحو، وإنما صار المجتمع الإنساني مجتمعا فاضلا بعد الإسلام لا قبل الإسلام. كان الحق للسيف والسوط والقوة قبل الإسلام، فما ظهر الإسلام إلا وظهرت الفضائل الكاملة بأجلى مظاهرها، والمساواة الحقيقية بأجلى معانيها. لا تجعل أعمال بعض أهل الجهالة من المسلمين حجة على الإسلام، وإنما هي وصايا محفوظة لم تغيرها السنون والدهور، ولم يحرفها أهل المطامع والجهالة والغرور، لأنها تنزيل من حكيم حميد.



#محمد_عبد_المنعم_عرفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم.. سيرة وسريرة [18]
- الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم.. سيرة وسريرة [17]
- الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم.. سيرة وسريرة [16]
- الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم.. سيرة وسريرة [15]
- الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم.. سيرة وسريرة [14]
- الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم.. سيرة وسريرة [13]
- الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم.. سيرة وسريرة [12]
- الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم.. سيرة وسريرة [11]
- الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم.. سيرة وسريرة [10]
- الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم.. سيرة وسريرة [9]
- الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم.. سيرة وسريرة [8]
- الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم.. سيرة وسريرة [7]
- الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم.. سيرة وسريرة [6]
- الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم.. سيرة وسريرة [5]
- الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم.. سيرة وسريرة [4]
- الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم.. سيرة وسريرة [3]
- الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم.. سيرة وسريرة [2]
- الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم.. سيرة وسريرة [1]
- فن الإستمتاع بالحياة [2]
- فن الإستمتاع بالحياة [1]


المزيد.....




- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- لوموند: المسلمون الفرنسيون وإكراهات الرحيل عن الوطن
- تُلّقب بـ-السلالم إلى الجنة-.. إزالة معلم جذب شهير في هاواي ...
- المقاومة الإسلامية تستهدف تحركات الاحتلال في موقعي المالكية ...
- مكتب التحقيقات الفيدرالي: جرائم الكراهية ضد اليهود تضاعفت ثل ...
- قناة أمريكية: إسرائيل لن توجه ضربتها الانتقامية لإيران قبل ع ...
- وفاة السوري مُطعم زوار المسجد النبوي بالمجان لـ40 عاما
- نزلها على جهازك.. استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة الجديد 20 ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد عبد المنعم عرفة - الحج والجهاد في الإسلام.. رؤية الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم