مآثر:ستالين-بيريا ومفوضية(المسوخ)للشؤون الداخلية!!!(6)

ماجد الشمري

الحوار المتمدن-العدد: 5024 - 2015 / 12 / 25 - 19:23
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    

"لم يعد هناك مكان آمن سوى سنتمترات مربعة في الجمجمة"
-اورويل-


بعد المؤتمر السابع عشر للحزب الشيوعي السوفييتي،والذي انعقد بتاريخ كانون الثاني-شباط1934"مؤتمر المنتصرين"كما اطلقت عليه صحيفة"البرافدا" -انتصر على من؟!-والذي صوت فيه ربع المندوبين ضد ستالين،وبعد الملابسات الغامضة لاغتيال كيروف،شن ستالين حملة تطهير وغربله للحزب من زوانه المارق،والاحتفاظ بالقمح الستاليني الموافق!.فمن بين1225مندوبا للمؤتمر اعتقل1108واعدم غالبيتهم!ومن ال139عضوا وعضوا مرشحا اعدم97 شخصا!.
في 30كانون الثاني عام1935اعلن خروشوف،والذي كان سكرتير لجنة موسكو للحزب حيتها،ان:عشرة آلاف عضو شيوعي تم طردهم من الحزب في العاصمة وحدها!.وهذا يعني ان المطرودين من الحزب على صعيد البلاد كلها يتجاوز على اقل تقدير الخمسن الف عضو،ناهيك عن عشرات الالوف من الكومسمول!.وقد جرى التشهير بهم كتروتسكيين وزينوفييفيين!.-كل من لايوالي ستالين نبذ خارج الحزب!!.
ولم يكن ذلك السعار التطهيري مقتصرا على الطرد فقط،بل كان هناك الاكتشافات الكبيرة للتأمر والخيانة والعمالة للفاشية في مفاصل الحزب ومؤسسات الدولة!.
ففي الاجتماع العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفييتي شباط(فبراير)عام1937اكتشف موغوشيفسكي نشاطا خطيرا في اذاعة مينسك!
ماهي طبيعة ذلك النشاط الخطير المكتشف والذي عرض في الاجتماع من قبل موغوشيفسكي الكاشف؟!.
:"اذاعة مينسك تبث برامج معادية للسوفييت.في23/1/1937 اذيع الحكم النهائي في قضية تكتل تروتسكي،وبعد بث هذا الخبر،وبعد بث تقرير عن الجلسة الصباحية،بثت سوناتا شوبان،وهذا ليس صدفة،لقد كانوا ماهرين بارعين:فهم لم يبثوا"المارش الجنائزي"مباشرة(فيكون الامر مفضوحا)بل بثوا السوناتا كلها،وليس الجميع يعرف انها تحتوي على"المارش الجنائزي"وهذا ليس صدفة ابدا"!!.الى هذا المستوى من الانحطاط هبط بلاشفة ستالين،واصبح نشاطهم السياسي هو البحث عن واكتشاف المؤامرات والنشاطات الخطيرة للعملاء والخونة!!.ولكن اين وكيف يتم عثور المكتشفين بؤر التآمر؟!.بتحليل وتفكيك ونبش الموسيقى التي تبثها الاذاعة العميلة!!.
كان هناك الكثير من امثال موغوشيفسكي الذين يلجأون لوسائل بذلك الخبث والرثاثة والبؤس الفكري والسياسي للمحافظة على مراكزهم ومواقعهم وامتيازات حياتهم الخاصة،باختراع هذا النوع من الخزعبلات المثيرة للضحك!!.
وهاهو كوبانوف-سكرتير المنظمة الحزبية لمنطقة سفيردلوف-ايضا "اكتشف"تآمرا من نوع آخر،وفي مكان اخر:"لقد اكتشفنا احد الحوانيت يغلف السلع بخطاب تومسكي(البلشفي القيادي الذي انتحر،واتهم بانه عدوا للشعب.م.ا)لقد تحرينا واكتشفنا ان حوانيت اخرى اشترت كمية لابأس بها من كتابات مماثلة،من يستطيع ان يؤكد_هكذا يتسائل كابانوف بخبث وريبة،وسرعان ما سيلحقه التنكيل هو ايضا!_ان هذه الكتابات تستخدم للتغليف فقط؟"!!.فالى اين وصلت حمى التآمر والتجسس والتخريب والارتياب؟!.فاصحاب الحوانيت البسطاء،كانوا جزءا من المؤامرات الفاشية!.فورق تغليف المواد في دكان عادي،امر بالغ الخطورة،ويتطلب الاستنفار وتفتيش المغلفات،فهي ادلة خطيرة على التآمر والتخريب والخيانة!!.
في حزيران1937 كتب احد المخبرين الى ستالين،يخبره بان لوموف،احد المسؤولين العاملين في مجلس مفوضي الشعب-هذا البلشفي القديم والشريف،والذي كان عضوا بالحزب ومنذ عام1903!-مثل الالاف من البلاشفة الشرفاء والمخلصين للحزب والشعب،وبجرة قلم ووشاية من مخبر حقير،اصبح من اعداء الشعب!!.فكتب ستالين رسالة صغيرة الى مولوتوف يستطلع رأيه مستفسرا:"الرفيق مولوتوف،كيف علينا ان نتصرف؟".رد مولوتوف الاكثر ستالينية من ستالين،وبسرعة:"الاعتقال السريع لهذ الوغد لوموف-مولوتوف".
