أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الجبار الغراز - لماذا تفشل النخب السياسية العربية المعارضة في مناهضتها للاستبداد؟














المزيد.....

لماذا تفشل النخب السياسية العربية المعارضة في مناهضتها للاستبداد؟


عبد الجبار الغراز
كاتب وباحث من المغرب

(Abdeljebbar Lourhraz)


الحوار المتمدن-العدد: 5153 - 2016 / 5 / 5 - 23:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لماذا تفشل النخب السياسية العربية المعارضة في مناهضتها للاستبداد؟

عبد الجبار الغراز
ما الذي يجعل نخبنا السياسية العربية بمختلف مشاربها تفشل في مواجهة أنظمة الاستبداد ، فتزيغ عن طريقها الثوري الذي رسمته لنفسها منذ اندلاع ما سمي بثورات الربيع الديمقراطي ، و بالتالي تفقد ، جزئيا أو كليا ، مصداقيتها الشعبية فيشوب وحدة صفها التشتت و التشرذم و الانقسام إلى ملل و نحل و مذاهب متناحرة ؟

لا شك أن التفكير في عوامل هذا الفشل يجعلنا نقول بأن هناك شروط ذاتية و موضوعية لم يتم استيعابها بشكل واف من طرف هذه النخب المعارضة ، تجعلها تعي ذاتها بشكل جيد كتنظيمات تطرح نفسها كبديل يحمل مشروعا مجتمعيا يسعى إلى إحداث تغييرات جذرية في المجتمعات العربية . و عليه ، فعدم توفر شرط الوعي بالذات هذا لا يجعل من تلك النخب المعارضة ، في أعين الأنظمة العربية الاستبدادية ، خصما نديا قويا، كما لا يجعلها ، في أعين شعوبها ، ممثلا حقيقيا لهذه الأخيرة أجدر بالثقة ، في الدفاع عن الحقوق المهضومة .

فكيف يتحقق ، إذن ، شرط الوعي بالذات لدى نخبنا السياسية المعارضة لأنظمة الاستبداد ؟

إجابة عن هذا التساؤل يقتضي منا الأمر أن نقارب هذا الموضوع بحسب المنظور الفلسفي الهيجلي الذي يفيد أن الوجود الإنساني يتأسس وفق جدلية النفي والإثبات ، و أنه لا يمكن أن يتحقق شرط الوعي بالذات إلا إذا أخذ هذا الوجود البشري شكل صراع متبادل بين ذات و آخرها ، لانتزاع الاعتراف بالوجود، مع إلغاء رغبة المنهزم في السيادة ( العبد ) و تثبيت رغبة المنتصر ( السيد ) .

نفهم من هذه المقولة ، أنه لا يكون الجدل حقيقيا إذا كان نتاجا للمماثلة و التطابق بين الذوات ، بل ينبغي أن يكون نتاج حركية ديناميكية تطبع الأشياء و الموجودات لتنتقل من صيغة الإثبات إلى صيغة النفي ( و العكس أيضا صحيح ) . فالجدل بهذا المعنى هو نتاج لأفعال المغايرة و الاختلاف و ليس نتاجا لأفعال المماثلة و المطابقة.

فالراصد لأشكال الصراع ، قديمه و حديثه ، بين نخبنا السياسية العربية المعارضة و أنظمة الاستبداد سيرى أن هذين القطبين المتصارعين يعتبران وجهين لعملة سيادية واحدة أصيبت بالخصاء و بالعقم السياسيين ، لكونهما
قد قدما و لا زالا يقدمان في هذا الإطار، نموذجا لعلاقة تقابلية غير مثمرة بين كائن ممسوخ و كائن عقيم. فالأول يتمثل في الأنظمة العربية الاستبدادية ، و الثاني يتمثل في المعارضات العربية . فالممسوخ اعتبر كذلك لكونه يعيش خارج التاريخ بسبب فعله الاستبدادي، و العقيم اعتبر كذلك لكونه عاجز عن إنتاج الفعل التاريخي الأصيل المتولد عن جدلية " عبد / سيد " حقيقية كما ساقها لنا هيجل .

بعد هذا الإجراء التحليلي لهذه الجدلية ، يمكن القول أن السيادة الحقيقية الفاعلة و المثمرة التي ينبغي على نخبنا السياسية العربية المعارضة أن تتماهى بها حتى لا تكون عقيمة هي تلك السيادة التي تجعل من الانتفاضات ضد الاستبداد ترقى إلى مستوى الثورات التاريخية الكبرى . فهذه الأخيرة قد استمدت مشروعيتها من الأسس الديمقراطية، التي جعلت من الإنسان، منذ بداية العصور الحديثة، قيمة القيم.

الإنسان العربي الفاعل في تاريخه ، بناء على هذا الشرط ، يعتبر مغيبا قد تم تعطيل فاعليته بسبب ما يعيشه من غبن مقص لذاتيته ، و قلة كرامة ماسحة به الأرض ، و جهل مركب سالب لإرادته التواقة إلى التغيير، و فقر مادي و فكري يجعله يحس باغتراب عن كل فعل تاريخي منسوب إليه .

