أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ناصر بن رجب - في أصول القرآن :مسائل الأمس ومقاربات اليوم (6)















المزيد.....



في أصول القرآن :مسائل الأمس ومقاربات اليوم (6)


ناصر بن رجب

الحوار المتمدن-العدد: 3732 - 2012 / 5 / 19 - 03:33
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في أصـول القـرآن :
مسائل الأمس ومقاربات اليوم (6)
ألفريد - لويس دي بريمار
 
Aux origines du Coran
Questions d’hier, approches d’aujourd’hui
Téraèdre, Paris, 2004
Cérès, EDIF2000, LE FENNEC, Tunis
 
ترجمة وتعليق
ناصر بن رجب
 
 
 
إتلاف الوثائق
إنّ إتلاف الوثائق من أجل ضمان وحدة النّص وضمان لُحمة الأمّة هو موضوع متواتر في الأخبار المتعلّقة بتدوين القرآن طيلة قرن الإسلام الأوّل.
مات عثمان (644-656) مقتولا. وكانت أسباب قتله مختلفة وتمّت في ظروف مأساوية. يبرز من الروايات المتناقلة حول مقتله أنّ مسألة القرآن لم تكن المسألة المركزية للدّوافع التي تعلّل بها خصومه. غير أنّ المؤرِّخين اللاّحقين أدرجوا ضمن جملة المآخذ التي كان يرفعها في وجه عثمان من حاصروه في منزله أنّه "حَرَق المصاحف". ويرد التعبير عن هذا المأخذ أحيانا كالتالي : "كان القرآن كتبا فتركها إلاّ واحدا"[134].
في خلافة معاوية (661-680)، قيل أنّ مروان، أحد اقارب عثمان وكاتبه السابق، قام، هو أيضا، بتدمير وثائق[135]. وما كان قد دُمِّر لا يقلّ أهميّة إذ أن الأمر يتعلّق، كما قيل، بصحف حفصة التي كانت الأساس لكتابة مصحف عثمان. عندما ماتت حفصة، أيام كان أميرا على المدينة، طلب مروان من أخيها (عبد الله بن عمر) إلزاما أن يُسلّمه صحف أخته ثمّ قام بإتلافها[136]. وكانت الأسباب التي قدّمها مروان لتبرير فعلته، حسب رواية الزُّهري، غريبة، حيث قال، لقد فعلت هذا : "... مخافة أن يكون في شيء من ذلك اختلاف لما نَسَخ عثمان رحمه الله"؛ أو، حسب رواية أخرى للزهري نفسه : "... فقال مروان : إنّما فعلت هذا أن ما فيها قد كُتب وحُفظ بالمصحف، فخشيت إن طال بالناس زمان أن يرتاب في شأن هذه الصحف مرتاب أو يقول إنّه قد كان شيء منها لم يُكتب"[137] في مصحف عثمان. مهما كان ارتباك هذه التبريرات، وبالرغم من وجود بعض الحقيقة في هذه الرواية، فإنّه من الصعب الإعتقاد بأنّ مروان، الوالي، كان قد أمر بإتلاف الصحف دون إذْنٍ من الخليفة معاوية. ونحن لا نجد هذه المعلومة في رواية البخاري الرسميّة الملخَّصة مع أنّه هو أيضا كان يروي عن الزهري.
يعود موضوع إتلاف المصاحف عند الحديث عن الحجّاج عندما كان واليا على العراق في خلافة عبد الملك بن مروان (685-705). يُعزى للحجّاج أنّه نقّح مصحف عثمان. وهذه التنقيح كان الهدف منه، كما قيل، تحسين وتصويب النقص والإعتلال اللّذين اختصّ بهما الرّسم البدائي للمصحف. ولكن في الواقع، رسم القطع المخطوطة القديمة هي أبعد من أن تؤكّد ذلك[138]، فالأخبار المتعلّقة بهذه النقطة متضاربة، فالكتابة القديمة ستبقى مستعملة زمنا طويلا فيما بعد، وعمليّات إصلاح وتهذيب رسم الكتابة يبدو أنّها حدثت في زمن متأخّر أكثر. ولذلك فإنّ تحوير النصوص التي نُسبت إلى فترة عبد الملك كانت قد تعلّقت بشيء آخر.
على أيّة حال، لقد قيل أنّ الحجّاج أمر بإتلاف كلّ المصاحف التي تخالف مصحفه. وقد ذهبوا إلى حدّ القول أنّه هو أوّل من أرسل إلى الأمصار نُسخًا من مصحفه ويفرضها فيها، وهذه المبادرة ظننّا إلى حدّ الآن أنّها كانت مقصورة على عثمان. ومهما كان من أمر، فالحجّاج لم يكن قد قام بهذا العمل دون موافقةٍ من الخليفة عبد الملك[139].
نبقى في حيرة من أمرنا لا ندري كيف نفهم تشديد هذه الأخبار على تدمير الوثائق، وذلك مهما كانت طريقة التدمير التي أُشيرَ إليها (محو، إغراق في الزيت الساخن[140]، حرق، تشقيق، تخريق)[141]. فهل هذا مجرّد خطاب أدبي المقصود منه إخفاء حقيقةَ أنّ تدوين القرآن لم يتمّ إلا في وقت متأخّر جدًّا؟ أم أنّ هذا الإلحاح يتوافق مع أحداث واقعيّة أو مُمكنة الوقوع؟ على أيّة حال، هذا الإلحاح يُشير إلى أنّ نصوص القرآن كانت ورشة عمل وقع الإشتغال فيها باستمرار طيلة قرن الإسلام الأوّل.
 