ميخليس المنشفي السابق الذي تبلشف!وعمل مساعدا لستالين ولفترة طويلة ،وكان ستالين يثق به،فهو واحدا من الذين كانوا يزودون ستالين ب"معلومات موثوق بها"-اي كان جاسوسا للقائد!-عن قادة الحزب!.وكان ستالين يكلفه بمهمات سرية،ميخليس هذا كان ماهرا في اكتشاف و(اختراع)"الاعداء"!!.ففي تموز1937 عندما كانت فرقة(الراية الحمراء)للموسيقى والغناء في الشرق،استلم ستالين برقية منه يقول فيها:"ابلغكم الوضع في فرقة"الراية الحمراء" للغناء،استنتج ان في الفرقة تعمل مجموعة تجسسية ارهابية،طردت12شخصا،اقوم بالتحقيق،تحتوي الفرقة على ضباط سابقين،ابناء كولاك،اناس مضادين للسوفييت،يساعدني في التحقيق مسؤول القسم الخاص،هل اسمح للفرقة بالدخول الى الوحدات العسكرية؟/ميخليس"!!.مرحى للرفيق ميخليس،المكتشف والمخترع في آن!.ففي فرقة للغناء والرقص،ينشط الارهاب والتجسس،وتحاك المؤامرات والدسائس المعادية للسوفييت!!.وهنا يتبين ان مفهوم الصراع الطبقي بمعايير ستالينية ليس ضد طبقة معادية للاشتراكية او السوفييت،بل هو ضد العدو الطبقي-الشبح- الكامن والمتخفي،في:الموسيقى التي تبثها الاذاعة العميلة،وفي فرق الغناء والرقص،وفي ورق التغليف في حوانيت الباعة،ومقالات الصحفيين!!.
في4/8/1938 بعث فورشيلوف بمقالة كولتسوف-الصحفي الذي كان تحت المراقبة.م.ا-مع ملاحظاته الى ستالين:"
-الرفيق ستالين/ابعث لكم مقالة الرفيق كولتسوف التي طالما وعدكم بها.ارجو الاطلاع ورأيكم ان كان ممكنا او واجبا طباعتها،اما انا شخصيا فلم تعجبني المقالة/فورشيلوف".لم يعلق ستالين على رسالة فورشيلوف،بل طلب من يوجوف التحقق الكامل عن خفايا ذلك الصحفي،وطبعا كان تحقق يوجوف ليس في صالح كولتسوف،وكان بمثابة الحكم النهائي عليه،وتحديد مصير ذلك المنكود الهالك!.
كان ستالين يطلع يوميا على اكثر من200 وثيقة!,وكان بوسكربيشيف يرفق مع كل وثيقة بأقتراح"حل"وكان"القائد"يوافق على تلك الا قتراحات،مكتفيا بتوقيع:ي.ستالين،او بكلمة "موافق"شفهيا،وهذا يعني انه يؤيد الاقتراحات،ولكنه لايرغب ان تكون موافقته موثقة بقرار خطي منه!.فأي قرار حكيم،وانجاز مبدع،ومأثرة متميزة، يقف خلفها"القائد العظيم"،اما الاخطاء،والنواقص والتعثر،وعدم الانجاز او التلكوء في التنفيذ،او تخلف الاعمال،ومشاريع الخطط،فيقف خلفها"التروتسكيون،والمخربون والجواسيس والخونة اعداء الشعب"!.
بيريا الذي كان يؤكد دائما في رسائله الى ستالين على اهمية مشاريع البناء التابعة لمفوضية(الشعب)للشؤون الداخلية وهي كثيرة ومتشعبة،وينقصها العديد من"الايدي العاملة"!طبعا لاحاجة لذكر تلك المشاريع التي ينوي بيريا اقامتها،فهي مزيدا من:المعتقلات والسجون ومعسكرات العمل الشاق!.التقط ستالين الاشارة وفهم مغزى رسائل بيريا،ففي25/8/1938 ناقشت هيئة رئاسة السوفييت الاعلى مسألة اطلاق سراح المعتقلين قبل الاوان،كمكافأة على اعمالهم النشيطة،ولكن ستالين اعترض على ذلك قائلا:"الايمكننا ان نبقيهم في المعتقلات؟فاذا اطلقنا سراحهم فسيعودون الى بيوتهم ويعاودون نشاطهم المعادي،في المعتقل الجو مختلف،هناك يصعب الفساد"!!انظروا الى حكمة وانسانية"محبوب الشعب"من اجل ان لايفسد المعتقلون خارج السجون فالحرية تفسدهم ومن الافضل بقائهم معتقلين واستغلالهم ببشاعة في اعمال البناء وتعبيد الطرق ومد سكك الحديد كعبيد سخرة دون اجر!. وهذا اكثر امانا للسلطة واصلح لهم من العودة الى بيوتهم وزوجاتهم وابنائهم وحياتهم الطبيعية كمواطنين احرار!.وهكذا كانت تعليما ت واوامر القائد الملزمة واضحة،واتخذ القرار:"حول معتقلات مفوضية الشعب للشؤون الداخلية يفيد بأن:"المعتقل في مفوضية الشعب للشؤون الداخلية يجب ان يقضي كامل المدة التي حكم بها"!!.وهذا برهان صارخ على ديمقراطية وعدالة وانسانية الاخ الكبير العظيم!!..
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
وعلى الاخاء نلتقي...

#ماجد_الشمري (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات