أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ناصر بن رجب - لَيْلَةُ القَدْر هيَ أم ليلة الميلاد؟ (1/3)















المزيد.....



لَيْلَةُ القَدْر هيَ أم ليلة الميلاد؟ (1/3)


ناصر بن رجب

الحوار المتمدن-العدد: 5141 - 2016 / 4 / 23 - 19:51
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لَيْلَةُ القَدْر هيَ أم ليلة الميلاد؟ (1/3)

ترجمة:
بشير ماشطة وعلي بن رجب

مراجعة وإعداد:
ناصر بن رجب

قد يبدو القرآن، حسب عديد التَّرجَمات، كتابًا مُبينًا لا لُبس فيه: إذْ من النّادر أن يشير المترجمون إلى صعوبة مَّا أو إلى ارتياب أو إلى وجود اختلافات عميقة يمكن أن تعترضنا سواء عند المفسرين أو عند الفيلولوجيّين الغربيين حول معنى هذه الآية أو تلك. وقد ذهب الأمر بالبعض إلى حدِّ تزكيّة ترجمة إنجليزية حديثة مشدِّدين على أنّها أدَّت النص القرآني الأصلي بأسلوب نثري سَلِس وسهل الإدراك، الشيء الذي قد يشكِّل مزيّة هامّة باعتبار أن "القرآن الأصلي كُتب في لغة عربية واضحة وسهلة الفهم"(1). غير أنّ القارئ النبيه تعترضه في كل صفحة من صفحاته صعوباتٌ جدّية مرتبطة بوجود العديد من الكلمات اليتيمة (hapax legomena) والمقاطع الغامضة أو المُلتبِسة، فضلاً عن الحديث على الطّابع التلميحي لكثير من الآيات القرآنية. وبطبيعة الحال، انكبّ المستشرقون على بعض من هذه الصعوبات وعامّةً على تلك التي تَنازَع بشأنها أكثر المأثور الإسلامي.

وبدون شك توجد كذلك مقاطع أخرى تبدو أنها لا تطرح إشكالا كبيرا. إلا أن البعض منها، والتي أجمع عليها المأثور الإسلامي إجماعًا كبيرًا، تظهر عند تفحُّصها مليًّا أقلَّ وضوحًا خلافا لما تريد أن توهِمَنا به عاداتنا في قراءة النّص القرآني. وهي بالضبط في اعتقادي حالة السورة 97 المعروفة باسم سورة "القَدْر" أو "القَدَر".

هذه السورة القصيرة، والتي لا تحتوي إلا على خمس آيات(2)، من الممكن أنّها لم تحظَ بكامل الإهتمام الذي تستحقه، وذلك بالرّغم من أنّه من المفترض أنّها تُشير إلى الحدث المركزي والمؤسِّس للإسلام، ألا وهو نزول القرآن. فلِنُشِر (رغم عدم ادعائنا القيام بجرد كامل) إلى بعض الملاحظات التي جاءت في كتاب "تاريخ القرآن" وفي ترجمات وتعاليق بال (Bell) أو باريت (Paret) أو في كتب كيس واغتيندونك (Kees Wagtendonk)، غونتر لولينغ (Günter Lüling)، جيوليو باسيتي ساني (Giulio Bassetti-Sani)، بيار كرابون دي كبرونا (Pierre Crapon de Caprona)، مُنذِر صفَر وأنجيليكا نيويرث (3) (Angelika Neuwirth). وسنشير أيضا إلى مقالات أرنت ج. وينسينك (Arent J. Wensinck)، ثيودور لوهمان (Theodor Lohmann)، ميكائيل سيلز (Michael Sells)، ميشال كويبارس (Michel Cuypers) وكريستوف لوكسنبيرغ (4) (Christoph Luxenberg).

يبدو لي أن هذا المقال الأخير قام بتحقيق خطوة حاسمة على طريق فهم معاني هذه السورة. غير أن شكل تلقي الوسط الأكاديمي لمقاربة لوكسنبيرغ كان، أقلّ ما يُقال فيه، مُتعارضًا جدًّا(5) (إذ كانت ردود الفعل تمتد من الإهتمام الشديد(6) إلى الرَّفض القطعي(7) وحتى العدائي(8)، مُرورًا بنوع من الاحتراس(9)، ومقالته حول السورة 97 لم يتمَّ إلى حد الساعة التعليق عليها ومناقشتها(10).

ليس هنا مجال للتّساؤل حول العوامل، وبعضها بالتأكيد أقلُّ إعلانا من غيرها، التي يمكنها تفسير مثل هذا التلقِّي. غير أنّ بعضها ناجم عن أعمال لوكسنبيرغ نفسها التي تتميز في ذات الوقت بحدْسيّات ابداعية وتحفيزية، التي تستحقّ أن نتفحّصها باهتمام، وكذلك ببعض الإشكاليات المنهجية. بالفعل، غالبا ما يقدِّم لوكسنبيرغ إعادة تركيباته للنّص القرآني بقدر كبير من الثقة في حين أنّ هذه التركيبات يمكن أن تكون تخمينيّة جدًّا وقد تتطلب، في العديد من الحالات، أن تكون مدعومة دعما عميقا. تكمن الإشكالية المركزية في منهجية لوكسنبيرغ من دون أدنى شك، كما أشار إلى ذلك يان فان ريث (Jan van Reeth)، "في حقيقة أنّه بنى أو أعاد بناء نسخة من القصص القرآني لا نعلم هل أنَّها تتطابق مع حقيقةٍ مَّا أو أنّها، بالعكس، لا وجود لها إلا في مخيلة الفيلولوجي النّابغ. غير أنّنا لو توصلنا إلى العثور على نتاج هذا البناء المُبدِع في نص موجود، الذي يُصبح بحكم الواقع المصدر المحتمل للقرآن، فسوف يكون ذلك برهانا قاطعا يخدم لفائدة نظريّته"(11).

