أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان صباح - في ذكر رحيل ابو محمود الصباح ، تاريخ محتشد بالمواقف الأخلاقية والإنسانية .















المزيد.....

في ذكر رحيل ابو محمود الصباح ، تاريخ محتشد بالمواقف الأخلاقية والإنسانية .


مروان صباح

الحوار المتمدن-العدد: 5136 - 2016 / 4 / 18 - 03:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في ذكر رحيل ابو محمود الصباح ، تاريخ محتشد بالمواقف الأخلاقية والإنسانية .

مروان صباح / منذ أن سقط طريح فراش المرض ، الفاجع ، أدركتُ أن رحيله بات على الأبواب ، وكان لا بد لي أن ألملم ما يمكن لملمته من ذاكرة احتشدت فيها محطات تاريخية فارقة . سجل بعضها التاريخ وآخرى بقت أمانة في ذاكرتي ، عملتُ منذ الرحيل على تدوين تفاصيلها بعناية فائقة ودقة ، وقدرت منذ بداية التدوين ، أن ، في نهاية المطاف ، لا بد للتدوين أن يتحول إلى كتاب ،الذي بالفعل كما توقعت قد حصل ، إذاً ، وباعتقادي سيشهد النور عما قريب ، وأشعر بأن حضوره ، سيكون إضافة نوعية بين ما كُتب ، وليس استدانة مما أُنجز حتى اليوم ، هو ، عبارة عن تدوين لمراحل شاهدتُ وعايشتُ كثير منها ، وحكايات آخرى ، سمعتها من شخصيات اعتبارية ، لها باع طويل في المسيرة ، وأيضاً وهذا الأهم ، لها مصداقية عندي أولاً ، وأيضاً ، في الوسط السياسي والأكاديمي وبين كوادر مناضلة ، ثانياً ، فهؤلاء باختصار ، حافظوا على عفة اللسان والقلم والسلاح واليد والفرج وقاوموا عصر التحولات الذي تحول به المناضل والسياسي والأكاديمي إلى مهرج صغير ، وللحقيقة كانت في البداية مجرد ثرثارات لا تتطلع إلى التوثيق ، إلا أنها لاحقاً ، تحولت إلى جلسات مكرورة ، وبالتالي ، الي مادة قيمة وثمينة ، إقتضى مني فيما بعد ، إعادة تسجيلها بطريقة مهنية ، بالطبع ، الهدف منها ، ليس أكثر من بناء جسور بين الماضي والحاضر ، لأن من الطبيعي ، وأيضاً من حق المرء ، أن يتعرف على الطريقة التى تعامل أسلافه مع المواقف التاريخية ، فهو أظن ، أعني الكتاب ، عمل قائم على البحث المكثف الذي يسعى للوصول إلى الحقيقة أو تخومها ، وهذا يفسر على الأقل ، الأسباب الموضوعية التى أدت إلى فشل التجربة الفلسطينية المعاصرة في تحقيق التحرير والاستقلال والحرية بعد نضال قارب الثمانين عام ويزيد ، بدايةً ، من الكفاح المسلح الذي قدم آلاف الشهداء إلى الطاقات المهنية والفكرية والإبداعية ، قادت الدبلوماسية الفلسطينية وأخيراً ، المفاوضات .

