أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جورج حداد - روسيا تحاصر اميركا نوويا وتحقق التفوق العسكري في الحروب الاقليمية ايضا















المزيد.....



روسيا تحاصر اميركا نوويا وتحقق التفوق العسكري في الحروب الاقليمية ايضا


جورج حداد

الحوار المتمدن-العدد: 5180 - 2016 / 6 / 1 - 23:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


المحرك والعامل المقرر في الجيوستراتيجيا الدولية.
الدور المقرر للاستطلاع (التجسس)
ومع الاختلاف الشكلي ـ الفني او التقني بين الحقلين، يمكننا القول إن الجاسوسية (والجاسوسية المضادة) هي الدينامو والمحرك الرئيسي في الحرب بين الجيوش والكتل والحشود الآلية المتحاربة. فإن جيشا يمتلك كتلة محاربة (بشرية وآلية) اصغر، ولكنه يمتلك قوة تجسسية اكبر وأفعل، تكون حظوظه في النجاح والنصر اكثر من جيش معاد اكبر منه ولكنه اقل كفاءة جاسوسية.
البشر يخضعون لما يصنعون
ومع ان البشر هم في كل الحالات الذين يصنعون ويديرون كل شيء حولهم، فإنهم في المحصلة يصبحون خاضعين وتابعين لما يصنعون. وإن التطور العلمي والتقني قد حتم ان الجانب التقني في التجسس قد تقدم كثيرا على الجانب البشري الحي. وينطبق ذلك بالاخص على الرادارات البرية والبحرية والجوية والاقمار الاصطناعية والطائرات، التي تقوم بمسح المديات المقابلة، بموجات الرادار، والاشعة والليزر وموجات الاستشعار الحراري والكهرمغناطيسي، واكتشاف وجود الأهداف المعادية والتقاط موجاتها وفك شيفرتها وتعطيلها، وتحديد الأهداف المعادية التي يجب ضربها، وتصويب القوة الضاربة الصديقة نحو أهدافها، وتجنب وتشتيت او تدمير القوة الضاربة المعادية. وأكثر فأكثر تضطلع الأقمار الاصطناعية والطائرات التجسسية (بطيار وبدون طيار) واقسام التجسس والمسح الراداري والليزري والالكتروني والكهرمغناطيسي الخ.، في الطائرات المقاتلة والمطاردة والقاذفة والصواريخ الباليستية والمجنحة، بدور متزايد في الحرب المعاصرة.
الطائرات التجسسية الروسية "تفاجئ" اميركا
وفي هذا السياق فإن مجلة The Diplomat الاميركية كتبت تقول "ان الطائرات التجسسية الروسية اصابت الولايات المتحدة الأميركية بالمفاجأة". ان طائرات "ايل ـ 20" و"تو ـ 214R" يمكن لواشنطن فقط ان تحسد روسيا عليها. وتلاحظ المجلة ان مجرد ظهور هذه الطائرات في مجموعات اسراب الطائرات الروسية في سوريا، شكل تهديدا فوريا للقيادة السيبيرنيتية الأميركية.
وبهذا الصدد كتب كيتلين باترسون، وهو احد المحاربين القدامى في مشاة البحرية الأميركية (المارينز) تعليقا لمجلة The Diplomat جاء فيه انه من الواضح ان التوظيفات الكبيرة التي خصصتها موسكو لبرنامج التحديث العسكري قد أعطت نتائجها.
"السو" الروسية تخيف العسكريين الاميركيين
ففي طائرة سو ـ 24، وطائرة سو ـ 27، يجد العسكريون الاميركيون دائما شيئا ما يخيفهم.
ويقول هذا المحلل ان البعض يعتبرون ان القوات المسلحة الروسية هي عبارة عن جيش "دولة في حالة انهيار طويل المدى". ولكن الولايات المتحدة الأميركية يمكنها فقط ان تحسد النتائج التي توصل اليها برنامج التحديث العسكري للقوات الجوية الروسية. والامر يتعلق بتجديد ترسانة التسلح العادي (التقليدي)، وخاصة وسائل التجسس الراديو ـ تكنيكي والحرب الراديو ـ الكترونية.
واحدى هذه الوسائل صارت طائرة ايل ـ 20، المستخدمة في سوريا، وهي مجهزة برادار للرؤية الجانبية، وأجهزة الاستشعار البصرية، والمسح الضوئي بالاشعة تحت الحمراء ونظام الاتصالات عبر الأقمار الاصطناعية لتبادل المعلومات. ويمكن استخدام ايل ـ 20 للاعتراض الراديوي والمسح الاشعوي للفضاء الراديوي للعدو، مما يعطي الامكانية لتحديد مكان تركيز قوات الخصم.

وهناك طائرة تجسسية أخرى دخلت في عداد مجموعة الطائرات الروسية في سوريا، وهي الطائرة التجسسية تو ـ 214R، متعددة وظائف التجسس، التي لقبت "الطائرة التي ترى كل شيء"، كما جاء في مقالة مجلة The Diplomat. ويوجد على متن طائرة تو ـ 214R الأجهزة الخاصة بالنظام التجسسي الالكتروني والراديوي (ELINT) و (SIGINT) (استخبارات الإشارات). فبواسطتها يمكن اعتراض اشارات اتصالات الطائرات ووسائط النقل الجوي، مما يسمح بمعرفة وتحديد اماكن تواجد الخصم، وما هو تعداد قواه، وما هي وسائل الاتصال التي يستخدمها.
واشنطن لا تستطيع مواكبة ايقاع تطور الطائرات التجسسية الروسية
وحسب تعبير رونالد بونتيوس، نائب رئيس القيادة السيبيرنيتية للقوات الجوية الاميركية، فإن الطائرات التجسسية الروسية تمثل تهديدا لاميركا. وواشنطن لا تستطيع مواكبة ايقاع تطورها.
اميركا انشغلت بافغانستان والعراق و"نسيت" روسيا والصين
ويضيف هذا الخبير "لقد بقيت الولايات المتحدة الاميركية مدة طويلة زائدة عن اللزوم تركز جهودها ضد العمليات المعادية، واشتبكت في عدد من النزاعات في العراق وافغانستان. وبالنتيجة فإن اميركا انشغلت عن تطوير وسائلها الخاصة للحرب الالكترونية الراديوية اللازمة للحرب التقليدية مع دول مثل روسيا والصين".
وقد وجد الاميركيون انفسهم متوترين في سلسلة من المناسبات حينما كانت التكنولوجيا الروسية "الجميلة" تظهر امامهم وهي تعرض فعالياتها القوية.
الطيارون الروس يذهلون البحارة الاميركيين
وللمثال: كانت ذات تأثير كبير دقة التمثيلية التي قام بها الطيارون الروس مرتين: في 2014 فوق البحر الاسود، ومنذ اسابيع في بحر البلطيق، حينما ارعبوا البحارة الاميركيين وهم يحلقون فجأة فوق السفن الحربية الاميركية ويتظاهرون بمهاجمتها وهي عاجزة عن ان تفعل اي شيء. وقد تدخل في هذين الحادثين وزير الخارجية الاميركية نفسه جون كيري، معلنا التخوف من امكانية اسقاط الطائرات المقاتلة الروسية. والواقع ان هذا لم يكن سوى تعبير مجازي. وبالرغم من رأي واشنطن، فإن الطيارين الروس قد تصرفوا باحترافية عالية، وحلقوا فوق السفن الحربية الاميركية مرتين، بدون اي تهديد فعلي لتلك السفن. وكل ما قصدوا اليه هو التحذير من الاقتراب من المياه الاقليمية الروسية وهو ما حدث.
لا شيء يثير القلق من الاميركيين
هذا وقد اصدرت وزارة الدفاع الروسية بيانا فندت فيه عدة احتجاجات غربية بأن الطائرات الحربية الروسية تقترب بشكل خطر من الطائرات والسفن الحربية الغربية، وقال البيان ان الطائرات الروسية تقوم بمهامها الاعتيادية باحترافية عالية، ولكن الجانب الغربي ينفخ "الفيل" لاسباب دعائية، وذكر البيان حادثين تعرضا للتضخيم من الاعلام الغربي: الاول ـ بتاريخ معين كانت طائرة مجهولة تتجه بسرعة فائقة باتجاه الاجواء الاقليمية الروسية، فاتجهت نحوها طائرة روسية وعبرت فوقها على مسافة قريبة جدا وحددت هويتها ووجهتها واعطتها التحذيرات العادية وعادت الطائرة الروسية الى قاعدتها وابتعدت الطائرة الاخرى، بشكل طبيعي. والثاني: احتج الجانب الاميركي انه بتاريخ محدد اقتربت طائرة سو ـ 27 بشكل خطر من طائرة تجسس اميركية فوق بحر البلطيق. وفي تاريخ قريب كانت طائرة وزير الدفاع الروسي تعبر اجواء بحر البلطيق، فاقتربت منها عدة طائرات مطاردة ناتوية ورافقتها عن قرب مسافة طويلة. ولكن موسكو لم تحتج ولم تبد تضايقها. وكل ما كان يحتاجه الامر هو شيء من ضبط النفس.
اذا كانت طائرات الولايات المتحدة ستحلق قرب الاجواء الروسية وسفنها ستمخر قرب المياه الروسية، فإن روسيا سوف تفعل الشيء نفسه. ولا ملامة عليها.
اميركا تخسر تفوقها السابق
وفي مقابل الضجة الاعلامية التي تثيرها الدول الغربية، وبالاخص اميركا، فإن روسيا لا تقوم بمظاهرات عرض عضلات، بل تؤكد وجودها واستعداداتها. والواقع انه تصدر احيانا في الولايات المتحدة الاميركية بعض الاصوات العقلانية. مثال ذلك ما قاله المحلل العسكري لدى CNN ريك فرانكونا الذي قال ان الحوادث الجوية المتكررة في منطقتي بحر البلطيق والبحر الأسود ما هي سوى محاولة من قبل روسيا لتبرهن لبلدان الناتو انه ينبغي ان تأخذ القوة الروسية بعين الاعتبار. وان اميركا لم تعد ذلك "المدافع" الكبير والقوي كما كانت في وقت ما. ولا يمكن، بشكل عام، سوى الاتفاق مع هذا الخبير.
بعض استنتاجات ستراتيجية


"فرصة ذهبية" تشرشلية
ـ1ـ ان الفترة (1945 ــ 1949) ( أي قبل ان يمتلك الاتحاد السوفياتي السلاح النووي) كانت تمثل "فرصة ذهبية" للغرب لمهاجمة روسيا واحتلالها عسكريا. ولكن بسبب التضحيات العظمى التي قدمها الجيش الأحمر (الروسي) صار يحظى بشعبية هائلة في أوروبا والعالم، وبحافز من تلك التضحيات اعلن الاتحاد السوفياتي التعبئة العامة وبلغ تعداد القوات المسلحة السوفياتية (الجيوش النظامية وقوات الأنصار) حسب بعض التقديرات اكثر من ثلاثين مليون مقاتل ومقاتلة. وامام هذا الوضع صار الغرب يخشى من كابوس (فكرة) الحرب الشعبية الروسية، أي حتى لو ضربت روسيا بالقنابل النووية، ان يمتشق عشرات ملايين الروس، رجالا ونساء، السلاح حتى ابسطه، أي حتى السكاكين والعصي، ويزحفون في الحر والقر لتحرير أوروبا كلها، بمساعدة الاحزاب الشيوعية الأوروبية التي كانت احزابا مقاتلة حينذاك. وهذا هو المانع الرئيسي الذي منع الغرب من الاقدام على مهاجمة روسيا في نهاية الحرب العالمية الثانية. ومات تشرشل وفي قلبه حسرة كيف فوّت الغرب هذه "الفرصة الضائعة".
اميركا فضلت وضع يدها على أوروبا وعزل روسيا
ولكن الاميركيين، الذين كانت لهم الكلمة الأولى وهم الاكثر براغماتية، ولهم مصالحهم الخاصة، كانت لهم وجهة نظر أخرى: فبين السيطرة السهلة على أوروبا الغربية المتطورة والغنية و"الصديقة" والخانعة، وبين مغامرة شن الحرب والاصطدام مع روسيا الفقيرة والمدمرة والمعادية والشرسة، فضل الاميركيون السيطرة على أوروبا، واسدال ما سمي "الستار الحديدي" على روسيا.
"اتفاقية يالطا" ضابطا لـ"الحرب الباردة"
ـ2ـ بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، وخصوصا مع بداية "الحرب الباردة"، سرى مفعول "اتفاقية يالطا" السرية، التي وقعها الخائن ستالين مع روزفلت وتشرشل، وصارت هي ضابط العلاقات الرئيسي بين المعسكرين الشرقي والغربي، بما في ذلك ضابط سير عمل مجلس الامن والامم المتحدة. وصار توازن الرعب النووي هو ضابط السلام بين المعسكرين، حتى نهاية وجود الاتحاد السوفياتي.
"الفرصة الذهبية" الثانية... الضائعة!
