أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - رشيد غويلب - الناخبون الاسبان يتجهون يسارا/ هل ينجح اليسار الأسباني في إعادة تنظيم صفوفه؟















المزيد.....

الناخبون الاسبان يتجهون يسارا/ هل ينجح اليسار الأسباني في إعادة تنظيم صفوفه؟


رشيد غويلب

الحوار المتمدن-العدد: 4554 - 2014 / 8 / 25 - 01:41
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


اسفرت نتائج انتخابات البرلمان الاوربي في الخامس والعشرين من ايار الفائت في اسبانيا عن حقيقة جديدة تمثلت بانتهاء نظام الحزبين، او ما سمته الصحافة الاوربية "سقوط الكبار وصعود الصغار". وليس هناك رأيان بشأن الخاسرين، فحزبا الشعب اليميني الحاكم، ومنافسه الحزب الاشتراكي(من احزاب الاشتراكية الدولية)، اللذان سيطرا على المشهد السياسي في البلاد، منذ عودة الديمقراطية اليها غداة وفاة الجنرال فرانكو، ومعه دكتاتوريته البغيضة، قبل 40 عاما تقريبا، هما اكبر الخاسرين. فلقد فقد الحزبان ما نسبته 30 بالمائة من اصوات الناخبين تقريبا.
ولم يعد كافيا بالنسبة لغالبية قوى اليسار الاسباني، نفوذها الطاغي في اوساط المجتمع المدني، وتنظيم التظاهرات، واحتلال ساحات المدن الرئيسية، والقيام بفعاليات رمزية، مثل منع عمليات الاخلاء القسري، للشقق والبيوت المستأجرة والحركات الاجتماعية، وقوى اليسار الصاعدة للوصول تسعى الى الهيمنة على مؤسسات الدولة، واعادة تأسيسها اعلى اساس منطلقات "الديمقراطية الحقيقية".
ويعيش اليسار الاسباني عملية اعادة تنظيم حيوية، وقد كانت مؤشرات ذلك واضحة حتى قبل اجراء انتخابات البرلمان الاوربي، حيث تحدثت التوقعات، واستطلاعات الرأي عن تحول نحو اليسار، وقالت هذه الاستطلاعات ان "اليسار الاسباني المتحد" سيتمكن من الحصول على ثلاثة اضعاف اصواته السابقة، وهو ما تحقق في الخامس والعشرين من ايار 2014 .

اكبر من تحالف للقوى اليسارية

لقد استطاع "اليسار الاسباني المتحد"، مضاعفة اصواته في عموم المقاطعات الاسبانية، بحصوله على 10 في المائة تقريبا، وهو اليوم يحتل 6 مقاعد في البرلمان الاوربي، بدلا من مقعدين فقط في الدورة السابقة. واليسار الاسباني المتحد هو اتحاد بين منظمات يسارية، ويساريين اشتراكين، ومجموعات من الخضر، ونشطاء يعملون من اجل جمهورية اسبانية. ويعد الحزب الشيوعي الاسباني قوته المحركة. واليسار المتحد اكثر من تحالف انتخابي، لان المنظمات المنضوية اليه حلت تشكيلاتها التنظيمية داخله، باستثناء الحزب الشيوعي الاسباني، الذي حافظ على وجود? المستقل، على الرغم من عمله داخل التحالف، وقيادته له.
ينتمي "اليسار المتحد" بنظر الكثيرين الى الاحزاب التقليدية، فهو يمتلك هيكلية تنظيمية، وهيئات قيادية، وحياة داخلية هرمية. حتى وان كان بالتاكيد اعمق واوسع ديمقراطية، مقارنة بحزبي اليمين المحافظ والوسط، والعديد من الاحزاب المحلية الاخرى، ولكنه لم يشكل في سنوات الديمقراطية الاسبانية الاربعين تحديا جديا لنظام الحزبين.
ويشارك "اليسار المتحد" في قيادة العديد من البلديات والمناطق، ولكنه لم يستطع، بفعل آلية الاكثرية والأقلية، تحقيق تحول واضح. وقد عانى في السنوات الماضية من تاثيرات حالات فساد، على الرغم من حرصه على سرعة معالجتها، وطرد المتورطين فيها خارج صفوفه. ومنذ ذلك الحين يعيش التحالف/ الحزب، بتأثير حيوية حركة "الغاضبون"، الكثير من المتغيرات. وهناك اجيال جديدة تأخذ دورها في تجديده من الداخل، وتقترب من الحركات الجديدة، وتطور اشكالاً جديدة من الديمقراطية.
وبهذا استطاع "اليسار المتحد" مضاعفة نفوذه في اوسع اوساط اليسار ثلاث مرات، خصوصا في النقابات العمالية، والنقابات المهنية، واعطى الزخم المطلوب للموجات الاحتجاجية، على سبيل المثال، في قطاعي الصحة، والتأهيل. واصبح بديلا مقبولا من جانب كل المصابين بالاحباط في هذه الاوساط من سياسات الحزب الاشتراكي (الاشتراكية الدولية).وهناك توقعات بارتفاع نسبة تأييده بين السكان الى 20 في المائة.

مفاجأة الانتخابات الاوربية

وهناك جهود تبذل للعمل المشترك مع الحزب اليساري الجديد الخارج توا من معطف حركة الغاضبون، او "الديمقراطية الحقيقية الآن"، التي شارك فيها مئات الآلاف، واجتاحت المدن الاسبانية، واحتلت اكبر الساحات فيها احتجاجا على التدمير الهائل الناتج عن تداعيات الازمة المالية، والسياسة التي اتبعها اليمين الحاكم لمعالجتها، وخضوعه لاملاءات اللجنة الثلاثية المكونة من صندوق النقد الدولي، والبنك المركزي الاوربي، والمفوضية الاوربية. وكان حزب „Podemos�-;- ( نحن قادرون) مفاجأة هذه الانتخابات، والمنتصر الكبير فيها، على الرغم من مشاركته ?لمرة الاولى، بعد تأسيسه في اذار الفائت، اي قبيل انطلاق السباق الانتخابي. واستطاع الحزب الوليد الحصول على 7.93 في المائة من اصوات الناخبين، واحتل بذلك 5 مقاعد في البرلمان القاري الجديد.
وحزب "نحن قادرون" هو بالاساس حزب كادر يعتمد على كارزما شخصياته القيادة، التي ولدت في رحم الحركة الاحتجاجية، والحزب يمثل نموذجا لتوزيع المهام على قيادة جماعية، ولا يشترط وجود قيادة تقليدية ممركزة، او قيادية طليعية مسبقا. وبدلا عن ذلك يتيح الحزب للافراد والمجموعات ممارسة الفعل القيادي، لدفع الامور الى امام، وتحقيق تقدم ما، والتركيز على وضع النشاط على سكة الاهم والآني.
ويقول "البرتو غارثون" القيادي الشاب في "اليسار المتحد": "استطاع حزب "نحن قادرون" احتلال مساحات لم يستوعبها اليسار التعددي". ويشمل ذلك بالآساس الاوساط السياسية التي لم تعد تنتظر من النظام السياسي القائم شيئاً، والتي اعطت ظهرها للأحزاب التقليدية. ان هيكلية الحزب الجديد وخطابه السياسي، جعلا صوت هؤلاء مسموعاً، ومكن الحركة الاحتجاجية من تجاوز حالة الاحباط. وبدون هذا الجهد كان يمكن ان يخسر اليسار هذه الاوساط، التي تضم الشبيبة المتعلمة، وسكان الحواضر والأكاديميين. وفي مقابل ذلك يمتلك "اليسار المتحد" انتشارا في ا?ياء المدن الفقيرة، وفي مناطق الريف، ولهذا يعتقد القيادي الشاب ان "اليسار المتحد" و"نحن قادرون" معا يدفعان هيمنة نظام الحزبين الى السقوط.
وما زال حزب "نحن قادرون" يناضل من اجل تثبيت مستقبله، ولارساء الهياكل التنظيمية المناسبة، والبرنامج السياسي، الذي يجسد الانفتاح، دون ان يتحول بالنتيجة الى واحد من الاحزاب التقليدية. ولكن في نفس الوقت لا يتم تطوير الديمقراطية في حياته الداخلية بالدرجة المطلوبة، فما زالت تهمين عليه كارزما شخصياته القيادية القوية، وخصوصا مرشحه الاول في انتخابات البرلمان الاوربي " بابلو ايغلاسياس "، الوجه المرغوب من وسائل الاعلام. ويأمل متابعون يساريون ان لا ينتهي اهتمام الاعلام بالحزب الجديد، الى ما انتهى اليه "حزب القراصنة"،?لذي اسسه، في المانيا، شباب عبر منتديات التواصل، وتحول لفترة قصيرة الى مدلل وسائل الاعلام، ثم اخذ نجمه بالأفول. ولكن شروط نجاح "نحن قادرون" افضل من "قراصنة" المانيا، لان الحزب لا يمثل مجرد ظاهرة اعلامية. فالحزب انطلق، ويتلقى الدعم من حركة جماهيرية. لكن هذا بمفرده لا يضمن الوصول الى الشكل التنظيمي المطلوب، ولا يحقق تلقائيا التوافق بين قوى اليسار.

