أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد السلطاني - تنويعات عمارة ما بعد الحداثة















المزيد.....

تنويعات عمارة ما بعد الحداثة


خالد السلطاني

الحوار المتمدن-العدد: 1394 - 2005 / 12 / 9 - 12:43
المحور: الادب والفن
    


لم تعد المارسة المعمارية في سنوات السبعينات وفي الاخص في نهاية العقد منها ، مهتمة كثيرا في جدوى النقاشات الصاخبة والمريرة التى شهدها الخطاب المعماري في الستينات ، اثر ظهورارهاصات النزعات الجديدة في المشهد المعماري ، وما رافق ذلك من تخلٍ سريع لمفاهيم وافكار تلك العمارة التى نشأت في العشرينات ، وتبلورت مفاهيمها في الثلاثينات ، لتصل الى قمة ازدهارها وبلوغ اوج انتشارها في الخمسينات ، ومن ثم تقبلها من قبل اوساط معمارية مختلفة الامكنة والثقافات . فالحدث الذي بشرّ به " روبرت فنتوري " في كتابه الذائع الصيت ، ما لبث ان اضفى عليه الناقد المعماري " جارلس جينكز " مفهوما محددا ، اختزله بمصطلح " عمارة ما بعد الحداثة " – ذلك المفهوم الذي يؤسس لنفسه منطلقات واسس خاصة بعيدة عن طروحات " العمارة الحديثة " وتصوراتها ؛ بل وقد بدت تلك المنطلقات وكأنها بديلا مباشرا لتلك الطروحات ، وفي احيان عديدة نقيضا ً صريحا لها .
ومهما يكن ، فان العقد السبعيني وما تلاه افرز ، بما لا يدع للشك ، عمارة انطوت مرجعيتها على فكر مغاير ، فكر متأسس على خلاصات النجاحات المرموقة في مجال الثورة العلمية التكنولوجية ، وما اعقبها من انعطافات جذرية في صميم مجالات المعرفة وعلم الجمال وطرائق النقد والتلقي ، تلك المجالات التى اعتمدت على مرجعيات فلسفية جديدة وعلى تقدم غير مسبوق في العلوم الانثروبلوجية والسوسيولوجية . وما ريناه من ظهور لشواهد بنائية كثيرة تطلعت بمقارباتها الى تكريس مفاهيم تصميمية جديدة في الممارسة المعمارية الحديثة ، لهو خير دليل على ان التغيير الذي حصل في مجال التصميم ، لم يكن محض نزوة عابرة ، كما لم يكن حدثا ً مؤقتا ، وانما كمن كنه ذلك التغيير في كشوفات حقيقية لمفاهيم معمارية مغايرة ، سعى المعماريون الحداثيون الى تكريسها في المشهد المعماري وحرصوا على تبيان لغتها التصميمية المعبّرة . وليس ببعيد عن تلك الاجواء عمارة مبنى " البنك المركزي العراقي " في بغداد بالعراق ، والمصمم من قبل مكتب " ديسين و ويتلين Dissing + Weitling " الدانمركي ، والذي نكرس مقالناهذا لعمارته المميزّة، والتى هي الاولى ، كما نظن ، في ادبيات النقد المعماري العربي التى تتعاطي مع عمارته ، رغم اهمية المبنى وضخامته ، محاولين تتبع مرجعيات التصميم والكشف عن تفرد لغته التكوينية في الخطاب المعماري المحلي والاقليمي والعالمي ايضا .
نال التصميم المقترح من قبل المكتب المذكور ( المعمار الرئيس : بول اوي ينسين Poul Ove Jensen ) ، المرتبة الاولى في مسابقة دولية لتصميم مبنى البنك المركزي نظمت سنة 1978 ، وتم لاحقا تنفيذ المشروع في 1981- 85 . ولعل الخبرة الاختصاصية العالية في مجال تصميم مصارف مركزية التى يمتلكها المكتب ، وحضور مثل تلك المعرفة في التصميم المعد اسهم ، كما نعتقد ، في نيل مقترح المكتب الاسكاندينافي المرتبة الاولى في تلك المسابقة . فالمعلوم ان مكتب " ديسين ووايتلين " هو وريث مكتب " انى ياكبسون " – المعمار الدانمركي الاكثر حضورا وشهرة في المشهد المعماري العالمي ، الذي توفي فجأة في سنة 1971 . وبعد تلك الوفاة التراجيدية لمؤسس المكتب ، ولاعتبارات محض تقنية قاما " هانس ديسين " و " اوتو ويتلين " المعماريان العاملان الرئيسيان في " مكتب ياكبسون " الى تأسيس مكتبهما باسم " ديسين + ويتلين " وبالاشتراك مع غالبية الكادر العامل في المكتب السابق . وقد سبق لمكتب " انى ياكبسون " ان اضطلع في تصميم مشروعين لمصرفين مركزيين مهمين هما : " المصرف الوطني الدانمركي " في وسط العاصمة الدانمركية – كوبنهاغن ( 1971-78 ) ، و" المصرف الوطني الكويتي " المشيد في مدينة الكويت ( 1966- 1976 ) . وكلا المبيين عدت عمارتهما من الاحداث المهمة والمؤثرة في المنجز المعماري الاقليمي .