ف"العبد " ، الذي يقبع في ركن قصي و عميق في لاشعورنا الجمعي العربي ، و الذي قد يصبح في يوم من أيامنا غير المشرقة ، " سيدا " ، بقدرة انتفاضة أو ثورة منقوصة الأركان ، لا يستطيع ، بالتأكيد ، أن يمارس الفعل التاريخي الحقيقي الذي يقوده إلى إنتاج مجتمع التقدم و الرخاء و الرفاه ، لأنه كائن لم يستوعب بعد شروط وجوده كإنسان لكي يستطيع تجاوز وضعية العبودية المخزية و ينتقل ، بالتالي ، إلى وضعية السيادة الحقيقية المشرفة .

و عليه ، ف" السيد العربي " ، الذي تتعايش معه ، قسرا ، شعوبنا العربية ، في هذه الألفية الثالثة ، هو، في حقيقة أمره ، مجرد عبد لأدوات سياسية سالبة لإرادته يعيش معها حالة اغتراب لأنها ليست من ابتكاراته و إبداعاته .. إنه، في حقيقة أمره، عبد مخصي سياسيا، و قد لبس في الظاهر جبة الأسياد.

أما " العبيد " الذين أصبحوا، بانتفاضتهم عليه،" أسيادا " ، فهم كينونة " جديدة " لكنها تحمل في طياتها بذرة الاستبداد، و سترتد بفعل ذلك ، إن آجلا أو عاجلا، إلى أصلها، لكن هذه المرة، في شكل صور أكثر رداءة..
يمكن ، في الختام ، طرح تساؤلات أخرى :

كيف يمكن تكسير طوق دائرة هذه الجدلية العقيمة ؟ و هل من سبيل إلى نهضة عربية حقيقة قوامها العلم و المعرفة ؟ و بأي معنى يمكن فهم أن الإنسان العربي هو كائن يعيش على الهوامش.. فاقد للأهلية الفكرية و السياسية القادرتين على جعله سيد نفسه ؟ و ما هي شروط تحرره من هذه الوضعية القاتلة ؟

هذه جملة تساؤلات نطرحها لكي نفتح بها باب الاجتهاد ، على مصراعيه ، لمعرفة ممكنات فعلنا الثوري الحقيقي وحدود اشتغاله ، عمليا و نظريا ، و الخيارات التي تتيحها هذه المرحلة الصعبة التي تجتازها أمتنا العربية حتى لا نسقط ، كمعارضات ، في مطب عمل أقبح مما تقوم به الأنظمة الاستبدادية ، عند تسلم زمام الأمور.



#عبد_الجبار_الغراز (هاشتاغ)       Abdeljebbar_Lourhraz#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طفولة قاتلة .. و مقتولة !
- الفيلم الوثائقي: - تحت الثلج.. البياض القاتل - للمخرج المغرب ...
- اقرأ .. !!!
- آكادير .. على إيقاع ليلة الورشات الفنية
- إيبولا و داعش .. أيةعلاقة ؟
- فيلم :- أندرومان من دم و فحم - .. قراءة تحليلية لمفارقات الم ...
- وهج الأفكار و الذكريات
- في الحاجة إلى نقد ثقافة الإقصاء
- الربيع العربي .. المبني للمجهول !
- السوسيولوجيا الكولونيالية بالمغرب
- كرنفالات فاتح ماي .. نحو تأسيس خطاب مناهض لعنف الشغل
- أي دور للفلسفة في بناء الإنسان العربي ؟
- المنظومة التربوية المغربية : من المسؤول عن تعنيف نساء و رجال ...
- الأخضر الإبراهيمي كبش فداء ؟
- الرئيس المصري الجديد و أسئلة المرحلة الصعبة التي تجتازها مصر
- الربيع العربي كما يبدو في نسخته المعدلة جينيا
- سنة 2011 أو سنة زمانية العرب . قراءة سريعة في أنطلوجيا الثور ...
- الثورات قدر الشعوب .. فهل من معتبر ؟
- مغرب اليوم بين طريقين ملغومين
- - الإعاقة الفكرية - وآلية إنتاج المجتمع المدبلج


المزيد.....




- جعلها تركض داخل الطائرة.. شاهد كيف فاجأ طيار مضيفة أمام الرك ...
- احتجاجات مع بدء مدينة البندقية في فرض رسوم دخول على زوار الي ...
- هذا ما قاله أطفال غزة دعمًا لطلاب الجامعات الأمريكية المتضام ...
- الخارجية الأمريكية: تصريحات نتنياهو عن مظاهرات الجامعات ليست ...
- استخدمتها في الهجوم على إسرائيل.. إيران تعرض عددًا من صواريخ ...
- -رص- - مبادرة مجتمع يمني يقاسي لرصف طريق جبلية من ركام الحرب ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب باردة جديدة
- روسيا تطور رادارات لاكتشاف المسيرات على ارتفاعات منخفضة
- رافائيل كوريا يُدعِم نشاطَ لجنة تدقيق الدِّيون الأكوادورية
- هل يتجه العراق لانتخابات تشريعية مبكرة؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الجبار الغراز - لماذا تفشل النخب السياسية العربية المعارضة في مناهضتها للاستبداد؟