أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الاعرج بوجمعة - فصل المقال فيما بين الفلسفة ورداءة الخطاب السياسي من اتصال















المزيد.....

فصل المقال فيما بين الفلسفة ورداءة الخطاب السياسي من اتصال


الاعرج بوجمعة

الحوار المتمدن-العدد: 5135 - 2016 / 4 / 17 - 17:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ظل الخطاب الفلسفي يواجه هذا الانفصال الموجود بين المصلحة والخير في ذاته، وبين رفع قلق العبارة وسياسة الحُكام، فاستعملت الفلسفة لأغراض معرفية وهنا لابد من الاشارة الى ما وقع مع فيلسوف قرطبة ابن رشد والخليفة أبو يعقوب يوسف، هذا الأخير الذي كان يُمارس السياسة لكنه وعى بأهمية الفلسفة فطلب من ابن طفيل الذي كان في تلك المرحلة طبيب الخليفة ومستشاره بلغة اليوم، فطلب منه الخليفة أن يدلّه على شخص ممارس للحكمة ويستطيع رفع القلق عن عبارة أرسطو (أي نقل الفلسفة اليونانية إلى العربية)، فقدم ابن طفيل فيلسوف قرطبة إلى الخليفة فكانت حفاوة الاستقبال كما يقول ابن رشد أكثر من المتوقع، على اعتبار أن ابن رشد أعجب أيما إعجاب بما لدى الخليفة من معرفة بمقالات الفلاسفة ومفكري الإسلام.
بعد هذه التوطئة التي أشرنا فيها إلى أهمية الفلسفة خاصة من ناحية التنوير ورفع القلق عن العبارة، لابد من الاشارة إلى الغرض من هذا المقال الذي نحاول أن نبين فيه علاقة الفلسفة بالممارسة السياسية، وقلت الممارسة السياسية ولم أقل السياسية؛ لأن هذه الأخيرة فن ويمكن أن يؤدي نفس المهمة التي تقوم بها الفلسفة في حالة ارتباط الخطاب السياسي بالأخلاق، ونشير هنا إلى أطروحة أرسطو وأفلاطون، لأن الخطاب السياسية في هذه المرحلة سيكون خطابا يأخذ بعين الاعتبار البعد الأخلاقي، والشخص الممارس للسياسة هو شخص فاضل ويتصف بالاعتدال والوسيطة، ولفظ الوسيطة هذا نستشفه من تعريف أرسطو للفضيلة في كتابه "الأخلاق إلى نيقوماخوس"، حيث يعرف "الفضية بأنها وسط بين رذيلتين؛ إحداهما بإفراط والأخرى بتفريط". فمثلا الشجاعة هي وسط بين الجبن والتهور. هذه الرؤية للسياسة ستكون مختلفة عن الرؤية الحديثة للسياسة، بحيث أن الخطاب السياسي الحديث قطع مع الخطاب اليوناني المؤسس على الأخلاق، وهنا نشير إلى القطيعة التي قام بها نيكولا مكيافيلي مؤسسا لخطاب سياسي حديث، وذلك من خلال فصل السياسة عن الأخلاق، بحيث أصبح بإمكان رجل السياسة أن يمارس المكر والخداع مع الرعية، فيقدم له النصيحة بأن يكون ثعلبا وأسدا في نفس الوقت. هذه الممارسة السياسية تعتبر إلى حد ما قريبة من الواقع المعاش اليوم، بحيث أن رجل السياسة اليوم والذي يقدم له مكيافيلي النصيحة يعمل بها بكل جد وتفاني فأصبح ماكرا وخداعا، سواء من حيث البرامج السياسة التي يرفعها وهي عبارة عن عقد بينه وبين الرعية، أو بينه وبين أعضاء الجزب، وهذا القول يضعنا في جوهر المقال الذي نهدف من خلال إلى تفكيك الخطاب السياسي المغربي وتعريته، لأنه خطاب المكر والخداع، وخاصة المستعمل من طرف رجل السياسية الأول (رئيس الحكومة). أما بالنسبة لخطاب المعارضة فهو خطاب حربائي، أحيانا يهجو وأحيانا ينتقد وأحيانا يصاحب .. لكن في الأخير تبقى المصلحة والتحالف هو سيد الموقف والغاية.
فخطاب رجل السياسة الأول (رئيس الحكومة) يبين بأنه خطاب يقوم على المكر والخداع، وخاصة أنه خطاب يشبه البناء الحكائي الذي بنيت به قصة "كليلة ودمنة"، خطاب مستتر في لغة حيوانية، يتحدث عن التماسيح والعفاريت .. لكن مع فارق بسيط هو أن كاتب قصة "كليلة ودمنة" فيلسوف حكيم كان يعلم أن الانتقاد للحاكم قد يعجل بسجنه أو اغتياله، لذا عمل على تقديم خطابه في لغة حيوانية حتى يفهم اللبيب، بينما رئيس الحكومة سي ابن كيران قدم خطابه السياسي لمواجهة قوى أخرى لانعرف هل يقصد مواجهته للقصر أم المخزن أم المعارضة، كل التأويلات ممكنة. هذه رؤية رجل السياسة الأول، لكن ما يهمنا هو علاقته بالفلسفة والشعر وثقافة الرمز بشكل عام، يبدو أن رئيس الحكومة يعلم جيدا ما هو الدور الذي تقوم به الفلسفة من تنوير وتفكيك للخطاب السياسي، لذا حاول في خرجاته الإعلامية الهجوم على الفلسفة والشعر، وخطاب الفلسفة خطاب الشعر، فالفيلسوف في جوهره شاعر، يحارب الاستبداد والظلم باللغة، فاللغة هي سلاح الفيلسوف ـ الشاعر.
إذا، فالخطاب الفلسفي ظل مصدر ازعاج وقلق للحكام، لأنه فكر يحارب الفساد والاستبداد، فرغم محاربته ينبعث من رماده، لمحاربة التسلط وإنارة العقول، من خلال مساعدة القاصرين عن التفكير، وتصحيح اعوجاج الممارسة السياسية، وهنا نشير أيضا إلى علاقة رجل السياسة الخليفة أبو يعقوب يوسف لما استفاد من الفلسفة كيف سيعمل على محاربتها، ونكبة الفيلسوف، نقصد نكبة ابن رشد، التي تعرض لها من خلال عزله ونفيه إلى قرية اليسانة قرب قرطبة، ودعا الجميع إلى عدم قراءة كتب ابن رشد، بل أكثر من ذلك يقول "ومن عثر له على كتاب من كتبهم (ابن رشد والعلماء) فجزاؤه النار التي يعذب بها أربابه" ! فبعد الاعجاب والمحبة التي أبداها الخليفة في اللقاء الأول، صارت اليوم نكبة على ابن رشد. فكل ما يريدونه من الفيلسوف هو خدمة القصر ولو كان رجل السياسة ظالما، وفي حالة العصيان وقول الحقيقة، ينفى ويعزل، ويهيج فيه خدام القصر لقول الكلام المذموم فيه ونشير هنا إلى ما قيل عن ابن رشد لحظة النكبة (شعر أبو الحسن ابن جبير):
لم تَلْزَم الرُّشدَ يا بن رُشْدٍ // لَمَّا عَلاَ في الزمان جَدك
وكُنتَ في الدين ذَا رِياءٍ // ما هكذا كان فيه جَدك
إذاً، من خلال هذه الأمثلة نبين للقارئ أن المصلحة كانت وراء الخطاب الفلسفي قديما وحديثا، واليوم رئيس الحكومة ووزرائه (وزير التعليم العالي)، لم يجدوا في الفلسفة أي سند لما يمررونه من خطاب مسموم وخادع للشعب، فجعلوا من مهمة النقد الهدام سلاحهم لمواجهة أسئلة الفلسفة المزعجة، التي يطرحها محبي الحكمة من المغاربة، كما نشير أيضا إلى أن رئيس الحكومة ووزرائه جعلوا من الفلسفة عدوا للدين (مثلا أقوال الداعية الريسوني)، فجيشوا جيشا من الاتباع لمحاربة الفلسفة، متناسين بأننا أحفاد ابن رشد، وورثاء العقل الرشدي ـ الأرسطي. فخطابهم هذا يعيدنا إلى الوراء، لأن الخطاب الفلسفي بما هو خطاب الحداثة يقطع مع العقليات التي تنهل من الأسطورة والخرافة، فخطاب الفلسفة خطاب العقل، وخطاب العقل خطاب التنوير، لذا بداية التنوير تبدأ لحظة الجرأة على استخدام العقل كما يقول الفيلسوف إمانويل كانط "تجرأ على استخدام عقلك: ذلك شعار الأنوار".



