أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ضياء الشكرجي - ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 66















المزيد.....


ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 66


ضياء الشكرجي

الحوار المتمدن-العدد: 5127 - 2016 / 4 / 8 - 02:07
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



[email protected]
www.nasmaa.org
أواصل نشر ما كنت كتبته أثناء عملي في لجنة كتابة الدستور من مناقشات وحلول واعتراضات، تارة في رسائلي، أو في مقالات نشرت، أو في أوراق قدمتها للمناقشة.

الإسلام كجزء من اسم أو تعريف الدولة:
هناك من يريد أن يضاف إلى اسم الدولة العراقية صفة «الإسلامية» وذلك بأي من الخيارات الآتية:
- الجمهورية العراقية الإسلامية الاتحادية
- جمهورية العراق الإسلامية الاتحادية
- دولة العراق الإسلامية الاتحادية
وهذا المطلب يمثل توجها محدودا جدا في دائرة الإسلاميين، ولا يمثل توجها عاما أو واسعا، وبما أن هناك تحفظا علمانيا شاملا، وتحفظا إسلاميا واسعا، فليس له نصيب من القبول، ونأمل من دعاته أن يتخلوا عن طرحه، لأنه لا ينسجم مع مبدأ التوافق الوطني الذي اعتمد، ويجب أن يكون معتمدا في العملية الدستورية بالذات. وإذا دافع عن هذا المطلب دعاته |هكذا نظّروا فعلا| بقولهم بأن هذا لا يريد إلا التعبير عن هوية البلد والمجتمع، كما نتحدث عن العالم الإسلامي، دون قصد نظام الحكم والمضمون الإيديولوجي للدولة، يردّ بأن المتبادر إلى الذهن من توصيف الدولة (الجمهورية) ب "الإسلامية" هو التعبير عن كون نظام الحكم نظاما إسلاميا محضا، وليس تعدديا إلا بمقدار تعددية الاجتهادات السياسية الإسلامية نفسها. |عندما فوجئت بهذا الطرح في لجنة كتابة الدستور، في وقت لم يعد الشيعسلامويون يتعاملون معي – وبحق – كواحد منهم، ليسرّوني بتخطيطاتهم، ففوجئت به كما فوجئ من هم من خارج ذلك الائتلاف الشيعسلاموي الذي أخجل أني انتميت له، وواضح أن أصحاب هذه الفلتة العبقرية هم المجلس الأعلى وممثلوا المرجعية، سألت بعد الاجتماع أحد أعضاء لجنة كتابة الدستور، وهو سعد قنديل (المجلس الأعلى)، فقال لي بالحرف الواحد: «لا، هذه سنرفعها، لأنها للمساومة فقط، فنتنازل عنها مقابل تنازلات نطالب بها»، فأجبته جوابا يتناسب مع طريقة تفكيري آنذاك، ألا هو «إن الإسلام أعز عليّ من أن أجعله بضاعة للمساومة الرخيصة». وتنازلوا عنها، من أجل أن يتنازل الكرد عن مطلبهم بإضافة «الاتحادية» إلى اسم «جمهورية العراق» أو «الجمهورية العراقية».|
وقد يتنزّل دعاة هذا المطلب إلى إدراج صفة الإسلامية في تعريف الدولة، إلم يُتَبَنَّ في الاسم، ليكون التعريف: «العراق دولة إسلامية مستقلة ذات سيادة، نظام الحكم فيها جمهوري ديمقراطي اتحادي (أو فيدرالي)». فنقول يا إخواني، دعونا نحفظ للإسلام وقاره، ولا نبالغ في طرحه بابتذال - مع الاعتذار عن التعبير - في كل جملة، وكل موقع في الدستور، كي لا يفقد قيمته من خلال منهج اللجاجة، والإسفاف، والمبالغة، والغلو، في طرحه بمناسبة، وغير مناسبة. ثم دعونا نثق بإسلامنا العظيم، وبمشروعنا الحضاري والسياسي الإسلامي |حسب قناعتي آنئذ|، ولا نتعسف في طرحه، فنبعث على مخاوف غير مبررة. فالديمقراطية كفيلة بتحقيق المشاريع الحضارية الصحيحة، والمعبِّرة عن هوية، وتطلعات، وطموحات أي شعب، وأية أمة. والديمقراطية ليست إلا ترجمة أخرى لمبدأ الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة |حسب أطروحتي للديمقراطية برؤية إسلامية من 1993 حتى نهاية أو ما قبل نهايات 2006|، وإلّا ترجمة أخرى لمقولة أن «لا إِكراهَ فِي الدّين». فإننا يمكن أن نحفظ للإسلام مكانته التي يستحقها في الدستور، من خلال الكثير من المواد والفقرات، التي هي موضع اتفاق وتوافق، ولعله موضع إجماع، تبنيا أو قبولا. ولذا ليس من الحكمة، ولا من الفائدة، لا لرسالة ومشروع الإسلام، ولا لبناء الديمقراطية، ولا للتوافق الوطني، أن نعتمد المبالغة والتصعيد في سقف المطالب الإسلامية في الدستور. ولعل من نافلة القول، أن الإسلام ينبغي أن يكون أعزّ على نفوسنا من طرحه كورقة مساومة، أو ورقة مزايدة، أو ورقة ربح سياسي لشخص، أو حزب، أو تيار. والمبالغة في الضمانات الإسلامية دستوريا، تنمّ في تقديري عن عدم تجذر الثقة بالإسلام ومستقبله عند البعض، وإن كان يجسد عند بعض آخر درجة الحرص على الإسلام، والإخلاص له، وهم إن شاء الله مأجورون، ولكن لعله غير مصيبين.
الإسلام كتوصيف للعراق كبلد:
وهنا تطرح صيغة عند التحدث عن العراق ك(بلد). في هذه المادة تندرج العناصر الثلاثة التالية، كلها أو بعضها:
1. الهوية الغالبة للشعب العراقي.
2. تركيبة الشعب العراقي قوميا ودينيا ومذهبيا.
3. علاقة العراق بمحيطيه الإسلامي والعربي.
فجوابا على السؤال الأول نقول: إن العراق مسلم بغالبيته، كما وهناك مطلب بتثبيت أنه عربي بأكثريته. وجوابا على السؤال الثاني نقول: إنه متعدد القوميات والأديان والمذاهب. وجوابا على السؤال الثالث نقول: إنه جزء من العالمَين الإسلامي والعربي، أو العربي والإسلامي، تقديما أو تأخيرا. فتكون المادة كالآتي:
العراق بلد مسلم (بغالبتيه)، متعدد القوميات والأديان والمذاهب، وهو جزء من العالمين العربي والإسلامي.
في البداية كان الطرح كالآتي:
«العراق بلد متعدد القوميات والأديان والمذاهب، وهو جزء من العالمين العربي والإسلامي». وجاء توصيفه بأنه «مسلم» كبديل لمطلب توصيف الدولة بأنها «إسلامية»، وجاء مقترح - وهو الراجح والمنطقي الذي ينبغي أن يُتبنى - بإضافة «بغالبيته»، كي تستقيم العبارة لغويا، وترفع شبهة التناقض، أو قل التعارض، بين كونه مسلما، وكونه متعدد الأديان. |ثم هو إقرار آخر بالتنوع الديني، لأن الشعب الذي يوصف أنه مسلم بغالبيته، يعني أن ليس كله من المسلمين ، كما ووجدت إن عبارة «بلد مسلم»، أخف بكثير من عبارة «دولة إسلامية»، فالوصف ل(البلد)، وليس ل(الدولة)، ثم الوصف هو إنه أي البلد (مسلم)، وليس الوصف ب(إسلامية) للدولة. لكن الحمد لله، حتى هذا الذي طرحته كحد أدنى لإرضاء الإسلاميين، لم يجر تبنيه، ولو إنهم أضفوا الكثير من الصبغتين (الإسلامية) و(الشيعية) على الستور.|
الإسلام كتوصيف للشعب:
وهذا ما يُرجَأ الكلام عنه إلى موضوع مكونات الشعب العراقي.