نجاحات على صعيد الولايات والمدن

والى جانب نجاحات اليسارعلى الصعيد الوطني احتلت قوى اليسار، التي يضمها تحالف"تجمع اقليم الباسك"، الساعي لاستقلال الاقليم، ولاول مرة، الموقع الاول في الاقليم، وطرحت نزع هيمنة حزب "الباسكيين - القوميين" على طاولة الحوار.
وكان توجه الناخبين الاسبان نحو اليسار، اكثر وضوحا في ولاية كاتالونيا، حيث استطاع "الجمهوريون اليساريون"، الحصول لاول مرة، ومنذ عام 1978 على 24 بالمائة من اصوات الناخبين. ومن المعروف ان غالبية الاحزاب الممثلة في برلمان الولاية تدعو لاستقلال كاتالونيا، وسينظم في تشرين الثاني المقبل استفتاء عام لهذا الغرض.
وتشير المتغيرات على ساحة اليسار في الولايات والمدن، والبلديات الى امكانية تحقيق اكثرية تهمين على المؤسسات في انتخابات ايار 2015 المقبلة. والمثل الابرز هو المبادرات التي انطلقت من الحركات الاحتجاجية، التي اتبعت اشكالاً متعددة في الولايات والمدن ركزت فيها اضافة الى النشاط السياسي على ممارسة نشاطات ملموسة موجهة الى شرائح واوساط اجتماعية محددة. ويمكن هنا الاشارة الى المشروع الذي اطلقته آدا كولاو، احدى الرموز الهامة للحركة الاحتجاجية، والتي كانت المتحدثة باسم الحركة المضادة للاخلاء القسري للمساكن، وهي اليوم احد? متحدثات منتدى المواطنين المسمى "برشلونة تنتصر"، الذي تم الاعلان عنه نهاية حزيران الفائت، وينوي المشاركة في انتخابات عمدة المدينة في العام المقبل، على اساس برنامج معارض جذري. وهي مبادرة واسعة تتوجه الى الاكثرية غير المنظمة في الاحزاب والحركات، وتتشكل قاعدتها من المنتديات المشكلة في الاحياء السكنية. واستطاعت المبادرة ان تكسب دعم جميع منظمات اليسار، ونقابات العاملين في القطاع العام، وجزئيا كذلك نقابات العاملين في القطاع الخاص. وتقول كولاو : "نحن لا نستثني احدا، ما عدا اعضاء احزاب التحالف الحاكم". وتمثل المبا?رة نموذج للفسيفساء اليساري. اذ يعمل هناك، منذ سنوات،نشطاء من العديد من المنظمات المساهمة في عمل الشبكات الاجتماعية. وهذه المجاميع المحلية لا تحصر فعاليتها في المناقشات السياسية، بل تتشارك في النشاط اليومي الملموس، مثل تنظيم رعاية جماعية للاطفال، منع اخلاء المساكن قسريا، اطلاق مبادرات سياسية، احتلال البنوك،واعادة الاستياء على المنازل.
ويشدد نشطاء المبادرة على ان كل ما حققه اليسار لحد الآن لم يعد كافيا، بما في ذلك نتائج استطلاعات الرأي التي تتوقع لأحزاب اليسار نجاحات انتخابية هامة، فهم يقولون: "نحن نريد اكثر،نحن نريد ان ننتصر، وهنا يكمن الفرق، ولكي ننتصر علينا بذل جهود استثنائية بهدف التوحد، فكل من يدخل الصراع منفردا، انما يمارس الغطرسة"، ويضيفون " نحن لا نريد الحصول على مقعد في مجلس البلدية، لكي نؤكد وجودنا. نحن نريد ان ننتصر، لكي نغير الواقع القائم، ولكي نثبت ان بالامكان اعتماد سياسة مختلفة جذريا".
وهذا النموذج يتحول الى مدرسة ليس في كاتالونيا وحدها، بل ان مدناً اسبانية عديدة تشهد قيام منتديات او تحالفات مماثلة للمشاركة في انتخابات المناطق والمدن، كما هو الحال في مدريد، وملقا، وفي المدن التي ينشط فيها "اليسار المتحد" وحزب "نحن قادرون"، والخضر، مدعومة من حركات ومنتديات مثل "برشلونة تنتصر"، و"موجة الاحتجاجات"، وغيرها، والتي تعمل على تطوير المواقف والبرامج، وتشكل قوائم مشتركة، ليس في غرف مغلقة، وإنما في اجتماعات عامة، ومناقشات مفتوحة.
وبديهي ان هذه الجهود لا تكفي لإيصال اليسار الى الحكومة المركزية، ولكن الوصول الى ادارة المدن، والمناطق، تتيح الكثير من الامكانيات لاحداث التغيير لصالح الاكثرية في قطاعات السكن، والصحة، والخدمات العامة.وتستطيع قوى اليسار مثلا ان تحقق نظاماً للضمان الصحي لا يستثني احدا، ويقلل من فترات انتظار المرضى، لانها ستعمل على تخصيص المزيد من الاموال لهذا القطاع الحيوي، وكذلك توفير مساكن ملائمة اكثر، وبهذا تنهي عمليات الاخلاء القسري. وسيعمل اليسار ايضا على الغاء قرارات الخصخصة، ومنع اتخاذ المزيد منها في البلديات، وانشاء?الاطر المطلوبة لبناء بنى تحتية اجتماعية، وكسر السائد المألوف وتحدي مركز السلطة.
وفي نهاية المطاف ستشكل هذه التحالفات المحلية وقاية ضد انقسام اليسار على نفسه، وتهيئة القاعدة المطلوبة لاعادة تنظيم اليسار على الصعيد الوطني، تمهيداً لدخول انتخابات البرلمان الاسباني الاتحادي بقوة، وانهاء نظام الحزبين، والبدء بعملية تأسيس، تؤدي الى الديمقراطية الحقيقية.

