أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ماجد الشمري - رامبو/المرآة المهشمة وانشطار الذات!.















المزيد.....

رامبو/المرآة المهشمة وانشطار الذات!.


ماجد الشمري

الحوار المتمدن-العدد: 5176 - 2016 / 5 / 28 - 21:33
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


"ابحث عن الحقيقة ولم اجد غير السراب وقطرات من الماء المالح".
"الدنيا تافهة،عش ودع حظك العاثر للنار".
"لاكلمات بعد الان...لم اعد قادرا على الكلام..".
-رامبو-


كنت قد اشرت في مقال نشرته في الحوار المتمدن بتاريخ13/1/2013 وبثلاث حلقات بعنوان(فلسفة الانتحار)-النهلستية السافرة-الى رامبو كأحد الشعراء"المنتحرين الاحياء"!الذين كان انتحارهم معنويا ورمزيا:ادبيا وفكريا وسايكولوجيا.اي ان تدمير الذات لم يكن فعليا ومباشرا،بل عاشوا حياتهم بكاملها،ولكن اي حياة؟!..
يبرز رامبو كنموذج متفرد لشاعر انتحر ادبيا او فلسفيا!وكف عن الوجود كشاعر اي مات رامبو الشاعر وولد رامبو اخر!رامبو النكرة الهامشي المغامر والتاجر!.اثار صخبا وضجيجا لخمسة اعوام،ثم صمت اخيرا كالقبر!.واختفى عن اضواء مدينة النور باريس لتلفه عتمة الصحراء المنسية...اي قدر من الانهيار والهزيمة يحتاجها المبدع كشاعر او مفكر او فنان،لينسحب الى الظل،ويطوي ماضيه بكل مافيه ويبدأكنكرة؟!اي مقدار من اليأس او انهيار المعنى والاندحار الروحي يقوده الى الاضمحلال والافول ليبتلعه ثقب العقم والنسيان الاسود؟!.ما الذي يدفع شاعرا واعدا في بداية عمره الزمني والابداعي،لينبذحاضره ويقلب صفحته،بل يمزقها،ويتجه صوب المجهول؟!. كيف وصل رامبولذروة نكران الذات وانشطارها ليهشم مرآته الشعرية النرجسية ويضيع في نثر العالم الرث؟!.ذلك هو السؤال القديم المتناسل والمتجدد الذي طرح ويعاد طرحه من قبل الكثير ممن كتبوا عن رامبو ومنعطفه الفجائي الغريب!:
مؤرخو ادب،ونقاد،وكتاب سيرة،وباحثون في اوربا وامريكا..السؤال الابتر الجواب!لماذا هجر رامبو ذاته و الادب ووطنه ايضا؟!.وحتى بعد مرور اكثر من قرن ونصف على ولادته،لازال السؤال حائرا يبحث عن جواب دون حسم لدى مؤرخي الادب وكتاب سيرته،لانارة ذلك الجانب المظلم -اللغز!من حياته في تلك القارة الساخنة: افريقيا!.السؤال الكلاسيكي العصي على الاجابه المعاصرة له والحديثة!تخلي رامبو عن الكتابة بعد سن العشرين؟!ابدع لخمس سنوات شعرا بالغ الفرادة والتميز،ثم توقف وكأنه شخص اخر مختلف عن ذاك الرؤيوي،وكأنه اصبح شخصا آخرلاينتمي لذاته السايقة!ولكنك مهما حاولت بتتبع محطات حياته،وحللت شخصيته،وعلاقته بمن عايشهم او ارتبطوا به،لاتجد جوابا ولن تجد عن السؤال الحائر،والذي ظل دون اجابة قاطعة لحد الان!فكل ما كتب عنه هو مجرد افتراضات وتصورات وتأويلات وانطباعات وغير ذلك مما تنتجه مخيلة من كتب عنه!.وليس فيها الا فتات من الحقيقة على الاكثر!..لماذا سلك رامبو هذا المنحى لاغيره؟!. ما الذي دفعه لذلك ؟! لم نحر ماضيه الشعري وتألقه الادبي وتخلى عن ماضيه وتاريخ مراهقته الحافل بالحيوية والنشاط؟!.لماذا شطب الجزء الفرنسي من حياته وانكره وكأنه لم يكن،العقدان اللذان عاشهما هناك؟!.لم تخلى عن عالم الادب كله والذي اقتحمه كعاصفة،وفي سن مبكرة،وانطفأ فجأة كنيزك في رمال عدن والصومال والحبشة؟!.لن نتعمق بحفرية الجانب السلوكي والسايكولجي لرامبو،فهذا ليس مجال مقال قصير.بل سنحاول تلمس مجرد علامات دالة تؤشر على بعض التحوالات،،وهي قطعا ليست اجابات! وهي ايضا لاتغطي السؤال المترامي،الا في جزء ضئيل وبسيط منه.اي اضاءة نقطة معتمة من لوحة سوداء ومن الصعب انارتها!.لذا تبقى مجرد اشارات مولدة لااكثر،لاحتمالات ظنية كثيرة لن تبلغ الحسم واليقين في دوافع رامبو للهروب من كل شيء:وطنه..شعره..اسرته..اصدقائه الشعراء!.والرحيل الى ارض منسية بصحرائها المحترقة بشمس سوداء-افريقيا-؟!..