رواج المصاحف المُنافسة
أصداء عن مصحف أبي موسى
بالرّغم من التأكيد المتكرّر بأنّ المصاحف المنافسة للمصحف العثماني كان قد تمّ تدميرها إلاّ أنّها واصلت رواجها. يمكن أن يكون هذا حال مصحف أبي موسى (توفي بين 661 و 673). نمتلك عنها أصداءً في غير الأخبار التي نقلها سيف بن عمر وابن شبّة. إضافة إلى هذا، هناك أخبار عن بعض خصائص محتواه أو بعض اختلافاته في القراءة أشار إليها المأثور الأدبي اللّاحق المتعلّق بالقرآن. هل كان مصحف أبي موسى من بين الوثائق التي قد تكون أُتلفت في زمن عثمان؟ أم هل وقع إقصاؤها في وقت لاحق؟ هناك تصريحات أُسندت للمعني بالأمر من المهمّ ذكرها : "أُنْسيتُ" مقطعا من سورة تُعادل "المسبِّحات"، أي السور التي تبدأ بالعبارات : "سبّح لله ما في السماوات وما في الأرض"[142]. كما جاء على لسانه أيضا قوله : "وإنّا كنّا نقرأ سورة كنّا نشبّهها في الطول والشدّة ببراءة فأُنْسيتها"[143]، إلاّ أنّ أبا موسى لم يحدّد من أنساه هذه الآيات التي فُقدت منذ ذلك الحين. ستعترضنا من جديد مسألة "النسيان" في الفصل التالي[144].
 
مُسافرون يطلبون مصحف أُبيّ
حسب بعض الأخبار، لم يعدم مصحف أُبيّ أن يثير اهتمام العلماء ومحبّي الإطّلاع. وهذا ما يوحي به خبر يُنسب لمحمّد بن أُبيّ ]تــ 683[ :
"قال بكير، حدّثني بسر بن سعيد عن محمّد بن أُبيّ أنّ ناسا من أهل العراق قدموا إليه فقالوا : إنّما تحملنا إليك من العراق، فأخْرِج لنا مصحف أُبيّ. قال محمّد : قد قبضه عثمان. قالوا : سبحان الله، أَخْرِجه لنا. قال : قد قبضه عثمان"[145].
إلاّ أنّ روايات أخرى تفيدنا بأنّه كانت هناك نسخ موجودة من مصحف أُبيّ. حتّى في القرن التاسع (م) كان الناس يسافرون للحصول عليها هنا وهناك. فهذا الفضل بن شاذان (تـ 873-74)، فقيه شيعي من نيسابور، شرق إيران، كان يقول أنّ أحد زملائه وهو في رحلة إلى العراق شاهد نسخة من مصحف أُبيّ في قرية قريبة من البصرة. كانت هذه القرية مأهولة بمنحدرين من قدماء المدينة أنصار النبيّ، وأُبيّ بن كعب وزيد بن ثابت كانا، كما هو معلوم، مدنيّان من الأنصار. صاحب النسخة عرضها على المسافر الباحث موضّحا له : "هو مصحف أُبيّ رويناه عن آبائنا". ثم يعطي قائمة مفصّلة للسّور وترتيبها الذي يختلف عن ترتيبها في المصحف الرسمي. كما توجد سور ناقصة في مصحف أُبيّ وفيه سور قصار إضافية مع ذكر أسمائها، كما فيه قراءات مختلفة عديدة لم يستطع المخْبِر ذكرها كلّها إلاّ أنّه كان يقابلها بما جاء في نصّ القرآن الرسمي. هذا الخبر رواه ابن النديم (تــ ± 996)، الكاتب وجامع الفهارس ومصنّف السير في القرن العاشر (م) في بغداد، في كتابه الفهرست الذي أحصى فيه الكتب المعروفة في زمانه. ومن جهة أخرى، نجد عند السيوطي، العالم المصري للقرن الخامس عشر (م) الذي ذكرناه سابقا، قائمة أخرى مختلفة قليلا، لأسماء وترتيب سور مصحف أبيّ الذي يقول أنّه أخذها من كتاب عن المصاحف أُلِّف في القرن العاشر (م) وهو مفقود اليوم[146].
 
مصحف ابن مسعود
يقدّم لنا ابن النديم والسيوطي كل واحد منهما أيضا، مع تغييرات، قائمة بالسور مرتّبة كما جاءت في مصحف ابن مسعود. ترتيب السور هنا أيضا مختلف؛ بالإضافة إلى أن سورة الفاتحة غير موجودة فيه، وكذلك المعوّذتان اللّتان تختمان المصحف المتداول الآن[147]. لقد سبق وأن رأينا في بداية هذا الفصل أنّ ترتيبا مختلفا للسّور عن الترتيب الذي نعرفه للمصحف الحالي هو حقيقة تؤكّده بعض قطع محطوطات قديمة عُثر عليها في صنعاء. وهذا يُضفي مصداقية للأخبار التي يُقدّمها ابن النديم والسيوطي بخصوص هذا النوع من التغييرات.
بصورة عامّة، إنّ الأخبار التي نمتلكها عن مصحفي أُبيّ وابن مسعود هي أخبار غزيرة ودقيقة. فعلا، كثير من الأصداء تسرّبت من هذين المصحفين إلى داخل كتب التفسير والتاريخ اللاّحقة. فخاصّيات هذين المصحفين تشكّل أكثر المواد من بين تلك التي جمعها بانتظام المستشرق أ. جفري في كتابه Materials for the History of the text of the Qur’an، الذي نُشر عام 1937. كلّ هذا يؤكّد أنهما كانا معروفين وأنّهما ظلاّ متداولين طويلا.
بالإضافة إلى الإختلافات النّصية المتعلّقة بالسور والتي اشرنا إليها سابقا، فإنّ مواد هذين المصحفين التي جمعها أ. جفري تشتمل على اختلافات تتكرّر كثيرا في الرسم أو في الإعراب، وكذلك في الألفاظ وحتّى في قطع من الجمل زيادة أو نقصانا. بالإضافة إلى العديد من الإختلافات في المفردات التي تؤدّي نفس المعنى. ليس هنا مكان ذِكر أمثلة عن كلّ هذا. سأقتصر على بعض الحالات التي كان اختيار مفردات مختلفة فيها عن مفردات المصحف الحالي قد أفضى إلى معاني مختلفة لنفس الآية.
هذه هي الحال، مثلا، عند ابن مسعود، في الآية 19 من سورة آل عمران (3). مكان النّص الحالي الذي يقول : "إنّ الدين عند الله الإسلام"، فإنّنا نجد : "إنّ الدين عند الله الحنيفيّة"، و الحنيفيّة هذه، التي تعني الدين النّقي والأصلي للإنسانيّة، قيل في مواضع أخرى أنّها كانت دين إبراهيم الذي دمّر الأوثان التي كان يعبدها أبوه.
الآية 33 من نفس السورة، دائما عند ابن مسعود، تنحى منحى شيعيّا. فعوض الآية الحالية التي تقول : "إنّ الله اصطفى آدم ونوحًا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين"، نجد : " ... وآل إبراهيم وآل مُحمّد على العالمين"[148].
أمّا بالنسبة للآية 6 من سورة الصّف (61)، فإنّ الإشتغال في نصّها إلى غاية الإختيار النهائي واضح وجليّ : "يقول النصّ الحالي :
"وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني اسرائيل إني رسول الله إليكم مُصدّقا لما بين يديّ من التوراة ومُبشِّرا برسول يأتي من بعدي اسمه أَحْمد[149] فلمّا جاءهم بالبيّنات قالوا هذا سحر مبين".
وفي مصحف أبيّ بن كعب :
"وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني اسرائيل إني رسول الله إليكم وأُبشِّركم بنبيّ أُمَّتُه آخرُ الأُمم يختُمُ الله به الأنبياء والرُّسُلَ قالوا هذا سِحر مُبين"[150].
 
