أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - زهر اللّوز -20- النّهاية














المزيد.....

زهر اللّوز -20- النّهاية


نادية خلوف
(Nadia Khaloof)


الحوار المتمدن-العدد: 5173 - 2016 / 5 / 25 - 09:00
المحور: الادب والفن
    


في المستقبل سوف نحقّق أحلامنا
تحلو الأيّام، ينجلي الهمّ
في المستقبل سوف ننام ملء أجفننا.
لا يأتي المستقبل
هو الآن
ابتكرنا للصبر عنواناً ،
اسماً جميلاً
رحلّنا همومنا إليه
نسينا حاضرنا
. . .
لا شيء يستحقّ أن ننتظر غداً
للغد هموم أخرى
المستقبل سراب نسير إليه
لا يعرفنا
يعيش فيه أقوام أخرى
ألوان أخرى
نسقط قبل الوصول
لا ينفع الأسف
على وهم رافقنا
. . .
أتبع النّداء. نداء مصدره مجهول.
أقف قرب شجرة اللوز التي تقيم منذ دهر قرب الباب في حديقتي الخلفيّة .أقطع أغصانا قصيرة منها، أضمّها في جرزة ، أضعها في حقيبتي.
اعذريني أيّتها الشّجرة. سوف أرحل إلى حياة أخرى. ضاق عليّ الزّمان، والمكان. النّداء يلّح عليّ. لا أستطيع مقاومته.
انتظرت المستقبل طويلاً، اكتشفت أنّ المستقبل يشبه الحبّ والوطن، والسعادة. كلمة مبهمة، عندما يحلّ اليوم التّالي لا يبدو مستقبلاً بل هو حاضر.
لن أوقظ سلمى. سوف أختفي من حياتها علّها تستطيع حلّ أمورها.
قبل أن أرحل سوف أقول للجميع: سامحتكم، أرجو أن تسامحوني . أشعر أنّني صفحة بيضاء. وأنّ المستقبل قاب قوسين. لا . إنه على بعد بضع دقائق.
اليوم أودّع مكاناً لم أعش فيه سوى الوهم.
من حقّ البشر أن يسعوا إلى أمكنة أخرى ، الأماكن ملك عام، والأسيجة والحدود طارئة على الحياة.
هل سوف أعود إلى هذا المكان ثانيّة؟
ولماذا أعود؟
في المستقبل سوف أرسم له صورة أجمل.
الفرح، والحزن يتعاركان، أترك لهما السّاحة .يجب أن ينتصر أحدهما .
يعمّني سلام . . .
أحمل في حقيبتي الأشياء التي تخصّنا. أحمل الماضي في حقيبة سفر تكاد تنفجر رغم صغر حجمها.
لا أعرف لماذا أحمل معي المذكّرات، والصّور، والأوراق الرّسميّة. قد أرمي الحقيبة في النّهر.
وصلت إلى النّهر.
سوف أطلب مساعدة أحدهم، أعطيه مبلغاً ما كي يجرّني إلى الطّرف الآخر.
أسمع صوتاً يقول: ماما
سوف أنتظر. إنّه صوت سلمى.
-لماذا رحلت دون أن تعلميني يا أمّي؟
-لم أكن أعرف أنّني راحلة، ولا أعرف حتى الآن ، أنت في بيتك مع زوجك.
-لا يا أمي!
ليس لي زوج. أخرجني عبد الرّحمن من حياته، عليّ أن أنقذ نفسي، وأنقذ الطّفل،
وفي المستقبل لكلّ حادث حديث.
-لا ترحلي إلى المستقبل، وأنت مليئة بروح الانتقام. عندما تغادري المكان قولي: سامحتك يا عبد الرّحمن ، سامحتك أيّها العالم. إنّني جديدة لا أحمل شوائباً في داخلي.
ما دمت قد اتّخذت قراراً بالرّحيل، فليرحل الماضي، وليبق المستقبل حيث هو. عيشي الحاضر يا سلمى. اعتبري أنّك خلقت من جديد .
-لا أحد يهدّئ غضبي مثلك يا أمّي.
في المستقبل سوف أحيطك برعايتي، أجعلك سعيدة ، أعوّض لك الأيّام.
-لا يوجد مستقبل يا سلمى. في كلّ يوم جديد نولد من جديد، يكون اليوم حاضرنا، أمّا عن مسألة التّعويض، فلا أحد يعوّض الزّمن. هي مشاعر سامية تشعرين بها الآن قد لا تستمرّ.
-سوف نسبح الآن إلى الطّرف الآخر. أحضرت معي حبلاً ، ليس عليك سوى أن تتمسّكي به. هيّا بنا ، ليس أمامنا وقت. أخشى أن يتتبعّنا عبد الرّحمن.
سوف أقفز إلى النهر، وأجرّك .
أسبح الآن، يساعدني الماء، يخفّف وزن أمّي، لكنّها تتمسّك بالحقيبة. أمّي! ارم الحقيبة في النّهر.
ها أنا ذا أقف على حافّة النّهر من الطّرف الآخر، أجرّ الحبل، تكاد أمّي تصل. لقد نجونا.
تمسكي جيّداً.
-عودي إلى الخلف يا سلمى. أنا بخير. اتركي الحبل سوف أصعد إليك الآن.
-لن أترك الحبل حتى تصلي.
سقطت أمّي والحقيبة. أيّها النّاس. ليساعدني أحدكم.
قالت أمّي أنّها سوف تأتي. هي قادمة.
هل ماتت؟
هل كان الأمر يستحق أن نخسر نصفنا في هذه الرّحلة؟
لا شيء في الحياة يستحق. الحياة تافهة إلى حد الغثيان.
لن أكمل طريقي. سوف أنتظر أحداً ما يجلب لي أمّي من النّهر.
أشعر بالتّعب
سوف أبكي وأنا أنبطح على بطني كي لا يرى أحداً دمعي، أمرّغ وجهي، أصرخ إلى عمق الأرض. علّ أحداً يسمعني. أخجل من الحزن. أشعر أنّ أمّي معي. تبتسم لي.
-استيقظي يا سلمى. علينا أن نذهب إلى ذلك المكان . علينا أن نمشي ساعتين على الأقلّ.
-كنت في انتظارك يا أمّي. ها قد أحضرت أبي أيضاً.
يتعانق أمّي وأبي، يسيران أمامي، وأنا أبكي خلفهما. لا زلت طفلة. أقول لهم:
لا أحد يهتم بي.
يعود أبي إليّ
يحملني على كتفيه
يغنّي لي
ثمّ ينزلني إلى الأرض
تردّد أمّي أهزوجتها التي ألّفتها لي.
أرقص
يصفّقان لي
لم أشعر بالطّريق
لم أعرف أنّنا وصلنا إلا عندما سمعت صوت أبي يقول:
سوف تنجبين طفلاً اسمه أنتونيو!
لماذا أنتونيو يا أبي؟ سوف أسميه مسعود
-عليها أن تسميه عبد الرّحمن على اسم زوجها كي لا ينسى الطفل والده.
-كفّي يا امرأة عن الهراء. اختارت سلمى الرّحيل، عليها أن تنسى الماضي.
للطّفل حياته، قد تمرّ لديه لحظات يسأل عن أبيه، لكنّها لحظات عابرة. سوف يعيش حياته دون أن يهتمّ لشأن أمّه أو أبيه. سوف يعيش حاضره.
-ألا يمكن أن أكون قد أسأت الظّن بعبد الرّحمن يا أبي؟
-ربما!
لم يكن القرار بيدك. حصل ما حصل يا ابنتي. عيشي الحياة دون هواجس.
آه. أشعر بألم الولادة .
-انقلوها إلى المستشفى !
هل كان كلّ ما مرّيت به عندما وصلت إلى الضّفة الأخرى وهما؟
لم أعد طفلة، أمّي وأبي ليسا معي، حلّ المستقبل الآن.
أتى أنتونيو إلى الحياة .
رجال الإنقاذ أخرجوا أمّي وحقيبتها.
سنودّعها أنا وأنتونيو غداً
أوصاني أبي أن أعيش الحياة.
لن أبكي بعد اليوم يا أمّي. فقط سوف أذرف دمعة على قبرك. لا أعرف كيف يمكن للإنسان أن يعيش وحيداً. سوف أعيش على كلّ حال.











#نادية_خلوف (هاشتاغ)       Nadia_Khaloof#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زهر اللّوز -19-
- زهر اللّوز -18-
- زهر اللّوز -17-
- زهر اللّوز -16-
- زهر اللّوز -15-
- زهر اللّوز -14-
- زهر اللّوز -13-
- زهر اللّوز -12-
- زهر اللّوز -11-
- زهر اللّوز -10-
- زهر اللّوز -9-
- زهر اللّوز -8-
- زهر اللّوز -7-
- زهر اللّوز -6-
- زهر اللّوز -5-
- زهر اللّوز -4-
- زهر اللّوز -3-
- زهر اللّوز -2-
- زهر اللوز -1-
- حكاية الفحل،والقارورة


المزيد.....




- بالأسم ورقم الجلوس.. نتيجة الدبلومات الفنية 2025 الدور الأول ...
- “استعلم عبر بوابة التعليم الفني” نتيجة الدبلومات الفنية برقم ...
- “صناعي – تجاري – زراعي – فندقي” رابط نتيجة الدبلومات الفنية ...
- إبراهيم البيومي غانم: تجديد الفكر لتشريح أزمة التبعية الثقاف ...
- بوابة التعليم الفني.. موعد إعلان نتيجة الدبلومات الفنية 2025 ...
- البندقية وزفاف الملياردير: جيف بيزوس يتزوج لورين سانشيز في ح ...
- شاهد.. الفنانون الإيرانيون يعزفزن سمفونية النصر في ساحة الحر ...
- طلبة التوجيهي يؤدون امتحان -اللغة الإنجليزية-.. مروحة واسعة ...
- “برقم الجلوس والاسم فقط” Link الاستعلام عن نتيجة الدبلومات ا ...
- العراق يواجه خطر اندثار 500 لهجة محلية تعكس تنوعه الثقافي ال ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - زهر اللّوز -20- النّهاية