كتب رامبو اغلب اعماله الشعرية في نهاية مراهقته,اثنى عليه فكتور هيجو،واطلق عليه لقب(طفل شكسبير).وتوقف نهائيا عن الكتابة في العشرين من عمره،شارك بالقتال الى جانب بروليتاريو الكومون الدامي-هناك من يشكك بمشاركته-!وايضا شارك بنشاط في الحركة الادبية خلال الخمس سنوات التي امضاها في الكتابة،وقد اثر "الرائي" الصغير في الادب الحديث والفنون تأثيرا كبيرا ترك بصمته على الادب اللاحق برمته!..كان من زمرة الشعراء الطائشين المتحررين من الاخلاق والدين والعادات والاعراف الاجتماعية المحافظة،ومارسو الحرية حتى تخومها الاباحية!خرق "الاشراقي" الحالم كل محظور ومحرم اجتماعيا واخلاقيا ناهيك عن الديني!.النصوص والمدونات التي تركها رامبو محدودة وغامضة،ولا تتجاوز المائة صفحة،تحلق بعالم من الاخيلة والرؤى الفنتازية والتهويم،وكل اعماله الشعرية لاتتخطى المئة قصيدة.الى جانب نصه النثري(فصل في الجحيم) والمؤلف من عدة آلاف من الكلمات،والذي ودع فيه الشعر،بالاضافة لقصائده النثرية المعروفة بعنوان(اشراقات).الى جانب حفنة من الرسائل والكتابات الاخرى.والشعر الذي تركه(الملاك الملعون)يتراوح بين الشعر الرؤيوي والهذيان الصبياني!.وكثير من رسائله غير اصيلة ومنحولة في النسبة اليه،والمصادر الثانوية تضيف المزيد من التعقيد والاشكالات!فمذكرات اقربائه واصدقائه متضاربة وفيها الكثير من التناقض والتلفيق،وهي ايضا تعاني من التلفيق والشك!ويميل النقاد لجعل (المتمرد)مرآة لافكارهم ورغباتهم ونوازعهم المسبقة،وتعبيرا عن اهتماماتهم وايديولوجياتهم واهوائهم الخاصة ومزاجهم الفردي!.فكاتب سيرته الذاتية(غراهام روب) يقول انه بعث:"كشاعر رمزي سريالي beat،وثائر طلابي،وكاتب اغاني روك،ورائد للحركة المثلية،ومدمن مخدرات ملهم"!.وانه قد اثر على فنانين من بينهم بابلو بيكاسو،وحاول(الان بورير)وهو ينتج فيلما عن رامبو للفترة الحبشية من حياته ان يكون مؤرخا وجغرافيا فبذل جهدا لزيارة البيوت التي سكنها رامبو التاجر والطرق الصحراوية التي سلكها،والمدن التي عبرها وهو يقايض البخور والجلود بالاسلحة! ولكن بورير لم يفلح في الحصول او الوصول الى غير نتف من هنا وانطباعات من هناك ،هي كل عصارته التي فاز بها هناك ومكيجها بآراءه وهواه الذاتي وصورة رامبو المثالية والتي تقبع في مخيلته!.ومع ذلك تبفى الاسئلة تنتظر الاجابة:كيف امكن لصبي شارلفيل-المدينة التي ولد فيه رامبو.م.ا- ان يكتب شعرا مثل شعره في سنه تلك؟!ولماذا هجر الشعر الى الابد؟! وسيستمر السؤال اللغز بعد اكثر من قرن ونصف على ولادته دون جواب! ربما كان الفتى المارق هو الوحيد من يعرف جوابه!