ـ3ـ ان العقد العاشر من القرن العشرين (أي مرحلة حكم غورباتشوف ثم يلتسين) مثل "الفرصة الذهبية" الثانية امام الغرب لمهاجمة واحتلال روسيا عسكريا. لأن البلاد كانت في أسوأ حالاتها، اذ تمادت الاوليغارخية اليهودية والروسية الفاسدة، الى اقصى الحدود، في نهب وتخريب الدولة الروسية وقواتها المسلحة. ولكن الحساسية السياسية لمسألة تجريد الجيش الروسي من سلاحه، والدقة العلمية وخطورة مسائل الأسلحة النووية وحاملاتها وقواذفها (السفن البحرية والغواصات والطائرات الستراتيجية والصواريخ الباليستية الخ،) جعل من الصعب على الاوليغارخية تفكيك هذه الأسلحة وبيعها حديد خردة، وهذا ما حماها من التخريب. فبقيت الوحدات النووية على جهوزيتها بشكل عام. أي ان الذي حمى روسيا من العدوان في تلك الفترة هو قوة استمرار توازن الرعب النووي السابق.
نفض الغبار عن الأسلحة الستراتيجية وإعادة توجيهها ضد الغرب
ـ4ـ ولكن منذ 1-1-2000، أي بداية عهد بوتين، حتى 2012، نفضت إدارة بوتين القومية المعتدلة الجديدة الغبار عن كل الأسلحة السوفياتية السابقة، وكل الأبحاث العلمية العسكرية السابقة، وبدأت مرحلة جديدة من التحديث والتجديد، بعد ان أصبحت تملك إمكانيات تزيد اضعافا عن إمكانيات المرحلة السوفياتية، وذلك لعدة أسباب نلخصها فيما يلي:
تبني العقيدة القومية المعتدلة والجيوستراتيجية الاوراسية جعل روسيا اقوى
أولا ـ ان القيادة الروسية الحالية تخلت عن العقيدة الأيديولوجية الحزبية الشيوعية المشوهة للبلاد، وتبنت العقيدة القومية المعتدلة والجيوستراتيجية الاوراسية، التي تأخذ كل ما هو إيجابي في الحقبات التاريخية السابقة، وتعطي كل ذي حق حقه، دون ان تدخل في مناقشة سلبيات الماضي الا في اطار تاريخي علمي وموضوعي. وهذه العقيدة القومية الروسية المعتدلة تطلق العنان لكل قوى الابداع الخلاقة في المجتمع بأسره. كما ان تبني الجيوستراتيجية الاوراسية فصل الأيديولوجيا عن السياسة الداخلية والخارجية الروسية ومنحها حرية حركة واسعة النطاق على الأسس البراغماتية والمصالح المتبادلة.
ثانيا ـ ان انهيار المنظومة السوفياتية والاتحاد السوفياتي كان له سلبيات كبيرة على الوضع الدولي برمته، ولكنه كان له أيضا بعض الإيجابيات لمصلحة الدولة الروسية أهمها: ان جميع الشعوب "الصديقة" و"الشقيقة" كانت "تأخذ" من صندوق "الاتحاد السوفياتي"، في حين ان الشعب الروسي كان "يعطي" "الاشقاء" و"الأصدقاء" انهارا من الأموال السائلة والخامات والوقود والتكنولوجيا المتطورة واجيالا من الشباب من المحاربين الروس الاشداء ومن "الادمغة" والخبراء واليد العاملة الماهرة. وبعد انهيار الاتحاد السوفياتي فإن هذه الأنهار من الإمكانيات المالية والبشرية الهائلة صارت تبقى داخل روسيا لبنائها هي ذاتها. وبصرف النظر عن أي عوامل أخرى، فهذا وحده كاف لجعل روسيا تدخل في مرحلة من النهضة الاقتصادية والعمرانية والثقافية والعلمية والعسكرية التي لا سابق لها.
رفع سعر النفط قدم خدمة لا تثمن للاقتصاد الروسي
ثالثا ـ في فترة انهيار الاتحاد السوفياتي، ولأسباب تتعلق بقوانين السوق الرأسمالية العالمية، فإن سعر برميل النفط كان منخفضا الى ما دون 10 دولارات للبرميل. ثم ارتفع الى ما فوق 110 دولارات، وبقي مرتفعا عدة سنوات. وهذا ما امّن للدولة الروسية مداخيل استثنائية من تصدير النفط والغاز. وقد اتخذت القيادة الروسية قرارا داخليا، وهو عدم تسليم وزارة المالية اكثر من 20 دولارا عن برميل النفط (وما يعادله من الغاز) لانفاقه في الميزانية العامة للدولة، اما المبالغ فوق ذلك فكانت تحال الى صندوق احتياطي خاص للدولة، جرى توجيهه نحو المجمع الصناعي الحربي والمشاريع الكبرى للدولة كأنابيب النفط والغاز القارية وغيرها.
محاصرة اميركا نوويا من الثلاثة المحيطات حولها
ـ5ـ خلال المرحلة من 1-1-2000 حتى الان، وفي حين كانت اميركا مشغولة بارسال قواتها واساطيلها الى اقاصي الكرة الأرضية، كانت روسيا تعمل بشكل محموم ولكن بصمت لمحاصرة شبه الجزيرة الأميركية الشمالية من الثلاثة المحيطات التي تطوقها: الأطلسي، والهادي والمتجمد الشمالي، بالغواصات المحملة بالصواريخ النووية. وطبعا لا تذيع روسيا عدد هذه الغواصات، ولكنه اصبح "سرا" معروفا ان حمولة كل واحدة منها من القنابل النووية كافية للقضاء على الدولة الأميركية. كما اتخذت روسيا عقيدة عسكرية جديدة لها وهي: أولا ـ ان السلاح النووي هو محور السياسة الدفاعية الروسية. ثانيا ـ ان روسيا لن تكرر خطأ الحرب العالمية الثانية وتنتظر ان تتلقى هي الضربة الأولى قبل ان ترد. وثالثا ـ ان روسيا لن تكون معتدية، او بادئة بالعدوان، ولكن في لحظة "التأكد التقني" من حتمية وقوع المواجهة الشاملة فإن روسيا هي من سيوجه الضربة الأولى، وستكون حتما الضربة الأولى والأخيرة لانها ستكون حتما ضربة نووية قاضية.
ولى عهد "توازن الرعب النووي"
وهذا يعني ان الكرة الأرضية او ما يسمى المجتمع الدولي قد تجاوز نظام "توازن الرعب النووي" بين القطبين الأميركي والروسي. وان اميركا تدرك تماما انها دولة مقضي عليها فيما لو حدث اصطدام شامل بينها وبين روسيا.
التوجه الأميركي نحو ستراتيجية حروب الاستنزاف الكلاسيكية
ـ6ـ مع تأكدها من هذا الواقع، علميا وتكنولوجيا ـ عسكريا واستخباراتيا، فإن اميركا ـ وهي الدولة الاغنى والاقوى في العالم حتى الان ـ لم تستسلم طبعا، بل اتجهت نحو تطوير وتكثيف انتاج الأسلحة الكلاسيكية ولا سيما أسلحة التجسس او الاستطلاع التكنولوجي البري والبحري والجوي والفضائي، الراداري والكهر ـ مغناطيسي والمسح الضوئي والصوتي والحراري الخ، الالكتروني، واضافة هذه الإنجازات الى التطوير المفتوح للاسلحة القديمة واختراع أسلحة جديدة، كي تتفوق على روسيا ميدانيا في حال نشوب نزاعات إقليمية، لا سيما بواسطة اطراف ثالثة بما في ذلك المنظمات الإرهابية التي تشكل خطرا على الغرب وأميركا بالذات.
الستراتيجية السلبية ـ الدفاعية الأميركية
طبعا ان اميركا لم تتخل عن العمل لتطوير أسلحتها النووية، وخاصة العمل لتطوير جهاز دفاعها الصاروخي والنووي. ولكن في الظروف الملموسة لواقع "اللاتوازن الستراتيجي النووي" بينها وبين روسيا، اتجهت اميركا بصمت نحو فرض سباق تسلح جديد على روسيا، هو سباق التسلح الكلاسيكي والتكنولوجي التجسسي (الاستطلاعي). ومن ضمن هذا السياق انتجت اميركا سياسة تشجيع وتنظيم وتمويل وتدريب وتسليح الانقلابات والتنظيمات والأنظمة الفاشية والتكفيرية الإرهابية، لاستنزاف واضعاف روسيا في عدد من الحروب الإقليمية في محيطها وبجوارها. وكان ابرز ما قامت به على هذا الصعيد هو تشجيع "العثمانية الجديدة" في تركيا وانطلاقا منها، وما سمي "الربيع العربي" في بعض البلدان العربية، وخاصة في سوريا.