الفرص المتاحة لـ اليسار الاسباني

السؤال المتداول اليوم في الساحة السياسية الاسبانية، وبين المتابعين للتطورات فيها: هل سيشهد اليسار مزيداً من الانقسام، ام سنشهد تحولا جديا نحو تقارب فعلي بين فصائله؟
ان استذكارا ردود الفعل والتصريحات التي انطلقت حال اعلان نتائج انتخابات البرلمان الاوربي، يمكن ان تعيننا على الاقتراب من اجابة ممكنة. فأول نداء صدر عن حزب "نحن قادرون" تضمن عرضاً الى "جميع القوى الصادقة في موقفها المضاد لسياسات التقشف"، بالبدء في حوار لتحقيق الاتفاق المطلوب. وكان هذا العرض موجها الى "اليسار المتحد" والخضر، واحزاب صغيرة اخرى، والى الحركات البديلة. وليس لدى "البرتو غارثون"، البالغ من العمر 28 عاما، والقادم من صفوف حركة "الغاضبون"، وهو اصغر عضو في كتلة "اليسار المتحد" في البرلمان الاتحادي الا?باني، ادنى شك في حدوث تقارب واتفاق بين حزبه، وحزب " نحن قادرون": " لدينا مواقف مشتركة من معظم القضايا المطروحة". وتكمن اهمية هذا التصريح في كون غارثون تولى مسؤولية سكرتارية "عملية التاسيس والتقارب" في "اليسار المتحد"، لدفع التقارب بين الحزبين الى امام. وفي حديث مباشر مع الرفيقة مايتي مولا نائبة رئيس حزب اليسار، والقيادية في الحزب الشيوعي الاسباني، خلال مهرجان الجريدة المركزية للحزب الشيوعي الالماني، نهاية حزيران الفائت، اشارت الى ان موقف "اليسار المتحد" من حزب "نحن قادرون" سيتحدد في ضوء نتائج المؤتمر الذي ?يعقده الاخير في تشرين الاول المقبل، وان هناك ثلاث قضايا رئيسية سيتحدد على اساسها موقف "اليسار المتحد"منه،و هي: موقف الحزب الجديد من النظام الرأسمالي، وموقفه من الحكومات اليسارية في امريكا اللاتينية، والموقف من القضية الفلسطينية.

