مصطفى القرة داغي
الحوار المتمدن-العدد: 1393 - 2005 / 12 / 8 - 08:03
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لقد إنتهى وقت اللعب وجاء وقت الجد.. لقد آن الأوان وحانت اللحظة التي يجب فيها على العراقيين أن يحسموا أمرهم.. إنها حكومة دائمية.. حكومة لأربع سنوات.. حكومة قد تحيي العراق وتعيد له وجهه المشرق أو قد تميته الى الأبد وتبقى لنا أطلال لوطن كان إسمه عراق لاسمح الله.. حكومة قد ترسم بالتفاهم وبالحوار الأخوي البناء مستقبلاً مشرقاً للعراق وأهله أو قد ترسم له بكاتم الصوت والدريل مستقبلاً قاتماً بانت ملامحه خلال الفترة الأخيرة.. لقد آن الأوان لأن نحسم أمرنا كعراقيين فيمن نختار لكي يمثلنا وبالتالي يحكمنا ويخدمنا في نفس الوقت في هذه الحكومة القادمة.. ونحن اليوم بين خيارين والحمد لله ليس أحلاهما مر بل أن أحدهم مر علقم والأخر جيد ولانقول جيد جداً وأن كان فعلاً كذلك حتى لانوصف بالتطرف لفكرنا.. لذا فالفرز بينهما ممكن وأختيار الأفضل منهما ليس صعباً أو مستحيلاً ولا يحتاج الى فطنة وحنكة ولا ( الى روحة للقاضي ) كما يقول المثل العراقي .
لقد آن الأوان لأن نحسم أمرنا بين .......... وبين ............
بين من يريد أن يحيد النار لخبزتِهِ التي ستشبعه هو فقط وتترك الآخرين جياعا.. وبين من يريد أن يخبز خبزاً ليطعم به جميع العراقيين .
بين من يتكلم الصراحة والواقع ويحكي مع أبناء شعبه بلسان إبن البلد.. وبين من يجعل من البحر طحين ويخفي الحقائق بل ويحاول لويَها ويتكلم بمصطلحات وشعارات لم تعد تنطلي على أحد .
بين من يريد أن يبني دولة المؤسسات وأن ينشأ جيشاً وطنياً عراقياً صرفاً بعيداً عن الولائات الطائفية والعرقية.. وبين من يريد أن يبني دول الطوائف والعرقيات التي لكل منها جيشها وشرطتها ذات الولائات الطائفية والعرقية .
بين أحزاب وحركات شمولية وراديكالية في فكرها السياسي ولاتزال تحمل أسمائاً وعناوين شمولية وثورية عفى عليها الزمن وأنتهت صلاحيتها وتريد من الديموقراطية التي تتشدق بها اليوم رغم أنها بعيدة عنها كل البعد سواء في الفكر أو السلوك أن تكون سلماً للوصول الى مآربها.. وبين أحزاب وحركات تحمل أسمائاً وعناوين واقعية وتتلائم مع طبيعة المرحلة ومتطلباتها أثبتت بعضها وبالدليل العملي والواقعي ديموقراطيتها وديموقراطية سياسييها في العراق الجديد بعد قبولهم لمبدأ تداول السلطة التي كانت في يدهم وتركها لمن جاء بعدهم بأنتخابات أقل ما يقال عنها هو أنها كانت كسيحة وعدم رغبتهم في كسح الآخرين ومسحهم ومحقهم و..........
بين من جاء ليفرق بين الشيعي والسني والكردي والعربي والتركماني والآشوري والمسلم والمسيحي والإيزيدي والصابئي على أساس إنتمائاتهم الطائفية والقومية والدينية رغم أن أغلب أبناء هذه الطوائف والقوميات والأديان لم يفكروا يوماً بهذه الطريقة بل كانوا حتى الأمس القريب ولايزال الكثير منهم وحتى هذه اللحظة متعايشين بحب ومودة لأنهم ينظرون لأنفسهم وللأخرين على أنهم عراقيين فقط بغض النظر عن أنتمائاتهم الطائفية والقومية والدينية الخاصة.. وبين من لايرى في العراق سوى لوحةً من الفسيفساء الجميلة التي لاتكتمل تفاصيلها الرائعة إلا بوجود جميع مكوناتها وتلاحمها وتعايشها في وطن واحد يحترم حقوقها جميعاً دون تفريق على أساس طائفة أو قومية أو دين .