في أحد مؤتمرات منظمة العمل العربية ، المكان ، العاصمة العراقية بغداد ، كانت بغداد ، على مدار سنوات تستضيف مقر المنظمة ، وهنا لن أطيل أكثر ، لأنني أرجو ، أيضاً ، أن أفلح باستئذان كتابي ، والاستعارة من فصوله أحد المقاطع ، على نحو يجعل الماضي حاضر ، رغم ، أنه في ظل هذا الانحطاط يبقى شاق في الحضور ، يفاجأ الرئيس صدام حسين المؤتمر ، بخطبة عصماء ، بشر فيها الرجل ، أنني سأكون منقذ العرب لو سخرت الأنظمة الدعم الكافي لمشروع النهضة ، وبالتالي ، كان هذا هو العنصر الأهم في خطبته ، حيث ، التفت إلى ممثلين دول الخليج وأشار بيده قائلاً ، لا يمكن أن نتمكن من بناء اقتصاد عربي متكامل ، نهضوي ، يعالج أغلب قضايا الإنسان العربي ، بالطبع ، دون أن تُسخرّ دول الخليج جزء من عوائد النفط ، وفي الحقيقة ، منذ أن وطأت قدم الرجل القاعة ، تحول الصمت سيد الموقف ، حتى بالكاد يُسمع نفس الوفود ، فصدام في حينها كان الرجل الأقوى في المنطقة ، دون منازع ، وما أن أنهى خطبته ، حتى وقفت الوفود ، جميعاً ، دون استثناء ، يصفقون بشدة ، كالعادة ، لكن هذه المرة ، ليس أي تصفيق ، تصفيق يحمل كثير من التناقضات ، وبين هذه الجموع كان ابو محمود الصباح يترأس وفد فلسطين وهو أيضاً ، رئيس لمنظمة العمل العربية ، يقف ، لكن ، دون أن يشارك الآخرين ، التصفيق ، وفي مشهد استثنائي ، سجله التاريخ ، وبأعلى صوته ، يسأل صاحب الخطاب ، أين فلسطين من خطابك يا سيادة الرئيس ، كون صدام لم يأتي على ذكرها إطلاقاً ، نعم في لحظتها ، انقلبت القاعة ، وعاد الصمت يسيطر على القاعة ، لكن هذه المرة ، انقطع نفس الحضور ، تماماً ، فمنهم من شاهت وجوههم ، وآخرون تمكن الذهول منهم ، بشكل وقتي ، فالجميع يترقب ، ما هو رد فعل مهيب بغداد ، وما يمكن أن يصدر عن رجل كانت ترافقه عشرون طائرة والطـيرُ يحـشر حـولها أسرابُ ، وفي أثناء هذا الضباب الذي صنعه السؤال ، يترك صدام حسين المنصة ويتجاهل جميع الأيدي التى تفوقت على أصحابها بالتصفيق ، متوجهاً مباشرة نحو صاحب السؤال ، ليأخذ بيد ابو محمود ويصطحبه عائداً إلى المنصة ، ويقول ، باوع يا ابو محمود وليسمع الحضور ، جميع ما جاء في خطابي من مقترحات يصب في تحرير فلسطين ، طالما العرب والمسلمين منقسمين وغير موحدين في اقتصادهم وقوتهم العسكرية وطالما هناك إنسان عربي مازال يخلد إلى نومه جائعاً ويستيقظ في الفجر ،على غير نور العلم ، أعلم أن تحرير فلسطين مازال بعيداً .

في سنواته ما قبل الرحيل ، كان قلقاً ، ضجراً ، اعتزل تقريباً كل ما كان يمارسه أو قد اعتاد ممارسته زمنا طويلاً ، حتى أنه كان يجيب عن مسائل مختلفة ، بعد أن يهز برأسه مع حبس النفس ، قليلاً ، ومن ثم يقول ، مغادرة الحياة ، في هذا التوقيت ، ستكون أكبر نعمة ، ويُكمل ، كيف لمن عاش بين جيل استطاع الإطاحة بالواقعية الجامدة واستطاع رسم رؤية جديدة من خلال التصدي للمشروع الاستعماري الجديد ، أولاً ، ومن ثم حاول جاهداً وضع أسس استنهاضية ، قادرة على تصحيح مسار أمة عانت مِنْ الاستهداف ، يكاد لا ينقطع ، ثانياً ، أن يجد نفسه محاط بنفر ، انتجتهم الحركة الصهيونية الأمريكية ، فباتوا يصولوا ويجولوا في الأرض من غير رقيب ولا حسيب أو رادع ، وكان يعي جيداً ، أن المرء ، في وسط هذا الانحطاط ، فقد أيضاً ، أضعف الإيمان ، فبات غير قادر على المسألة ولا التساؤل ولا التظاهر بالموضوعية أو حتى التشبث بما هو أقل من الخضوع ، لهذا ، كان الاستمرار في الحياة بمثابة عقاب لرجل يشاهد ، رموز وعواصم ودول تتساقط تباعاً دون أن يحرك الشعب العربي ساكناً .

في النهاية ، الحياة هي هكذا ، محطات ومواقف ومسيرة ، فهناك من مات مشنوقاً وآخرين ماتوا اغتيالاً ، وكثير ماتوا مغدورين ، بصمت ، والأغلبية تموت دون أن يسجلها التاريخ ، فهل الأيام كفيلة أن تكشف لنا حجم الغدر الذي مارسه أبناء الأمة الواحدة بحق بعضهم البعض ، أو ستنتظر إلى يوم القيامة ، يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون .

لقد أثقلت يا أبتِ عليّ برحيلك ، عندما تركت لي سيرة ممتلئة بالمواقف والأخلاق والالتزام وطهارة ، في وسط هذا الانحطاط الأخلاقي والانهيار النفسي الذي يصيب كوكب الأرض ، كيف يمكن لرجل الاستمرار في وسط هذا التحالف ، هو من نوع جديد ، بل ، لم يسبق التاريخ أن سجل مثيله ، مومسات وقوادين ولصوص وجواسيس ومهرجين ومخبرين ، العصر ، تواروا خلف مسميات أنتجتها الحداثة الرأسمالية ، فتحالفوا ، وحولوا القارتين إلى زنزانة ، لكني يا أبي ، مازلت على العهد ، كما أنا ، أدعو الله لكم في اليوم سبعة عشرة مرة ، هل يعني هذا أنني ابن صالح ، الله أعلم ، لكنني احتسب ، ما جاء في الحديث الشريف ، ولداً صالحاً يدعو لك ، أما الأهم عندي ، هو ، هل يا والدي أيضاً ، مازلت تدعو لي من قبرك ، أظنك تفعل ، طالما ، مازلت لم أسقط في أحد مربعات العصر . رحمك الله ..
والسلام
كاتب عربي



#مروان_صباح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رحمك الله يا من مثل أحمد العربي في القطر التونسي ، شاعر الثو ...
- من خصوصيات المرحلة القادمة ، أنها لا تقبل التعمية ولا الجهل ...
- أمة عاجزة عن الدفع عن تاريخها ، من محاربة الإرهاب إلى محاربة ...
- القاسم المشترك بين الأوروبيين والعرب ، هو ، التفكيك والانحلا ...
- دونالد ترمب ، مرحلة الاستبداد الاقتصادي وانهيار قواعد القانو ...
- الفارق بين إنجازات الديكتاتور وانجازات القطروز
- ضرورة التدخل في العراق وسوريا ، لكن ، ليس قبل إغلاق ملفات اخ ...
- المطلوب لا تقعيراً ولا تحديباً
- مقايضة إقليمية أخرى على حساب العرب
- إذا تمكنتم أيها الظلمة أن لا تحضروا فلا تحضروا
- تعصب للأقلية ،، بالضرورة سيؤدى إلى إخلاء عن ميشال سماحة
- خوسيه موخيكا وزملائه
- الجغرافيا التركية ليست أكثر تحصيناً من الجغرافيا العربية
- آفة المخدرات وآفة السحر
- نجاح الثورات العربية وإخفاق الحسم
- من السهل التنطع للمسؤولية لكن من المستحيل تفادي النتائج
- من يظن أن الخطاب الغربي يخضع للأفكار فهو واهم .
- من أمنك لا تخونه ولو كنت خوان
- تدخُل تركي في سوريا قريباً،، على غرار التدخل الروسي
- خطاب الملك عبدالله ، تحدي في ذروة احتدام الصراع في المنطقة . ...


المزيد.....




- بعد تقرير عن رد حزب الله.. مصادر لـRT: فرنسا تسلم لبنان مقتر ...
- شاهد: حريق هائل يلتهم مبنى على الطراز القوطي إثر ضربة روسية ...
- واشنطن والرياض تؤكدان قرب التوصل لاتفاق يمهد للتطبيع مع إسرا ...
- هل تنجح مساعي واشنطن للتطبيع بين السعودية وإسرائيل؟
- لماذا يتقارب حلفاء واشنطن الخليجيين مع موسكو؟
- ألمانيا ترسل 10 مركبات قتالية وقذائف لدبابات -ليوبارد 2- إلى ...
- ليبيا.. حكومة الدبيبة تطالب السلطات اللبنانية بإطلاق سراح ها ...
- -المجلس-: محكمة التمييز تقضي بإدانة شيخة -سرقت مستنداً موقع ...
- الناشطة الفلسطينية ريما حسن: أوروبا متواطئة مع إسرائيل ومسؤو ...
- مشاهد حصرية للجزيرة من تفجير القسام نفقا في قوة إسرائيلية


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان صباح - في ذكر رحيل ابو محمود الصباح ، تاريخ محتشد بالمواقف الأخلاقية والإنسانية .