الشعب الذي لا يقهر
وفي هذا السياق فإن كل من اميركا وروسيا تعمل على تطوير أسلحتها من الجيل الرابع وعلى اختراع أسلحة جديدة. ومع ان اميركا هي، حتى الان، اغنى من روسيا بكثير خصوصا وانها تمتلك حق اصدار العملة الورقية (الدولار) بدون تغطية ذهبية، فإن روسيا اخذت تتقدم على اميركا بأشواط في مجال نوعية وتنوّع الأسلحة، الامر الذي لا نجد له تفسيرا سوى في الروح الهجومية التي يتمتع بها الشعب الروسي والتقاليد العريقة للعسكرية الروسية، التي حافظت على طابعها "الوطني" حتى في احلك ظروف سيادة أسوأ الأنظمة الاستبدادية القيصرية والدكتاتورية والخيانية الستالينية والنيوستالينية في روسيا.
ـ7ـ ان الطائرات التي تطرقنا الى الحديث عنها آنفا، كما تناولتها مؤخرا وسائل الاعلام الروسية، هي نفسها الطائرات التي تتسلح بها القوات الجوية الروسية بكثافة، وخاصة سو ـ 24 وسو ـ 27، طبعا بعد تحديثها واضافة الأنظمة الراديوية ـ الاشعوية ـ الالكترونية ـ الرادارية الجديدة اليها. وهي تنسب الى ما يسمى "الجيل الرابع" المحدّث. وقصدت هذه الدراسة الى القول ان هذه الطائرات الكلاسيكية، و"البنية التحتية" التابعة لها، تقوم بفعالية بحماية الأجواء والمياه الإقليمية الروسية، وتبث الرعب لدى اميركا والناتو. وهذه الطائرات هي مبنية ومجهزة لخوض "الحرب الكلاسيكية"، على النطاق العالمي والإقليمي، أي الدرجة الأولى ـ الدنيا (ما دون النووية) من الحرب مع الأعداء أيا كانوا واينما كانوا.
وتمتاز هذه الطائرات (من الجيل الرابع) وكل الاسلحة البرية والبحرية المزامنة لها، انها هي التي يتم تسليح الجيوش "الحليفة" بها، من قبل اميركا وروسيا، كي لا تخرج أي حرب يخوضها أي جيش يستلم تلك الأسلحة عن مستوى "الحرب الإقليمية" التي تهدد نظريا فقط (وكاحتمال) السلم العالمي المهتز، الذي تحافظ عليه اميركا وروسيا بأسلحتهما المتطورة (من الجيل الخامس وما فوق) والنووية.
اتفاق ضمني أميركي ـ روسي
وتشير كل الدلائل ان هناك اتفاقا ضمنيا بين اميركا وروسيا، بأن لا تقدم أي منهما ما يسمى "الأسلحة المتطورة" (أي ما فوق "الجيل الرابع" الكلاسيكي) الى "طرف ثالث"، الا في الضرورة القصوى وبشرط عدم استخدامه الا بموافقة الدولة المانحة. والا اعتبر ذلك استفزازا مباشرا من قبل احدى الدولتين، اميركا وروسيا، احداهما للاخرى، ووضعهما على حافة الحرب المباشرة، الشاملة وحتى النووية فيما بينهما.
الدعم الروسي لسوريا يلتزم بالقوانين الدولية
ـ8ـ اذا تجردنا عن البروباغندا الغربية المغرضة، فإن الدعم الذي قدمته وتقدمه روسيا لحلفائها في الشرق الأوسط لا يخرج بتاتا عن القوانين الدولية وقواعد الشرعية الدولية، وليس فيه أي تدخل في الشؤون الداخلية لاي بلد. وفي هذا السياق يجب التأكيد ان روسيا ليست ملزمة بالاخذ بالتوصيفات الأميركية او السعودية او التركية، لحزب الله او الحوثيين او الحشد الشعبي في العراق او الـ ب ك ك الكردي في تركيا، بأنها منظمات إرهابية مثل داعش والقاعدة والنصرة. فهذه التوصيفات تقع على عاتق مطلقيها وحدهم، الذين عليهم ان يتحملوا المسؤولية عنها.