ينهض مبنى " البنك المركزي العراقي " عاليا ً بارتفاع 40 مترا في وسط بيئة بنائية بغدادية مكتظة ، تمثل في الوقت الحاضر المركز المالي الرئيسي للعاصمة العراقية . كما يقع المبنى على تخوم منطقتين بنائيتين ، احداهما تتسم على نسيج تخطيطي تقليدي متراص بمبان ٍ ذات ارتفاعات واطئة بمجملها ، لا تتعدى طابقين الى ثلاث ؛ في حين امتازت خصوصية البيئة البنائية في المنطقة الاخرى على حضور كثيف لمختلف المباني الحديثة المنطوية عمارتها على لغة تصميمية معاصرة في غالبيتها . وتشكل هيئة مبنى المصرف الجديد كتلة مكعبة ضخمة من الجدران المصمتة والمكسوة بالرخام الابيض ؛ وتستدعي فورماتها القوية والواضحة الى الذاكرة تستدعي ظاهرة المصطلح التخطيطي السلبي ؛ كناية عن حضور عناصر تخطيطية لا يتلائم وجودها بالمرة مع سياق ومفردات خصوصية نسيج البيئة المبنية المحيطة لا من حيث المقياس ولا الشكل ولا اللون ولا المواد . لكن المبنى وان بدا حقا ً " فيلا ابيضا ً " الان ، فان نوعية عمارته واسلوب توقيعه يشيران الى حالة مستقبلية ، ستجعل من شكل هيئتة الحالية شكلا ً متساوقا مع تصورات لمفردات تخطيطية منتظرة ،مخصصة لهذا الموقع ومحددة في مقترح التخطيط العمراني لهذه المنطقة من العاصمة العراقية ، بعبارة اخرى ان الحل المعماري لهيئة المبنى الانية هي في الواقع استجابة لاشتراطات التخطيط الاساسي لمدينة بغداد المستقبلية ، وهو قرار معماري سليم ينطوي على مصداقية مهنية ، رغم الانطباع السلبي الحالي الذي يتركه المبنى على شواهد المكان .
يكاد يكون الحل التصميمي المعتمد في عمارة مبنى البنك المركزي ، متأثرا ً الى حد كبير بالنهج الظاهراتي / الفينومنولوجي Phenomenology . وهذا الاحساس يتأكد من طريقة تجميع الفراغات والاهتمام بالمعطي الوظيفي ، المعطى الذي حدد ، في اعتقادنا ، اسلوب عمارة المبنى وميز ّ المعالجات التكوينية له . فالتمثيل الوظيفي للفراغات وان تجنب فعالية التأويل تماشيا ً مع اشتراطات النهج الظاهراتي ؛ فانه ما فتأ ان ظل مسكوناً برغبة جامحة تتوق الى التفرد الهيئاتي واسثنائية الحل المعماري . لكن ذلك التمثيل وما رافقه من تنطيق فراغي ، قد خضع لاعتبارات معمارية محددة ، اعتبارات اصطفاها المعمارلنفسه وافضت الى الحل المعماري المرئي . وهذه الاعتبارات يمكن اجمالها بنقاط معينة منها : ان الموضوعة البنائية التى يتعاطى معها المعمار تمثل " ثيمة " هي في الواقع ثيمة معروفة جدا ً لديه ، ومألوفة ومتداولة تصميما ضمن الاعمال المنجزة في مكتبه . فالوظيفةالاساسية للمبنى هي مصرف ، ومصرف مركزي تحديدا ً ، وهذه الوظيفة هو على اطلاع واسع بها وملم بها باتقان ، عدا عن كونه ضليع في استيلاد استجابات تصميمية مقنعة لمتطلبات احياز تقوم بمهام وظيفتها بشكل كفء من اعمال مكتبية واجراءات مصرفية خاصة باداء المؤسسات المالية .
والامر الاخر في تلك الاعتبارات هو نزعة المصمم المتجردة في اتجاه خلق منشأ وظيفي معاصر ، من دون السعي وراء اية محاولة لاضفاء بعد فلسفي على معالجاته التصميمية ؛ فهو هنا حريص على تثبيت حقيقة الظاهرات الواقعية للاحياز المصممة للمبنى باسلوب مباشر وصريح ومتخم بالوظيفية ، وخصوصا الوظيفية التى يقرأ المتلقي مضمونها من النظرة الاولى لعمارة المبنى ، المبنى الذي يتراءى له وكأنه صندوق : صندوق مغلق ، ومحكم السد ّ ، تشي جدرانه المصمتة الى حيّـز مصان ! . والامر الثالث لتلك الاعتبارات يكمن في اشهار المصمم عن قناعاته التصميمية لقطيعة ، او الاصح شبه قطيعة مع خصوصية المكان ، وتغاضيه عن مراعاة اشتراطات البيئة المبنية المحلية وتقاليدها ؛ وان بدا مهتما احيانا في خلفيات تبعات الظروف المناخية المحلية واسقاطاتها على قرارته التصميمية ؛ رغم ان خلفيات تلك القرارت كانت تشير ، في اعتقادنا ، الى مرجعية آخرى تجد اصولها في ممارسة معمارية حظيت باهتمام كبير من لدن معماريين حداثيين عالميين ، وتقبلها المعماريون الدانمركيون في حينها بابتهاج ظاهر، كما سوف نشير الى ذلك لاحقا . وتـُعدّ الاشارة الى مجموعة تلك الاعتبارات وتحديدها كمنطلقات تصميمية وجهت مسار المصمم والتصميم ، يعد امرا ً لا مندوحة منه لحسن ادراك مبنى البنك ، وفهم عمارته المقترحة .