في بغداد، في القرن العاشر
بما أنّنا لا نملك اليوم أيّا من هذين المصحفين بكامل محتواهما، فإنّه ليس بمقدورنا بالضبط تحديد حجم وسعة إختلافاتهما مُقارنة بالنّص الحالي أكثر ممّا ذكرته بصورة متفرّقة مأثورات فقه اللغة بداية من نهاية القرن الثامن (م). بالفعل، لقد وقع حظر ومنع تداول كلّ المصاحف غير المصحف الرسمي في النصف الأول من القرن العاشر (م). تلك هي الفترة التّي سبَّعَ فيها ابن مجاهد أعلم شيوخ صنعة القراءات وذو النفوذ عند السلط السياسية، في بغداد، القراءات السبع بداية من مصحف وحيد هو مصحف عثمان. هذه القراءات المُرخّص فيها ليست إلاّ تغييرات طفيفة تهمّ جزئيات لغويّة، تركيبية أو نحويّة أو بصورة عرضية بعض المفردات. أمّا المصاحف المنافِسة فإنّها مُنعت. ولكنّ ابن مجاهد وزملاءه فقد اضطرّوا للعب دور الشرطي وطلب تدخّل السلطة. فقيهان، بصفة خاصّة، واصلا َعَلَنًا استعمال نصوص ابن مسعود وأُبيّ، وقد سبّب ذلك لهما المثول أمام القضاء واضطُرّا قصرًا إلى التراجع وإعلان التوبة. ولم يعلن ابن شنبذ ، الذي كان اكثرهما تَطاوُلا ومُكابرة، توبته إلاّ بعد حبسه وتعذيبه جلْدًا، ثمّ حُبس في داره مخافة أن تَفْتِك به العامّة المؤمِنة وبعدها تمّ ترحيله ليلا من بغداد إلى المدائن[151].
 
خطاب عبد الملك بن مروان (685 – 705)
تحفّظ نقدي يفرض نفسه تُجاه الأخبار لتي استعرضناها إلى حدّ الآن. مع ذلك، وبغضّ النظر عن حقيقة أمر الوقائع التي ترويها، فإنّ هذه الأخبار توحي بأنّ كتابة المصحف الرسمي كانت مسألة أخذت وقتا أطول وكانت اكثر تعقيدا ممّا يُقال عادة، وأنّها تمّت مُراقبتها نقطة بنقطة من طرف العائلة الأمويّة، منذ عثمان إلى عبد الملك، مرورا بمعاوية ومروان.
 
السياق التاريخي
هذا الإرساء التدريجي تمّ في ظرف سياسي تميّز بما يسمّيه المؤلِّفون المسلمون "الفتنة الكبرى"، أي النزاعات العنيفة والحرب الأهلية التي أوقد نارها مقتل عثمان سنة 656 (م)، واستيلاء الامويين على الخلافة في الشام سنة 660 (م)، ثمّ مقتل عليّ بالكوفة سنة 661 (م)، والموت العنيف لإبنه الحسين وأفراد من عائلته في كربلاء سنة 680 (م)، وأخيرا ظهور الفرق من الخوارج والشيعة. من المؤكد أنّ تدوين القرآن لم يخرج من كلّ هذا سالما. إلاّ أنّه أصبح من الصعب أن نقدّر مدى تأثيرها على نصوص المصحف الحالي إذ أنّ الكثير من الاشياء حسب ما تقوله كثير من الأخبار، حُذفت منه ولم تعد موجودة فيه.
هناك مرحلة، حاسمة على ما يبدو، لهذا التاريخ المرتبك يُوضّحها خطاب يُنسب للخليفة عبد الملك كان قد وجّهه لأهل المدينة سنة 695 (م). وقد أورده ابن سعد في الترجمة الطويلة التي خصّصها لسيرة عبد الملك. يتحدّث المؤلِّف عن الحجّة التي قام بها الخليفة من الشام إلى مكّة في تلك السنة بعد وقت قصير من نهاية حرب أهليّة ثانية طويلة.
 
الخليفة المنشقّ
بين سنتي 681 و 692 انشقّت ولايات الجزيرة العربية، وبالخصوص الحجاز بحاضرتيها مكّة والمدينة، عن الخلافة الأمويّة بدمشق وذلك بزعامة عبد الله بن الزّبير وهو ابن الزبير بن العوّام الصحابي المقرّب من محمّد، وابن أخت عائشة، إحدى نساء النّبي. عبد الله بن الزبير، المعارض للأمويّين، رفض مبايعتهم ثم أعلن خلع طاعته ليزيد الأوّل (680-683) خليفة معاوية، ونصّب نفسه خليفة على مكّة. لم يتخلّف أهل المدينة فبايعوه. وفي سنة 680 عبّأ يزيد الأوّل جيوشه ضدّ المدينة. وانتهت الحملة بانهزام متمرّدي المدينة في معركة الحرّة. وقد تعرّض جرّاء ذلك أهل المدينة إلى مذابح ذهب ضحيّتها العديد من الشخصيّات المرموقة من بينهم محمّد بن أُبيّ بن كعب وسبعة من أبناء زيد بن ثابت التسعة. عُروة بن الزبير، أخو الخليفة المنشقّ، نجا في هذه الحوادث المؤلمة ولكنّه كما قيل حرق كلّ كتبه في الفقه. وسبّب موت يزيد في دمشق في إلغاء الحملة المزمع القيام بها ضدّ مكّة. استطاع الخليفة المنشقّ أن يحافظ على حكمه في الجزيرة العربية بما فيها المدينة حتّى عام 692 حين حاصر الحجّاج بن يوسف مكّة، بأمر من الخليفة عبد الملك، وضرب الكعبة بالمنجنيق وقُتل عبد الله بن الزبير في المعركة، وهكذا وضع الحجّاج حدّا للخليفة المنشقّ[152].
 