او هو ايضا كان يجهل لم صنع مصيره بهذا الشكل؟!او ان قدره هو الذي قاده ورسم له الاتجاهات والمسافات والحدود التي لن يستطيع ان يتجاوزها؟!يقول رامبو التاجر وهو في تيهه الصحراوي:"انني اعرف مثل المسلمين ان ماهو مكتوب ينبغي ان يقع وهذا كل شيء"!!انه صوت التاجر الخاضع للبيئة وعناصر الطبيعة والمتأثر بقيم وثقافة القدرية الدينية!خمس سنوات من وشلال متدفق من الوان واصوات،ورؤى وكشف واشراقات وانثيالات من كلمات برية!شهاب اضاء عتمة حالكة لبرهة ثم تلاشى!مطر ثلجي انهمر على مساءات من نور وضياء!اعقبه شمس جهنمية ورمال وجمال وبغال،وظهيرة كسلى من قيلولة وعرق وتثائب وتبلد!غنى بصخب لسنوات ثم صمت كالقبر!!.....
ولد ارثور رامبوعام1854ومات عام1891-اي عاش سبعة وثلاثون عاما-في شارلفيل ولد وبالجزء الريفي الاوسط من شمال شرقي فرنسا،مقاطعة الاردين،وكان الثاني ترتيبافي الاسرة من الابناء،وكان ابيه فردريك رامبو ضابطا في جيش المستعمرات الفرنسي،وامه ماي كاترين كيف من اسرة ريفية محافظة.رزح رامبو تحت سطوة امه الكاملة،بعد ان هجرهم الاب الى الابد ملتحقا بفرقته،وكان رامبو في الخامسة من عمره.كانت الام ملتزمة دينيا ومستبدة في علاقتها بابناءها،وبسبب خلفيتها الكاثولوكية المتشددة تربويا،وبعد ان اعلنت عن نفسها(الارملة رامبو).ربت رامبو تربية دينية صارمة،وانفردت بالسيطرة عليه بعد ان فقد الاب.بدأ رامبو تمرده وخروجه عن الطاعة،
اثناء تلمذته على يد معلمه"ايزامبار"والذي كان له الاثر الكبير في حياة وتوجه رامبو الادبي:قراءة وكتابة!قام بمحاولات عديدة للهروب من المنزل،والعودة من جديد بصحبة الشرطة احيانا!."تعال ايتها الروح العظيمة العزيزة،نحن نفتقدك ونشتهيك"!هذه هي الرسالة التي بعث بها بول فيرلين الى رامبو،وارفقها بثمن تذكرة القطار الى باريس.دعته لمغادرة منزل الاسرة والهروب الى باريس حاملا قصيدته الغنائية(المركب السكران)او(الزورق النشوان).تلك القصيدة التي عرضها على فيرلين ونالت اعجابه.ذلك الشاعر الرجيم ذو السابعة والعشرين عاما،السكير والشاذجنسيا،الرجل العنيف ذو الطبع الحاد والمضطرب،والذي لم يكن يتردد بضرب زوجته المسكينة من وفت لاخر.وقد ارتبط رامبو بفيرلين في علاقة حميمة جدا وشاذة!1وقد عمق وجود رامبو في بيت فيرلين من توتر علاقته بزوجته،فأضطر الى ايجاد مكان يقيم فيه بين اصدقاءه،الا ان سلوك رامبو الغريب الاطوار(وجدته مضيفته عاريا على سطح المنزل،وهو يرمي ملابسه الى الشارع)وعاداته التي اصبحت نموذجا يحتذيه الشعراء الذين اطلقوا على انفسهم(الشعراء الاشرار)!
