أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - رشيد غويلب - الدورة العشرون للسمينار العالمي لحزب العمل المكسيكي/ تحليل واسع وعميق للتطورات في امريكا اللاتينية















المزيد.....


الدورة العشرون للسمينار العالمي لحزب العمل المكسيكي/ تحليل واسع وعميق للتطورات في امريكا اللاتينية


رشيد غويلب

الحوار المتمدن-العدد: 5160 - 2016 / 5 / 12 - 01:01
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    



التأمت في العاصمة المكسيكية مكسيكو ستي، وفي الفترة 10 - 12 اذار 2016 اعمال السمنار العالمي لحزب العمل المكسيكي بدورته السنوية العشرين. وخصصت جلسات السمنار لمناقشة وتحليل الانتكاسات الاخيرة لقوى اليسار في فنزويلا والأرجنتين. وركزت العديد من المناقشات على الاجابة على سؤال: هل وصلت الدورة التقدمية في القارة الى نهايتها؟
شارك في اعمال السمنار 200 حزبا شيوعيا ويساريا، ومنظمات وحركات اجتماعية، ومؤسسات بحوت يمثلون 40 بلدا، و5 قارات،يضاف اليهم مئات المندوبين يمثلون قوى اليسار المكسيكي السياسية والإجتماعية. من القارة الاسوية شارك الحزب الشيوعي الفيتنامي، والصيني، وحزب العمال الكوري، من القارة الأوربية شارك، ضمن عناوين أخرى، الحزب الشيوعي الفرنسي، الحزب الشيوعي في روسيا الإتحادية، ووفد يمثل حزب اليسار الأوربي برئاسة نائبة رئيس الحزب، والقيادية في الحزب الشيوعي الأسباني مايتي مولا، وكذلك حزب اليسار الألماني والحزب الشيوعي الالماني، وجمعية اليسار الماركسي في المانيا.
وفي ما يلي عرض لما جاء في التقرير الذي اعده القيادي في الحزب الشيوعي الالماني ليو ماير وزميله في جمعية اليسار الماركسي راينه شولز بعد مشاركتهما في اعمال السمنار.
منذ انتصار شافيز في انتخابات الرئاسة في 6 كانون الثاني 1998، وانتخاب سلفيا دي لولا رئيسا لجمهورية البرازيل في عام 2003. استمرت النجاحات الإنتخابية، وتمكنت تحالفات اليسار، ويسار الوسط من ازاحة اليمين من السلطة في اغلب بلدان امريكا اللاتينية.واكد الانقلاب الفاشل في 2002 ضد شافيز ونجاح الإنقلاب في الهنداروس عام 2009، والإنقلاب البرلماني في باراغواي عام 2013، على ان الولايات المتحدة الأمريكية والطغم القومية في القارة لا تسلم بالتطورات التقدمية الجارية هناك، وستستخدم كل الوسائل لايقافها، ولكن اليسار كان في حالة صعود. والآن تغيرت الأجواء السياسية بشكل جذري.
ان خسارة الانتخابات الرئاسية في الأرجنتين، والانتخابات البرلمانية في فنزويلا والاستفتاء في بوليفيا، واحتدام الصراع في البرازيل تشير إلى أن الأوليغارشية والقوى اليمينية قد تمكنوا من اعادة تنظيم قواهم. ويقول اولميدو بلبوشه من الحزب الاشتراكي الموحد الحاكم في فنزويلا ان هذه النتائج الانتخابية "يمكن ان تغير ميزان القوى من موقف دفاعي للرجعية الفنزويلية والإمبريالية في أمريكا الشمالية بعد محاولة الانقلاب الفاشلة ضد هوغو تشافيز في عام 2002 إلى هجوم أكثر خبثا من أي وقت مضى ضد الثورة البوليفارية وضد عملية التغيير في جميع أنحاء القارة".
ان الحكومات التقدمية تتعرض لضغوط، لان الأزمة الاقتصادية وانخفاض أسعار المواد الخام تقوض امكاناتها المادية لتمويل البرامج الاجتماعية. وعلى الرغم من الأختلاف في تفاصيل اوضاع بلدان التجارب اليسارية يمكن الإشارة الى الجوانب المشتركة في ما بينها خلال الـ 15 سنة الماضية:
• كانت انتصارات التحالفات الحاكمة الانتخابية نتيجة نضالات اجتماعية صعبة وتنظيم حركات اجتماعية كبيرة.
• استطاعت حكومات اليسار تنفيذ برامج حدت بشكل كبير من الجوع والفقر المدقع والبطالة. وادت الى صعود جزء من الفئات المهمشة الى الطبقة الوسطى.
• تعميق سيادة القانون ومكافحة الإفلات من العقاب وتجذير مؤسسات الحريات والحقوق الديمقراطية واتخذت بعض البلدان خطوات لبناء السلطة من الاسفل.
• التوسع قي قطاعات الصحة والتعليم وتوفير فرص التعليم للفقراء.
• تم في بعض البلدان تعزيز القطاعات الإقتصادية العامة، ولكن لم يتم تأميم قطاعات الأقتصاد الاساسية وكسر سلطة الأوليغارشية.

وتضمنت الاستراتيجية الإقتصادية:

- تحقيق النمو من خلال تعزيز قدرة الطلب لدى الفقراء تحت شعار "إعادة توزيع النمو". وهذا يمثل قطيعة مع منطق التنمية القديم في المراحل المتأخره وعقيدة الليبرالية الجديدة "استثمر واستهلك لاحقا".
- الواردات المتحققة من تصدير المواد الخام ينبغي توظيفها لإعادة هيكلة الأقتصاد تدريجيا وعلى سبيل المثال بناء سلسلة صناعات وطنية.
- لتقليص الاعتماد على المراكز الرأسمالية، ينبغي توسيع العلاقات الأقتصادية الاقليمية وبين بلدان الجنوب مع بعضها البعض.
ويمكن تقسيم سنوات البناء التقدمي الخمس عشرة الى ثلاث مراحل:
1 - المرحلة الأولى تنتهي بعام 2008 وهي سنوات النمو الأقتصادي العالي، وزيادة الصادرات واحتياطيات العملة الصعبة. وتنفيذ البرامج الآجتماعية التي اخذت بيد ملايين الفقراء، والتي مولت من عوائد ازدهار غير مسبوق لتصدير المواد الخام، ولم يتوجب مس ثروة الاغنياء وارباح الشركات الكبيرة، لتمويل النفقات الإجتماعية المتصاعدة للدولة، وفي المقابل نمت سلطة الشركات المنتجة للمواد الخام (المعادن والمنتجات الزراعية) وكذلك القطاع المالي.
2 – ومع اندلاع الأزمة المالية والاقتصادية في المراكز الرأسمالية شرعت الحكومات اليسارية في تنفيذ تدابير سياسة اقتصادية لمواجهة التقلبات الدورية وللحفاظ على النمو ولتمويل البرامج الاجتماعية. ولقد كانت هذه البرامج ناجحة الى حين، ولكنها ادت إلى تصاعد المديونية. وفشلت محاولات اجراء اصلاح ضريبي تصاعدي بفعل مقاومة الأوليغارشية ( على سبيل المثال في الإكوادور).
3 – استنفذت السياسات الاقتصادية لمواجهة التقلبات الدورية امكاناتها وبقيت عالقة في تناقضاتها. وشمل الركود معظم بلدان امريكا اللاتينية مؤخرا. وتحولت الحكومات إلى التقشف في محاولة لحماية السكان الاشد فقرا بواسطة برامج اجتماعية. وبالمقابل تظاهر ابناء الطبقة الوسطى ضد تقليص الإنفاق الحكومي وللدفاع عن امتيازاتهم المتحققة. وادى ذلك إلى تعمق الإختلال بتوازن القوى واعاق القيام باصلاحات جذرية، مما ادى إلى انخفاض شعبية التحالفات الحاكمة.
وظفت الأوليغارشية اليمينة المعارضة هذه الأوضاع، مستفيدة من مؤسسات الاعلام الخاصة، والتي لم تتعرض لأى تحجيم عملا بمبدأ الديمقراطية للجميع، لتعزيز الضغط على الحكومات اليسارية، واجبارها على المزيد من التقشف وبالتالي ازاحتها من السلطة.
في اطار هذا السيناريو سارت المناقشات خلال جلسات الدورة العشرين للسمنارالعالمي الموسوم "الأحزاب والمجتمع الجديد". وتمحورت حول اسئلة مثل: هل ستنتهي الدورة التقدمية؟ هل كانت الحكومات اليسارية مرحلة قصيرة في تاريخ امريكا اللاتينية؟ كيف يمكن مواصلة عملية التحول في ظل الشروط الجديدة ؟ وردت هذه الأسئلة في الغالبية العظمى من المساهمات.، وقد جرى التأكيد مرارا " ان تكون في الحكومة، لا يعني أن تمتلك السلطة".

