ما كشفت عنه أزمة تيران وصنافير

اسلام احمد

الحوار المتمدن-العدد: 5139 - 2016 / 4 / 21 - 07:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

طلب صديق معرفة رأيي في قرار ترسيم الحدود بين مصر والمملكة العربية السعودية الذي تم بموجبه اعطاء جزيرتي تيران وصنافير للمملكة , والحقيقة أنني لست خبيرا في القانون الدولي ولا في الجغرفيا أو التاريخ حتى أستطيع أن أحكم في مسألة كهذه لذا فقد حرصت باهتمام على متابعة كل ما كتب وقيل حول الموضوع , وبوسع أي باحث أن يصنف الاراء التي قيلت في هذا الشأن الى ثلاثة :

الأول يرى أن الجزيرتين ملك للملكة العربية السعودية بينما كانتا واقعتين تحت السيادة المصرية بموجب اتفاق بين المملكة ومصر

الثاني يرى أن الجزيرتين جزء من الأرض المصرية , ولدى كل من الفريقين من الوثائق والأدلة ما يؤكد صحة كلامه

الفريق الثالث فرق بين حقوق الملكية والسيادة فهو يعترف بملكية المملكة للجزيرتين ولكن بواقع السيادة فهما مصريتان وقد نالا اعتراف المجتمع الدولي بخضوعهما لمصر

وبغض النظر عن حقيقة الجزيرتين فالمؤكد :

1_أن الحكومة المصرية ارتكتب خطأ دستوري كبير باتخاذ قرار على هذه الدرجة من الأهمية والخطورة بدون عرضه على الاستفتاء أو البرلمان فالمادة 151 من دستورنا الحالى تلزم عرض المعاهدات المتعلقة بحقوق السيادة على الاستفتاء الشعبى للموافقة عليها قبل عرضها على مجلس النواب للتصديق وبالتالي فان عرض المعاهدة على مجلس النواب للتصديق قبل الاستفتاء مخالف للدستور وإجراء منعدم حسبما يرى كثير من فقهاء القانون والدستور وعلى رأسهم الدكتور نور فرحات

2_خطأ الحكومة المصرية لم يقتصر فقط على الناحية الدستورية وانما افتقد أيضا الى الحنكة السياسية فقد كان القرار مفاجئا وصادما كما غابت عنه الشفافية تماما رغم خطورته وبالتالي لم نعرف لماذا اتخذت الحكومة المصرية قرار ترسيم الحدود مع المملكة؟ , ولماذا الان؟ , وهل لذلك علاقة بالمساعدات السعودية لمصر؟ , وما المنافع الاقتصادية والسياسية التي ستجنيها مصر من وراء القرار؟ , ولماذا تم اتخاذه بشكل منفرد بعيدا عن استشارة ذوى الاختصاص؟

والواقع أن القرار كشف الى حد كبير عن كثير من المفاجأت المدهشة إذ لأول مرة في تاريخ العالم نجد حكومة تتخلى طواعية عن جزء من أرضها متنازع عليه الى دولة أخرى بل وتأتي هي بالأدلة والوثائق التي تثبت أحقية الدولة الأخرى فيه! ومن ثم كشفت الأزمة عن انعدام الوطنية لدى كثير من مدعيها , وهو أمر أرى أنه يحتاج الى تفسير من جانب علماء النفس والاجتماع السياسي

كما كشفت الأزمة عن مفاجأة أخرى لم تكن في الحسبان إذ فوجئنا ببعض الاعلاميين والقوى السياسية المحسوبة على النظام تهاجم الأخير بجرأة غريبة متخطية سقف الحرية المسموح به , وهو ما يعكس في تقديري صراع داخل أجنحة الدولة أو في الحد الأدنى خلاف حول الموضوع , وهو تطور خطير وقد تكون له تداعيات خطيرة في المستقبل

غير أن أهم وأخطر ما أسفرت عنه الأزمة هي حالة الغضب التي بدت عقب القرار لدى كثير من المواطنين وليس فقط القوى السياسية وظهرت بشكل واضح في جمعة الأرض هي العرض بعد أن كسر الناس حاجز الخوف المتمثل في قانون التظاهر وهو ما اعتبره كثير من المراقبين جرس انذار للنظام

والحقيقة أن حالة الغضب الناجمة عن الأزمة هي جزء من حالة احتقان عامة في المجتمع نتيجة فشل النظام في تقديم رؤية لحل مشكلات البلد الحقيقية مثل زيادة معدل البطالة وارتفاع الأسعار بجانب تراجع معدلات السياحة والاستثمار فضلا عن انسداد الأفق السياسي وانتهاك الحريات وحقوق الانسان , الخ , لذا يتوقع الكثيرون أن يشارك الناس بأعداد كبيرة في التظاهرات التي دعا اليها عدد من القوى السياسية يوم 25 أبريل القادم بالتزامن مع عيد تحرير سيناء للاحتجاج على القرار

ولأنني اعتقد أن تلك الدعوة قد تكون مقدمة لما هو أخطر أدعو النظام لمحاولة تدراك الأمر قبل فوات الأوان وذلك باجراء استفتاء شعبي على مسألة اعطاء الجزيرتين الى المملكة العربية السعودية طبقا للدستور فضلا عن اللجوء الى محكمة العدل الدولية لحسم مسألة حقيقة الجزيرتين , كما أدعو النظام الى اتخاذ خطوات اصلاحية حقيقية للحد من حالة الاحتقان الموجودة في المجتمع تبدأ بالافراج عن كل المعتقلين السياسيين وأصحاب الرأي بمناسبة عيد تحرير سيناء

#اسلام_احمد (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل