أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى القرة داغي - أنقلاب 8 شباط 1963 وأغتيال الزعيم عبد الكريم قاسم .. جريمة تلد أخرى















المزيد.....

أنقلاب 8 شباط 1963 وأغتيال الزعيم عبد الكريم قاسم .. جريمة تلد أخرى


مصطفى القرة داغي

الحوار المتمدن-العدد: 1104 - 2005 / 2 / 9 - 09:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تمر علينا في هذه الأيام الذكرى المشؤومة لأنقلاب 8 شباط 1963 الذي تم فيه كسابقه في 14 تموز 1958 أستخدام الغدارة والدبابة وقطعات الجيش المعنية بحماية البلاد من الأخطار الخارجية لأسقاط نظام الحكم وقتل رجالات النظام السابق بوحشية تنم وتكشف عن الطبيعة الدموية والعدوانية للقائمين بالأنقلاب الجديد.. ففي هذا اليوم المشؤوم تم قتل الزعيم الوطني الراحل عبد الركيم قاسم الذي ومهما أختلفنا حول ما قام به فأننا لن نختلف حول كونه واحداً من أنظف وأنزه وأشرف السياسيين الذين حكموا العراق في عصره الحديث وأكثرهم وطنية وحباً للعراق رغم أن هذا الصفات الرائعة قد دفعته الى السير في الطريق الخطأ لخدمة العراق وبالتالي أوصلته الى النهاية المأساوية التي أنتهى أليها .
من يعلم؟.. فربما لو أختار الزعيم الراحل الخيار السلمي لخدمة الوطن ولم يشارك في ذلك الأنقلاب المشؤوم في 14 تموز 1958 وقُدّر للنظام الملكي أن يبقى ويستمر لقُدّر أيضاً للزعيم أن يصبح يوماً ما رئيساً لوزراء العراق بطريقة دستورية شرعية وليس بطريقة الأنقلاب العسكري كما حدث للأسف ولأمكنه خدمة بلاده مع أخوته المخلصين من نخب النظام الملكي السياسية الذين أغتيل بعضهم في ذلك اليوم المشؤوم على يد رفاق الزعيم من العسكر فيما نَفِذ البعض الآخر بجلده ليخسر العراق نخباً سياسية وطنية لم يستطع تعويضها حتى هذه اللحظة.. لماذا لم يعي الزعيم الراحل بأن ذلك الخيار كان وبكل المقاييس أفضل من خيار التعامل مع مجموعة من الأشخاص الغير مؤهلين والطارئين على السياسة كان جُل هَمّهم تحقيق مصالح قومية تتقاطع مع مصلحة العراق التي كان يسعى أليها الزعيم الراحل والتي تسببت بنهايته المفجعة التي كانت مشابهة للنهاية المفجعة التي أنتهت أليها العائلة المالكة يوم أغتيلت على يد نفس الطغمة التي أغتالت الزعيم بعد 5 سنوات فقط .
أن غلطة الزعيم الراحل التي كانت قاتلة له وللعراق هي في وثوقه بهذه المجموعة المشبوهة وقيامه معها بذلك الأنقلاب المشؤوم في 14 تموز 1958 فهو بعمله هذا أشبه بمن يثق برجل دفعته نزوته الى خيانة زوجته الأولى التي وقفت معه في الحلوة والمرّة وتطليقها والتضحية بها للزواج من أمرأة أخرى أكثر منها جمالاً ودلالاً أو كمن يثق بالرجل الذي يخون ولي نعمته ويضحي به من أجل حفنة من المال.. فمثل هذا الأنسان لن يتورع في المستقبل عن خيانة زوجته الثانية والتضحية بها من أجل أمرأة ثالثة أكثر جمالاً ودلالاً من الثانية دفعته أليها نزوة جديدة كما أن من خان ولي نعمته من أجل حفنة من المال لن يتورع عن خيانة ولي نعمته الجديد وأستبداله بآخر من أجل حفنة من المال أكثر بقليل من الأولى ورفاق الزعيم الراحل للأسف هم من هذه العينة من البشر.. فأغلب الضباط الكبار الذين أشتركوا مع الزعيم في تنفيذ أنقلاب 14 تموز 1958 بل وحتى الزعيم نفسه كانوا محسوبين على رجالات النظام الملكي الكبار فعبد السلام عارف على سبيل المثال كان محسوباً على رئيس أركان الجيش رفيق عارف أما ناجي طالب فقد كان مرافق الملك فيصل الثاني سابقاً ومن المقربين للقصر في حين كان رفعت الحاج سري من المقربين للأمير عبد الأله أضافة الى أن أثنين أو ثلاثة من الضباط الكبار الذين شاركوا في هذا الأنقلاب الأسود ووقفوا ظهيرة 14 تموز 1958 يتفرجون على جثة الأمير الشهيد عبد الأله وهي تسحل في شوارع بغداد دون حراك ودون أن يرف لهم جفن كانوا يعتبرون من الأصدقاء الخُلّص بالنسبة للأمير الراحل بل أن أحدهم كان يقضي معه أمسيتين أو ثلاثة كل أسبوع.. لذا لم يكن غريباً ذلك العمل الوحشي الذي قامت به هذه المجموعة في 8 شباط 1963 بحق الزعيم الراحل لأنها سبق وأن قامَت بعمل أشد منه فضاعة ودموية ووحشية صبيحة 14 تموز 1958 بحق العائلة المالكة وهي قد أستغلّت طيبة الزعيم وحسه الوطني الطاغي وتمكنت من أستدراجه وأقنعته بالأنضمام لحركتها المسماة (حركة الضباط الأحرار) التي تشير كل المعطيات التأريخية على أن الزعيم الراحل لم يكن قيادياً ولاعضواً أساسياً فيها .
لقد روى لي الأهل والأقارب كما سمعت من كثير من الناس الذين عاصروا الزعيم الراحل عن قصص النزاهة والوطنية التي كان يتمتع بهما شخصه.. فمن منّا لم يسمع عن قصة صاحب المخبز الذي زاره الزعيم في فجر أحد الأيام وبعد سؤاله عن أحواله أنتبه الزعيم الى أن شنكة الخبز صغيرة في حين أن صورته هو نفسه ( أي الزعيم ) المعلقة على الحائط كانت كبيرة بعض الشيء فقال لصاحب المخبز مقولته الشهيرة " الصورة صغرها وشنكة الخبز كبرها ".. ومن منّا لم يرى على شاشات التلفزيون تلك الغرفة الفقيرة المتواضعة الأثاث في وزارة الدفاع التي كان الزعيم الراحل ينام فيها حتى يوم أستشهاده لكونه وببساطة لم يكن يملك داراً.. ومن منا لايعلم بأن الكثير من مناطق بغداد وبعض المحافظات قد تم توزيع أراضيها السكنية على المواطنين من قبل الزعيم سواء كانوا من شريحة الفقراء أو من شريحة موظفي دوائر الدولة المختلفة.. هذه الأمور وغيرها كثير من صفات الزعيم الحميدة لامجال لأنكارها مهما طال الزمن وتغيّر لكن وفي نفس الوقت يجب أن لاننسى بان النزاهة والطيبة ليستا كافيتان لصنع رجل دولة فالراحل كان عسكرياً لايَفقه من السياسة سوى ما يمليه عليه حسه الوطني من أفكار وهي بالتأكيد وكما قلنا غير كافية لأدارة دولة كالعراق أما ماعدا ذلك فهو رجل حَرب درس العسكرية ومارسها في جبهات القتال في حرب فلسطين وغيرها لذا فأن الأصرار من قبل البعض على أبراز الزعيم الراحل على أنه رجل سياسي محنك من الدرجة الأولى هو مبالغة في غير محلها من قِبل من لم تفارقهم بعد عقلية عبادة الفرد وأيصاله الى مصاف الآلهة وهم في الغالب ممن عاصروا الزعيم وكانوا من أتباع الأحزاب الشمولية التي شاركت في صنع مأساة الشعب العراقي قبل نصف قرن من الزمان.. كما أن قيام البعض في هذه الأيام وفي غمرة الأنفتاح السياسي الذي عم العراق بعد سقوط النظام السابق بتشكيل حزب أو حركة تحمل أسم الزعيم الراحل فيه بأعتقادي أسائة لذكراه كرمز وطني كان ورغم تدخله في السياسة غير مؤدلج سياسياً سوى بحب العراق وبعيداً عن الأحزاب السياسية العقائدية التي سيطرت على الشارع العراقي في أيامه.. لذا فمن الأفضل أن تبقى هذه الذكرى طيبة وجميلة وبعيدة عن الصراعات السياسية كصاحبها الذي بقي له وحتى هذه اللحظة مكان في قلب كل عراقي .
خلاصة القول وبعيداً عن بعض الكتّاب المؤدلجين الذين يريدون فصل الأحداث عن سياقها التأريخي فأن جريمة 8 شباط 1963 هي تحصيل حاصل ونتيجة طبيعية وسياق تأريخي للجريمة الشنيعة والبشعة التي حدثت في 14 تموز 1958.. فمشكلة المجرم هي في كيفية تنفيذه لجريمته الأولى بسبب وجود حاجز نفسي فطري يمنع الأنسان عن أرتكاب أي عمل سيء لأول مرة ولكن ما أن يقوم بتنفيذها ويسقط الحاجز النفسي الذي كان يقف أمامه حتى تصبح مسألة تنفيذ جريمة أخرى وأخرى بالنسبة له كمسألة شرب الماء وتناول الطعام أن لم تكن أسهل وهذا ماحصل بالضبط مع رفاق الزعيم فمن يقوم بقتل عائلة بريئة بأكملها كالعائلة المالكة جُلّها من الأطفال والنساء بالطريقة الوحشية التي حصلت في 14 تموز 1958 لن يتوانى عن قتل شخص واحد بالطريقة الوحشية التي حصلت للزعيم عصر 8 شباط 1963 فالمجرمون هم نفس المجرمون والدوافع هي نفسها فمالغرابة في ذلك !!
ولكن مهما يكن وبعيداً عن أختلافنا مع الزعيم الراحل فقد سقط وبشجاعة شهيداً عصر الثامن من شباط المشؤوم عام 1963 بعد أن قاوم الأنقلابيين الذين كان هدفهم الوصول الى السلطة بأي شكل من الأشكال حتى ولو كان ذلك على حساب مئات الأرواح العراقية التي سقطت في ذلك اليوم وما تلاه من الأيام في معارك دموية قََتَل فيها الرجل جارَه وأخاه وأبن عمه لخلاف بينهم في الأفكار بدلاً من الجلوس الى طاولة الحوار والأحتكام الى لغة العقل والمنطق التي تَمَيّزَ بها الأنسان عن غيره من الكائنات الحية .