بالرغم من الحالة التي عليها وثائقنا والتي لا تسمح بالضرورة بالعثور دائما على نص محدَّد خلف هذه الآية القرآنية أو تلك، فإنّه يبدو لي أنّ المقاربة التي هي في نفس الوقت فيلولوجيّة وتاريخية والتي يتوخّاها يان فان ريث ينبغي اتِّباعها. وهو التمشي بالذات الذي أرغب اعتماده هنا وذلك بالقيام بفحص نصّ سورة القدر والسياق التاريخي والأدبي الذي من المحتمل أن تندرج فيه هذه السورة.

سأتناول الموضوع حسب الطريقة التالية: سأعرِض قبل كل شيء التفسير التقليدي للسورة وسأجتهد في اظهار محدوديته. ثمّ سآخذ على عاتقي من جديد تفسير النّص معتمدا على بعض حدسيّات لوكسينبرغ. وسيقودني ذلك فيما بعد إلى القيام ببعض الملاحظات الموجَزة على مقاطع أخرى من القرآن (السورة 44: 1-6 والسورة 86: 1-3). وسأختم بملاحظات أكثر عمومية حول القرآن والدراسات القرآنية.

سورة القدر: قراءة وتفسير قرآنيّان
لِنَأتِ الآن إلى نص سورة القدر نفسه كما ورد في نسخة القرآن الرسميّة:

(1) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ
(2) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ
(3) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ
(4) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ
(5) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ

يقترح رجيس بلاشير الترجمة التالية(12):
(1)… Nous l’avons fait descendre durant la Nuit de la Destinée
(2) ?Qu’est-ce qui t’apprendra ce qu’est la Nuit de la Destinée
(3) La Nuit de la Destinée vaut plus que mille mois
(4) Les Anges et l’Esprit y descendent, avec la permission de leur Seigneur, pour tout ordre
(5) .Salut elle est jusqu’au lever de l’aube

تبدو البنية العامة للسورة واضحة المعالم: فالآية 1 تتحدث عن واقعة حصلت في ليلة القدر، والآية 2 تطرح سؤالا – ما هي ليلة القدر؟ -، والآيات من 3 إلى 5 تمثِّل جوابًا على هذا التساؤل.

إذا كانت الفيلولوجيا هي فنُّ القراءة المتأنِّية(13) فإنه يليق بنا إذن أن نقرأ نص هذه السورة بتأني كبير، إذ أنّ كل كلمة فيها تقريبا تطرح عديد الأسئلة. وسأقتصر حاليا على بعض الملاحظات الساذجة إلى حدٍّ مَّا من دون إعادة النظر في نطق الكلمات [التصويت] أو تنقيط الأحرف [الإعجام].

(1) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ
أ- إِنَّا: ثلاث سور أخرى فقط تبدأ بهذا الحرف (يُنظَر السور 48: 1؛ 71: 1؛ 108: 1): هل نحن أمام بداية نص أو آية تجيب على فقرات سابقة لها؟
ب- إِنَّا أَنْزَلْنَا: إلى من يشير الضمير "نَا" فاعل الفعل؟
ج- أَنْزَلْنَا: هل ينبغي فهم "نحن قُمنا بإنزال" أو "نحن أَوْحَيْنَا"؟
د- أَنْزَلْنَاهُ: إلى ماذا أو إلى مَن يشير الضمير المتصل " ـهُ "؟ من الغريب أن نجد في بداية السورة ضميرًا دون مذكور يعود عليه.
ه- فِي لَيْلَةِ القَدْرِ: إلى ماذا يشير هذا التعبير، وماذا تعني هنا كلمة "القَدْرِ" أو "القَدَرِ"؟

(2) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ
"وَمَا أَدْرَاكَ مَا"، هي صيغة قولبيّة تظهر في عديد المرّات في القرآن. كيف يجب فهمها؟

(3) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ
بَأيّ معنى تكون ليلة القَدْرِ أفضل من ألف شهر؟

(4) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ
أ - هل هذه الآية، الأطول من بقية الآيات الأخرى، هي جزء من النّص الأصلي أم هي مُدْرَجة؟
ب - الرُّوحُ: إلى ماذا أو إلى مَن تشير هنا هذه الكلمة بالضبط؟
ج - فِيهَا: على من يعود الضمير المتصل "ـهَا"؟ هل يعود على ليلة القدر: "الملائكة والروح تنزل أثناء ليلة القدر"؟ أم هل يقتصر على الملائكة: "الملائكة تنزل، والروح بينها"؟
د - بِإِذْنِ رَبِّهِمْ: هي كذلك صيغة قولبيّة أخرى. فإذا كان الضمير "نَا" في الآية 1 يشير إلى الله، عندئذ تصبح كلمة "رَبِّهِمْ" تعبيرًا سقيمًا: من المفترض أن نجد عوضا عنها لفظة "بِإِذْنِنَا" حتى يستقيم المعنى مع ضمير المتكلِّم الوارد في مُستهل السورة.
هـ - مِنْ كُلِّ أَمْرٍ: كيف يمكن فهم هذه العبارة؟ وماذا تعني هنا "مِنْ" و "أَمْرٍ"؟

(5) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ
ما هو المعنى الدقيق لكلمة "سَلاَمٌ" في هذا السِّياق؟