خطاب سنة 695 لأهل المدينة[153]
عندما حجّ عبد الملك بالنّاس، ثلاث سنوات فيما بعد، كانت ذكرى الأحداث لاتزال جدُّ حيّةً في الأذهان. فالأخبار التي يوردها ابن مسعود عن قدوم الخليفة إلى المدينة كانت مصبوغة بجوّ مشحون وبخُطب مُرتبكة وحوادث عدّة. بالنهاية، آثر الخليفة تهدئة الأجواء. فقد خاطب عبد الملك بن مروان، حسب الخبر الذي ذكره ابن سعد، أهل المدينة يقول : "يا أهل المدينة إن أحقَّ الناس أن يَلْزَمَ الأمرَ الأوَّل[154]، لَأَنْتُمْ، وقد سالَتْ علينا أحاديثُ من قِبَل هذا المشرق لا نعرفها ولا نعرف منها إلا قراءةَ القرآن، فلازموا ما في مصحفكم الذي جمعكم عليه الإمام المظلوم رحمه الله[155]، وعليكم بالفرائض التي جمعكم عليها إمامكم المظلوم رحمه الله، فإنه قد إستشار في ذلك زيد بن ثابت ونِعْم المشيرُ. كان للإسلام رحمه الله فأحكما ما أحكما وأسْقطا ما شذَّ عنهما".
كان هذا الخطاب عملا سياسيّا ودينيّا في آن واحد[156]. فقد انتصر الخليفة القرشي بدمشق على كبرى حركات التمرّد كما انتصر منذ وت قصير على الخليفة المنافِس في الجزيرة العربية. عند ذلك أصبح بإمكانه ردّ الإعتبار للمدينة على أنّها كانت القطب الإسلام الأوّل. ولكنّه لا يعترف مُستقبلا للمدينة بدورها البارز إلاّ على مستوى المرجعيّات الدينية : قراءة القرءان، من جهة، والفرائض من جهة أخرى.
محتوى هذا الخطاب لا يمكن أن يبدو لنا كمحتوى غير عادي (خارج عن المألوف) إلاّ إذا أسقطنا، خارج السياق التاريخي، داخل هذه الفترة رواية البخاري الرسميّة المتأحِّرة حول "جمع القرآن" التي لا يقول عنها ابن سعد شيئا. هناك نقطتان أساسيتان يجب التأكيد عليهما : أوّلا، أنّ عبد الملك يعترف بقيمة المصحف الخاص بالمدينة – "مُصحفكم" -، إذ أنّه المصحف الذي حضي بموافقة عثمان. ثانيا، يفرّق عبد الملك بكلّ وضوح بين هذا المصحف عن "الفرائض". هذه الأخيرة تؤلِّف كتابا مُختلفا يُنسب مصدره لزيد بن ثابت، مستشار عثمان الذي صادق عليه[157]. ويبدو أنّ عبد الملك، بعد عثمان، قد وافق عليه "للإسلام" بجملته.
حسب خبر، الذي سيؤوَّلُ بطرق مختلفة، صرّح عبد الملك ذات يوم أنّه هو أيضا "جمع القرآن"[158]. يمكننا إذن أن نفترض أنّه في فترة حكمه وقع دمج مجموعين، كتاب قرآن وكتاب فرائض، لكي يكوِّنا مصحفا شبه نهائيّ. بدون هذا، فإنّنا نجد من الصعب فهم العمليّة التي قام بها الحجّاج الوالي ذو النفوذ القويّ عندما أرسل نُسخا من مصحفٍ رسمي جديد إلى الأمصار ليفرضه فيها باسم الخليفة.
 
شاهدان من الخارج
فكرة أنّ عمليّة جمع القرآن لا تزال جارية في تلك الفترة تجد لها نقطة ارتكاز إضافية فيما قاله، في النصف الأول من القرن الثامن (م)، شاهدان من الخارج بخصوص الكتابات الإسلامية التي كانا على علم بها.
 
راهب دير بيت حاله (بداية القرن الثامن)[159]
يتعلّق الأمر قبل كلّ شيء برسالة جدل مجهولة المؤلِّف باللّغة السريانيّة يمكن تأريخها ببدايات القرن الثامن (م). فقد نُسبت، لمدّة من الزمن، للراهب أبراهام بيت حاله (تـ ± 670) بلعراق. ولكن يبدو أنّها كُتبت في وقت متأخِّر قليلا[160]. وهي تأتي على هيئة مجادلة دينيّة بين راهب مُتحمِّس نصراني وواحد أعيان المسلمين[161]. وقد ذُكر فيها اسم محمّد : Mûhmd  .Mhmd أوكما أنّ كلمة "قرآن" تظهر فيها أيضا مشيرة إلى كتاب محدّد. ولكنّ لأمر يتعلّق أحيانا بـ "كُتُبكم".
هناك مقطع يهمّ بصفة خاصّة موضوعنا. على سؤال مخاطبه المسلم الذي يطلب منه لماذا يعبد النصارى الصّليب في حين أن المسيح لم يفرض ذلك في إنْجيلِه، يجيب الراهب النصراني :
"أظنّ أنّه بالنّسبة لكم أيضا فإنّ أحكامكم وفرائضكم لم تأتِ كلّها في القرآن الذي علّمكم محمّد. لقد علّمكم بعضَها الذي جاء في القرآن، وأخرى جاءت في سورة البقرة وأيضا في ... ] عنوانان من الصعب التعرّف عليهما في النّص السرياني[ "[162].
يبدو جليّا هنا أنّ بعض العناصر التي تشكّل اليوم جزءا من القرآن كانت مُنفصلة عنه في زمن ما من بداية القرن الثامن (م)، على الأقل فيما كان يعرفه راهب دير بيت حاله. يتعلّق الأمر خصوصا، بالنسبة لما يمكننا أن نتعرّف عليه، بسورة البقرة التي هي اليوم السورة الثانية في المصحف وأطول السور فيه. وهي تحتوي على عدد من الفرائض.
 