مصطفى القرة داغي
[email protected]



#مصطفى_القرة_داغي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ساسة العراق الجديد واللعب مع الكبار
- كلمة حق بحق قناة الشرقية
- العراقيون الغيارى يرسمون صورة المستقبل
- تغيير القناعات .. وتحالفات العراق الجديد
- الأنتخابات العراقية والتسويق لبعض القوائم الأنتخابية
- الأنتخابات وتداعياتها على مستقبل العراق
- هيستيريا الأنتخابات
- هل الأنتخابات فتوى شرعية أم ممارسة ديمقراطية ؟
- المهمة الصعبة لمنظمات المجتمع المدني في العراق
- المواطن العراقي بين الخدمات والأنتخابات
- ما للملكية و رجالها أضعاف ما عليها وعليهم
- السلطة بين ثقافة النخبة و ثقافة العوام
- أبدلوا راية الظلم وشعار الموت .. وأتركوا لنا نشيد موطني
- المعركة الفاصلة في تأريخ العراق والمنطقة والبشرية جمعاء
- شعوب أم بذرة فناء
- الأنتخابات العراقية وحماية الديمقراطية
- عنصرية العروبيين تطال أكراد بغداد
- حرب العراق .. والحديث عن الشرعية
- برنامج كاريكاتير .. وبناء العراق الجديد
- 11سبتمبر.. وبذرة فناء الغرب


المزيد.....




- أحدها ملطخ بدماء.. خيول عسكرية تعدو طليقة بدون فرسان في وسط ...
- -أمل جديد- لعلاج آثار التعرض للصدمات النفسية في الصغر
- شويغو يزور قاعدة فضائية ويعلن عزم موسكو إجراء 3 عمليات إطلاق ...
- الولايات المتحدة تدعو العراق إلى حماية القوات الأمريكية بعد ...
- ملك مصر السابق يعود لقصره في الإسكندرية!
- إعلام عبري: استقالة هاليفا قد تؤدي إلى استقالة رئيس الأركان ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: الولايات المتحدة تبارك السرقة وتدو ...
- دعم عسكري أمريكي لأوكرانيا وإسرائيل.. تأجيج للحروب في العالم ...
- لم شمل 33 طفلا مع عائلاتهم في روسيا وأوكرانيا بوساطة قطرية
- الجيش الإسرائيلي ينشر مقطع فيديو يوثق غارات عنيفة على جنوب ل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى القرة داغي - أنقلاب 8 شباط 1963 وأغتيال الزعيم عبد الكريم قاسم .. جريمة تلد أخرى