الأمر يتعلّق إذن بلَيْلَةٍ كانت مسرحًا لحدثٍ غامضٍ لم يقع الإعلان صراحة عن طبيعته الحقيقية، غير أن البعض من خصائصه تمّ توضيحها في الآيات من 3 إلى 5. ولكن كيف فهم المأثور الإسلامي(14)، وأغلب المستشرقين (15) الذين اقتفوا أثره، هذه السورة؟ وبصورة أدق، ما هو هذا الحدث الذي قد يكون حصل خلال ليلة القَدْر وعلى من يعود الضميران في الآية الأولى؟

بالنسبة إلى هذه النقطة بالذات، هناك شِبْه إجماع عند المأثور الإسلامي: فقد "أجمع المفسِّرون على أنّ المراد: إِنَّا أنزلنا [= الله] القرآن في ليلة القَدْرِ"(16). وباستثناء البعض (Bassetti-Sani, Lüling, Luxenberg) فإنّ العلماء الغربيّين لم يضعوا هذا التفسير موضع شكّ.

غالبا ما يقع ربط السورة 97 بالسورة 2، الآية 185: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ). ومن هنا استنتج المفسرون أنه يجب إدراج حدوث ليلة القَدْر خلال شهر رمضان. والسؤال الذي يتكرر في الأغلب الأعم في كتب الحديث بما فيها "مُوَطّأ" مالك هو التاريخ الدقيق لليلة القَدْر: فإذا كانت كلّ الأحاديث تُجمع على أنّها في شهر رمضان، فإن البعض منها يضعها ليلة 27، وأخرى ترى أنّها في الوِتْر من العَشْر الأواخِر من رمضان، وبعض آخر يراها في العَشْر الأواخر من سَبْعٍ بَقيْنَ منه. ولهذا فإنّ المسلمين، تمشِّيًا مع هذا المُعتَقد، يمارسون قيام اللّيل طيلة هذه الليالي. يرى المفسرون أنّ الآية 3 تعني تحديدا أنّ العمل الصالح في ليلة القدر خير من عمل ألف شهر (وبطبيعة الحال شريطة تكون شهورًا ليس فيها ليلة القدر) (17). وهكذا، فإنّ من يقضي هذه الليلة في التعبُّد تُغفر له سَيِّئاته.

الآية 4 غامضة بشكل خاص. والتراث الإسلامي يعتبر أنّ نزول الملائكة والرُّوح (الذي يقترن عامّة بالملك جبرائيل) يكون مصحوبًا بعديد الفضائل، إذ أنّ شهر رمضان يُعتبر شهرا مباركا تُفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب الجحيم وتقيّد الشياطين بالأغلال. أما فيما يتعلق بنهاية الآية وخاصة عبارة "أَمْر" فإن التفسير الأكثر شيوعًا عند المفسرين هو أن الله يُقدِّر في هذه الليلة من الأحداث التي ستقع في السنة القابلة وذلك سواء فيما يتعلّق بأرزاق البشر أو حياتهم أو موتهم. وقد قَرَّب المستشرقون أيضا بين ليلة "القدر" واحتفالٍ بالسّنة الجديدة في الجاهلية(18)؛ وبصورة أعم ربطوها باعتقادات قديمة تتعلّق بالعام الجديد على غرار الإعتقاد الذي يُعبِّر عنه مقطع من التلمود (Roch ha-chana I : 2, 16) [رُوش هَا شَنَه] الذي مفاده أنّ الرّب يحدِّد يوم "رَأْس السَّنة" مصير كل واحد في العام الجديد.

أما فيما يتعلق بكلمة (سَلاَمٌ) التي تتحدّث عنها الآية 5، فإنها تشير بالخصوص إلى أن الشيطان خلال ليلة القدر يصير عاجزًا وغير قادر أن يُفسِد فيها.

بعض إشكاليات التفسير التقليدي
غير أنّ هذه القراءة للسّورة تضع إشكالات جديّة. وأهم صعوبة، وتحديدًا لأنّها تُوجِّه قراءة مجموع السورة، تخص النقطة التي تبدو أنها لا تثير جدلا كبيرًا وهي أن الضمير المتصل "ـهُ" في الآية الأولى يشير إلى القرآن. هذا والحال أنّ التراث الإسلامي يعتبر أنّ نزول القرآن كان على امتداد عشرين سنة ولم يُنزَّل في ليلة واحدة. ولِحَلِّ هذه المعضِلة يروي لنا التراث حَدِيثَيْن. الأول يؤكِّد أن هذه الآية تصف نزول القرآن من اللَّوح المحفوظ إلى السَّماء الدُّنيا. ثم بدأ بعد ذلك نزول القرآن على محمّد مُنجَّمًا بواسطة الملك جبرائيل. وعلى العكس، فإنّ الحديث الثاني (وهو نادر في كتب التفسير)، يرى أنّ الآية تتحدث فقط على أنّ أوّل ما نزل من الوحي كان في ليلة القدر وليس على نزول القرآن جُملَة واحدة (بشكل أو بآخر يجعل هذا مِن جبرائيل هو مَن يعود عليه الضمير المتصل "ـهُ").

لقد تأرجح العلماء الغربيون بين هذين الحَلَّين(19)، وهذا بالرّغم من أنّ أيًّا من هذين الحلَّيْن لا يدّعي حقيقةً أنه مُقنِع أكثر من الآخر. فالحلُّ الأول مرفوض لسبب بسيط جدًّا: فعل "أَنْزَلَ"، الذي يرد أكثر من مائة مرة في القرآن، يعني دائما القيام بإرسالِ أو إنْزالِ شيء أو شخص على "الأرض"، فالأمر يتعلق بالانتقال من "السَّماوي" إلى "الأرْضي" أو من "العالم العُلْوي" إلى "العالم السُّفْلي". هذا الفعل لا يُحيل أَبدًا إلى حدث سماوي بحت ومتعالي مثل الفعل الذي يدلّ على هبوط القرآن إلى السّماء الدّنيا. أمّا الحلّ الثاني فتنقصه دعامةٌ نَصِّية، خاصة إذا ما قُرِأت السورة 97 على ضوء السورة 2: 185 والسورة 44: 1-4، اللّتين يبدو أنّ الأمر يتعلّق فيهما بنزول القرآن بمجمله وليس بأوّل ما نزل منه.

لا يبدو لي مفيدا، لأسباب ستتوضح لاحقًا، تأسيس تفسير سورة القدر على أرضيّة السورة 2: 185 والسورة 44: 1-4. إنّ الفكرة التي مفادها أن ما نزل في ليلة القدر هو أوّل القرآن فقط لا يمكن في الحقيقة انكارها بنفس السهولة التي يُردُّ بها الحديث المنافس: إلاَّ أنّها مع ذلك ترتكز على أرضيّة نصّية رَخْوَة.

من ناحية أخرى، تواجه التفاسير التقليدية صعوبة أخرى. فهي تبدو بالفعل شديدة الانقسام في تفسيرها للكلمة-المفتاح في السورة، ألا وهي كلمة " القَدْر" التي باستثناء هذه السورة، لا يُعثر عليها في القرآن إلا في سِياقَيْن: في الصيغة "مَا قَدَّرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ" (السور 6: 91؛ 22: 74؛ 39: 67)، وفي المقطع "قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا" (السورة 65: 3).

يمكننا أن نتّفق مع بلاشير في ترجمته للآيتين: "قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا" بـ «Dieu a donné à chaque chose une mesure» (p. 601) و "مَا قَدَّرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ" بـ «ils [les impies] n’ont point mesuré Allah à Sa vraie mesure» (pp. 162, 366, 495). إنّ خطأُ الكافرين يتمثّل في كونهم أشركوا مع الله كائناتٍ أقّل قوّة منه بما لا يُقاس (السورة 22: 74 " مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ" والسورة 39: 67 "وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ")، أو عندما يؤكِّدون في قولهم في السورة 6: 91 "(...) مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ" (وهي الآية التي في مقدورها، حسب القراءة التقليدية، أن تُذكِّر بالسورة 97). في هذه الحالة الأخيرة، عدم تقدير الله حقّ قدره يعني جَحد وَحْيِه.

أما فيما يتعلق بكلمة قَدَر، التي يمكن تماما قراءتها مكانَ وعِوَضًا عن "قدْر" في السورة 97: 1-3، فهي ترد في القرآن مرّات عديدة بمعنى "السِعَةُ والقِياسُ" (السّور 13: 17؛ 15: 21؛ 23: 18؛ 42: 27؛ 43: 11؛ 54: 49)، والفكرة مفادُها وجود قيمة مَعلومَة ومحدَّدة، وتأتي أيضا في معنى "قَضَاء الله" (السّورتان 20: 40؛ 33: 38).

الجِذر (قَ/دَ/رَ) يمكن أن يوحي بفكرة "السُّلطة" و "القوّة"؛ ويعني في القرآن خصوصا "ضَبط، قَاسَ، حدّد، قَضَى"(20). فقد فهم المفسرون إذن أنّ ليلة القدْر على أنها "ليلة القُدْرَة " أو "ليلة القَدَر"، قاصدين بذلك، إمَّا أن تكون ليلةً مُقدَّرةً أو مَقْضِيَّةً مُسْبقًا، أو هي ليلةٌ تتحدد خلالها أحداث المُستَقبل. وقد فهم آخرون أنها "اللَّيلة الكُبرى، المُعظَّمة". كل هذه المعاني يمكن الدمجُ بينها، فالسّلطة تتجلَّى خلال هذه الليلة كمشيئة لله تعبِّر عن نفسها عَبر القَضاء الإلهيَّ، وقد ذهب بعضهم حتّى إلى شرح "ليلة القدر" بـ "ليلة الحُكْم"(21). أما فيما يتعلق بالمترجمين المعاصرين فقد اختاروا هذا أو ذاك من بين هذه التفاسير(22).

غير أن هذه التفاسير لا تُرضي بالمرة. فاعتبار "ليلة القدْر" على أنّها "ليلة العَظَمة" لا يُفسِّر لماذا اسْتُعمِلت عبارة "ليلة القدْر" ولم تُستَعْمل مثلاً عبارة "الليلة الشّريفة" أو "الليلة الكُبرى". فهناك فارق، بل أكثر من فارق بين استعمال كلمة "قَدْر" أو "قَدَر"، الشيء الذي تَغفَل عنه مثل هذه التأويلات. أمَّا تفسير "ليلة القدر" بـ "ليلة القُدْرة" فهذا ليس مُحالاً إذا اعترفنا بأنّ القُدرة على إنزال الوحي يختصّ بها الله وحده، وهي أيضا تمثِّل التجلّي لقُوَّته. ولكنَّ هذا لا يوضِّح في شيء التفاصيل المُقدَّمة في بقية السورة.