الديمقراطية والفيدرالية:
ذكر الديمقراطية والفيدرالية مقترنتين ببعضهما البعض له مغزاه المهم جدا، وهذا الاقتران لا بد من إبرازه في الدستور بشكل من الأشكال، بحيث يكون هناك نص في الدستور يؤكد أن الديمقراطية والفيدرالية أساسان متكاملان ومتلازمان في الجمهورية العراقية الاتحادية (أو أي اسم يعتمد لدولة العراق)، يتقوم أحدهما بالآخر، ولا ينفك أحدهما عن الآخر. ثم لا بد من توضيح أن ثنائية الديمقراطية والفيدرالية إنما تعني تحكيم إرادة غالبية الناخبين من عموم الشعب العراقي، مع حفظ حقوق الأقليات على الصعيد الاتحادي؛ هذا من جهة، وتعني من جهة أخرى تحكيم إرادة غالبية الناخبين من أهالي كل من الأقاليم الفيدرالية، مع حفظ حقوق الأقليات على صعيد ذلك الإقليم. ويقصد بالغالبية على الصعيدين كما هو واضح من العبارة أعلاه هي الغالبية السياسية البرلمانية، التي تفرزها الانتخابات الحرة، بقطع النظر عما إذا كانت الغالبية السياسية البرلمانية هذه تعبر عن المكون الذي يشكل الغالبية السكانية القومية أو المذهبية أو الدينية للعراق على الصعيد الاتحادي، أو للإقليم الفيدرالي على الصعيد المحلي. فنحن حين توافقنا على اعتماد الفيدرالية تحصينا لحقوق المكونات الأخرى التي تمثل أكثرية في مناطقها، ولا تمثل أكثرية في عموم العراق، لا يجوز لنا أن نقع في الازدواجية، بعدم تحصين حقوق وهوية وخصوصية كل من المكونات الأخرى التي تمثل أقليات داخل الأقاليم الفيدرالية. ثم لا معنى لتأكيد الديمقراطية للعراق، والحقوق الفيدرالية للأقاليم، دون تأكيد الديمقراطية لكل إقليم من الأقاليم العراقية.
تعريف الدولة:
وهنا، وكما هو المتفق عليه، من المفضل الاقتصار على شكل الدولة، دون هويتها، والدولة العراقية بعناصرها الأساسية وأهم ملامحها هي إنها دولة:
- مستقلة ذات سيادة.
- جمهورية.
- ديمقراطية.
- اتحادية (أو فيدرالية).
فيأتي على ضوء ذلك التعريف على النحو التالي:
العراق دولة مستقلة ذات سيادة، نظام الحكم فيها جمهوري ديمقراطي اتحادي (أو فيدرالي).
ولكن يمكن القول أن صفة الاتحادية أو الفيدرالية يمثل شكل الدولة، لا شكل نظام الحكم فيها، لذا يكون لعله النص التالي أكثر دقة:
العراق دولة اتحادية (أو فيدرالية) مستقلة ذات سيادة، نظام الحكم فيها جمهوري ديمقراطي.
ولكن يبدو أن التعريف الأول أكثر مقبولية، وإن كان الثاني أدق من ناحية الصياغة القانونية، دون أن يعني أن الصياغة الأولى بالضرورة غير صحيحة.
كما يمكن إيراد ملاحظة أخرى، هي أن صفة «مستقلة» تتضمن كونها «ذات سيادة»، إلا أن هناك من يورد أمثلة على وجود دول مستقلة غير تامة السيادة، إضافة إلى أن الدستور العراقي إنما يكتب في ظرف يحتاج إلى تأكيد الاستقلال بإضافة السيادة أو السيادة الكاملة، فكان هناك مقترح أن تكون العبارة «ذات سيادة كاملة» أو «كاملة السيادة»، ولكن لعل الاكتفاء بالصيغة أعلاه مجزية.