حزبا اليسار والفوز "المشكلة"

وتؤكد استطلاعات الراي المنشورة حديثا في كبريات الصحف الاسبانية، امكانية حزب " نحن قادرون" الحصول على 15.3 في المائة من اصوات الناخبين، و"اليسار المتحد" على 8.2 في المائة. وتؤكد هذه الاستطلاعات، في الجانب الآخر امكانية تعرض احزاب اليمين والوسط التقليدية الى خسارات كبيرة. وهناك نتائج لاستطلاعات اخرى لم تقم وسائل الاعلام بنشرها لكونها "غير مريحة" بالنسبة لها، ويستطيع بموجبها حزبا اليسار معا الحصول على 27.5 في المائة، ويمكن ان يحتلا الموقع الاول تاركين "حزب الشعب" اليمني (26.5 بالمائة)، والحزب الاشتراكي (17.5 ?ي المائة) خلفهما. وهنا ستواجه احزاب اليسار الاسباني مشكلة مشابهة لتك التي واجهها "حزب اليسار اليوناني"، حيث ستكون الاغلبية النسبية، التي سيحصل عليها اليسار غير كافية لتشكيل الحكومة، لأن الحزب الاشتراكي المعارض غير مستعد للانضمام الى التحالف الحاكم. وخصوصا ان الحزب الاشتراكي اختار اخيرا "بيدرو سانشيز" رئيسا له، ويبلغ "سانشير" من العمر 42 عاما، وهو كادر غير معروف نسبيا، ويتبنى سياسة تقوم على التقاطع مع احزاب اليسار، والحركة الاحتجاجية، ويعد امتدادا للزعيم الاشتراكي "فيليب غونزاليس"، الذي يدعو الى تماسك الأحزاب التقليدية، لموا?هة اخطار وتهديدات اليسار.
ولتعزيز نتائج الاستطلاعات، التي تطرح ديناميكية يصعب حسابها، والضجة الاعلامية المثارة بشان الحزب الجديد، تفرض عليه تركيز الكثير من الجهود للوصول الى شكله التنظيمي الجديد. ويعتقد بعض المراقبين ان الحزب سيواجه على طريق تحقيق هذا الهدف مشكلتين، الاولى تتأتى من المنافسة مع، او التميز عن "حزب من الطراز القديم" مثل "اليسار المتحد"، والثانية هي المواجهة مع " ضبابية البنية التنظيمية والسياسية الحديثة" لحزب من طراز "نحن قادرون". ولكن عودة سريعة لتجربة حزب اليسار اليوناني،الذي بدأ كتحالف انتخابي ضم اكثر من 13 حزب ومج?وعة يسارية، وانتهى قبل عام تقريبا بمؤتمر تمخض عن تحول التحالف اليساري الى حزب يساري. وتجربة الحركات الاجتماعية في امريكا اللاتينية، التي شكلت الرافعة الاساسية لقيام تحالفات يسارية حاكمة في بلدان القارة تؤشر حاجة هذه الحركات الموضوعية لتأطير نشاطها في شكل تنظيمي يمتلك هيكلية ما، اذا ما ارادت الوصول الى السلطة او المشاركة فيها، دون حاجتها الى العودة للاشكال التنظيمية التقليدية، ولعل المثل الابرز على ذلك هو حركة المعدمين في البرازيل، التي تعرف نفسها كحركة اجتماعية، رغم وجود العديد من أعضاء الأحزاب في صفوفها، ?التي تطورت تلقائيا إلى ما يشبه الحزب السياسي، رغم إنها لا تطلق على نفسها هذه التسمية، ولكنها تمتلك هيكلية قيادية تتكون من قادة الفروع التابعة، ولديها كذلك مدرسة للتأهيل السياسي، دون حاجتها الى هرم شديد المركزية. وعلى اساس هذا الفهم يرى كثيرون وجود ضرورة موضوعية، وامكانية ملموسة، لتقارب وترابط قوى اليسار المختلفة في فسيفساء يسارية مؤثرة. وهذا لا يلغي المخاوف من ان يعيد الجديد تكرار اخطاء قديمة.وارتباطا بالنجاحات المتحققة، والاهتمام الاعلامي الواسع بالحزب الجديد قد يندفع بفعل هذه المؤثرات الى التعالي، ورفض ا?تنسيق مع احزاب اليسار الاخرى، وبهذا يواجه حزب "نحن قادرون" خطر التشرذم الذاتي. ولكن تطورات ما بعد انتخابات البرلمان الاوربي، مثل التظاهرات المشتركة للمطالبة بقيام نظام جمهوري في البلاد، وكذلك دور التحالفات في الولايات والمدن في دفع التقارب والتوحد على الصعيد الوطني، تبعث رسائل مطمئنة، لاسيما وان هناك ما يكفي من الوقت حتى الانتخابات البرلمانية العامة في ايار 2015.التي ستمثل محطة هامة جدا لاختبار قدرات اليسار الاسباني في التوصل الى اشكال التنسيق المطلوبة لتحقيق اكثرية يسارية تمكنه من احداث التغيير المنشود، و?دخال البلاد في مرحلة تاريخية جديدة..



#رشيد_غويلب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بمناسبة الذكرى الثلاثين لوفاة القائد الشيوعي إنريكو برلينغوي ...
- في وثيقة لحزب الشغيلة التقدمي القبرصي (اكيل) / تقويم عمل الش ...
- ابنوا الأمل مرة أخرى/ ماذا يقول مسؤول الانتخابات في قيادة ال ...
- ردا على بيان الحكومة الألمانية بشأن الأزمة الأوكرانية/ حزب ا ...
- هل انتهت مرحلة سياسة التردد ؟ / مؤتمر الأمن في ميونيخ وعسكرة ...
- إنهيار امبرطورية الخوف/ تركيا .. الحركة الاحتجاجية ومصير حكو ...
- مدينتان مدينتا ومستقبل واحد/ نجاحات اليسار الأمريكي.. هل ستؤ ...
- الفوارق ليست بين الشعوب.. الفوارق بين الطبقات/ أوروبا .. صعو ...
- مع طلوع العام الجديد نعود اليها/ انتصارات و محطات هامة لقوى ...
- في قراءة لتجربة البلاد بعد نهاية الحكم العنصري/ جنوب افريقيا ...
- قراءة ميدانية مباشرة للوضع في البلاد/ اليونان: إحصائيات مخيف ...
- استبعاد اليسار ونتائج الانتخابات الالمانية/ كيف يقرأ شيوعيو ...
- ليس هناك وصفة جاهزة لبناء الاشتراكية/ موضوعات حول التجربة ال ...
- هل ستغير الأزمة السورية مسار الانتخابات الألمانية؟ فرص جديدة ...
- التحولات المزدوجة: فكرة اجتماعية جديدة لإستراتيجية يسارية
- نجيلا ديفز.. دراسات في الحرية
- المؤتمر الاول لحزب اليسار اليوناني ينهي اعماله
- بعد مناقشات واسعة ومعمقة/ المانيا: حزب اليسار يقر برنامجه ال ...
- حركة احتجاجية في سبيل دولة مدنية ديمقراطية / تركيا: تفجر الغ ...
- بعد سنوات من الركود يعود التهرب الضريبي إلى الواجهة / الاتحا ...


المزيد.....




- وزير دفاع أمريكا يوجه - تحذيرا- لإيران بعد الهجوم على إسرائي ...
- الجيش الإسرائيلي ينشر لقطات لعملية إزالة حطام صاروخ إيراني - ...
- -لا أستطيع التنفس-.. كاميرا شرطية تظهر وفاة أمريكي خلال اعتق ...
- أنقرة تؤكد تأجيل زيارة أردوغان إلى الولايات المتحدة
- شرطة برلين تزيل بالقوة مخيم اعتصام مؤيد للفلسطينيين قرب البر ...
- قيادي حوثي ردا على واشنطن: فلتوجه أمريكا سفنها وسفن إسرائيل ...
- وكالة أمن بحري: تضرر سفينة بعد تعرضها لهجومين قبالة سواحل ال ...
- أوروبا.. مشهدًا للتصعيد النووي؟
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة بريطانية في البحر الأحمر وإسقا ...
- آلهة الحرب


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - رشيد غويلب - الناخبون الاسبان يتجهون يسارا/ هل ينجح اليسار الأسباني في إعادة تنظيم صفوفه؟