إلاَّ أنَّ التفسير الذي يبدو مُقنِعًا أكثر، من وجهة نظر لُغَويَّة، والذي يَفهم "ليلة القَدْرِ" بمعنى "ليلة القَدَرْ"، يواجِه بدوره هذه الصعوبة. وبالفعل، فإنّ المعنى الدقيق لعبارة "ليلة القَدْر"، والعلاقة التي من المفروض أنها تربطها بالوحي القرآني وكذلك بمجموع السورة يظلاّن مُبْهَميْن. فما هي العلاقة يا تُرى بين واقع أنّ الله يُقرِّر في تلك الليلة أحداثَ السّنة المقبِلة وبين نزول القرآن؟ كيف يمكن لأمر الله أن يكون عاملَ "سلام حتّى مطلع الفجر" (في حين أنّه ينبغي أن يكون مصدر خِشيَة ورهبة)؟ لماذا ارتبط نزول القرآن بمفهوم "السّلام" في هذه السورة فقط، والحال أنّ كلمة "سلام" وردت أكثر من أربعين مرّة في القرآن ولكن ليس في سياق مشابه أبدًا(23) ؟ كل هذا يمثِّل ألغازًا كثيرة لسورة بهذا القِصر...

من الأكيد أنّ نهاية الآية 4 يبدو أنّها تشير حسب بعض التفاسير إلى ما يشبه القضاء أو الأمر الإلهي. لكن مثلما سنرى لاحقًا، هناك أسباب عديدة متينة تجعلنا نعتقد أن هذه الآية ينبغي فهمها فهما مخالفا تماما للتّفسير التقليدي (وهي في شكلها الحالي، غير أصلية – السبب الذي يقودنا إلى أن نحذر شديد الحذر من أن نبني عليها تفسيرًا لمجمل السورة).

أخيرًا، إذا كانت الرّوابط التي يعقدها المستشرقون مع احتفالات رأس السّنة تظلّ في محلِّها (فليلة القدر يمكن أن تشبه في شعائرها وطقوسها احتفالات رأس السنة)، ولكنّ هذه الروابط تبقى مع ذلك محدودة. أوَّلاً، لأنّ المستشرقين لا يعتمدون على مُحتوى السورة، بل على تأويل المفسِّرين لها. ثانيًا، لأنّهم لا يكادون يُقدِّمون تفسيرا للآية 5 إلاَّ بصعوبة فائقة. وفي الأخير، فهم يفترضون أنّ ما ترويه سورة ليلة القدر هي إعادة إحياء عيدِ رأس سنةٍ (مثلاً عيد جاهلي أو يهودي) لم يكن يُحتَفَل به، في البداية، خلال شهر رمضان. وعمليّة إعادة إحياءٍ [لتراث قديم] كهذه ليست بالتّأكيد مستحيلة. إلاّ أنّ ما هو قابل أكثر للنّقاش هو تأسيس تفسيرٍ لسورة تلميحيّة جدّا على شعائر دينيّة يمكن أن تكون، في جانب من جوانبها، لا تتعلّق في البداية بليلة القدر.
ـــــــــــــــــ
الهوامش

* نُشِر هذا المقال بالفرنسية تحت عنوان:
Guillaume DYE, « La nuit du Destin et la nuit de la Nativité »
ضمن كتاب:
Guillaume Dye & Fabien Nobilio, Figures bibliques en islam, Bruxelles-Fernelmont, EME, 2011

