أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شاهين - أديب في الجنة (62) * الإمبراطور يتمتع بتذوق طعم القُبل !















المزيد.....

أديب في الجنة (62) * الإمبراطور يتمتع بتذوق طعم القُبل !


محمود شاهين
روائي

(Mahmoud Shahin)


الحوار المتمدن-العدد: 5135 - 2016 / 4 / 17 - 04:01
المحور: الادب والفن
    


أديب في الجنة (62)
* الإمبراطور يتمتع بتذوق طعم القُبل !
ظل عقل الإمبراطور منشغلا بتحولات وتمظهرات المادة والطاقة وعما إذا كانت تحولا وتمظهرا لخالق
أو لألوهة أو لمبدأ كلي يتخلل الوجود . فبينما كانا يتجولان هو والملك لقمان في حديقة القصر الإمبراطوري ، توقفا إلى جانب شجيرات لزهور مختلفة الألوان تفوحت منها راحة أخاذة ، طرح الإمبراطور سؤاله المحير على الملك . تساءل الملك :
- لقد سبق وأن تطرقنا لهذه المسألة .
قال الإمبراطور :
- لكننا لم نشبعها بحثا !
ليس هناك مسألة في الوجود يمكن اشباعها بحثا وتخيلا خاصة إذا ما كانت مسألة غيبية . ولو كانت غير ذلك لما وجدنا آلاف العقائد والفلسفات ولأمكن الإهتداء إلى فلسفة محددة أو عقيدة مقنعة اتبعتها البشرية . والمسألة نفسها ما تزال مطروحة علميا وفلسفيا ودينيا دون أن يتوصا العقل البشري إلى حقيقة مطلقة وأشك في أنه سيتوصل في المدى المنظور .
إذا اعتبرنا أن مفردات الله والألوهة والمبدأ الكلي ومثيلاتها ، لم توجد إلا بعد اختراع اللغات منذ وقت قريب تاريخيا فإننا سنسبتعد إمكانية أن تعرّف الطاقة نفسها بها ،حتى بمفردات المادة والطاقة والتحولات والتمظهرات وكل ما تعبر به البشرية لغويا عن هذه الظواهر، يمكن القول أن للمادة والطاقة لغتهما الخاصة التي كوّد بها ملايين المعلومات في نواة كل خلية ، هذه اللغة (الشيفرة) ما تزال مجهولة حتى اليوم للعقل البشري ، وإن استطاع معرفة عمل القليل جدا جدا من رموزها كالكروموزومات .فجسم الإنسان مثلا وحسب بعض المراجع يحتوي على ستين تريليون خلية أنا سأقذف نصف هذا الرقم بعيدا وأفترض ثلاثين تريليون ،وليس هناك خلية إلا وتحتوي على مليارات الكودات التي لها عمل محدد ووظيفة مختلفة في الغالب. تقول بعض المصادر أن نواة الخلية تحتوي على خمسة آلاف مليون معلومة ولم يكتشف العلم منها حتى اليوم إلا ثمانمئة معلومة فقط يتعلق معظمها بالمورثات !
على ضوء هذه المعلومات قلنا من قبل أن فكرة الألوهة أو الله أو المبدأ الكلي قد لا تكفي هذه القدرة للتعبير عن نفسها بها ، وربما لها لغتها الخاصة ومفردتها الخاصة التي تعبربها عن نفسها . لذلك فضلت استعمال مفردة الخالق . لكن إذا ما تناولنا المسألة من زاوية أخرى نعتبر فيها وجودنا لا ينفصل عن وجود هذه المادة الطاقوية الكونية وأن كل ما نفعله ونخترعه بما في ذلك اللغة التي نتكلمها هو بفعل هذه الطاقة ، فإننا قد نتقبل إطلاق هذه المفردات على الطاقة وقد تتقبلها هي وتعتبرها من جملة أسمائها وصفاتها، بل وتعتبر أي لغة مهما كانت هي لغتها كونها من نتاج قدرتها الخارقة فينا .
توقف الملك لقمان عن الكلام منتظرا رأي الإمبراطور الذي بدا متفكرا ومخيلته تسترجع تصورات الملك .
لم يتكلم . هتف الملك :
- هل أضفت شيئا إلى فهم المسألة ؟
- أجل جلالتكم لكنكم فتحتم آفاقا جديدة للأسئلة .
- أدرك ذلك في مقدور جلالتكم أن يسأل!
- إذا اعتبرنا أن كل لغة يمكن أن تعتبر لغة إلهية فهذا يعني أن كل كتاب كونه مكتوبا بلغة ما قد يكون إلهيا أيضا . والأمر نفسه ينطبق على المخترعات الإنسانية .
- أجل جلالتك . كل شيء يجري بفعل طاقة الخالق لكنه قد لا يأخذ بما يتنافى مع مبادئه في تحقيق قيم الخير والعدل والجمال .
- لكنك بهذا الرأي تنزّه الخالق عن الخلق !
- أبدا. ولو نظرنا إلى أي فعل منكر يقوم به إنسان ما لوجدنا آلاف البشر يستكرون الفعل الذي قام به ذاك الإنسان . ولنفترض انسانا يقتل إنسانا سنجد ملايين يستنكرون فعل القتل والقاتل. ففعل القتل تم بتوظيف طاقة الخالق السارية في الإنسان وفعل الإستنكار تم بالأمر نفسه.
- ولماذا ترك الخالق الإنسان مخيرا بين الفعل الإنساني ونقيضه ، أي بين الخير والشر ؟
- هو لم يتركه . هذا ما توصلت إليه عملية الخلق غير المكتملة حتى اليوم. لقد سبق وأن قلت أن عملية الخلق في تطورها بلغت حد التكامل بين الخالق والمخلوق وخاصة الإنسان ، فالخالق في حاجة إلى ما يخلقه الإنسان والإنسان في حاجة إلى ما يخلقه الخالق . المشكلة في فعل الشر الذي يرتكبه الإنسان والذي لم يستطع الخالق أن يضع له حدا حتى الآن ، وأعتقد أن الأمر لن يتم إلا بتضافر عملية الخلق بين الخالق والمخلوق . المخلوق الذي هو جزء من ذات الخالق ،والخالق الذي هو جزء من ذات المخلوق .وآمل أن يصل الخلق ذات يوم إلى تحقيق قيم الخير والحق والعدل والمحبة والجمال.
- هل نعتبر حسب هذا الفهم أن من يقتل إنسانا يقتل الله ؟
- مجازا نعم . أما واقعيا فلا، فالذات الإلهية طاقة سارية ومادة متجلية في الكون كله في أشكال متعددة بما في ذلك الإنسان والكائنات الحية ، وليس في الإمكان قتلها بقتل إنسان ما أو مجموعة بشرية . لكن في مقدورنا القول أن من يقتل إنسانا قتل جزءا من الذات الإلهية الخالقة . وأن الخالق يحزن ويغضب ويتألم لذلك. يحزن ويغضب ويتألم بحزن وغضب وألم بشريته . وهذا ينطبق على كل فعل شراني يرتكبه الإنسان .
- وماذا عن قتل الإنسان للحيوان لأكله، وافتراس الحيوان للحيوان للغاية ذاتها ؟
- هنا المسألة تختلف لأن هذا القتل أو الإفتراس قانون إلهي مجاز أو قوانين خلق مباحة ضمن حدودها ، وهو ما يسميه البشر قوانين الطبيعة . والأمر نفسه ينطبق على أكل الأعشاب والخضار والفواكه . فنحن نفترس ثمار كائنات حية .
- أخذتني بعيدا جلالتكم . سأعود إلى التمتع بعملية الخلق ما بعد الموت ،حين يعود الإنسان بعد موته متحللا إلى عناصره الأولية ليتحد مع مادة الخلق وطاقته ليصبح خالقا بدوره ، هل أغنيت لي هذه الفكرة ؟
- حسنا .. حين لم يكن الخالق في مادته الأولية (الهيولى البدئية ) يملك عيونا يرى بها وآذانا يسمع بها
وغير ذلك كثير، خلق بعد مليارات السنين من تطورعملية الخلق الكائنات الحية بما فيها الإنسان ، ليرى بأعينها ويسمع بآذانها ، ويتكلم بلغتها ،ويفكر بعقلها ، وهذا لا يعني أنه ليس لدى الخالق كمصدر للطاقة بشمولية تنوعها عقل مثلا، وإلا لما استطاع أن يخلق كونا ومخلوقات ، لكنه كان في حاجة إلى إغناء وجوده ، بخلق كائنات حية لها عيون وآذان وأدمغة وحواس ، تساعده في عملية الخلق ويحقق وجودا أشمل لوجوده . وإذا ما عدت إلى سؤالك كيف يتمتع الإنسان بعد موته باتحاده مع الذات الخالقة، بوجوده أو بعملية الخلق . إنه يتمتع بما تبصره عيون مخلوقاته وإن شئت عيونه ، فيرى ما في أعماق البحار وفي باطن الأرض ،وجمال الطبيعة بكل مظاهرها . والأمر نفسه ينطبق على السمع والحواس كلها المكتشف منها من قبل العلم وغير المكتشف . واتحاد المخلوق بالخالق سيحيله من صفته الإنسانية إلى صفته الألوهية إذا جاز التعبير ، ليحس ويشعر ويرى ويسمع ويفكر ويخلق، بما يخلق به الخالق ويحس به ويشعر به ويراه ويسمعه ويفكر فيه .
وهنا علق الإمبراطور ضاحكا :
- عفوا لا تنس التذوق ، فأنا يهمني أن أتمتع بتذوق طعم القبل وما إلى ذلك ، حين أتحد مع الذات الإلهية !
ضحك الملك وأجاب :
- ستتمتع جلالتك وربما يكون هذا التمتع من أجمل ما يقدمه الخالق للمخلوق !
- سؤال للتوضيح ! هل يحس الإنسان بلحظة اتحاده مع الذات الخالقة ، التي يفقد بعدها ذاته فيها ليغدو ذاتا إلهية ؟!
أدرك الملك لقمان إعجازية السؤال وتمنى لو انه سُئل لبوذي وليس له ، عما إذا كان المؤمن البوذي يحس بلحظة انطفائه في النيرفانا الكونية أو لا يحس . ابتسم وهو يدرك أن الإمبراطور لن يؤمن بمعتقده إلا إذا استطاع أن يعرف كل شيء عنه . هتف :
- أنت تعقدها جلالتكم . سأجيبك اجتهادا وآمل أن يكون صحيحا . شخصيا أرى أن لحظة الإنطفاء في الألوهة تبدأ بعد موت الإنسان مباشرة ،وقد تمر بمراحل تبدأ بالموت وتنتهي باندماج وتفاعل مادة جسد الإنسان بمادة الكون في التراب واندماج طاقة جسده وتفاعلها مع الطاقة الكونية ، وقد يكون ثمة إحساس ما بالعملية ، تبلغ ذروتها بالتحول إلى طاقة ، أي لحظة الإندماج بالطاقة الكونية الألوهية . حين يفقد الإنسان كل إحساس إنساني ليتحول إلى إحساس ألوهي كوني .
لم يبد أن الإمبراطور اقتنع باجتهاد الملك وإن أحس أنه اجتهاد ممكن القبول ، فقد راح يزم شفتيه ليطبق السفلى على العليا ، ومن ثم يهتف كالعادة :
- أشكر جلالتكم ! إنه اجتهاد جميل ! سنتابع فيما بعد !
يتبع .