يختزل المعمار فكرته التصميمية لمبنى البنك المركزي العراقي في مفردة تكوينية واحدة ، وينزع الى جعل فراغات المبنى تتمحور حولها . وهذه المفردة دعاها النقاد " بالفضاء الفسيح ، الواسع والرحيب -Big Space " ؛ وسبق وان وظفها بمهارة عالية " جون بورتمان John Portman " في الستينات في سلسلة من الفنادق الفخمة ذات اللغة المعمارية المعبرة والمتفردة شيدها في مناطق مختلفة بامريكا . وهي ذات الفكرة التى دعى اليها ايضا " لويـس كان Louse Kahn " ولقيت تجاوبا كبيرا من قبل معماري الحداثة في اقطار اوربية عديدة ولاسيما في الدانـمرك .وتنشد تلك الفكرة الى عدم التفريق بين " الماهية Essence " و" الحضور Appearance " ، وانما يتعين ادراكهما كظواهر متطابقة ومتماثلة ، الامر الذي بمقدور" الداخل ان يكون خارجا ، وان يضحى الخارج داخلا ! " على سبيل المثال . واحدى تطبقات فكرة " الفضاء الفسيح " تكمن في نقل "جوهر " الميدان الحضري المفتوح الى فضاء داخلي رحب مسيطر عليه بيئيا ً ، وهي ذات الفكـرة التى نشـاهدها في عمارة البنك الـمركزي العـراقي .
يستثمر المعمار وجود فضاء المعاملات اليومية ذا الاهمية الخاصة في تشكيل البرنامج الفراغي بالمؤسسة المصرفية ، لانجاز حيزّ فسيح في التصميم يتناسب سعته مع وجود عدد متعاملين كثر من زبائن المصرف . وهذا الحيز ّ ذاته بالاضافة الى بهو المدخل سيشكلان نواة الفضاء الذي تتمحور حوله فراغات المبنى العديدة الموزعة على عشرة طوابق ، والتى يمكن من منسوبه الارضي مشاهدتها جميعا بنظرة واحدة . ثمة تدرج فضائي ممتع يسعى المصمم الى بلوغه في مهام توزيع احياز المبنى . ذلك لان الركون الى مقاربة واضحة ومباشرة للحل التصميمي المعتمد على ثيمة التبادل الموقعي بين الداخل والخارج ، والذي يسم عمارة المبنى ، حدا بالمعمار لان يوظف مقدرته التصميمية لاثراء التكوين ، من خلال خلق سلسلة من اختلافات فضائية متناوبة ، تبدأ من لحظة الشروع في قرار الدخول الى المبنى ، واجتياز ممر الدخول للعبور الى بهو المصرف والوصول اخيرا ً الى القاعة الرئيسية الرحيبة الخاصة بالمعاملات المصرفية اليومية .
وعلى امتداد طول هذا المسار ، سيشهد الزائر- الزبون بنفسه التحولات الفضائية المتعاقبة من خلال سيره اولا ً عبر الممر الضيق العالي المحفور في الكتلة الرخامية ، والذي سيصب عند ساحة المدخل الفسيحة المضاءة ،وليلمح بوابات المدخل الموقعة بانكسار واضح عن محور الممر ضمن جدار – شاشة مربعة ومزججة بالكامل على ارتفاع خمسة طوابق ؛ وعبر بهو المدخل العالي ايضا ً بذات الخمسة طوابق اياها ، يصل الزائرالى قاعة المعاملات المصرفية المربعة ، بيد ان ارتفاعها الان هو بارتفاع المبنى كله ، اي بعلو عشرة طوابق كاملة . ويتم اضاءة " التجويف " ومجاوراته من فراغات مزججة مطلة عليه ، من الاعلى بواسطة اضاءة سقفية تتجنب مرور الاشعة المباشرة وباسلوب يقلل من وهج الضياء المسرف المتسم به الجو البغدادي المترب .
لا يجدي هنا بالطبع نفعا ً البحث عن مقاربات تماثلية بين مفردة " الفناء " الوسطي الحاضرة دوما في نسيج تكوينات الابنية التقليدية المحلية ، وبين استخدام المصمم الاسكاندينافي " لحفرته " العالية الضخمة ذات الاهمية القصوى في الحل التكويني – الفضائي لمبنى البنك المركزي العراقي ، وان كانا كلاهما متماثلين شكليا ً . فمرجعية معمار المبنى الاخير ، الموسسة لخياره التصميمي ، تستقي وجودها من ممارسات تصميمة محلية ( دانمركية ، على وجه الخصوص ) وعالمية معا ً . وليس ببعيد هنا رصد رغبة المصمم لاعادة انتاج صورة " اميج " الحل التصميمي المميز والخاص بالفضاء " النظيف " العالي بارتفاع خمسة طوابق لبهو " المصرف الوطني الدانمركي " بكوبنهاغن ، والمقتصر فضاءه الفسيح على مفردة السلم المكشوف ؛ كما ان شيوع ممارسة استخدامات مفهوم Big Space التى تكلمنا عنها سابقا في الخطاب المعماري العالمي ، قد يكون لها تأثير ملموس على اصطفاء المصمم لمثل هذا الاسلوب في الحل التكويني . وتعد مداخلة المعمار في اصطفاء هذا النوع من المقاربة المعمارية لمبناه ، المقاربة المتصادية مع ممارسات معمارية دانمركية وعالمية ، امرا ً جديدا وغير مسبوق في المشهد المعماري العراقي وحتى الاقليمي ايضا ً . وقد اضاف المعمار الى موضوعة الحل التكويني " النَفس " الاسكاندينافي الرفيع المهتم في التفاصيل ، والمتمكن من حسن اختيار المقياس والمولع في اكساب جميع عناصر المبنى دقة متناهية من حيث الشكل والتنفيذ .
يبدو المبنى من الخارج وبسبب نزعة تقليل النوافذ الى ادنى عدد ، وبسبب ايضا ً، طريقة الاكساءات الرخامية المستمرة الملساء التى تخفي حدود طوابق المبنى ، يبدو وكأنه قطعة حجرية صلدة ومصمتة ، عكس تماما ما سوف يفاجأ المعمـار به زوار المصرف من داخل حافل بالخفة والشفافية المتأتية من الحضور الكثيف للجدران الستائرية المزججة ، وما صاحبها من بريق ولمعان واسلوب اضاءة مميز ، وقد استثمر ذلك لجهة تكريس وتفعيل التعارض التكويني بين الداخل الشفيف والخارج الثقيل شبه المصمت ، وليضفي على حله التصميمي المغرق في وظيفيته بعدا جماليا مضافا نابعا من تبعات ذلك التعارض الذي جاء واضحا وقويا ومفاجئا في آن ! .
ثمة اشكالية حقيقية ربما جابهت المعمار في مهمة توقيع المبنى في مكانه ، المكان العاج بالتناقضات البنائية والمثقل بتنوع وتعدد الاستخدامات الوظيفية . ومع ان المبنى " القديم " للبنك المركزي العراقي المشيد في ( 1957-59 ) ، المعمار : دونكل ، والمجاور للمنى الحديث ، يتبع ذات المقاربة المعمارية من حيث التركيز على موضوعة الفضاء الداخلي ، وترك الخارج مصمتا ومغلقا ً ، فان الارتفاع الشاهق للمنشأ الجديد وضخامة الكتل المختارة له ، وهندسيته النظيفة الواضحة، كانت تمثل تعارضا سافرا بينه وبين شواهد المكان ؛ الامر الذي حتم على المعمار اللجوء الى كسر تلك الهندسية والتقليل من وطأة الارتفاع العالي ، والتخفيف من شدة صلادة الكتل المصممة ، باحداث بروزات كتلوية تبرز من " جسد " المبنى الاساسي وباشكال تحد من حدة انتظام هندسية الكتل الرئيسية وقابلة لنشر فتحات نوافذ واسعة وبارزة فيها ، تثري بظلالها الداكنة سطوح الجدران الملساء .
واذ عُدت عمارة البنك المركزي العراقي ، بنهجها المعماري الفريد وامتلاكها لعناصر تفصيلية دقيقة ومتقدمة ، حدثا ً مهما في الممارسة المعمارية العراقية ، فان الكثيرين بضمنهم المعماريين وطلاب العمارة لم ينتبهوا كثيراًً لاهمية ذلك الحدث وخطورته ، المؤسس لظاهرة ما بعد الحداثة في الخطاب المعماري المحلي ، بسبب النزعة الاستحواذية للنظام الديكتاتوري التوتاليتاري البائد ، الذي جعل من المباني العديدة المشيدة حديثا باموال الشعب العراقي ، وكأنها ملك خاصا به ، لايحق للاخرين التقرب منها ، وحتى النظر اليها ! . وامست عمارة مبنى البنك بالنسبة الى العديدين مبنى " مغلقا " – يستحضر وجوده الفيزياوي الى الذاكرة ، مفهوم " خزنة " الدكتاتور الخاصة و" قاصة " عطاياه المسمومة . لكن التغيير المبارك الاخير الذي افضى الى سقوط الديكتاتورية حمل معه اعادة الاعتبار للكثير من المباني ووهبها شرعيتها المعمارية المغيـّبة والمسروقة ؛ وبامكان الجميع الان ، ولا سيما المهتمين التعاطي مع عمارة مبنى البنك المركزي العراقي بمهنية ، واعتبار تلك العمارة كاحدى تنويعات عمارة ما بعد الحداثة المثرية بجد ّ الخطاب المعماري المحلي .. والاقليمي ايضا ً.