وترد توصيفات مقترحة أخرى للدولة وهي:
1. التعددية: صفة لنظام الحكم بقول «ديمقراطي تعددي»، من قبيل التأكيد، مع تضمّن اللفظ لمعنى التعددية القومية والدينية والمذهبية، إضافة إلى التعددية السياسية، ولكن ترد هنا ملاحظة اشتمال صفة «الديمقراطية» على التعددية.
2. الدستورية: صفة للدولة بقول «دولة دستورية مستقلة ...»، لقول أن ليس كل دولة تملك دستورا هي مما يصدق عليها كونها دولة دستورية، ولكن هذا ما جرى تأكيده في أساس «سيادة القانون وسمو الدستور»، كواحد من الأسس الدستورية |التي أقرت في أول اجتماع، ثم ألغي اعتمادها، ليس بقرار معلن، بل بالإهمال والإنساء، والظاهر بقرار في الدوائر المغلقة|، وكذلك ما اشتمل عليه باب الضمانات الدستورية.
3. البرلمانية صفة للنظام، في حال إقرار النظام البرلماني (أو النيابي) من بين الخيارين، أو الخيارات الثلاثة لنظام الحكم (رئاسي، برلماني، مختلط). وهنا ترد نفس الملاحظة في كون الديمقراطية تشتمل على البرلمانية، وإن كان توصيف نظام الحكم ب"البرلماني" يأتي تمييزا له عن الرئاسي، الذي لا يخلو هو الآخر من وجود الحياة البرلمانية.
اسم الدولة:
ترد لاسم دولة العراق مجموعة من الخيارات، وكلها تدور في سؤالين؛ ما إذا نستخدم صيغة المضاف والمضاف إليه «جمهورية العراق»، أو صيغة الموصوف والصفة [الصفة والموصوف هو الشائع خطأ لتقدم الموصوف] «الجمهورية العراقية»، ثم ما إذا تعتمد إضافة «الاتحادية» أو الخلو منها. بناءً على ذلك تكون الخيارات:
- جمهورية العراق الاتحادية
- جمهورية العراق
- الجمهورية العراقية الاتحادية
- الجمهورية العراقية


المفاضلة بين "جمهورية العراق" و"الجمهورية العراقية":
من جهة اللغة:
«جمهورية العراق» أفضل من «الجمهورية العراقية».
الأسباب:
1. «جمهورية العراق» مرجحة من قبل المجمع اللغوي.
2. «جمهورية العراق» تشمل كل العراق، بينما «الجمهورية العراقية» تحتمل من الناحية اللغوية الصرفة التعدد.
من جهة الخلفية السياسية:
«الجمهورية العراقية» أفضل من «جمهورية العراق».
الأسباب:
1. «الجمهورية العراقية» اسم العراق منذ تأسيس الجمهورية.
2. «جمهورية العراق» تسمية صدام.
المفاضلة بين إضافة «الاتحادية» وعدمها:
ترجيح الإضافة:
1. تأكيد الصفة الفيدرالية للدولة.
2. إصرار أكراد العراق والمتحمسين للفيدرالية على الإضافة.
3. بالإضافة يكون اسم العراق الجديد مغايرا لخيار صدام، مما يزيل التحفظ على تسمية «جمهورية العراق»، من حيث زوال التشابه مع تسمية صدام بإضافة «الاتحادية»، وحتى مع اختيار «الجمهورية العراقية الاتحادية» ليكون اسم الدولة العراقية مغايرا لكل ما مضى، تعبيرا عن عهد جديد، تطبق فيه لأول مرة الديمقراطية [والفيدرالية].
4. كثير من الدول الفيدرالية المعروفة في العالم تحمل اسم «الاتحادية» أو ما يدل على النظام الفيدرالي.