يوحنّا الدمشقي (كان يكتب حوالي سنة 735)
الشاهد الثاني من الخارج هو يوحنّا الدمشقي، أب الكنيسة، وهو معروف من طرف علماء آباء الكنيسة ومؤرّخي الشرق المسيحي. يوحنّا بن سرجون بن منصور، كان دمشقيّا من النصارى الأرثوذوكس. خلَفًا لأبيه، كان يوحنّا موظَّفا، ولا شكّ في الجباية المالية، في خدمة الأمويين، بين سنتي 700 و 705، في نهاية حكم عبد الملك. ثمّ غادر الإدارة وأصبح راهبا وكاهنا[163].
في كتابه عن الهرطقة Les hérésies (De Haeresbius) الذي ألّفه بالإغريقية، احتلّت "عبادة الإسماعيليين"، أي الإسلام، آخر الكتاب تحت اسم "الهرطقة رقم 100". هذا الفصل يشهد على أقدم مجادلة مكتوبة بالإغريقية ضدّ الإسلام. حسب معطيات البحث الأكثر حداثة فإنّ الباحثين المختصّين يعتقدون بثبوت نسبة هذا العمل ليوحنّا الدمشقي، وهي مسألة كانت محلّ جدل كبير إلى ذلك الحين. كان يوحنّ الدمشقي يكتب في حدود عام 735، تحت حكم الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك (724-743 م)، وهذا من المؤكّد انطلاقا ممّا كان قد عرفه من النصوص الإسلامية في نهاية حكم عبد الملك، بين 700 و 705[164].
إنّ كلمة "قرآن" لا تظهر في "الهرطقة رقم 100". غير أنّ يوحنّا يتحدّث عن "كتاب" (biblos) محمّد. هو عبارة عن "تأليف مكتوب" (suggraphê) يحاول جهده لكي يدحض معتقداته المتعلّقة بالنبوّة وشخصية وتعاليم المسيح (christologie). فهو يقول أنّ محمّد هذا هو نفسه كتب عدّة "مؤلّفات" (suntaxas)، كلّ تأليف (graphê) يحمل "عنوانا" : "المرأة"، "المائدة"، "البقرة". نكتشف هنا العناوين التي ستُعطى بالتوالي للسّورة الرابعة، والخامسة، والثانية من السّور الحاليّة.
يتحدّث يوحنّا أيضا عن نصّ "ناقة الله" التي يستحضرها مطوّلا. وما يتطابق مع ما في القرآن الحالي يتوزّع في أماكن مختلف من الصحف[165]. ولكنّ هذه القطع القصصيّة لا تتيح الفرصة لعنوان سورة قائمة بذاتها. من ناحية أخرى، يستحضر يوحنّا بعض العناصر الفولكرويّة لـ "تأليف الناقة"، وبالخصوص ما يتعلّق بفصيل الناقة التي ذُبحت، وهو العنصر الذي يسخر منه ولكنّنا لا يوجد في أيّ مكان من القرآن الحالي.
إنّ الطريقة التي يتحدّث بها يوحنّا عن هذا المجموع يُعطي الإنطباع قبل كلّ شيء أنّه يُفرّق بين "كتاب" (biblos) وعدّة تأليفات أخرى (graphê)، ذات عناوين خاصّة، لم تُجمع بعد في مجموع نهائي. أمّا فيما يتعلّق بالتاليف المُعنون "ناقة الله"، والعناصر الخارجة عن المألوف التي يستحضرها، فإنّه كان بإمكاننا أن نعتقد بالرجوع، خارج السياق التاريخي، إلى القرآن الحالي أنّ الكاتب لم يكن يعرف جيّدا النصوص القرآنيّة. إلاّ أنّ ما يقول عنها في أماكن أخرى تشير لنا بأنّه، على العكس، كان يعرفها معرفة جيّدة، ولكن بالتأكيد في شكلها غير التّام التي مازالت عليه في زمنه.
هذه الملاحظات حول الناقة وفصيلها، التي يستغربها قارئ القرآن الحالي، تُفهَم تماما إذا كان يوحنّا قد تعاطى مع عناصر مُتباينة لكتاب لم يزل بعد قيد البناء. بالفعل، فنحن نجد في أدب التفاسير القرآنيّة، مع تفاصيل كثيرة أخرى قد نعتبرها مُستَهجَنة، العناصر الفولكلوريّة التي تحدّث عنها بخصوص الناقة وفصيلها. وهذه التفاصيل تُنسب لشخصين معاصرين ليوحنّا الدمشقي، وهما السُدّي (مات بالكوفة سنة 745)، وحسن البصري (مات بالبصرة سنة 728)[166]. لقد عرف يوحنّا بدون شكّ "مُؤلَّف ناقة الله" كجزء من مؤلّفات مختلفة ينسبُها معاصروه المسلمون إلى نبيّ الإسلام وهي تشتمل على التفاصيل الفولكلوريّة التي يذكرها مع القدح فيها. يمكننا أن نقدّم الفرضية بأنّه في الفترة التي لا يزال فيها يوحنّا في خدمة الأمويّين، بين عامي 700 و 705، آخر سنوات حكم عبد الملك، القصص القرآنية المتعلّقة بالناقة لم تأخذ بعد شكلها النهائي. ففي تلك الفترة لم يزل بَعْد الوالي الحجّاج في أوج نشاطه.
مهما كان من أمر، فالمعطيات التي يقدّمها الشهود من الخارج تنضاف إلى معطيات الأخبار الخاصّة بالرواة المسلمين. وهذا المجموع كلّه يبدو أنّه يُبيّن لنا أنّ القرآن، في بداية القرن الثامن (م)، لم يكن بعد قد استقرّ في الصيغة التي نعرفها له حاليّا.
 