(1) «Abdel Haleem’s translation is an excellent adaptation of the Arabic Qur’an into modern, easy to understand English language (...).The reading is fluid and enjoyable. This aspect is particularly important because the original Qur’an is written in clear and easy to understand Arabic». Voir http://www.quranicpath.com/quranicpath/haleem.html (consulté le 17 avril 2011), à propos de ABDEL HALEEM M. A. S. (tr.), 2006, The Qur’an. A New Translation, Oxford : Oxford University Press.
هذا الحكم لا يقوم إلاّ استعادة ترجمة عبد الحليم من جديد والتي تترجِم "فَإنَّما يَسَّرناهُ بلسانِكَ لَعَلَّهم يَتَذَكَّرون" (سورة 44: 58) بـ «We have made this Qur’an easy to understand-in your own language [Prophet]-so that they may take heed» (p. 323). أكيد أنّ النّص الإنجليزي يُفهم بسهولة، ولكن الأمر لا يتعلّق بترجمة بل أكثر بتأويل شخصي غير مفروغ منه.
فالترجمة الحرفيّة قد تكون «Nous l’avons rendu facile en (ou par) ta langue...» وهذا على الأقل له مزيّة عدم تعويض الضمير "ـهُ" بما هو قبله المُفتَرَض، ولكن هذا لا معنى له: فمن أي وجهة وفي أيّ معنى تكون الرسالة قد أصبحت أكثر يُسْرًا؟ فهل أصبحت الرسالة، حسب التفاسير المتداولة، مُيسَّرةً أكثر من حيث فَهمُها، أو نُطقٌها أو حفظُها؟ في كلّ حالة، نُقوِّل النّص أكثر ممّا يقوله حقيقة. وفيما يتعلّق بمعنى "يَسَّرَ"، يمكن أن نشير إلى احتمالية نَسْخ من الكلمة السّريانيّة pacheq التي تعني "جعل أكثر سهولة"، "فَسَّر، شَرَح"، ولكن أيضا "تَرْجَم". أنظر:
LUXENBERG C., 2007, The Syro-Aramaic Reading of the Koran. A Contribution to the Decoding of the Language of the Koran, Berlin: Verlag Hans Schiler, pp. 123-124 [traduction et révision de LUXENBERG C., 2004, Die syro-aramiiische Lesart des Koran. Ein Beitrag zur Entschlüsselung der Koransprache, Berlin: Verlag Hans Schiler، الذي يقدّم كمثال الجملة التالية pacheq kṯ-;---;-----;---aḇ-;---;-----;---a hana men lecha yawnaya l-suryaya وتعني بالعربيّة "تَرْجَمَ [هو] هَذَا الكِتَابَ منَ اللُّغَة اليُونانيَّة إلى [اللّغة] السُّريانيّة". فيترجم لوكينبيرغ إذن السورة 44: 58 كالتالي: «We translated it into your language…» (p. 124). بالتّأكيد ليست هذه هي الطريقة الوحيدة لفهم هذه الآية ("إنَّا شرحنا [الوَحْي، الكِتاب، أو الَبَيْبَل] بلسانِك..." هي ترجمة أخرى ممكِنة)، ولكنّها تستحقّ أن تُؤخَذ بجدِّية.
(2) على كلّ حال، هذا حسب أغلبيّة القراءات. أمّا القراءتان المنسوبتان إلى ابن كثير وابن عامر فإنّهما فعلاً تقسِّمان النّص إلى ستّ آيات، إذ أنّهما يقسّمان الآية الثالثة إلى آيتين (لَيْلَةُ الْقَدْرِ / خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ).
(NôLDEKE T. und SCHWALLY F., 1909, Geschichte des Qorans I, Leipzig: T. Weicher (3)
(réimpr. Hildesheim: Georg Olms, 1961), pp. 92ss, 1939, The Qur iin. Translated, with a critical rearrangement of the surahs, Edimbourg: T. & T. Clark, vol. 2, p. 669---;--- ID., 1991, A Commentary on the Qur iin, edited by C. E. BOSWORTH and M. E. J. RICHARDSON, Journal of Semitic Studies, Monograph n° 14, Manchester : University of Manchester, vol. 2, pp. 563-564 ---;--- PARET R., 1971, Der Koran. Kom1nentar und Konkordanz, Stuttgart : W. Kohlhammer, pp. 516-517---;--- WAGTENDONK K., 1968, Fasting in the Koran, Leyde : Brill, pp. 82-88, 92-98, 112-122---;--- LüLING G., 2003, A Challenge to Islam for Reformation. The Rediscovery and reliable Reconstruction of a comprehensive pre-Islamic Christian Hymnal hidden in the Koran under earliest Islamic Reinterpretation, Delhi : Matival Banarsidass yublishers, pp. 147-149 [traduction et révision de LüLING G., 19932 [1974], Uber den Ur-Koran. Ansiitze zur Rekonstruktion vorislamischer chn:stlicher Strophenlieder im Qur iin, 2., korrigierte Auflage, Erlangen : Verlagsbuchhandlung Hanelore Lüling]---;--- BASSETTI-SANI G., 1977, The Koran in the Light of Christ, Chicago: Franciscan Herald Press, pp. 153-156 (أشكر غبريال رينولدس على هذا المرجع)---;--- CRAPON DE CAPRONA P., 1981, Le Coran, aux sources de la parole oraculaire: structures rythmiques des sourates mecquoises, Paris : Publications orientalistes de France, PP: 228-234---;--- SFAR M., 19982, Le Coran, la Bible et l Orient ancien, Paris: Sfar Editions, pp. 221-225---;--- NEUWIRTH A., 20072 (1981), Studien zur Komposition der mekkanischen Suren: die literarische Form des Koran - ein Zeugnis seiner Historizitat ?, 2., erweiterte Auflage, Berlin : Wde Gruyter, pp. 157ss.
(WENSINCK A. J., 1925, «Arabie New-Year and the Feast of Tabernacles», Verhandelingen (4)
der Koninklijke Akademie van Wetenschappen te Amsterdam. Nieuwe .reeks. Deel 25, n° 2, PP· 1-17---;--- LOHMANN T., 1969, « Die Nacht alQadr: Ubersetzung und Erklarung von Sure 97», Mitteilungen des Instituts für Orientforsclumg n° 15, pp. 275-285---;--- SELLS M., 1991, «Sound, Spirit and Gender in Sürat al-Qadr», Journal of the American Oriental Society n° 111, 2, pp. 239-259---;--- CUYPERS M., 2000, «Structures rhétoriques des sourates 92 à 98», Annales islamologiques n° 34, pp. 95-138 ---;--- LUXENBERG C., 2005, «Weihnachten im Koran», dans BURGMER C. (éd.), 2005, Streit um den Koran.
Die Luxenberg-Debatte: Standpunkte und Hintergründe, Berlin : Verlag Hans Schiler, pp. 35-41 ---;--- version française, LUXENBERG C., 2004, « Noël dans le Coran», dans DELCAMBRE A.-M. et BOSSHARD J. (éds), Enquêtes sur l islam. En hommage à Antoine Moussali, Paris: Desclée de Brouwer, pp. 117-138.