"اليمين الجديد"

وفي مساهمته قال أوسكار لابورد، مدير معهد الدراسات في أمريكا اللاتينية (الأرجنتين)، اظهر الرئيس اليميني الجديد في الارجنتين موريسو ماكري، وبعد استلامه مهام منصبه مباشرة، انه لا يركز على سياسة تراجع اجتماعي براغماتية فقط، بل يعمل على "مشروع هيمنة جديد". واضاف ان "اليمين الجديد" يبتعد عن المحافظين التقليديين الذين مثلوا مصالح الأوليغارشية في مراحل اخرى"، وان "اليمين الجديد" عصري ومنافق لانه ايضا لا يقدم مشاريعه بقسوة"، وهو ليس ظاهرة وطنية، بل ينشط على الصعيد العالمي. وهو مرتبط بوسائل الأعلام والإتصالات، وتم بناؤه بدعم أمريكي خلال فترة طويلة. و"يملك مصانع ومختبرات للتفكير، وانتاج افكار رئيسة تقوم على دراسة جدية للواقع. وكل شيء يهيأ بشكل جيد للغاية: بدءا من الإنتخابات والخطاب وتوظيف خبرة وممارسة نشطائنا في تهيئة ناخبيه، والتعامل مع المكتسبات الإجتماعية التي حققتها حكوماتنا، وكأنها مكتسباته.
وبطبيعة الحال، يجب ان لا نضع اخطاءنا تحت البساط، ولكن يجب تفحصها بدقة وتصحيحها. هذا ينطبق بشكل خاص على الأرجنتين وفنزويلا والبرازيل. وأقتبس في هذا السياق نصا للقيادي في حزب العمل البرازيلي، ماركو اوريليو غارسيا: "لقد خسرنا العلاقة بالمجتمع، وتوقفنا عن التفكير، غزتنا البيروقراطية". وهكذا كان الوضع في البرازيل لقد اعتمد خطابا يساريا، مصحوبا بتنفيذ وصفات يمينية. وكانت النتيجة خسارة جزء كبير من دعم السكان.
ويضيف اوسكار لابوردا سببا آخر إلى الوضع المعقد، " لم تنجح اي من الحكومات التقدمية في تحويل هيكلية الإنتاج: الاعتماد على تصدير المواد الخام يعني الإعتماد على الاقتصاد العالمي. وكذلك لم تتحقق نجاحات كبيرة في السياسة الضريبية، مما ادى الى صعوبات في عملية توزيع الثروة".
وتناول لابورد ظاهرة صعود بعض الفئات المهمشة، بفضل سياسة الحكومات التقدمية الإجتماعية والاقتصادية الى الطبقة الوسطى، وصوتت الآن لصالح اليمين، وتساءل "هل يجب على المرء القول ان تحسين مستوى المعيشة ادى الى ابتعاد الناس عن اليسار؟ ويجيب: "انا لا اعتقد ذلك. ان هناك عدة انواع لتحسين مستوى معيشة الناس. ومن الصواب التوسع في الاستهلاك، ولكن ينبغي ان لا يعطى بمفرده. فبهذه الطريقة لا يتم تطوير وعيهم السياسي. كان يجب تنفيذ برنامج ثقافي مواز، لمواجهة التأثير الأيدولوجي لقطاعات السلطة، ولهذا علينا الأعتراف ان التقدم الذي حققه اليمين جاء نتيجة لإخطائنا ومراوحتنا، وخصوصا في قضية بناء الوعي السياسي الذي يجعل العملية مستدامة".
هل وصلنا نهاية الدورة؟ " انا لا اعتقد ذلك"، "ان الثورات تصلح نفسها، تتقدم وتتراجع. ان مراحل هذه الحركة المستمرة تعتمد على تعزيز المشاركة، وتعبئة السكان. وهذه هي الضمانة الوحيدة لقدرتنا على الإستمرار في تغيير واقعنا".
متحدثون أخرون من الارجنتين اشاروا الى ان مارسيو ماكري فاز في جولة الإنتخابات الثانية بفارق بسيط 2,7 في المئة فقط. وفي جولة الإنتخابات الأولى فاز دانيل سكولي مرشح حزب "جبهة النصر" البيروني اليساري بحصوله على 37,08 في المئة، في حين ان نستور كريشنر الذي قاد التحول السياسي فاز في انتخابات 2003 بـ 22,4 في المئة. ان سياسة نستور كريشنر ومن بعده زوجته كريستينا ادت الى مجتمع اكثر تماسكا، تنظيم عال لفئات السكان الفقيرة، ودعم أكبر لسياستهما التقدمية.
لقد نشر ماكري بعد فوزه في الإنتخابات استراتيجية الصدمة الليبرالية الجديدة في الأرجنتينن الا انه جوبه بمقاومة عنيفة من الحركات الاجتماعية والنقابات. ان على الرئيس الجديد فرض سياسته بالضد من قوى سياسية تتمتع بتأييد نصف السكان. واكد مندوبو الارجنتين، يجب ان يكون الشعار الذي يوقف اليمين، ويدافع عن مكتسبات 12 عاما، والعودة إلى السياسة التقدمية: "الوحدة في التنوع، والوحدة من خلال النشاط". وبهذا يمكن للقوى التقدمية ان تعود إلى السلطة في انتخابات 2019.

لنحول الهزيمة التكتيكية الى انتصار استراتيجي !

أن التنمية الاقتصادية الإيجابية والإنجازات الاجتماعية ليست كافية بمفردها للحصول على الأغلبية السياسية للحفاظ على الاستمرار في المشروع الثوري. هذه التجربة كان على الرفيقات والرفاق البوليفيين تعلمها. في عشر سنوات من حكم الرئيس ايفو موراليس بلغ معدل النمو الإقتصادي 5,1 في المئة وبلغت نسبة التضخم 2,8 في المئة فقط، وتم خفض نسبة من 38,2 الى 17,3 في المئة، وشملت البرامج الاجتماعية نصف السكان، وانخفضت نسبة البطالة الى 3 في المئة، وتم القضاء على الأمية، وتحقق تقدم كبير في الرعاية الصحية وتم تأميم الموارد الطبيعية.
ومع ذلك لم يتمكن ايفو موراليس من الحصول على أغلبية في الإستفتاء الذي اجراه في21 كانون الاول لغرض تحقيق تعديل دستوري يتيح له الترشح لدورات رئاسية اضافية. مورليس انتخب لأول مرة في عام 2006، واعيد انتخابه مرتين، وتنتهي ولايته الحالية في عام 2020.
وفي الإنتخابات الرئاسية الأخيرة عام 2014 حصلت "الحركة من اجل الإشتراكية" الحاكمة على 61,3 في المئة، وفي الإستفتاء الأخير حصلت على 51,3 في المئة وحقق زيادة في الأصوات 135154 صوت، الا انها لم تكن كافية لتحقيق الهدف، وبالتالي تعتبر الهزيمة الأولى للرئيس موراليس في صناديق التصويت. واكد المندوبون البوليفيون ان التصويت في الإنتخابات كان لصالح موراس وحركته الاشتراكية، وحكومة التغيير الاجتماعي، في حين ان رفض الإستفتاء لا يمكن احتسابه لحزب بعينه. واشاروا في تحليلاتهم الى ان اشارة التحذير الأولى جاءت في الانتخابات البلدية في 2015، اذ حققت المعارضة اليمينية جزئيا نتائج جيدة بالنسبة لهم ( الفوز في بلدية العاصمة لاباز).
وفي اطار تناول اسباب فشل تمرير الإستفتاء اشار ممثلو "الحركة من اجل الاشراكية" الى ما يلي:
• لقد قادت المعارضة، مقارنة بالماضي، حملة مؤثرة ومكتملة، ووظفت كل وسائل الإتصال الحديثة.
• الطبقات الوسطى المتنامية لاتفهم الديمقراطية باعتبارها فرصة لأخذ مصيرها بيدها وبناء نموذج سياسي واجتماعي يلبي مصالح الطبقة العاملة، بل تعرف الديمقراطية باعتبارها تبديل للأحزاب والحكومات. وهذا ما تعكسه هيمنة الليبرالية الجديدة المتواصلة في مجال الثقافة.
• الأجيال الشابة دخلت الساحة السياسية،ولا تملك تجربة خاصة مع حكومات الليبرالية الجديدة السابقة.
• الفساد، الذي كان من طبيعة حكومات الليبرالية الجديدة، لم يتم القضاء عليه تماما من قبل حكومة تقدمية.
منذ استلام مهام الحكم تعمل "الحركة من اجل الإشتراكية" على بناء هيمنة مضادة للليبرالية الجديدة وفي سبيل مشروع لـ "الأشتراكية الاجتماعية". والان يجري "صراع الأفكار" وتعزيز الوحدة. ويمكن تعزيز الوحدة فقط على اسس سياسة تتسم بالتالي:
• تكون نتيجة للعمل المشترك مع الحركات الاجتماعية، وتعمق التغيير الجاري،
• بناء سلطة الشعب من الأسفل،
• تعزيز قطاع الاقتصاد العام،
• تعميق التكامل الأممي.

عندما يتم انجاز ما تقدم يمكن ان نحول "الهزيمة التكتيكية" إلى نجاح استراتيجي" في "مرحلة سياسية جديدة" على حد قناعة الرفاق البوليفيين.