خاتمة
إنّ العناصر التي قدّمناها تباعا في هذا الفصل، قِطع من مخطوطات قديمة، وأخبار حول تاريخ القرآن، وشهود من الخارج، كلّ هذا يقودنا، على الاقلّ بصورة مؤقّتة، إلى خلاصة مفادها أنّه : لا يمكن لتاريخ القرآن أن يُدرس إلاّ إذا وقع تناولُه في إطار زمكانيّ مُوسّع.
فالرؤية التي لدينا عادة عن تاريخ القرآن هي رؤية مشروطة برواية البخاري الرسمية. فرواية البخاري تنطلق من مُعطى مفاده أنّ كلّ النصوص القرآنية التي نمتلكها اليوم هي النصوص التي "نُزّلت" على نبيّ الإسلام طيلة فترة بعثته بين عامي 610 و 632، وبين مكّة والمدينة. وكلّ ما وقع بعد موته لا يعدو أن يكون سوى عمليّة جمع وتدوين تضمن صحّتَها سلسلةُ الأسانيد غير المنقطعة للخلفاء الثلاثة الأوائل. أمّا الكتابات الأخرى التي تكون قد استطاعت أنّ تظلّ موجودة فإنّ عثمان قام بإتلافها، ويكون بذلك قد أنهى، بإجماع الصحابة، المشكلة التي أثارتها هذه الكتابات.
غير أنّ مجموع الأخبار الأخرى المتاحة لنا، مأخوذة بعين الإعتبار في طرافتها وتنوّعها، فإنّها توجّه نظرنا بصورة مُغايرة تماما.
يظهر، بادئ ذي بدأ، أنّ الرّواة كانوا على وعي، دون أن يفصِحوا عن ذلك، بحقيقة أنّ المواد القرآنية التي كانوا يعرفونها لم تتأتّى فقط ممّا كان قد أُعلن بين 610 و 632 داخل الفضاء الضيّق لغرب الجزيرة العربية. فالزمن وأراضي الفتوحات خارج الجزيرة العربية كان لها هي أيضا أهميّة كبيرة. مُدوّنات ومؤلَّفات مختلفة من النصوص القرآنية أُنْجِزت في عدّة نقاط من الإمبراطورية الجديدة، ولم يكن مصحف المدينة إلاّ واحدا من بين مصاحف أخرى، وذلك بالرّغم من إدّعائه أنّه السلطة الوحيدة والنهائية. في هذا الفضاء الزمكاني الموسَّع، كان القرآن "كُتُبًا"، وقد قاوم مؤلِّفوها طويلا حتّى لا تصير "إلاّ كتابا واحداً".
ويظهر بعد ذلك أنّ "جعْلَه (القرآن) واحدا" قد تمّ في فترة متأخِّرة جدّا عن خلافة عثمان. يبدو أنّ هذه العملية عَرفت مرحلة حاسمة في زمن عبد الملك الذي، حسب تأكيده، كان قد "جمع القرآن"، وهذه العملية كانت قد وُضعت تحت مسؤوليّة الحجّاج. مُصحف مَدَني - ولكن أيّها من المصاحف؟ -[167] يبدو أنّه حاز على بعض الإعتبار من طرف الخليفة عبد الملك. هذا على الاقلّ ما يوحي به خطابه لأهل المدينة. بعض عشرات السنين فيما بعد ستظهر الأخبار التي ستجعل من عثمان الجدّ الأوّل الذي أعطى، إن صحّ القول، إسمه للقرآن الرّسمي. ]المصحف العثماني[.
لا ندري بالضّبط ما هي عناصر المصحف الحالي التي كانت موجودة في المصحف البدائي، وما هي العناصر التي أُضيفت أو حُذِفت، واحتمالا تَبَعًا للمصاحف المنافِسة. على أيّ حال، هناك عدد من الأخبار المرويّة والتي وقع تناقلها بإلحاح حتّى داخل كتب الحديث الصِّحاح تذكر نصوصا حُذِفت وأخرى أُضيفت أو تُركت جانبا عَمْداً. كلّ هذا يدلّنا على أنّ نصوص المصحف الحالي هي حصيلة عمليّة انتقاء وتطوير لم يكن بالإمكان لها أن تتمّ إلاّ خلال فترة تغطّي على الأقل قرنا من الزمن.
وأيضا فإنّ تاريخ القرآن لم يكتمل تماما بالرّغم من كلّ هذا. إذ يجب انتظار النصف الاوّل من القرن العاشر (م) حتّى يقع تحديد القراءات المختلفة المسموح بها داخل استعمال نصّ وحيد، وحتّى يقع حظر كلّ المصاحف الأخرى.
إنّ الأخبار المختلفة عن تاريخ النصوص القرآنية تضعنا في إطارِ مسارٍ زمنيٍّ مستمرّ طيلة قرن الإسلام الأوّل، وفي منظورٍ مكانيٍّ اتّسع ليشمل بُؤَرَ النّشاط المختلفة التي خلقتها الفتوحات خارج الجزيرة العربيّة.
هذا المنظور يفرض أيضا أن نأخذ بعين الإعتبار الدور الذي لعبه المحيط الخارجي في عمليّة تكوين النصوص القرآنيّة. وهذا يخُصّ كذلك زمن نبيّ الإسلام في يثرب/المدينة، وطبيعة العلاقات التي نمّاها المسلمون الأوائل مع محيط "أهل الكتاب"، وأساسا مع اليهود. كما يخصّ هذا أيضا زمن الفتوحات خارج الجزيرة العربيّة. وهذا ما سنتناوله في الفصل التالي.
 