(5) أنظر مثلا مختلف الإسهامات في:
BURGMER C. (éd.), 2005, op. cit., ou dans REYNOLDS G. S. (éd.), 2008, The Qur an in Its Historical Context, Londres: Routledge.
(6) أنظر المقالات حول هذا الكتاب:
Die syro-aramaische Lesart des Koran par PHENIX R. R. and HORN C.B., 2003, Hugoye Journal of Syriac Studies n° 6, 1, pp. 164-178, et par BAASTEN M. F. J., 2004, Aramnic Studies n° 2, 2, pp. 269-272, ainsi que les articles de BRAGUE R., 2003, «Le Coran: sortir du cercle?», Critique, n° 671, pp. 232-251, GILLIOT C., 2003, «Langue et Coran: une lecture syroaraméenne du Coran», Arabica n° 50, 3, pp. 380-393, et VAN REETH J. M. F., 2006a, «Le vignoble du Paradis et le chemin qui y mène. La thèse de C. Luxenberg et les sources du Coran», Arabica n° 53, 4, pp. 511-524.
(7) أنظر:
NEUWIRTH A., 2003, «Qur an and History - a Disputed Relationship. Some Reflections on Qur anic History and History in the Qur an», Journal of Qur anic Studies n° 5, 1, pp. 1-18, et les recensions de HOPKINS S., 2003, Jerusalem Studies in Arabie and Islam n° 29, pp. 377-380 et COMERRO V., 2008, Bulletin Critique des Annales Islamologiques n° 24, pp. 63-65.
(8) أنظر المُلخَّص:
DE BLOIS F., 2003, Journal of Qur iinic Studies n° 5, 1, pp. 92-97.
(9) أنظر:
CORRIENTE F., 2004, «On a Proposa! for a Syro-Aramaic Reading of the Qur an», Collectanea Christiana Orientalia n° 1, pp. 305-314---;--- STEWART D. J., 2008, «Notes on Medieval and Modern Emendations of the Qur an», dans REYNOLDS G. S. (éd.), 2008, op. cit., pp. 225-248---;--- KING D., 2009, «A Christian Qur an? A Study in the Syriac Backgrow1d to the language of the Qur an as presented in the work of Christoph Luxenberg», Journal for Late Antique Religion and Culture n° 3, pp. 44-71.
(10) هناك عدّة ملاحظات سلبيّة عند:
BôWERING G., 2008, «Recent Research on the Construction of the Qur an», dans REYNOLDS G. S. (éd.), 2008, op. cit., p. 78 et p. 85, note 31 (discutées infra, pp. 157-159).
تحظى فرضيّة لوسنبيرغ بمصداقيّة أكبر لدى:
JANSEN H., 2008, Mohammed. Eine Biographie, übersetz von M. MüLLER-HAAS, Munich: C. H. Beck, pp. 191-193.
(11) أنظر:
VAN REETH J. M. F., 2006a, art. cit., p. 512.
(12) أنظر:
BLACHERE R., 1999 (1957), Le Coran (al-Qor ân), traduit de l arabe par R. B., Paris: Maisonneuve et Larose, pp. 658-659.
يعتبر بلاشير أنّ بداية السورة ناقصة (وهو ما يُفسِّر وجود الثلاث نقاط في بداية الآية 1)، وأنّ الآية 4 وقع إضافتها لاحقًا (وهو ما يفسّر كتابتها بالخطّ المائل).
(13) أنظر نص نيتشه الرائع:
NIETZSCHE F., 1971 (1881), Morgenrothe. Gedanken über die moralischen Vorurteile, dans Nietzsche. Werke. KG V 1, hg. von G. COLLI und M. MONTINARI, Berlin : Wde Gruyter, Vorrede, § 5, pp. 9-10 (cf. NIETZSCHE F., 1980, Aurore. Pensées sur les préjugés moraux, trad. fr. par J. HERVIER, Paris : Gallimard, p. 18).
(14) التفاسير الكلاسيكية المستفيضة أكثر حول هذه السورة نجدها عند الطبري في جامع البيان، والطبرسي في مَجمع البيان، وفخر الدين الرازي في التفسير الكبير، والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن، وابن كثير في تفسير القرآن الكريم. أمّا معظم المفسّرين الآخرين (أبو عبيدة، مجاهد، الفرّاء، عبد الرّزاق، مقاتل بن سليمان، القُمّي، التُستري، الزّمخشري، البيضاوي، الجلالين، إلخ)، فهم يخصّصون لهذه السورة أحيانا بعض السطور، وأحيانا صفحة أو صفحتين. يوجد في صحيح البخاري فصل قصير عنوانه "كتاب فضل ليلة القدر" – وهذا الموضوع يتناوله كثيرا المأثور الإسلامي. الأدب الشيعي يولي اهتماما شديدا لسورة القدر لأنّها تمثّل مادّة جيّدة للتّفسير الباطني. أنظر:
ANSARI H., 2011, «L héritage ésotérique du chiisme: un livre sur l exégèse de la sourate 97»,Arabica n° 58, 1-2, pp. 7-18.
(15) أنظر:
WAGTENDONK K., 1968, op. cit., LOHMANN T., 1969, art. cit., et SELLS M., 1991, art. cit., pour l opinio communis orientaliste.
(16) أنظر فخر الدين الرازي، التفسير الكبير، ج 32، ص 27. الاستثناءات نادرة جدّا: أحمد الخفاجي في حاشية الشّهاب، ج 8، ص 382، يشير إلى أنّ الرأي السائد هو أنّ الضمير "ـه" يُشير إلى القرآن، آراء أخرى تقترح بأنّ المقصود به هنا يمكن أن يكون الملاك جبريل. وهذه الفكرة دافع عنها لاحقا:
BARTH J., 1915, «Studien zur Kritik und Exegese des Qorans», Der Islam n° 6, p. 119
حول هذا الموضوع، أنظر أسفله في هذا المقال فرضية أخرى.
(17) نجد تفسيرات أخرى عند مُفسِّري القرون الوسطى نذكر من بينها ما رواه البغوي: قال عطاء عن ابن عبّاس: ذُكِر لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-رجل من بني إسرائيل حمل السلاح على عاتقه في سبيل الله ألف شهر، فعجب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-لذلك وتمنى ذلك لأمته، فقال: يا رب جعلت أمتي أقصر الأمم أعمارا وأقلها أعمالا؟ فأعطاه الله ليلة القدر فقال "ليلة القدر خير من ألف شهر" التي حمل فيها الإسرائيلي السلاح في سبيل الله، لك ولأمتك إلى يوم القيامة. (تفسير البغوي، ص 491).
(18) وكذلك بالنّسبة ليوم كيبور، أنظر:
GOITEIN S. O., 1966, «The Muslim Month of Fasting», dans GOITEIN S. O., 1966, Studies in Islamic History and Institutions, Leyde: Brill, pp. 90-110 (version révisée et élargie de GOITEIN F., 1929, «Zur Entstehung des Ramaçian», Der Islam n° 18, pp. 189-196).
(19) أنظر أيضا مناقشة:
LOHMANN T., 1969, art. cit., pp. 277-278.
(20) أنظر السورة 2، آية 236؛ السورة 89، آية 16؛ والسورة 77، آية 23.
(21) مثلا: ابن منظور، لسان العرب، بيروت، دار صادر، ج 5، ص 74 أ.
(22) أنظر مثلا من بين الترجمات الفرنسيّة:
«La destinée» (Blachère, Hamidullah), «Le destin» (Khawam), «Le décret» (Masson, Grosjean), «Le décret divin» (Fakhri), «La prédétermination» (Abu-Sahlieh), «La nuit grandiose» (Berque), «La nuit sublime» (Ould Bah).
WAGTENDONK K., 1968, op. cit., pp. 84-85,
يقترح ترجمة "قدر" بـ «measuring-out».
(23) يرد هذا اللّفظ خاصّة في صيغ التسليم (س 4: آ 94؛ 6: 54؛ 7: 46؛ 10: 10؛ 11: 69؛ 13: 24؛ 14: 23؛ 15: 52؛ 16: 32؛ 19: 15، 33، 47؛ 20: 47؛ 25: 63؛ 27: 59؛ 28: 55؛ 33: 44؛ 36: 58؛ 37: 79، 120، 130، 181؛ 51: 25). دون أن نخوض في الأمور المتعلقة بالرّوابط اللّغويّة بين الجذر العربي (س/ل/م) والجذر السرياني (ش/ل/م) يمكن أن نعتبر أنّ لفظ "سلام" يجب ترجمتها بـ "paix, salut" في عدّة آيات أخرى (س 6: 16؛ 11: 48؛ 21: 69). وهذه الكلمة مرتبطة أيضا بأوصاف الجنّة (س 15: 46؛ 19: 62؛ 25: 75؛ 50: 34؛ 56: 26، 91)، فالعبارة "دَارُ السَّلَام" في السورتين، 6: 127؛ و10: 25، يشير إلى الجنّة. و "السَّلَامُ" الذي هو أيضا اسم من أسماء الله الحسنى (س 59: 23)، يفهمه المفسِّرون كمرادف لكلمة "سَلَامة" (وهو الخلو من كلّ العاهات والعيوب)، أو "الذي يؤمِّن الخلاص". الكلمة القريبة "سلم" تعني "الاستسلام"، "الخنوع" (س 4: 90، 91؛ 16: 87؛ 39: 29).



#ناصر_بن_رجب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخطابات الأخرويّة المضادة في القرآن وفي السنهدرين
- القرآن وكَتَبَتُه(2)
- القرآن وكَتَبَتُه(1)
- قانونيّة القرآن ... بالقرآن؟ (2) أو كيف يُقدِّس القرآن نفسه ...
- قانونيّة القرآن ... بالقرآن (1)
- من أنتم حتّى تتطاولوا على العفيف الأخضر؟
- محمّد تُرْجُمان -القِرْيانَة العربيّة- المكّيّة (2)
- محمّد تُرْجُمان -القِرْيانَة العربيّة- المكّيّة (1)
- المقاربة التاريخيّة للشّخصيّات الدّينيّة : محمّد
- نُبُوَّة وزِنَا (6) من نصّ إلى آخر
- نُبُوَّة وزِنَا (5)
- نُبُوَّة وزِنَا (4) من نصّ إلى آخر
- نُبُوَّة وزِنَا (3)
- نُبوّة وزِنَا (2)
- نُبُوَّة وزِنَا (1)
- في أصول القرآن : مسائل الأمس ومقاربات اليوم (9)
- في أصول القرآن : مسائل الأمس ومقاربات اليوم (8)
- في أصول القرآن : مسائل الأمس ومقاربات اليوم (7)
- في أصول القرآن :مسائل الأمس ومقاربات اليوم (6)
- في أصول القرآن : مسائل الأمس ومقاربات اليوم (5)


المزيد.....




- وفاة قيادي بارز في الحركة الإسلامية بالمغرب.. من هو؟!
- لمتابعة أغاني البيبي لطفلك..استقبل حالاً تردد قناة طيور الجن ...
- قادة الجيش الايراني يجددن العهد والبيعة لمبادىء مفجر الثورة ...
- ” نزليهم كلهم وارتاحي من زن العيال” تردد قنوات الأطفال قناة ...
- الشرطة الأسترالية تعتبر هجوم الكنيسة -عملا إرهابيا-  
- إيهود باراك: وزراء يدفعون نتنياهو لتصعيد الصراع بغية تعجيل ظ ...
- الشرطة الأسترالية: هجوم الكنيسة في سيدني إرهابي
- مصر.. عالم أزهري يعلق على حديث أمين الفتوى عن -وزن الروح-
- شاهد: هكذا بدت كاتدرائية نوتردام في باريس بعد خمس سنوات على ...
- موندويس: الجالية اليهودية الليبرالية بأميركا بدأت في التشقق ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ناصر بن رجب - لَيْلَةُ القَدْر هيَ أم ليلة الميلاد؟ (1/3)