تعميق الديمقراطية

في ورقتها التي القيت بالنيابة اشارت ايزابيل راوبر (استاذة فلسفة ارجنتينية تبحث في العمليات المشتركة لبناء السلطة الشعبية في امريكا اللاتينية – المترجم) ضمن امور اخرى إلى:
"ان تعميق الديمقراطية في العصر الحديث يتطلب ضرورة تبني امثولة الشعب السياسية (الدور القيادي للشعب)، لكي نتوصل الى فهم التحولات، على ان يرتبط ذلك في الوقت نفسه مع نهج الحكومات الشعبية في التعامل مع العمليات المختلفة لبناء وتامين سلطة الشعب من الأسفل، التي تطور الشعب في البلد المعين. في الجوهر يستند ذلك على تعميق عمليات التغير المجتمعية القائمة.
ان الاعتراف بالمشاركة الشعبية باعتبارها عاملا أساسيا في تعميق عمليات التغيير الجارية وتعميقها لا يتقاطع مع الاعتراف بدور القادة الأفراد. وهذا لا يتضمن الموافقة على ان استمرار القادة على راس الحكومات الشعبية، هو العامل الذي يوفر للعمليات الإستقرار والثبات. وعلى العكس من ذلك، فإذا كان هناك قادة يستطيعون حقا ان يكونوا بديلا لدور الشعب القيادي- فانهم بعيدون جدا عن ضمان الإستمرارية - فان ذلك بمثابة اعلان قصر عمر هذا المسار. ان الشعوب لا تحكم نفسها ذاتيا وليس لديها الثقة بالنفس، يمكنها أن تفعل القليل فقط للحفاظ على أو تعميق عمليات لا تعتبرها ملكا لها. وعلى هذا الطريق يعشش اغتراب الشعوب عن هذه العمليات، ويبدأ مسار الهزائم المتوقعة. ان القضية هنا ليست قضية تصويت بـ" لا أو نعم"، فهناك الكثير من التدرج بين الإثنين. وفي كثير من الإحيان رأينا شعوبا ومنظماتها تعكس نضجا ومسؤولية اكبر من قادتها، حتى وان لم تتمكن في بعض الاحيان من اعاقة نتائج سلبية، ولكنها تقلل تأثيرها بوجودها البطولي في الشارع، بطرق واضحة للعيان. ان القادة مهمون، وفي ظروف خاصة حاسمون، ولكنهم ليسوا بديلا عن مشاركة الشعب البطولية، وانما لدفع هذه المشاركة وتعزيزها" .
وفي ختام ورقتها تحذر الباحثة من "ان ظهور حكومات اليمين في المنطقة لا يمثل عودة عادية الى الماضي، ولا يمثل ايضا اغناء متبادل بين الحاكم والمحكوم. ان هذه العودة تعني قلب الصفحة لتحقيق تحول جذري في العمليات الجارية، لكي تتناغم العمليات المحلية مع احتياجات ومنطق سلطة الراسمال العالمي المهيمن: النهب والهيمنة والموت. ومن المهم، عدم الإستهانة بذلك. وتهيئة حركات المقاومة الجديدة، انطلاقا من المشاركة الاجتماعية والسياسية للقطاعات الشعبية في تنوعها وترسيخ التنسيق والوحدة. ان تعزيز التأهيل السياسي وعمليات التفاعل العضوي بين المنظمات الاجتماعية والسياسية يجب ان يركز على اهداف مشتركة، التي لا تتجزأ ولا تنفصل عن خلق وبناء آفاق حضارية جديدة".

لماذ لم يتم تغيير النموذج الاقتصادي؟

ماريانو سيافارديني من معهد الدراسات السياسية (الأرجنتين)، اكد على ملاحظة عنصرين، عند تحليل التطور الحاصل، وهما يشكلان جزءا من التناقض ذاته:
1 - قوة وعدوانية الخصم التي تبدو اليوم اكثر وضوحا.
2 - جوانب ضعف عمليات مناهضة الامبريالية الكبيرة، وفي التكامل الاقليمي.
ان النقد يتركز على " عدم تغيير نموذج الاقتصاد القائم على المواد الخام، بل جرى تعزيزه، ولم يكن هناك تنسيق بالقدر الكافي بين الحكومات التقدمية في مواجهة العولمة".
ويضيف سيافارديني: لقد كان تحقيق الكثير ممكنا بفعل تدفق الدولار مقابل ارتفاع اسعار المواد الخام، التي غطت على عدم وجود تحولات تقدمية حقيقية والآن على المرء الخروج من الصعوبات، التي وجدت نتيجة التغييرات المحدودة في هذه المرحلة. وبقي البنك الاقليمي، وصندوق العملة الصعبة المشترك، ونظام تبادل العملة المنسق، وكذلك التوجه للحد من تأثير الدولار في التجارة وفي التدابير الخاصة بالبنى التحتية، كل ما تقدم ظل حبرا على ورق. وكل حكومة اعتمدت التعامل المنفرد، بما في ذلك التعامل مع الصين، ولم توظف التحالفات الأقليمية الاقتصادية في التفاوض الاقتصادي مع الصين.
كل هذه الجوانب صحيحة. ولكن هذا التحليل لا يأخذ بعين الاعتبار التناقضات الموضوعية في لحظة تاريخية محددة. فهو لا يحلل توازن القوى الحقيقي وقوة وموارد الخصم. ان العمليات الجارية في امريكا اللاتينية لا تتطور في جزيرة معزولة، ولكن في اطار رأسمالية مالية عالمية، وليبرالية جديدة مهيمنة على العالم. ان ايجاد بديل لتصدير المواد الخام وتطور تكنولوجي مستقل لبلد ما مقابل عالم معولم،غير ممكن.
اليسار المتطرف انتقد دائما محدودية التغييرات خلال عقد من الزمن، ولكن ينبغي دائما ملاحظة العلاقة بين الإرادة والإمكانية. واذا لم يتم تقدير هذه العلاقة بشكل صحيح، فان ذلك يؤدي الى زعزعة استقرار الحكومات التي تقود هذه العمليات".
كان على رئيس جمهورية الإكادور روفاييل كوريا ان يعيش هذه التجربة. لقد حاولت حكومته فرض ضرائب تصاعدية. وعلى الرغم من ان 2 في المئة من الاكثر ثراء في الأكوادور معنيين، بشكل اساسي بالدفع، فان تظاهرات الطبقة الوسطى الحاشدة اجبرت الحكومة على سحب المشروع. وهذا المثل يوضح، انه ليس من السهل عمليا تحقيق اكثرية لصالح تجذير وتعميق التغييرات. يضاف الى ذلك وجود حركات اجتماعية في الإكوادور تمثل مصالح قطاعات صغيرة من السكان وتتجاهل المصلحة الاجتماعية العامة.
وأشار ماريانو سيافارديني في ورقتة أيضا الى" أن تحالف حزب العمل والحزب الشيوعي البرازيلي يحصل في الإنتخابات البرلمانية على قرابة حوالي 80 مقعدا من اصل 500، وكان دائما يجبر على التحالف مع حزب الحركة الديمقراطية البرازيلية ( ترك التحالف الحاكم في الأزمة الجارية الان) لتحقيق أغلبية برلمانية. وهذا التوازن القلق يفتح الباب امام المناورات السياسية، وشراء النواب، وتتبع مصالح محلية أو الفردية وكذلك الفساد. وفي الختام يستنتج سيافارديني: "من أجل مواصلة عملية التغيير في ظل الظروف الجديدة والوصول الى قطيعة مع النموذج السائد، ليس هناك سوى طريقة واحدة: الدفاع عن الإنجازات وتعزيز التكامل الإقليمي".

"عملية كندور" جديدة

بعض المدخلات تناولت التطورات في امريكا اللاتينية في سياق الانتقال إلى نظام عالمي متعدد الأقطاب. والإمبريالية تحاول بكل ما تملك من قوة ايقاف هذا الإنتقال. حجر الزاوية لنهوض اليسار وبداية التكامل الأقليمي كان رفض انشاء منطقة تجارية حرة في القمة الامريكية الرابعة في الأرجنتين. ومن المعروف ان الرئيس الأمريكي بوش الأب كان قد اقترح في عام 1991 انشاء منطقة تجارية حرة لعموم بلدان الامريكيتين، ولكن المقترح فشل بفضل مقاومة شعوب امريكا اللاتينية، والحركة المضادة للعولمة. ولم تسلم الولايات المتحدة بهذه الهزيمة، وبدأت بوضع الخطط لإضعاف التكامل في امريكا الجنوبية والحكومات التقدمية.
واشارت مداخلة اخرى الى دور "تحالف الباسيفك" بقيادة الولايات المتحدة وبمشاركة حلفائها في المنطقة، وهو نسخة معدلة من التحالفات السابقة ويهدف الى مواجهة الاشكال المتعددة للتنسيق الإقليمي بين بلدان امريكا اللاتينية، وكذلك اتفاقات التجارة الحرة بين الولايات المتحدة والإتحاد الأوربي وبين الأخير وكندا. وهدف الولايات المتحدة الرئيس هو تقويض قوى التكامل الإقليمي الرئيسة الثلاث: الأرجنتين، البرازيل، فنزويلا.
وتحدث رئيس الاكوادور رافائيل كوريا في هذا الصدد في مقابلة عن "عملية كوندور" جديدة في أمريكا اللاتينية، يعني ان تزعزع استقرار الحكومات التقدمية. وكانت المخابرات المركزية الأمريكية قد اطلقت في سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين "عملية كوندور" في العديد من بلدان امريكا اللاتينية ( تشيلي، الأرجنتين، البرايل، اورغواي، بيرو، والأكوادور) اوصلت بموجبها دكتاتوريات عسكرية الى السلطة.
وساد اتفاق بين المشاركين في السمنار العشرين، بان التطورات الاخيرة لا تعني نهاية الدورة التقدمية: " فمن تناقضات اليوم، تخرج الأفكار والحركات الكبيرة، التي تغيير التاريخ".



#رشيد_غويلب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعد ان وصل تحول 1990 الى طريق مسدود/ بولندا .. ولادة حركة يس ...
- في ذكرى ميلاده الخامسة والعشرين بعد المئة / غرامشي منظرا ومن ...
- اليسار العالمي في عام 2015 /انتصارات انتخابية كبيرة وتراجعات ...
- موضوعات في السياسة الدولية وقضايا السلام
- حزب اشتراكية في القرن الحادي والعشرين: كيف يبدو، ما يقول وما ...
- عناصر مفهوم التحول الإشتراكي*
- رايات حمراء ترفرف في البلقان/ الانتصار اليوناني ونهوض اليسار ...
- قوى اليمين المتطرف في اوربا*
- مع اقتراب اولى الجولات الانتخابية في البلاد / أسبانيا .. لا ...
- عيون وآمال شعوب أوربا ترنو نحوها / معركة حاسمة بين اليسار وا ...
- الحزب الشيوعي في جنوب افريقيا/ خطة العشر سنوات و-المرحلة الج ...
- البرازيل.. هل فشل رأس المال المالي في كسر هيمنة اليسار؟
- من أروقة الدورة العشرين لمنتدى ساو باولو/ دروس اليسار المستخ ...
- الناخبون الاسبان يتجهون يسارا/ هل ينجح اليسار الأسباني في إع ...
- بمناسبة الذكرى الثلاثين لوفاة القائد الشيوعي إنريكو برلينغوي ...
- في وثيقة لحزب الشغيلة التقدمي القبرصي (اكيل) / تقويم عمل الش ...
- ابنوا الأمل مرة أخرى/ ماذا يقول مسؤول الانتخابات في قيادة ال ...
- ردا على بيان الحكومة الألمانية بشأن الأزمة الأوكرانية/ حزب ا ...
- هل انتهت مرحلة سياسة التردد ؟ / مؤتمر الأمن في ميونيخ وعسكرة ...
- إنهيار امبرطورية الخوف/ تركيا .. الحركة الاحتجاجية ومصير حكو ...


المزيد.....




- كينيا: إعلان الحداد بعد وفاة قائد الجيش وتسعة من كبار الضباط ...
- حملة شعبية لدعم غزة في زليتن الليبية
- بولندا ترفض تزويد أوكرانيا بأنظمة الدفاع الجوي -باتريوت-
- إصابة أبو جبل بقطع في الرباط الصليبي
- كيم يعاقب كوريا الجنوبية بأضواء الشوارع والنشيد الوطني
- جريمة قتل بطقوس غريبة تكررت في جميع أنحاء أوروبا لأكثر من 20 ...
- العراق يوقّع مذكرات تفاهم مع شركات أميركية في مجال الكهرباء ...
- اتفاق عراقي إماراتي على إدارة ميناء الفاو بشكل مشترك
- أيمك.. ممر الشرق الأوسط الجديد
- ابتعاد الناخبين الأميركيين عن التصويت.. لماذا؟


المزيد.....

- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة
- فريدريك إنجلس . باحثا وثوريا / دلير زنكنة


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - رشيد غويلب - الدورة العشرون للسمينار العالمي لحزب العمل المكسيكي/ تحليل واسع وعميق للتطورات في امريكا اللاتينية