ترجيح عدم الإضافة:
1. كون نظام الدولة اتحاديا لا يبرر إضافة صفة «الاتحادية» بالضرورة إلى الاسم، وإلا لوجب إضافة «الديمقراطية» وغيرها مما ورد في التعريف ك«المستقلة»، أو لعله أيضا «الإسلامية»، أو «المسلمة»، وربما «التعددية» وغيرها. |لم تكن مقارناتي دقيقة.|
2. «الجمهورية العراقية» من غير إضافة تمثل إجماعا أوسع من الاسم مع الإضافة.
المكونات:
والمقصود بذلك المكونات القومية والدينية والمذهبية للشعب العراقي. وهناك على النحو العام رؤيتان؛ واحدة مع الإجمال، بمبرر أن التفصيل يوقعنا في مجموعة إشكالات وهي:
1. قد يكون ذلك تكريسا للفرقة القومية والمذهبية. |وهو الصحيح|
2. هناك من المكونات ما يصعب تشخيصها ما إذا كانت تمثل قومية أو طائفة دينية أو مذهبية أو الأصل الذي ينحدر منه المكون. |مثل الشبك|
3. قد يوقعنا التفصيل في عدم الإمكان من الوقوف عند حد، نكون فيه قد أحصينا كل المكونات، ولم نغبن أحدا من خلال إهماله أو دعوى الإهمال له.
ولكن الذي يرجح التفصيل هو:
1. هناك خوف لدى الكثير من المكونات، وبسبب تراكمات الماضي، وتركة عهود القهر والتمييز، في أن يجري من جديد تهميش وتجاهل للحقوق والخصوصيات القومية والثقافية والدينية. |الغريب إن هذا ما كان يطرحه الشيعة، بالرغم من أنهم يمثلون الأكثرية، وهنا أستعير قولا لهاني فحص، هو إن الأكثرية لا ينبغي أن تبحث عن المحاصصة، بل أن ترعى التنوع.|
2. التفصيل بالتالي عامل طمأنة وإقرار بالمواطنة الكاملة للجميع. |مع ما لذلك من بعض الفوائد، إلا أن ذكر ذلك في الدستور أكثر ضررا بكثير من نفعه.|
3. ليس من الصعب إحصاء جميع مكونات الشعب العراقي. |هذه بحد ذاتها معضلة، هل نثبت في الإحصاء القومية فقط، وهو الأفضل، أم نثبت الدين معها؟ وإذا ثبتنا الدين، فهل نثبت المذهب، فنكرس الطائفية؟ هذا ربما يكون مقبولا، عندما تسود ثقافة في المجتمع، تقبل من المواطن، أن يختار ذكر دينه، دون ذكر المذهب، أو يختار حتى عدم ذكر الدين، وإبقاء الحقل فارغا، أو يختار أن يضع (بلا) أمام حقل الدين، كما يكون من حق المواطن أن يطلب إحداث تغيير على ذلك الحقل في أي وقت شاء. وهكذا بالنسبة للقومية، يكون الخيار للمواطن أن يذكر قوميته، أو يترك حقلها فارغا. وإلا فبدون ذلك سيصبح الإحصاء المكرس للطائفية عاملا إضافيا من عوامل شرخ لبنية المجتمع.|
من هنا يمكن اعتماد نص مقارب لما يأتي:
يتكون الشعب العراقي من القوميتين الرئيستين العربية والكردية بغالبية مسلمة من السنة والشيعة، وقوميات أساسية كالتركمانية، كذلك من السنة والشيعة، ومن قوميات وأديان وطوائف أخرى، كالآشوريين والكلدان والسريان والأرمن والإيزيدية والصابئة المندائيين والشبك والفرس وغيرهم. |كم هو من طرح ساذج كنت قد قدمته، ظنا مني هنا إن هذا يرضي الجميع. بعكس ما وجدته في أوراقي الدستورية الأخرى على الأعم الأغلب، عندما راجعتها، من استقلالية في التفكير، ونزعة هي أقرب للعلمانية والحداثة ودولة المواطنة المدنية منها للإسلاموية، إلا أني وجدت نفسي في بعض التفاصيل، كما هنا ربما، لم أكن قد تخلصت بعد من كل ما استصحبته من لوثات التفكير الإسلاموي أو المتأسلم والمتمذهب، ومن تأثر بالجو العام المتخلف، والغارق في تكريس الهويات الصغيرة المدمرة لمبدأ المواطنة. فمن جهة صحيح إن بعضا مما ذكر فيه انعكاس لهمّ حفظ حقوق الأقليات الدينية والقومية، ولكنه لا يخلو من تكريس لتقسيم المجتمع، أو شرعنة التقسيم المجتمعي وتثبيته دستوريا.|
اللغة:
هناك من غير شك رؤى متفاوتة في مسألة اللغة الرسمية، وكثير منها ينطلق من اعتبارات معنوية أكثر منه من ترتيب أثر عملي، وعلى النحو العام يمكن إيجاز الرؤى المتنوعة على النحو التالي:
1. العربية وحدها هي اللغة الرسمية، مع حرية استخدام اللغة الكردية وغيرها من اللغات في ميادين الثقافة والإعلام والتعليم.