الكتلة الغربية تخرق الشرعية الدولية وهي تدفع الثمن
ـ9ـ ان الكتلة الغربية تدخلت في ليبيا ضد نظام القذافي وفي سوريا ضد نظام الأسد خارج نطاق الشرعية الدولية، في حين ان الحملة الجوية التي باشرتها روسيا في 30 سبتمبر/أيلول 2015 لمواجهة المنظمات الإرهابية ودعم نظام الأسد فقد كانت ضمن أطر القوانين الدولية المعمول بها. وقد استخدمت روسيا في الحملة الطائرات الكلاسيكية من الجيل الرابع، المستخدمة في الجيش الروسي، وبعض طائرات الجيل الخامس وعدد محدود جدا من الصواريخ المجنحة التي أطلقت من بحر قزوين او من القاذفات الستراتيجية. وفي مدة قصيرة جدا تمكنت الحملة الروسية من القضاء على تغوّل داعش، ومن وقف نهب النفط السوري والعراقي من قبل شركة داعش ـ بني عثمان اردوغان، وبدأ النحيب وصرير الاسنان.
روسيا لن تتخلى عن اصدقائها
وفهم من يريد او لا يريد ان يفهم ان روسيا لن تسمح باسقاط النظام السوري بالعدوان الخارجي، سواء على يد دولة او دول خارجية او منظمات إرهابية دولية. وان تغيير النظام في سوريا يمكن ان يتم بالحل السياسي وهو شأن داخلي للشعب السوري.
ـ10ـ في 14 اذار 2016 اعلن الرئيس بوتين انسحاب القوة الجوية الروسية من سوريا، وان روسيا تعطي الأولوية للدبلوماسية لاجل التوصل الى حل سياسي سلمي، بقيادة الوسيط الدولي، في سوريا.
وكان واضحا منذ البدء:
أولا ـ ان هذا لا يعني ان روسيا ستتخلى عن تلبية طلب المساعدة من قبل الحكومة الشرعية السورية في وقت تتعرض فيه سوريا لعدوان خارجي سافر.
ثانيا ـ ان روسيا ستسحب التكنولوجيا العسكرية المتطورة من الجيل الخامس وما فوق، لقطع الطريق على احتمالات الوقوع في مستنقع حرب إقليمية عقيمة على قاعدة سباق تسلح وتسلح مضاد روسي ـ أميركي.
ثالثا ـ انها ستزيد الدعم العسكري واللوجستي للحكومة الشرعية السورية، ولكنها لن تقاتل بدلا عن السوريين دفاعا عن ارضهم وشعبهم.
روسيا ستصحح غلطة الاعتراف بالدولة التركية بعد الحرب العالمية الاولى
ـ11ـ كانت روسيا تعمل لتحسين علاقاتها مع تركيا ولا سيما اقتصاديا، كما كانت تستخدم علاقات الصداقة التاريخية مع الأرمن والاكراد واليونانيين والعرب والسريان والاشوريين، للضغط المعنوي عليهم في مصلحة العمل لايجاد حلول سلمية بين هذه القوميات والاتنيات وبين تركيا. ولكن تركيا العثمانية الجديدة الاردوغانية ردت على هذا التوجه التاريخي الروسي بالاسقاط الغادر لاحدى الطائرات الحربية الروسية على الحدود التركية ـ السورية وقتل احد الطيارين. وقد وصف الرئيس بوتين هذه العملية بالقول "انها طعنة في الظهر". وهذا يعني:
أولا ـ ان روسيا لن ترد بانفعال على الاستفزاز التركي.
ثانيا ـ ان روسيا ستعيد النظر بعمق في جميع علاقاتها مع تركيا.
ثالثا ـ ان روسيا، التي خدعت مرة ورضيت بوجود "الدولة التركية الحديثة" على حدودها، بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية، لن تخدع مرة ثانية وترضى بوجود دولة تركية تطعنها في ظهرها على حدودها. ومن الان فصاعدا، مع وبمعزل عن الازمة السورية، فإن مجمل السياسة الروسية حيال تركيا ستنبني على أساس إعادة النظر بوجودها كدولة وتصحيح الخطأ التاريخي بالاعتراف بوجودها بعد الحرب العالمية الأولى، على غرار تصحيح الخطأ التاريخي بالاعتراف بوجود إسرائيل كدولة بعد الحرب العالمية الثانية.
"يوق" تركيا
رابعا ـ ستبدأ روسيا بالتدريج، ومن ضمن عدم الإضرار بمصالحها الذاتية، بتطبيق المقاطعة التجارية والاقتصادية والجغرافية الكاملة على تركيا، وستستخدم نفوذها الدولي لفرض استعمالها مضائق البوسفور والدردنيل والعمل فيها وعبرها وتوسيعها، بوصفها معابر دولية لا شأن لتركيا بها، والا فإن روسيا ستعمد الى خنق اسطمبول خنقا تاما من بحر ايجه.