وقد علق احدهم على ظهور رامبو بينهم في باريس بقوله"ما لم يكن هذا احد حيل القدر الخبيثة،فنحن نشهد مولد عبقرية".هجر رامبو فيرلين،وغادر الى المانيا،ولحف به فيرلين واطلق عليه النار بعد ان تشاجرا في بروكسل،سجن على اثرها فيرلين لعامين.نبذ رامبو الادب،وعبر المانش الى انكلترا،ليدرس الانكليزية،ليصبح رحالة وتاجرا!عاد الى فرنسا وانضم الى الجيش الاستعماري الهولندي المتوجه الى جاوا،والتحق به بعد وصوله الى باتافيا،ثم فر منه عائدا الى فرنسا،ولم يمض وقتا طويلا على عودته حتى رحل الى الشرق رحلته الاخيرة.عمل في شركة بناء في قبرص،ثم انتقل الى الصومال وشمال شرق افريقيا.عمل بتهريب السلاح لحساب ملك شلوا"اثيوبيا الوسطى".وفي سنيه الاخيرة عمل بمكتب تجاري في هرر شرق اديس ابابا،حيث كان يصدر البن والبخور والجلود ويستورد البنادق!اصيب بورم خبيث بركبته،وعاد الى فرنسا بعد ستة عشر عاما،حيث بترت ساقه قي مستشفى مرسيليا،وانتشر المرض-السرطان او الزهري-في جسده وتوفى بعد ذلك...هذا باختصار وايجاز عصارة سيرته-ولسنا بصدد البحث فيها.....
لقد اثر رامبو بكل التيارات والموجات واتجاهات الحداثة من ادب وفن وغيرها.ولكن شعره كان عصيا على التصنيف والقولبة والضم تحت جناح او راية او مدرسة او تيار او خانه،ومع ذلك فقد ادعى الكل انتسابه اليهم:المارقون والهامشيون ك(رائدهم)،والسورياليون اعتبروه ك(نبيهم)،والمسيحيون ك(قديسهم المهتدي)،والشيوعيون عدوه ك(بطلا)من ابطال الكومون،والفاشيون الطليان طوبوه ك(ايقونة)ل(مستقبليتهم)،والالمان ك(المانيا)ولد خطأفي فرنسا،واقاموا تمثالا لمواطنهم الالماني رامبو!،والوجوديون ك(نموذجهم) النقي والمعبر عن فلسفتهم،والفوضويون والنهلستيون عدوه منهم،والشعراء الحداثيون ك(زعيمهم)،حتى المسلمون ادعوا وصلا برامبو!فمفتي المسلمين في باريس زعم ان رامبو اعتنق الاسلام في الصومال!..في(فصل في الجحيم)ودع رامبو الشعر"ابحث عن الحقيقة ولم اجد غير السراب وقطرات من الماء المالح"وهاهو قد تحول الى سراب اسطوري وحفنة من الرماد المر..ادمن(الرائي)الهروب من المنزل اولا،ومن الشعر ثانيا، ومن ذاته ثالثا،واخيرا من الوطن!.فهل كان هروبه تكفيرا عن اثم وذنب السنوات الخمس الملعونة؟!يقول فرويد في كتابه(الطوطم والتابو):"ان الرغبة بتجاوز المحظور تتبعها مظاهر من الندم وجهود من التكفير".هل تنكر(الرجيم)للماضي وحاول البدء من جديد؟!هل هو رفض لحياة ممسوسة بوهيمية،وادانه لها،وتوبة وعودة للحياة التقليدية وما هو مألوف وسائدفي مستنقع البرجوازية العفن؟!.هل هو تدمير للذاكرة المشوشة وبلبلة الحواس،ونحر الاحاسيس المستنفرة والمتوترة،وفتح صفحة جديدة بيضاء ملساء من الهجران والنسيان والبدء من المجهول القصي؟!هل كان(المتمرد)شخصا عاديا وابنا بارا لقيم وعادات المجتمع البرجوازي،وزمن التمرد والشعر والابلسة،هو مجرد فورة مراهقة مكبوتة واضطراب وصخب وعناد تلك المرحلة الانتقالية من عمر الفتوة،فترة غليان الجسد والروح،والظروف الاستثنائية التي صاحبت نشأته ومراهقته،وبعد اضمحلال حيوية الثورة وقلقها تبخر كل شيء وخمد البركان في العشرين،وانتظم في سياقه الطبيعي المألوف والرتيب بين الجموع،واستكان لقدره و لنصابه الناضج والمنضبط؟؟!!