2. العربية هي اللغة الرسمية لعموم العراق، والكردية لغة رسمية إلى جانب العربية لإقليم كردستان، مع حرية استخدام اللغات الأخرى كالتركمانية في ميادين الثقافة والإعلام والتعليم.
3. العربية والكردية هما اللغتان الرسميتان، مع حرية استخدام اللغات الأخرى كالتركمانية في ميادين الثقافة والإعلام والتعليم.
4. العربية والكردية هما اللغتان الرسميتان لعموم العراق، والتركمانية لغة رسمية في المناطق التي يشكل التركمان فيها الأكثرية، مع حرية استخدام اللغات الأخرى في ميادين الثقافة والإعلام والتعليم.
الكرد يعتبرون |وبحق| ما جاء في قانون إدارة الدولة حقا مكتسبا لا يقبلون الرجوع عنه إلى ما أقل منه. وكثير من العرب، لاسيما السنة منهم، وعموم ذوي التوجهات القومية، يرون |وبحق| ضرورة إعطاء شيء من الأولوية للعربية، والتركمان يرون |وبحق| أن يمنحوا ما منح الأكراد أو بعضه. من هنا تقترح الصيغة التالية:
1. اللغة العربية واللغة الكردية هما اللغتان الرسميتان في كل من مركز الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان.
2. اللغة العربية هي لغة المخاطبات الرسمية لعموم العراق.
3. اللغة التركمانية لغة رسمية للمناطق التي يشكل التركمان فيها أكثرية سكانية.
4. يضمن حق العراقيين باستخدام لغتهم الأم، كالسريانية والأرمنية والمندائية والفارسية وغيرها في المؤسسات التعليمية الحكومية، وفق الضوابط التربوية. |إضافة الفارسية كان بمقترح من بعض أعضاء المجلس الأعلى، وعلى رأسهم جلال الدين الصغير. شخصيا وجدت ألا ضير في ذلك، في حال ثبت فعلا أن هناك شريحة من الشعب العراقي، تستخدم الفارسية كلغة خاصة بها في بيوتها، كما يتكلم الآخرون بلغة من اللغات الأخرى التي ذكرت في بيوتهم، ومع أبناء قوميتهم. لكن هذا ربما كان له وجود في عقود سابقة من القرن الماضي، ولا أدري ما إذا كان البعض من اليهود، أو كلهم يتكلمون العبرية في أوساطهم، إلا أنهم كانوا على الأغلب لا يستخدمونها إلا في الشؤون الدينية. على أي حال إني أميز بين الموقف المعارض وبشدة لسياسية نظام الجمهورية الإسلامية في إيران، ومقتي لذلك النظام، وإدانتي لتدخلاته في الشأن العراقي، وبين النفس العنصري الشوفيني بكراهة الفرس أو عموم الإيرانيين، كما عند بعض أوساط عرب العراق |
5. للمؤسسات الخاصة التعليمية وغيرها استخدام أية لغة أخرى.