خامسا ـ من الان فصاعدا ستمتنع روسيا عن التدخل لتهدئة التناقضات بين تركيا والقوميات والاتنيات المعادية لها، وستترك تركيا تقلع شوكها بيديها، وفي حال نشوب أي نزاع بين تركيا او أي قومية او اتنية مظلومة، فإن روسيا ستساند وتقدم المساعدات للقوميات والاتنيات والأطراف المعادية لتركيا، على قاعدة دعم حق تقرير المصير للشعوب وحقوق الانسان والشرعية الدولية، وستترك روسيا تركيا كي تنهار تدريجيا كدولة، كما تنهار الان بالتدريج أوكرانيا وجورجيا.
من يمد اصبعه ضد روسيا ستقطع يده من الكتف
سادسا ـ ان روسيا تتوقع طبعا ان تعمد العثمانية الجديدة الاردوغانية الى استخدام الحركات الاسلاموية التكفيرية الإرهابية والعامل الطوراني ضد روسيا والروس في جمهوريات اسيا الوسطى السوفياتية السابقة. ولكن الشعب الروسي الذي، وبالتآخي مع شعوب آسيا الوسطى، سحق في السابق الفاشية والنازية الألمانية واليابانية، فإنه ـ مرة أخرى ـ وبالتآخي مع الشعوب الإسلامية وذات الاصول الاتنية الطورانية، سيسحق تماما وجذريا الحركات التكفيرية الاسلاموية الإرهابية والعنصرية الطورانية بوصفها فاشية جديدة معادية للإنسانية جمعاء.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
*كاتب لبناني مستقل



#جورج_حداد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ناغورني كارباخ: مشروع حرب داعشية جديدة لالهاء روسيا
- روسيا السلافية الاورثوذوكسية تقلب الجيوستراتيجيا العالمية
- ازمة مالية جديدة تدق أبواب اميركا
- الداعشية العثمانية ستسحق كما سحقت النازية
- العلاقات الروسية التركية على خلفية الصراع في سوريا
- روسيا ضمانة لعدم تدمير العالم العربي والاسلامي
- السعودية تغرق في الازمات ولن ينقذها الا روسيا
- الحرب العالمية الاسلاموية الأميركية ضد روسيا ...ستنقلب على ...
- صعود الدولة الروسية وأفول الدولة الاوكرانية
- القيادة البوتينية تتجه نحو العسكرة الكاملة للدولة الروسية
- روسيا تقلب المواجهة تماما ضد داعش واسيادها
- كيسينجر ينعى النظام العالمي لاميركا
- حذار من الغضب الروسي الآتي
- تحطيم الداعشية وكسر نظام الآحادية القطبية العالمية لاميركا
- فشل خطة شرعنة الدولة الداعشية
- الحرب الجوية الروسية في سوريا ستقلب ستراتيجية الحروب الإقليم ...
- بدأ العد العكسي للانهيار الداخلي لاوكرانيا
- الحرب الاهلية الأوكرانية تتجه نحو الغرب
- العلاقات الروسية الإيرانية سد منيع ضد الامبريالية والصهيوني ...
- العقيدة الجديدة للبحرية الحربية الروسية: المحاصرة الكاملة لا ...


المزيد.....




- -الشيوخ- الأمريكي يوافق على حزمة مساعدات لأوكرانيا وإسرائيل ...
- مصرية الأصل وأصغر نائبة لرئيس البنك الدولي.. من هي نعمت شفيق ...
- الأسد لا يفقد الأمل في التقارب مع الغرب
- لماذا يقامر الأميركيون بكل ما لديهم في اللعبة الجيوسياسية في ...
- وسائل الإعلام: الصين تحقق تقدما كبيرا في تطوير محركات الليزر ...
- هل يساعد تقييد السعرات الحرارية على العيش عمرا مديدا؟
- Xiaomi تعلن عن تلفاز ذكي بمواصفات مميزة
- ألعاب أميركية صينية حول أوكرانيا
- الشيوخ الأميركي يقر حزمة مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا وتايوان ...
- واشنطن تدعو بغداد لحماية القوات الأميركية بعد هجومين جديدين ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جورج حداد - روسيا تحاصر اميركا نوويا وتحقق التفوق العسكري في الحروب الاقليمية ايضا