#محمود_شاهين (هاشتاغ)       Mahmoud_Shahin#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أديب في الجنة (61) * حُب وقُبل ما بعد الموت !!
- أديب في الجنة (60) * سحر الألوهة المؤنثة لربة الجمال يتجلى ر ...
- بين الحالمين بحور العين والحالمين بالإنسان السوبر !
- أديب في الجنة (59) * النهود الجامحات العابثات الدانيات !
- أديب في الجنة 58 * تجليات إعجازية للخالق والخلق !
- أديب في الجنة . الجزء الأول.
- أديب في الجنة (57) * في الخلق والخالق والبعث والنشور !
- أديب في الجنة 56 * في الحقيقة والغاية !
- أديب في الجنة (55) * في العقل ونشأة الكون!
- أديب في الجنة (54) * الرقص في الزمن المتوقف في المكان الكوني ...
- أديب في الجنة 53 * الدخول في الأسئلة الصعبة !
- أديب في الجنة 52 في رحاب الخالق العظيم !!
- أديب في الجنة 51 * ألخالق العظيم !
- أحلام مادية طاقوية ! (1) شاهينيات 1178
- مفهوم الألوهة الملتبس بين وجود إله أو عدمه ! شاهينيات ( 1177 ...
- في الألوهة وشرط وجودها ! شاهينيات (1176)
- لماذا لم يبن الله مدينة واحدة على الأرض ؟ شاهينيات 1175
- في العقل الكوني. شاهينيات 1174
- ( القصيدة الكاملة المعدلة انطلاقا من مذهب وحدة الوجود حسب فه ...
- إلى المرأة الحبيببة والأم والأخت في عيدها


المزيد.....




- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شاهين - أديب في الجنة (62) * الإمبراطور يتمتع بتذوق طعم القُبل !