أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فاطمة ناعوت - دعاء خصم فاطمة ناعوت | كيف ندعو على ظالمينا؟














المزيد.....

دعاء خصم فاطمة ناعوت | كيف ندعو على ظالمينا؟


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5143 - 2016 / 4 / 25 - 09:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


"الله أسأل ان ينتقم من كل من ظلمنا، انتقاما يشفي الصدور فتهلكهم في أنفسهم وأهلهم وأموالهم وأولادهم وبيوتهم عاجل غير آجل.”
أعتذرُ عن هذا الدعاء الصعب، (بأخطائه الإملائية)، إن كان جرح عيونَكم، أو أزعج صداه المؤلمُ قلوبَكم المُحبّة للخير. فهذا الدعاء ليس لي، فلا خطّه قلمي، ولا نطقه لساني، ولا رنّ وقعُه القاسي في قلبي، مهما طالني ظلمٌ، أو جورٌ نالني. هذا الدعاء كتبه أحدُهم على صفحته بفيس بوك، ودخل نفرٌ من أصدقائه وعلّقوا على دعائه بالتأمين: آمين!
جلستُ أتأملُ هذا، وأتعجّب. الأصلُ في الدعاء هو الوقوف بين يدي الله مُسلّمين بضعفنا، مقابل قوته. نهمسُ بنجوانا؛ وما أغناه عنها؛ فهو يعلم السرّ وأخفى. لكننا نلوذُ به إذ لا ملاذَ إلا له، نشكو ضعفنا وقلّة حيلتنا. تخبرنا أدبياتُ الإسلام عن الرسول حين أُوذي في مكّة وأُخرج منها تاركًا آله وداره، قاصدًا الطائف علّه يجدّ فيها مُنصتًا، فما وجد إلا غلاظًا جاحدين أمطروه بوابل الأحجار وسوء القول، فلجأ إلى وادي نخلة دامي القدمين كسيرَ القلب، فأخبره الوحي أن الَله قادرٌ على إطباق جبلي الأخشبين على العُصاة الظالمين إن أراد، فرفض الرسولُ علّ يخرج من أصلابهم مؤمنٌ نقي القلب. ثم ناجى الله: “اللهم إني أشكو إليك ضعفَ قوتي، وقلةَ حيلتي، وهواني على الناس. أنت أرحمُ الراحمين، وربُّ المستضعفين، وأنت ربي. إلى مَن تكِلُني؟ إلى قريب يتجّهمُني؟ أم إلى عدو ملّكته أمري؟ إن لم يكن بك علي غضبٌ فلا أبالي. أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلحَ عليه أمرُ الدنيا والآخرة، أن ينزلَ بي غضبُك، أو يحلَّ بي سخطُك، لك العُتبى حتى ترضى. ولا حول ولاقوة إلا بك.” فلم يسبّ الرسولُ مَن سبّوه، ولم يدعُ بالويل والدمار على مَن أهانوه وأرشقوه بالحجارة حتى أدمى جسدُه وهانت نفسُه.
لكن دهشتي من الدعاء في صدر المقال، لم تتوقف عند هذا. فالدعاء على الظالم بالويل يدلّ على شخصٍ مراهق غليظ القلب، لكنه الجنون أن تطالب بهلاك أهل الظالم وأولاده! أليس بين أهله شيوخٌ مستضعفون، ونساءٌ واهناتٌ، وأطفالٌ غُفلٌ لا يدرون ما يجري حولهم؟! ما ذنب أولئك وهؤلاء لنرجو هلاكهم؟! ألم يقرأ هذا المسلم آيةً في كتابه تقول: “لا ترزُ وازرةٌ وزرَ أخرى"، أي لا تحملُ نفسٌ خطيئةَ نفسٍ أخرى ولا تتحمّل تبعتها؟ فكيف يطلبُ من الله العادل، ألا يكون عادلا من أجله فيعاقب طفلا بذنب أبيه، أو شيخًا بإثم ولده؟! هذا نموذج مسلم يُنفّر الناسَ من الإسلام، فيرى فيه المراقِبُ أن الإسلام يأخذ المرء بذنب أخيه، ويُسخّرُ اللهَ، حاشاه، أن يكون أداته في الظلم بمثل ذاك الدعاء المهين!
أفخرُ دائمًا أن "جهاز الكراهية" في داخلي معطّلٌ ولا أسعى إلى إصلاحه. فلا أكره حتى من ظلمني، ولم أقبض على نفسي أبدًا متلبّسةً بالدعاء على أحد، مهما ظُلمت. بل إنني، منذ وضع الإخوان اسمي في قائمة هدر الدم أيام حكمهم، أحمل في حقيبتي وصيةً تُبرئ قاتلي، إن مِتُّ مقتولة، من دمي. فما فعل إلا ما أراده اللهُ لي، وكل ما يريده اللهُ خيرٌ، أقبله راضية مرضية.
هلا أنبأتكم عن كاتب ذلك الدعاء على صفحته؟ إنه السيد الكريم والمسلم الغيور الذي رفع ضدي دعوى إزدراء أديان، وحصل على حكم بحبسي سنواتٍ ثلاثًا ليحمي الإسلام من أمثالي من المارقين الذين أشفقوا على أضحية تُعذّب قبل نحرها! أمثالي ممن لا يعرفون إلا الدعاءَ لكل الناس بالخير، حتى مَن آذونا. مَن منّا يزدري دينَه؟



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أجدلُ السعفَ لأنني أحبُّ
- ما الهزيمة؟
- القطة .... التي كسرت عنقي
- العصفورُ المتوحّد
- أولاد الوزّة
- سامحيني يا سمراء | أم الشهيدة والأرنب المغدور
- أيها الشعراء غنّوا وأُسجنوا!1
- قفص العيب
- مَن هُم خصومُنا؟
- اسمُها زَها حديد
- ثغرة في قانون ازدراء الأديان
- كنتي سيبيه يمسكها يا فوزية!
- توب الفرح يا توب
- لماذا اسمها -آنجيل-؟
- لماذا هرب الجمل؟
- دولة الأوبرا تزدري الطبيعة!
- لابد من الموسيقى
- أمهاتُ الشهداء وأمهات الدواعش
- عبقريةُ البسيط وعبطُ الفيلسوف
- سوطٌ لكل امرأة


المزيد.....




- 31 قتيلاً في 24 ساعة.. تشييع فلسطينيين قتلوا خلال انتظارهم ا ...
- القدس: شبان حريديم يمزقون رسائل الاستدعاء للتجنيد في الجيش ا ...
- هل تتحقق رؤية ترامب قريبًا؟ محادثات بين إسرائيل وجنوب السودا ...
- مفارقات عربية عديدة
- ماكرون يقر بـ-حرب- فرنسا في الكاميرون
- المجموعة العربية والتعاون الإسلامي: احتلال إسرائيل لغزة تصعي ...
- مدير مؤسسة -هند رجب-: لا يمكن لـ-الجنائية- تجاهل أدلة جريمة ...
- العديد من بعثات نيجيريا الدبلوماسية بلا موظفين منذ قرابة عام ...
- استقالة سياسي كيني بارز تثير تكهنات حول إعادة تشكيل المشهد ا ...
- -صوت السنوار-.. ماذا قال الإعلام الغربي عن أنس الشريف؟


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فاطمة ناعوت - دعاء خصم فاطمة ناعوت | كيف ندعو على ظالمينا؟