أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - مصطفى القرة داغي - الأنتخابات العراقية وحماية الديمقراطية















المزيد.....

الأنتخابات العراقية وحماية الديمقراطية


مصطفى القرة داغي

الحوار المتمدن-العدد: 987 - 2004 / 10 / 15 - 08:35
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


تعرّف الديمقراطية بمفهومها الكلاسيكي البسيط على أنها ( حكم الشعب ) ويعرّفها البعض الآخر على أنها وسيلة لنقل السلطة بشكل سلمي بعيداً عن العنف وسفك الدماء ولكن ورغم كل ذلك هنالك حدود للديمقراطية لا ينبغي تجاوزها .. فحتى أكثر الدول ديمقراطية في العالم لها قوانينها الصارمة وأجهزتها الأمنية الخاصة التي وجدت أصلاً لحماية هذه الديمقراطية من بعض الأيادي التي تتربص بها بهدف أغتيالها .. وخير مثال على ذلك ما حصل في النمسا قبل سنوات عندما تمخضت الأنتخابات التشريعية في النمسا عن فوز ( يورك هايدر) الذي يرأس حزب الحرية اليميني بمنصب المستشار وبما أن حزب الحرية هو حزب يميني شبه متطرف معروف بتوجهاته العنصرية وهو ما يتناقض تماماً مع النظام الديمقراطي المعمول به في النمسا وكل أوروبا فقد وقف البرلمان النمساوي بل والبرلمان الأوروبي موقفاً حازماً بوجه تولي هايدر لمنصب المستشارية لما فيه من خطر على مستقبل الديمقراطية ليس فقط في النمسا بل وفي كل أوروبا .. والمثال الآخر هو ما حدث في الجزائر قبل سنوات أيضاً عندما فازت ( جبهة الأنقاذ الجزائرية ) بالأنتخابات التشريعية ولكن الحكومة ألغت الأنتخابات رغم نزاهتها لسبب بسيط ومنطقي وفي مصلحة الشعب الجزائري الذي أنتخب هذه الحكومة سابقاً .. وهو أن أحد زعماء هذه الجبهة قد صرح قبل فوز جبهته في الأنتخابات وكان حينها واثقاً من الفوز " ستكون هذه آخر أنتخابات في الجزائر " بمعنى " أن يوم فوزنا سيكون آخر يوم في عمر الديمقراطية وسندفنها في نفس الساعة التي سيعلن فيها فوزنا " لذا لم يكن من سبيل لحماية الديمقراطية الفتية والمتعثرة في الجزائر سوى بألغاء الأنتخابات وحماية الجزائر وشعب الجزائر من نفسه ومن هذه النماذج من رجال الحكم .
هنا يجب توضيح حقيقة مهمة وهي أن الحكم الديمقراطي لم يصمم للعمل بكفاءة مطلقة بل ليكون عرضة للمحاسبة وقد لا يكون للحكم الديمقراطي قدرة العمل بسرعة كقدرة عمل الحكم الديكتاتوري لكنه عندما يحدد أهدافه وأولوياته يمكنه آنذاك العمل بكفاءة أعتماداً على قاعدة واسعة من الدعم الشعبي .. وهذه الأمور ينظر أليها البعض على أنها ثغرات في الديمقراطية ويحاولون أستغلالها للوصول الى أهدافهم البعيدة في أغلب الأحيان عن الديمقراطية وعن حكم الشعب .. لذا فأن الرغبة في جعل العراق بلداً ديمقراطياً تتطلب عملاً دؤوباً من أجل زرع وترسيخ مفاهيم الديمقراطية في المجتمع ومن ثم العمل على أيجاد طرق لحمايتها ممن يتربص بها من أصحاب الرؤى والأيديولوجيات الشمولية الذين يندسون أحياناً ويدخلون ضمن العملية الديمقراطية في مجتمعاتهم على مضض بأنتظار الفرصة التي يستطيعون فيها الأنقضاض على السلطة وقبر الديمقراطية التي غالباً ما تكون فتية وتخطوا أولى خطواتها في مجتمعات حديثة العهد بها كما في عراق اليوم .
فالعراقيون الآن وبشكل عام ليس لديهم وعي أنتخابي والتقاليد الأنتخابية غريبة وجديدة على المجتمع العراقي بكافة شرائحه وقبل أجراء أية أنتخابات يجب وضع قانون يحدد آلية تشكيل الأحزاب ويحظر تشكيل الأحزاب ذات الرؤى الشمولية والتي لا تتلائم مع روح الديمقراطية .. لذا فأن ما يُردّد من أن تأجيل الأنتخابات المزمع عقدها في العراق مطلع العام المقبل سيضُر بمصلحة أغلبية الشعب العراقي ليس صحيحاً.. على العكس من ذلك فأن التأجيل لو أستمر حال البلاد على ما هو عليه الآن سيضر بل وسيطيح بأجندة طائفية وقومية يراد تمريرها على الشعب العراقي عن طريق أجراء هذه الأنتخابات على عجل من دون تهيئة الأجواء الملائمة لها في حين أن أجرائها في موعدها المقرر من دون تهيئة أجواء سليمة سيضُر فعلاً بالأغلبية ولكن المقصود هنا هو الأغلبية الصامتة من الشعب العراقي الأغلبية الليبرالية البعيدة كل البعد عن الولائات الطائفية والعنصرية الأغلبية التي كانت تمثل يوماً ما نواة المجتمع المدني في العراق والتي تعرضت للتشويه من قبل حكومات العراق الجمهورية التي تعاقبت على سدّة الحكم منذ الرابع عشر من تموز 1958 .