[134] أنظر الطبري، تاريخ الرسل والملوك، ج 4، ص 347؛ ابن عساكر، تاريخ دمشق، ج 39، ص 313.
[135] كان مروان أميرا على المدينة تحت حكم معاوية مؤسس الدولة الأمويّة. سيخلف مروان معاوية لاحقا ليكون أوّل خليفة من "المراونة" أو "المروانيون" أو "بنو مروان". (وقد جاء في عدّة روايات ذكرَ بعضها الطبري أنّ مروان كان من بين القلائل الذين شيّعوا عثمان ودفنوه وهو الذي صلّى عليه. [المترجم])
[136] "قال ابن شهاب (الزهري) فحدّثني سالم بن عبد الله قال فلمّا تُوفّيت حفصة أرسل (مروان) إلى عبد الله بعزيمة لَيُرسلنّ بها، فساعة رجعوا من جنازة حفصة، أرسل بها عبد الله بن عمر إلى مروان ففشاها وحرقها ...". ابن أبي داود السجستاني ،كتاب المصاحف، ص 21. [المترجم]
[137] كتاب المصاحف، ص 25. [المترجم]
[138] أنظر بداية هذا الفصل، ص 58-60 (في النسخة الفرنسية من الكتاب).
[139] Prémare, Fondations, p. 450-451 (‘Uthmân) ; p. 455, n° 45e (Marwân) ; p. 294-296 et 460-462 n° 49 (Hajjâj).
[140] "قال حذيفة : يقول أهل الكوفة قراءة عبد الله، ويقول أهل البصرة قراءة أبي موسى، والله لئن قدمت على أمير المؤمنين لأمرته أن يُغرقها. فقال عبد الله : أما والله لئن فعلتَ ليُغرقنّك الله في غير ماء (قال شاذان : في سقرها)". المصاحف، ص 13. [المترجم]
[141] أنظر كتاب المصاحف، خاصة ص 10-26. [المترجم]
[142] والمراد بالمسبحات السور التي ذكر في أولها "سبّح ويسبّح" : سور 57 (الحديد)، 59 (الحشر)، 61 (الصف)، (62) الجمعة، (64) التغابن.
[143] "حدثني سويد بن سعيد حدثنا علي بن مسهر عن داود عن أبي حرب بن أبي الأسود عن أبيه قال: بعث أبو موسى الأشعري إلى قراء أهل البصرة، فدخل عليه ثلاثمائمة رجل قد قرؤوا بالقرآن فقال: أنتم خيار أهل البصرة وقراؤهم فاتلوه ولا يطولن عليكم الأمد فتقسو قلوبكم كما قست قلوب من كان قبلكم، وإنا كنا نقرأ سورة كنا نشبهها في الطول والشدة ببراءة فأنسيتها غير أني قد حفظت منها: لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى وادياً ثالثاً ولا يملأ جوف بن آدم إلا التراب، وكنا نقرأ سورة كنا نشبهها بإحدى المسبحات فأنسيتها غير أني حفظت منها: "يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون فتكتب شهادة في أعناقكم فتسألون عنها يوم القيامة". صحيح مسلم، حديث رقم 1050. [المترجم]
[144] Jeffery, Materials, p. 209-211 ; GdQ, I, p. 245.
[145] ابن أبي داود، كتاب المصاحف، ص 25.
[146] ابن النديم، الفهرست، ص 42-43؛ السيوطي، الإتقان، ج 1، 181-2؛ ج 1، 185؛ Nöldeke, GdQ, II, p. 30 sq ; Jeffery, Materials, p. 114 sq.
[147] ابن النديم، الفهرست، ص 41-42؛ السيوطي، الإتقان، ج 1، 182-3؛ Nöldeke, GdQ, II, p. 39 sq ; Jeffery, Materials, p. 20 sq.
[148] Jeffery, Materials, p. 32, عمران (عمرم في الكتاب المقدس) هو أب موسى وهارون ومريم.
[149] حسب المفسّرين "أحمد" تُشير إلى "محمّد"، كلمتان لهما نفس الجذر. فهم يرون في محمّد تحقُّق بشارة عيسى بمجيء "الفرقليط"  “Paraclet”(أي "الروح الحق")؛ أنظر Evangile de Jean, 1, 16-17.
[150] المرجع السابق، ص 170. في آية أخرى (40) من سورة الأحزاب (33) يُشار إلى محمّد بإسمه مباشرة ويوصف بـ "خاتم الأنبياء"، وهذه استعادة، لحساب نبيّ الإسلام، للفكرة المانويّة حول "خاتم النبوّة" التي يُمثّلها النبيّ ماني (216 - ± 275 م).
[151] هناك اختلاف في اسم ابن شُنبذ. أنظر : R. Paret, « Ibn Shanabûdh (Shanbûdh, Shannabûdh) », E.I. III, 960b ; Yâqut, Udaba’, V, p. 114-8 (Ibn Shanbûdh) ; V, p.30312 (Ibn Miqsam) ; Ibn al-Nadim, Fihrist, p. 9-50; Ibn Khallikân, Wafayât, IV, p. 299-301; Nöldeke, GDQ III, p. 102-15; Blachère, Introduction, p. 127-131. (جاء في الوافي في الوفايات : "ابن شنبوذ المقرىء محمد بن أحمد بن أيوب بن الصلت ابن شنبوذ أبو الحسن المقرىء المشهور، قرأ على أبي حسان محمد بن أحمد العنز،ي تخير لنفسه قراءات شاذة يقرأ بها في المحراب مما يُروى عن ابن مسعود وأبيّ بن كعب فحسن أمره فقبض عليه الوزير أبو علي بن مقلة وأحضر له القضاة والقراء وجماعة من العلماء فأغلظ في خطاب الوزير والقاضي وأبي بكر ابن مجاهد المقرىء ونسبهم إلى قلة المعرفة وأنهم ما سافروا في طلب العلم فأمر الوزير بضربه فأقيم وضرب سبع درر فدعا وهو يضرب على الوزير بقطع يده فكان كما دعا ثم أوقفوه على الحروف التي كان يقرأ بها فأنكر ما كان شنيعا وقال فيما سواه أنه قرأه على قوم. فاستتابوه فتاب وأنه لا يقرأ إلا بمصحف عثمان. وكتب عليه بذلك محضر (...) وكتب الشهود في المحضر وكتب ابن شنبوذ خطه بالتوبة من ذلك وأنه متى خالف ذلك أو بان منه غيره فدمه حلال لأمير المؤمنين، ثم أن أبا أيوب السمسار كلّم الوزير فيه في اخراجه إلى المداين خفية وإلا متى توجه إلى بيته قتلته العوام ففعل ذلك، وتوفي فيما قيل بدار السلطان في محبسه سنة ثمان وعشرين وثلاث مائة ببغداذ، وشنبوذ بفتح الشين المعجمة والنون وضم الباء الموحدة وبعد الواو ذال معجمة"). [المترجم]
[152] L. Leccia Vaglieri, « al-Harra », E.I., III, 233a-234b ; H.A.R. Gibb, « ‘Abd Allaâh b. al-Zubayr”, E.I., 56b-57b; Ibn Sa’d, Tabaqât, V, 76 (Muhammad b. Ubayy); V, 262-265 (les fils de Zayd); V, 179 (‘Urwa b. al-Zubayr); Prémare, Fondations, p. 387-388 (n° 58).
[153] أنظر ابن سعد، الطبقات، V، ص 231-233.
[154] "الأمر الأوّل" : كان أهل المدينة هم أوّل من ساند النبيّ أثناء هجرته إليها. (ولكنّ هذه العبارة قد تكون تلميحا لتدوين المصحف الأوّل. كما يقول دي بريمار في مقال آخر. أنظر A.-L. de Prémare, « Abdel al-Malik b. Marwân et le processus de constitution du Coran », in Karl H. Ohlig ; Hrsg. Gerd R. Puin, Die dunklen Anfänge : Neue Forschungen zur Entstehung und frühen Geschichte des Islam, Berlin, Verlag Hans Schiler, 2005 [المترجم]
[155] المقصود هنا هو عثمان.
[156] بخصوص عبد الملك، أنظر Prémare, Fondtions, p. 297 et p. 462-463 (n° 49 et 50).
[157] كان زيد بن ثابت، حسب ابن سعد، "أفرض النّاس". (أي أعلم الناس بالفرائض. [المترجم])
[158] قال عبد الملك : "أخاف الموت في شهر رمضان، فيه وُلدت، وفيه فُطمت، وفيه جَمعت القرآن، وفيه بايع لي الناس. فمات للنصف من شوّال حين أمِن الموتَ لنفسه"، البلاذري، أنساب الأشراف، ج 4، ص 586. [المترجم]
[159] هناك ديران يحملان إسم "بيت حاله" : واحد قرب الموصل والآخر قرب الحيرة. أنظر دي بريمار، المقال السابق، هامش ص 185-186. [المترجم]
[160] Sâkô, « Bibliographie », p. 279 (n° 17.4) ; Hoyland, Seeing, p. 465-472.
[161] يقول دي بريمار في المقال المشار إليه آنفا أنّ المجادلة كانت مع مَسلَمة بن عبد الملك (تـ 120 هـ/738 م)، وكان واليا على الجزيرة (71 هـ/70 م)، المرجع السابق، ص 18. [المترجم]
[162] ترجمة عن مقطع ترجمهُ إلى الإنجليزية هويلاند Hoyland مُعتمدا على النّص السرياني. Seeing, p. 471الكلمة السريانية sûr-at التي جاءت منها اللفظة القرآنية "سورة"، تعني ببساطة النّص "المكتوب"، أو الجزء من كتابة، كما نجدها مُستعملة في القرآن وليست "السورة" بمعناها الذي فرض نفسه فيما بعد في اللغة العربية لكي يُشير لكلٍّ من "فصول" المصحف الذي اختُتم نهائيّا. أنظر Payne-Smith, Syriac Dictionnary, p. 370b ; A. Jeffery, Foreign, p. 180-182 ; Welch, « sûra », E.I. IX, 920a-925a. (يقول دي بريمار في القال المذكور حول عبد الملك : "هذه المجادلة، التي لم تُنشر بعد، وصلتنا في نسختين مخطوطتين متأخّرتين. مخطوطة ديار بكير التي تعود إلى بداية القرن الثامن عشر (م) تحتوي على 95 ورقة" [المترجم]).
[163] أنظر Conticello, « Jean damascène », p. 210-227.
[164] أنظر Jean Damascène, Ecrits sur l’Islam, p. 20-227.
[165] يتعلّق الأمر بالقصص التي تخصّ النبيّ العربي صالح، نبيّ ثامود. حسب الاسطورة، تلقّى النبي صالح ناقة كآية من آيات الله. ولكنّ أعداءه، الثائرين ضدّ دعوته، ذبحوا الناقة، الشيء الذي أثار غضب الله فسلّط عليهم عذابه. (الشعراء، 141-158 ومواضع متفرّقة اخرى).
[166] الطبري، جامع البيان، ج.8، ص 224-225 و 229 (تفسير سورة الأعراف، ، 7، 73). Jean Damascène, Ecrits sur l’Islam, p. 223-5.. (حقيقةً قصّة الناقة قصّة فولكلوريّة بكلّ ما في الكلمة من معنى، إذ لا يمكن أن يُصدّقها حتّى الغرّ من أطفالنا اليوم. لقد كانت هذه الناقة، حسب رواية الطبري، ضَخْمة حتّى أنّها كانت يوم شُربها : "تمرُّ بين جَبَلين فَيَزْحَمانها، ففيهما أثَرُها حتّى السّاعة، ثمّ تأتي فتقفُ لهم حتّى يَحْلُبوا اللّبن فيَرْويَهم، إنّما تَصُبُّ صَبًّا (أو : فكانت تصبُّ اللّبن صبّا)". فكيف يمكن أن نصدّق أن ناقة بهذه المواصفات الخارقة استطاع صبيّ صغير، دائما حسب رواية الطبري، أن ينحرها وحده بكلّ هذه السهولة. [المترجم]
[167] أنظر في أعلى هذا الفصل، العنوان الفرعي "مصاحف الصحابة"، ملحوظة ابن قطيبة.



#ناصر_بن_رجب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في أصول القرآن : مسائل الأمس ومقاربات اليوم (5)
- في أصول القرآن : مسائل الأمس ومقاربات اليوم (4)
- في أصول القرآن (3) مسائل الأمس ومقاربات اليوم
- في أصول القرآن : مسائل الأمس ومقاربات اليوم (2)
- في أصول القرآن، مسائل الأمس ومقاربات اليوم
- قراءات أفقية في السيرة النبوية


المزيد.....




- اتفرج الآن على حزورة مع الأمورة…استقبل تردد قناة طيور الجنة ...
- خلال اتصال مع نائبة بايدن.. الرئيس الإسرائيلي يشدد على معارض ...
- تونس.. وزير الشؤون الدينية يقرر إطلاق اسم -غزة- على جامع بكل ...
- “toyor al janah” استقبل الآن التردد الجديد لقناة طيور الجنة ...
- فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات ...
- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ناصر بن رجب - في أصول القرآن :مسائل الأمس ومقاربات اليوم (6)