#خالد_السلطاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كتاب - خواطر السنين - : مكان .. يتوارى
- العمارة ، بصفتها قبولاً للآخر : عمارة مبنى سفارة الدانمرك في ...
- معاداة الاخر : ايران نموذجا
- عمارة زهاء حديد :واقعية الفضاء الافتراضي
- عمارة مابعد الحداثة : المصطلح والمفهوم
- زمن - الجهاد - الارهابي : زمن الارتداد المشين
- عمارة مكتبة الاسكندرية : الحيز ، المكان ، والزمان
- سلالة الطين : الكاتب ، والكتاب
- تسعينية جعفر علاوي - العمارة بصفتها مهنة
- مسجد ما بعد الكولونيالية
- رسالة مفتوحة الى برهان شاوي
- صفحات منسية من تاريخ العراق المعماري: مبنى مجلس الامة-الى ال ...
- تحية الى 9 نيسان المجيد
- نكهة العمارة المؤولة
- مصالحة ام ... طمس حقوق؟
- مقترح شخصي ، لادانة جماعية
- المشهد المعماري في الدول الاسكاندينافية بين الحربين - صفحات ...
- الانتخابات و - رياضيات - الباجه جي المغلوطة
- العمارة في العصر الاموي : الانجاز والتأويل - مقدمة كتاب ، يص ...
- تجليات العمارة العضوية : نتاج رايت في الثلاثينات - صفحات من ...


المزيد.....




- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد السلطاني - تنويعات عمارة ما بعد الحداثة