فأي أنتخابات هذه التي يُصر البعض على أجرائها الآن وفي الشارع العراقي اليوم أحزاب بعضها طائفي وعنصري والبعض الآخر ذو رؤى شمولية قد تقبُر الديمقراطية وهي لاتزال في مهدها أو قد تدخل البلاد في أتون حرب أهلية ليس لها أول ولا آخر ! .. وأي أنتخابات هذه التي يُصر البعض على أجرائها وفي العراق اليوم قوى تختطف وتسيطر على مناطق بأكملها وتمتلك ميليشيات مسلحة ستستخدم كل الأساليب غير المشروعة من الترغيب الى الترهيب والتهديد بالقتل والذبح لأجبار مواطني تلك المناطق الأبرياء المختطفون بالجملة على الأدلاء بأصواتهم لصالح قوى هذه الميليشيات ! .. وأي أنتخابات هذه التي يُصر البعض على أجرائها وسط مجتمع لايمتلك أدنى درجات الوعي الأنتخابي ولاتزال شرائح واسعة منه مدفوعة بشعارات قومية ومذهبية من مخلفات وأفرازات المرحلة السابقة وبعيدة كل البعد عن المصالح والأهداف الوطنية ! .. وأخيراً أي أنتخابات هذه التي يصر البعض على أجرائها مع أستبعاد ما يقارب الأربعة ملايين من عراقيي المنافي ومنعهم من الأدلاء بأصواتهم في أول أنتخابات ديمقراطية ستجري في بلدهم منذ نصف قرن والتي سيتقرر من خلالها مستقبل العراق لعقود قادمة !
وهنا يجب التمييز بين ما ورد من كلام في هذا المقال بخصوص أفضلية عدم أجراء الأنتخابات لحين معالجة بعض الأشكالات آنفة الذكر وهي من أستحقاقات هذه الأنتخابات والتي قد تتمكن الحكومة العراقية المؤقتة من معالجتها قبل موعد الأنتخابات وبين من يرفضون أجراء هذه الأنتخابات والمشاركة فيها ممن يشكلون اليوم أساس هذه الأشكالات.. فقد بدأ هؤلاء من الآن يطلقون تصريحاتهم النارية بخصوص عدم شرعية هذه الأنتخابات بدعوى أنها ستجري تحت حراب الأحتلال وهؤلاء هم من نفس عينة حزب هايدر النمساوي وجبهة الأنقاذ الجزائرية أي ممن يرفضون الديمقراطية أساساً ويحاولون جهد أمكانهم قبرها في العراق وهي في مهدها تحت حجج واهية لذا رأيناهم ومنذ اليوم الأول لسقوط النظام يطعنون بشرعية أي صيغة يتم التوصل أليها بين قوى العراق الوطنية لأدارة الأمور في البلاد بدئاً من مجلس الحكم مروراً بالحكومة المؤقتة وصولاً الى الأنتخابات المزمع أجرائها مطلع العام المقبل .. فهؤلاء وبدلاً من المشاركة في الأنتخابات التي سيتقرر من خلالها مصير العراق يصرون في كل مناسبة على ضرورة خروج القوات متعددة الجنسيات قبل البدء في أي مشروع وطني لأدارة البلاد وهو كلام غير عملي وخيالي ظاهره مخلص لكن باطنه يحمل نوايا سيئة لأن من يطلقه يعلم جيداً بأن خروج القوات متعددة الجنسيات في هذا الوقت بالذات حيث لم تكتمل جاهزية قوى الأمن والجيش وحرس الحدود العراقية للقيام بواجبها بشكل كامل سيجر البلاد الى فوضى عارمة قد تعقبها حرب أهلية وهذا ما يسعى أليه هؤلاء من خلال دعواتهم تلك.. لذا أرى ومن خلال أصرارهم المبالغ فيه على ضرورة خروج القوات متعددة الجنسيات قبل أجراء الأنتخابات وقبل المشاركة بأي مسعى وطني يقوم به نظرائهم من أبناء العراق وكأنهم يسعون للوصول الى ما تمثل في قول الشاعر ...
خلا لك الجو فبيضي وأصفري ... ونقّري ما شئت أن تنقُري
أن أجراء الأنتخابات من دون معالجة الأشكالات الأنفة الذكر معالجة جذرية وليس ( وقتية ) سيؤدي بكل تأكيد الى أجهاض التجربة الديمقراطية الفتية في العراق وسيُدخل العراق في حقبة تأريخية خطيرة أظن أن معالمها وملامحها قد بدأت تتضح لكل ذي بَصَر وبَصيرة .. فالأحزاب التي على شاكلة حزب الحرية النمساوي وجبهة الأنقاذ الجزائرية كثيرة في عراق اليوم والله وحده هو الستّار مما قد تفعله بالعراق لو قدّر لها أن تصل الى سدّة الحكم وهو أحتمال وارد في ظل أجواء وظروف كأجواء وظروف الأنتخابات المزمع عقدها بداية العام المقبل .. فحذاري ثم حذاري ...



#مصطفى_القرة_داغي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عنصرية العروبيين تطال أكراد بغداد
- حرب العراق .. والحديث عن الشرعية
- برنامج كاريكاتير .. وبناء العراق الجديد
- 11سبتمبر.. وبذرة فناء الغرب
- مليشيات العراق الجديد وأشكالية العلاقة بين الماضي والحاضر
- مثقفون أبرياء لكنهم مع الأسف .. مذنبون
- العراق ما بين أرادة الحياة والمقدر والمكتوب
- فضائيات ام غرف عمليات
- العراق الجديد بين حكومة في العلن وحكومة في الخفاء
- ما الذي يحدث في العراق .. ديمقراطية أم فوضى و تسيّب ؟
- أقليّات العراق .. و رسالة الأحد الدامي
- مشكلة شعوب لا رؤساء
- 14 تموز ثم 17 تموز و مسلسل الأنقلابات
- ذكرى 14 تموز .. بين الأحزان و الأفراح
- مقال سياسي : عراقيوا المنافي و الأنتخابات و التلاعب بمقدرات ...
- العراق الجديد ما بين التمثيل بالجثث و أختطاف الرهائن
- العراق الجديد .. و مفترق الطرق
- أحتكار حق المواطنة .. و تكرار المأساة
- العراق الجديد بين الثرى و الثريا
- أزنار .. بالاثيو .. لا نقول وداعاً بل الى اللقاء


المزيد.....




- مصر.. صورة دبابة ميركافا إسرائيلية بزيارة السيسي الكلية العس ...
- ماذا سيناقش بلينكن في السعودية خلال زيارته الاثنين؟.. الخارج ...
- الدفاعات الروسية تسقط 17 مسيرة أوكرانية جنوب غربي روسيا
- مسؤولون في الخارجية الأمريكية يقولون إن إسرائيل قد تكون انته ...
- صحيفة هندية تلقي الضوء على انسحاب -أبرامز- الأمريكية من أمام ...
- غارات إسرائيلية ليلا على بلدتي الزوايدة والمغراقة وسط قطاع غ ...
- قتلى وجرحى جراء إعصار عنيف اجتاح جنوب الصين وتساقط حبات برد ...
- نصيحة من ذهب: إغلاق -البلوتوث- و-الواي فاي- أحيانا يجنبك الو ...
- 2024.. عام مزدحم بالانتخابات في أفريقيا
- الأردن.. عيد ميلاد الأميرة رجوة وكم بلغت من العمر يثير تفاعل ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - مصطفى القرة داغي - الأنتخابات العراقية وحماية الديمقراطية