هل كان (الاشراقي)فلتة وعبقرية لم تدرك ذاتها،ومن العسير استمرارها او تكرارها او امتدادها؟!.يبدو ان السؤال الكلاسيكي قد تضخم وتناسل وتفرع الى حزمة من اسئلة:فلسفية وسايكولوجية واجتماعية،وكلها بلا اجابة!لقد تحول (رامبو)الواقع والتاريخ الى(رامبوات)متعدد ومتغاير في اذهان وتصورات من كتب سيرته،وتأثر به ودرس شعره وحياته!فلكل منا (رامبواه)!.اما رامبو الحقيقي،اللحم والدم ،فلم يعد له وجود،بل لم يكن له وجود!.بات اسطورة،ولم يعد شخصا عاش في زمن ومكان ما!والسؤال الملح لم يثمر جوابا،بل امتد وتفرع شجرة من اسئلة منشطرة،ويبقى رامبو المنفصم وسؤاله المتشظي!ولكن هناك علامات لازالت تؤشر لتقاطعات ومسالك الدروب وتحولاتها وتحويلاتها،والتي قطعها(الهائم)في حياته،وهو ينوءبعبء ثقيل على كاهله،والذي وجه عقله وضميره،او ربما ضللاه نحو مصيره التراجيدي!اول تلك الاشارات بدأت في المنزل الذي عاش فيه،في علاقته الحادة والملتبسة والمشحونة بأمه!صراع الروح الحية ضد صخرة مكبلة،وارادة استحواذية ومستبدة،وتزمت مختل،ونزعة امتلاك مرضي للابناء،وتربية متشددة ،وعسف التدين ذو الخط القويم والمرائي لبرجوازية الارياف الخانقة.فكان الفرار الاول!شهد مذبحة واندحار الكومونة الباسلة،وغرق باريس بدماء شهداء الكومون المهزوم.عامل مثبط هز وجدانه،فانهارت قيم وقناعات كانت عزيزة لديه،فتشظت ذاته وانفصمت،وضاعف الخطب تعرضه للاغتصاب من قبل حفنة من جنود الامبراطورية الثانية الاوغاد!والتي اضافت مزيدا من الخراب الروحي والتلف والانحطاط النفسي ،والغوص بوحل التسفل والعدمية وامتهان الذات،وتوجت عناصر الانحلال والتفكك والتفتت بعلاقته المثلية،والتي ربطنه بفيرلين لسنوات،ليبلغ حضيض الممارسات الشاذة،-والمحرمة اجتماعيا واخلاقيا،ناهيك عن التحريم الديني(الكاثوليكي)الاكثر تشددا-،والتلوث الجسدي والسايكولجي مداه الاقصى!كان يبحث عن الغياب الابوي من خلال معلمه ايزامبارد وفيرلين،والذي شكل توقا لاشعوريا،لملء الفراغ الشاسع في مشاعر اليتم،والجائع لحنان الاب المتخلي عنه والذي كان رمزا للحنان والحماية والامان!.هذه الاشارات:ام قلقة برمة،ملاحقات الشرطة وانذاراتها،مباذل المراهقة المعذبة والقلقة والمتخبطة،في الحانات ومخادع الرجال،كل ذلك وغيره الكثير ،قد ينير جزءا من الزوايا المظلمة من سيرة حياة رامبو الغامضة والمعتمة والكريهة والمرفوضة لديه!فكان الهروب الكبير الطويل،محاولة للتخلص من شخص بغيض ال"هو":رامبو الشاعر المراهق الملعون وقتله الى الابد،لينبثق رامبو اخر:رامبو ما بعد العشرين،المغامر المتسكع المشاء المهرب التاجر البرجوازي والذي بدلا من الشعر يكتب نثرالارباح والديون وجدوى الصفقات!!في مدينة بلا ماء،مدينة ترابية،وبلا ذاكرة،مدينة السكون والنسيان،وكما ارادها!..هرب من سخف وتفاهة العالم البرجوازي المتعفن والاسن،الى بلادة وتخلف وموات عالم الصحراء المحرقة كجحيمه!!..