#الاعرج_بوجمعة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علاقة المغاربة بداعش .. مقاربة في علم النفس الديني
- سياستنا مريضة في حاجة إلى -طبيب الحضارة-.
- الفلسفات ما قبل الأفلاطونية: قراءة نيتشه أنموذجاً.
- أسس البيداغوجيا الرشدية: أهمية صناعة المنطق في التربية.
- فلسفة الضحك؛ أو كوميديا المدرس.
- تفكيك الخطيبي لخصوصية الجسم العربي عبر الثقافة الشعبية.
- مفهوم الشهادة كتجاوز للكوجيطو الديكارتي.
- المرأة وسلطة القضيب عبر التاريخ.
- حوار على القمم بين طالب فلسفة وطالب متديّن : حول قضايا علمية ...
- مجتمع ما بعد التحرش.
- الموٌكّار (الموسم) في بلاد سوس وثقافة الاختلاف.
- قراءة في كتاب -السلفية والإصلاح-، لدكتور عبد الجليل بدو.
- التأصيل لمفهوم الفضاء العمومي ودوره في استنبات فكر حر وديمقر ...
- حضور الأسطورة في الكتاب المدرسي ودورها في تبليغ الدرس الفلسف ...
- جنس الإنترنيت ووهم اللذة.
- نهاية التاريخ فكرة قابلة للتكذيب.
- فكرة العدالة عند أفلاطون.
- الاهتمام بالتراث مسألة أصول أم ردة فكرية.
- رجل بدون قضيب n homme sans phallus
- في الجنس ينعدم الوعيي.


المزيد.....




- نقار خشب يقرع جرس منزل أحد الأشخاص بسرعة ودون توقف.. شاهد ال ...
- طلبت الشرطة إيقاف التصوير.. شاهد ما حدث لفيل ضلّ طريقه خلال ...
- اجتياج مرتقب لرفح.. أكسيوس تكشف عن لقاء في القاهرة مع رئيس أ ...
- مسؤول: الجيش الإسرائيلي ينتظر الضوء الأخضر لاجتياح رفح
- -سي إن إن- تكشف تفاصيل مكالمة الـ5 دقائق بين ترامب وبن سلمان ...
- بعد تعاونها مع كلينتون.. ملالا يوسف زاي تؤكد دعمها لفلسطين
- السيسي يوجه رسالة للمصريين حول سيناء وتحركات إسرائيل
- مستشار سابق في -الناتو-: زيلينسكي يدفع أوكرانيا نحو -الدمار ...
- محامو الكونغو لشركة -آبل-: منتجاتكم ملوثة بدماء الشعب الكونغ ...
- -إيكونوميست-: المساعدات الأمريكية الجديدة لن تساعد أوكرانيا ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الاعرج بوجمعة - فصل المقال فيما بين الفلسفة ورداءة الخطاب السياسي من اتصال