أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - زهر اللّوز -3-














المزيد.....

زهر اللّوز -3-


نادية خلوف
(Nadia Khaloof)


الحوار المتمدن-العدد: 5156 - 2016 / 5 / 8 - 09:36
المحور: الادب والفن
    


عندما كنت أجلس قرب شجرة اللوز التي تقع قرب الباب في حديقتي الخلفيّة . كنت أحدّثها عن طفلي المقبل . أسميته سهرمان. أقدّم نفسي لها بأمّ سهرمان، أناديها بأمّ الزّهر ، أضع كأساً من الماء على حافّة الدّكة التي أجلس عليها قربها، يستمرّ الحديث بيننا ساعة . لم أكن أعرف أنّ الأشجار تنام. كنت أسمع أنفاسها، وصوت شخيرها، ولا تبتسم لي إلا بعد أن ينزل أوّل عصفور من على أغصانها مع أوّل شعاع للشّمس. عندما تستيقظ شجرة اللوز أكون قد أنهيت شرب كأس الماء، يدّب في حماس يجعلّ منّي كائناً يمكنه الطّيران.
كان سهرمان قصّة ، أو أمنيّة أرغب في الحصول عليها . ربما هي رغبتي الدّائمة في أن أصنع رجلاً للتّاريخ، أشكّله بطريقتي.
لدينا الآن سلمى، عندما يأتي مكرود إلى المنزل تطلب منه أن يحكي لها حكاية. هي حكاية القط والفأرة التي ما إن يبدأ فيها حتى يغفو .
عالمي هو حديقة فقط.
في تلك الحديقة يعيش عالم جميل بعيداً عن عالم البشر.
نحن هنا العالم، أو المدينة الفاضلة
هي مدينة فاضلة، ليست وهماً .
يمكنك الاستراحة في الجهة العليا من الحديقة على مقعد خشبي، تتمدّد على المقعد، يأخذك سلطان النّوم ، يتساقط الزهر عليك .هي جنّة من صنعي.
أعامل أشجاري معاملة عادلة، لا أهمل الحديث معهم ، لكنّ شجرة اللّوز هي المدللّة لأنها الأصغر.
اليوم هو اليوم الثاني من الشّهر الأوّل من السّنة الأولى من تقويم الحديقة.
السّاعة الثّانية بعد منتصف الليل . أسمع نداء. ألبس جواربي ، أتبع النّداء حافية القدمين كي لا يستيقظ مكرود.
أجلس على كرسيً صغير ، الهواء بارد ، ألفّ نفسي بغطاء أراقب نبتة زرعتها قبل أيام. نبتة شتوية أنتظر أن تتفتّح ورودها. أسميتها ربيع في الشّتاء.
قرب شجرة اللوز العارية يقف شابّ في الثّلاثين من عمره. كنت في انتظارك. أنا خاسرو .
رأيت ظلاً خلفي. لم أكن أعرف أن مكرود يراقب حركاتي.
-هل تحدّثين نفسك ؟
-انظر إلى هناك. من هو ذلك الرّجل؟ هل تعرفه؟
يقول أن اسمه خاسرو.
ليس هناك رجل غيري هنا. هل تتخيّلين؟
عليك أن تخرجي أحياناً يا زنزلخته من الحديقة. في الخارج أشياء مختلفة غير تلك التي تقومين بها. لو خرجت بأفكارك إلى العالم الخارجي لوقعت في حفرة مالها قرار. تعلّمي التّعامل مع الخارج بالتّدريج.
لا أفهم ماذا يقول. .
لا أرغب بعالم آخر.
العالم رحيم هنا، عندما هربت منهم أوّل مرّة اختبأت تحت شجرة في غابة نسيت أين تقع.
عندما ركضوا خلفي يريدون قتلي . اختبأت في بئر عميق.
عندما أرادوا أن يعطوني دروساً في العبادة اختبأت في حضن جنّي.
عندما قال لي مكرود أحبّك. وافقت على الزّواج منه دون أن أنظر إليه. لا أعرف طوله، ولا لون عينيه. أحببته لأنّه قدّم لي حديقة صنعت منها عالماً لا أرغب بالتّخلي عنه. حتى لو اختلفت مع مكرود لا أفكر في مغادرة الحديقة. لا أفكّر في أن أترك مكرود، فقد اختلفنا في أحدى المرّات ، ذهبت إلى قاض. قال لي: ردّي إليه حديقته.
كيف تكون حديقته أيها القاضي ، وقد كانت أرضاً يباباً حوّلتها إلى جنّة؟
طلب أن أقول له سيّدي.
غادرت مكتبه خائفة من أن يجري لي ما جرى لأم سمرة التي طلّقها من زوجها ، ثمّ تزوّجها هو.
كنت أتّحدّث مع شجرة اللوز. فاجأني خاسر بقوله:
-تعالي يا زنزلختة نتحدّث قليلاً!
أراك تنظرين إلى لاشيء، كأنّك تحدّثين أحداً ما بأسرارك. منذ أن جلسنا، وأنت صامتة، أنظر إليك علّك تشعرين بوجودي .
لا تفكّري بأمور معقّدة . فرّغي ذهنك من المتاعب. تعالي نجوب أطراف الليل. الليل لنا.
أبحث عن أنثى لم تتلوّث بأقاويل البشر.
أنثى تشبهكِ
تشبهني
نصوغ معاً قصائدنا . نرميها وسط ليل
يوزّعها في النّهار على البشر
ليس لديّ الكثير من الوقت
سوف ينبلج الصّبح وأرحل من هنا.
-ارحل !
ارحل ، لا تحدّثني عن الليل.
لا أعرف من أنت، ولا تقدّم لي دليلاً عن الحبّ.
أخشى أن تخلّصني حديقتي ببضع كلمات معسولة.
هي عالمي .
من أنت؟
سميّتك خاسر من باب الدّعابة، لكنّني لا أعرف من أنت.
قد يستيقظ زوجي من نومه، ويرانا معاً. ويستردّ حديقته. لا أعرف أين أذهب لو فعل ذلك.
هنا بنيت جدراناً من الأحلام.
وهناك دفنت قساوة الأيّام .
وعلى بعد حاجزين من وهم . صنعت إلّهاً للحبّ والخصب.
تأتي وتطلب أن نتحدّث. أنت غريب عنّي يا خاسر. ارحل على الفور.
أسمع قهقهتك. لا تفضحني. لم أتجاوب معك في كلّ ما طلبت.
إنّه يرحل الآن، أشعر أنّني أعرفه منذ ولدت. من هو ذلك الخاسر ؟
لا أرغب أن يفارقني. كأنّني أعرفه.
بالأمس أراد أن يأخذ روحي معه في سياحة. يقول لي: عليك أن تتعرّفي على الأماكن التي تعيشين فيها.
اتركي جسدك هنا، امسكي بروحي، سوف أعيدك قبل الفجر، تنامين، ويبدو الأمر لك حلماً.
لم أوافق. خشيت ان يغلق جسدي بابه، ولا أستطيع الدّخول إليه.



#نادية_خلوف (هاشتاغ)       Nadia_Khaloof#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زهر اللّوز -2-
- زهر اللوز -1-
- حكاية الفحل،والقارورة
- نضال الطّبقة العاملة من أجل عالم أفضل
- وقوع الطّبقة العاملة في فخ - الحرب ضدّ الإرهاب -
- من - عمى ألوان-
- تأثير الفكر الدّيني المتشدّد على المرأة
- نضال الطّبقة العاملة من أجل حقوقها
- الأوّل من أيّار - يوم العمّال العالمي-
- رحلة البحث عن حذاء -1-
- دور المرأة العاملة في المجتمع
- قانون تعنيف الرّجل من قبل المرأة
- نحن من يصنع الرّموز
- الهروب
- بيوتٌ لا يدخلُها النّور
- مسٌّ من ربيع
- عزلة قيد التّجربة
- أرغب أن نغيّر العالم
- الحركات الجهادية هي بديل الثّورة
- بين وطن كان، ووطن صار ألف حكاية


المزيد.....




- فلسطين تتصدر ترشيحات جوائز النقاد للأفلام العربية في دورتها ...
- عُمان تعيد رسم المشهد الثقافي والإعلامي للأطفال
- محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية يع ...
- -الحب والخبز- لآسيا عبد الهادي.. مرآة لحياة الفلسطينيين بعد ...
- بريطانيا تحقق في تصريحات فرقة -راب- ايرلندية حيّت حماس وحزب ...
- كيف مات هتلر فعلاً؟ روسيا تنشر وثائق -اللحظات الأخيرة-: ما ا ...
- إرث لا يقدر بثمن.. نهب المتحف الجيولوجي السوداني
- سمر دويدار: أرشفة يوميات غزة فعل مقاومة يحميها من محاولات ال ...
- الفن والقضية الفلسطينية مع الفنانة ميس أبو صاع (2)
- من -الست- إلى -روكي الغلابة-.. هيمنة نسائية على بطولات أفلام ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - زهر اللّوز -3-