حاول الن بورير ان يؤرخ وهو ينتج فلما عن رامبو في فترته الحبشية،فبذل جهودا لزيارة البيوت التي سكنها رامبو والطرق التي سلكها والمدن التي مر بها وعاش ،ولكن لم يحصل من عصارته الجغرافية غير نتف مشكوك بصحتها من من عرفوا رامبو او ادعوا معرفته وعايشوه في هرر وغيرها....لقد حاول(الرائي المجنح) ان يجعل من الواقع شعريا ولكنه فشل فالكلمات لاتغير العالم..كان رامبو فريدا في شعره وفريدا في صمته.سيرته عبارة عن اوديسة نادرة،ولكن ليس بأتجاه العودة لاحضان(بينلوبي)الدافئة بعد اهوال وعجائب وخطوب ومعاناة،بل رحلة بلا عودة الا كجثة مبتورة الساق،مشيعا من قبل امه واخته فقط ليدفن بقبر بارد بأحضان موتى شارلفيل!!!!...........................
......................................................................................
وعلى الاخاء نلتقي...



#ماجد_الشمري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- (اللينينية)..وصانع الدوغما!.
- ارنست بلوخ/النص الكامل للمقال.
- ارنست بلوخ/من الدوغما الشاحبة الى لاهوت الامل ويوتوبيا المست ...
- ارنست بلوخ/من الدوغما الشاحبة الى لاهوت الامل ويوتوبيا المست ...
- ارنست بلوخ/من الدوغما الشاحبة الى لاهوت الامل ويوتوبيا المست ...
- ارنست بلوخ/من الدوغما الشاحبة الى لاهوت الامل ويوتوبيا المست ...
- ارنست بلوخ/من الدوغما الشاحبة الى لاهوت الامل ويوتوبيا المست ...
- ارنست بلوخ/من الدوغما الشاحبة الى لاهوت الامل ويوتوبيا المست ...
- الجنس المقهور
- (كذبة خروشوف حول -موجز تاريخ الحزب)..قراءة وتعليق!..(3)
- (كذبة خروشوف حول-موجز تاريخ الحزب)..قراءة وتعليق!.(2)
- (كذبة خروشوف حول-موجز تاريخ الحزب)..قراءة وتعليق!.(1)
- بيان الحزب الشيوعي العراقي يوم14شباط عام1949/المجد للشهداء.
- 1963/عندما يكبو التاريخ
- مآثر: ستالين-بيريا ومفوضية(المسوخ)للشؤون الداخلية!!!.(11-الا ...
- مآثر: ستالين-بيريا ومفوضية(المسوخ)للشؤون الداخلية!!!.(10)
- مآثر: ستالين-بيريا ومفوضية(المسوخ)للشؤون الداخلية!!!.(9)
- مآثر: ستالين-بيريا ومفوضية (المسوخ) للشؤون الداخلية!!! .(8)
- مآثر:ستالين-بيريا ومفوضية(المسوخ)للشؤون الداخلية!!!(7)
- مآثر:ستالين-بيريا ومفوضية(المسوخ)للشؤون الداخلية!!!(6)


المزيد.....




- ماذا قالت إسرائيل و-حماس-عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ف ...
- صنع في روسيا.. منتدى تحتضنه دبي
- -الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون-.. 7 مرشحين يتنافسون في انت ...
- روسيا: تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مستحيل في ظل استم ...
- -بوليتيكو-: البيت الأبيض يشكك بعد تسلم حزمة المساعدات في قدر ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية م ...
- تونس.. سجن نائب سابق وآخر نقابي أمني معزول
- البيت الأبيض يزعم أن روسيا تطور قمرا صناعيا قادرا على حمل رأ ...
- -بلومبرغ-: فرنسا تطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ض ...
- علماء: 25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل ع ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ماجد الشمري - رامبو/المرآة المهشمة وانشطار الذات!.