وبين من يُحَمّل طائفة بعينها أو قومية بعينها مسؤولية ما وقع على غيرها من القوميات والطوائف من ظلم وحيف ويريد أن يلغيها ويلغي وجودها وأبنائها من على خارطة العراق السياسية والجغرافية رغم أن هذه الطائفة او تلك القومية نفسها قد ظُلِمت كما ظُلِم الآخرين.. وبين من يُحَمّل نظام ديكتاتوري قمعي مجرم مسؤولية ذلك الظلم ويرى بأن أزلامه نماذج مشوهة من جميع طوائف وقوميات وأديان الشعب العراقي دون أستثناء يجب محاكمتهم وأنزال القصاص العادل بهم مهما كانت إنتمائاتهم الطائفية والقومية لا أن ينزل القصاص بحق طائفة بعينها أو قومية بعينها ويستثنى أبناء طائفة هنا وقومية هناك ممن كانوا من أزلام ذلك النظام رغم أن بعضهم قد أجرم بحق طائفته أو قوميته أكثر بكثير مما فعل الآخرين الذين ينتمون لطوائف وقوميات أخرى وكانوا أدلاء على أبناء طوائفهم وقومياتهم الذين كانوا يقارعون بطش ذلك النظام وهذه كانت سياسة ذلك النظام المعروفة للجميع والتي تثبتها الوقائع التأريخية .
بين عراقيين إنتمائهم الأول للعراق فقط وبالتالي سيفكرون بمصلحة كل العراقيين وسيخدمون كل العراقيين وسينظرون أليهم جميعاً على أنهم متساوون في الحقوق والواجبات كأسنان المشط.. وبين عراقيين إنتمائهم الأول للطائفة أو القومية وبالتالي سيفكرون بمصلحة طوائفم وقومياتهم أولاً وسيعملون لخدمة أبناء طوائفهم وقومياتهم فقط ( وحتى هذه أشك فيها نوعاً ما ) على حساب حقوق ومصالح الآخرين من أبناء القوميات والطوائف والأديان الأخرى .
بين من هو مقبول ومدعوم من جميع العراقيين الواعين المعتدلين البسطاء الطيبين على أختلاف مشاربهم وقومياتهم لأنه يمثل كل العراقيين ولم يحسب نفسه يوماً على طائفة أو قومية بعينها في العراق ومقبول من أغلب دول الجوار التي دعمت العراق الجديد وفتحت حدودها لتحريره من الديكتاتورية ومقبول إقليمياً ودولياً لأنه براغماتي ولأن له وببساطة رؤى شفافة وواضحة لمستقبل وطنه ولمستقبل العالم وبالتالي سيكون قادراً على خدمة هذا الوطن وأبنائه عن طريق هذا الدعم وهذه العلاقات الأقليمية والدولية الواسعة.. وبين من هو مقبول ومدعوم من شرائح معينة من العراقيين مصابة إما بأمرض طائفية أو عرقية في حين تنظر أليه شرائح اخرى بريبة وحذر ومقبول فقط من دول الجوار التي تضمر شراً للعراق وأهله بل ولكل البشرية وحاربت العراق الجديد وفتحت حدودها لتُدخل أليه الأرهاب والمخدرات والأفكار الظلامية التي تعمل يومياً على تدمير بنى العراق التحتية وقتل شعبه وتمزيق وحدته الوطنية وشبه مرفوض إقليمياً ودولياً لأن له وببساطة رؤى غامضة تثير حفيظة بل وهلع الكثير من العراقيين والكثير من دول الجوار والمجتمع الدولي وبالتالي لن يكون بأمكانه العمل على بناء العراق في مثل هذه الأجواء بل على العكس سيدخله وشعبه في مشاكل لها أول وليس لها آخر داخلياً ومع دول الجوار ومع المجتمع الدولي ككل .
دعونا من مرضى فترة الصراعات الآيديولوجية الذين تحولوا بين يوم وليلة من اليسار الى اليمين ومن الليبرالية الى الراديكالية والذين يريدون عبر هرائهم الذي يكتبونه اليوم على صفحات الأنترنت تشويه صورة شخصيات وأحزاب لها تأريخها الذي لايستطيع هؤلاء المصابين بالهيستيريا الايديولوجية أن يلغوه في مقارعة الديكتاتورية والنضال من أجل اقامة عراق ديموقراطي وليس إقامة عراق راديكالي شمولي كما كان تفكير البعض في السابق وكما يريد هذا البعض أن يفعلها اليوم ولكن عن طريق صناديق الأقتراع .. فحذاري لأن هذه المرة ستكون القاضية علينا وعلى العراق لاسمح الله .
#مصطفى_القرة_داغي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