6. يحدد نطاق المصطلح «لغة رسمية» وكيفية تطبيق أحكام هذه المادة بقانون.
هنا يمكن التفكير بتقديم الفقرة الثانية على الأولى تلبية لرغبة من يرى إعطاء العربية درجة إضافية، ولو معنويا من خلال التقديم، على غيرها، أو الإبقاء على هذا الترتيب، تلبية لرغبة الكرد، ولو من الناحية المعنوية، للتعبير ولو بمقدار أقل قليلا مما رآه قانون إدارة الدولة، عن قدر من المساواة بين العربية والكردية.
هذا النص لبى رغبة القوميين الكرد بما يلي:
1. جعل الكردية على حد سواء مع العربية لغتين رسميتين إلى جانب إقليم كردستان في مركز الدولة الاتحادية ومؤسساتها.
2. قدم هذه الفقرة على الفقرة التي تثبت كون العربية لغة رسمية لعموم العراق.
3. جعل هذه الخصوصية للعربية في حدود كونها لغة المخاطبات الرسمية، ولم يعنونها باللغة الرسمية بشكل مطلق.
بينما لبى النص رغبة القوميين العرب بأنه لم يجعل الكردية لغة رسمية مع العربية على نحو التكافؤ التام، بل حددها في إطار إقليم كردستان ومركز الحكومة الاتحادية ومؤسساتها.

علاقة العراق بمحيطيه العربي والإسلامي:
هناك ثلاث درجات للتعبير عن كون العراق جزءً من العالم العربي، وهي:
1. العراق جزء لا يتجزأ من الأمة العربية. (صيغة الفكر القومي العربي ودستور العهد البائد).
2. العراق جزء من الأمة العربية. (تخفيف للصيغة السابقة بحذف عبارة «لا يتجزأ»).
3. الشعب العربي في العراق جزء من الأمة العربية. (صيغة قانون إدارة الدولة، والخلل فيها بيّن).
4. العراق جزء من الوطن العربي. (تعبير «الوطن» درجة أخف من «الأمة»، وإن كانت ما زالت تعتبر من مصطلحات الفكر القومي العربي).
5. العراق جزء من العالم العربي. (لفظة «العالم» أكثر حيادية وخلوا من البعد الإيديولوجي القومي).
6. العراق جزء من محيطه العربي. (صيغة محبذة عند الكرد وسائر القوميات غير العربية وكذلك عند عرب العراق المتحفظين على الفكر القومي العربي من يساريين وليبراليين وإسلاميين، مع تحفظ السنة العرب والقوميين من العرب عموما). |بقي تأكيد انتماء العراق ل(محيط)ه العربي من الأمور التي أحبذها في كل المراحل، وحتى يومنا هذا في مطلع آذار 2013، وربما يكون التعبير عن انتماء العراق لهذا المحيط، هو الأرجح من التعبير عن جزئيته منه.|
7. العراق بغالبيته العربية جزء من محيطه العربي. (صيغة توفيقية بين الصيغة السابقة وما جاء في قانون إدارة الدولة، وهي مرتبة أعلى من صيغة قانون إدارة الدولة في التعبير عن الهوية العربية، لأنها لم تقل أن الشعب العراقي جزء، بل العراق - ولكن - بغالبيته العربية جزء - ليس من الأمة، ولا الوطن، ولا العالم، بل - من محيطه العربي، وهذا ما لا يرضاه العرب من السنة وعموم القوميين). |الدستور في تصوري يجب أن يكون خاليا من أي لغة إيديولوجية، أو دينية، أو مذهبية، أو قومية، وهذا ما كنت أميل إليه حتى حينذاك.|



#ضياء_الشكرجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 65
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 64
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 63
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 62
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 61
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 60
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 59
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 58
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 57
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 56
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 55
- التناقضات في حكم سن التكليف
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 54
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 53
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 52
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 51
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 50
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 49
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 48
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 47


المزيد.....




- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ضياء الشكرجي - ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 66