أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ضياء الشكرجي - ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 55















المزيد.....

ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 55


ضياء الشكرجي

الحوار المتمدن-العدد: 5107 - 2016 / 3 / 18 - 21:02
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تجاربي مع الإسلاميين عبر مرحلتين كديمقراطي-إسلامي ثم كعلماني
وسام المرجعية لي في أيار 2008
[كما فعلت في حلقات سابقة، سأجعل تعليقاتي المابعدية بين مضلعين.]
في يوم السبت 31/01/2009، يوم انتخابات مجالس المحافظات عندما كنت في ستوديوهات الحرة، للمشاركة في تغطية الانتخابات، أخبرني أحد الإعلاميين العاملين في (الحرة) بالآتي، مؤكدا أن الخبر من مصدر موثوق، فمصدره شاهد على ما حصل، وحاضر شخصيا. قال قبل ثمانية أشهر [أي في حدود أيار 2008]، ذهب وفد من حزب الدعوة على رأسهم حسن شبر إلى السيستاني، وما أن بدأ اللقاء، وقبل أي حديث آخر، بادرهم بعتاب شديد يقترب من التعنيف قائلا: «أنتم حزب إسلامي، أفمن المعقول أن يظهر فيكم بعد خمس وثلاثين سنة قيادي علماني مثل ضياء الشكرجي؟». فلم ينبسوا ببنت شفة. حقيقة سررت كثيرا وشعرت بنشوة، وقلت: الحمد لله، إذن كلامي مؤثر، والفكر الذي أطرحه مؤثر، بحيث يهزّ المرجع، إلى درجة أنه يبدي شخصيا اهتمامه بذلك، وعلى هذا النحو، ويضع حزبا كحزب الدعوة في موضع التهمة، وفي مقام الحرج، فيكونون عاجزين عن تقديم تفسير أو اعتذار، ناهيك عن أن يفكروا أن يردوا بثمة إجابة أو تفسير.
[في مقالة لي عام 2013 أشرت إلى هذا الموضوع، فأجاب كاتب ينفي ورود اسمي في ذلك اللقاء مع المرجع، حيث يقول إنه كان من ضمن الحاضرين. وعلى أي حال أبقي هذا الموضوع مدرجا هنا في كتابي هذا، دون أن أجزم بحقيقة ما جرى. لكني أعلم إن بيت المرجع كان مهتما بمتابعة مقالاتي يوم كنت ما أزال في حزب الدعوة، وكان يسجل ملاحظاته عليها، ولكون الناقل أكد لي بشكل جازم أن مصدر الخبر موثوق وكان حاضرا يومها. فهل يمكن أن يكون العتاب قد جرى دون ذكر اسم المعني، وكان واضحا أن ليس هناك من ينطبق عليه الكلام غيري؟ لا أريد أن أوحي بأهميتي عبر هذا الحدث أو غيره، فهذا ليس هدفي من هذا الكتاب، بقدر ما هو تثبيت حقائق للتاريخ، والإفادة من تجربة ربع قرن لإسلامي سابق، قبل تحوله إلى العلمانية بمراحل وتدرج حتى بلوغ لحظة الحسم النهائي.] [وأضيف الآن عند نشر هذه الحلقات أنه لا بد من تسجيل ملاحظة، وهي إني لا أستبعد أبدا، بل هو الملاحظ عبر الكثير من المؤشرات في السنوات الأخيرة، إن تحولا حصل في مواقف المرجعية، وذلك عبر خيبة الأمل في أحزاب الإسلام السياسي الشيعية، التي احتضنتها ودعمتها في البداية، ثم أغلقت بابها أمام السياسيين في السنوات الأخيرة من الولاية الثانية للمالكي، ودعمت الحراك الشعبي ودعوة العبادي للإصلاح منذ آب 2015، حتى يئست فأعلنت إلغاء الخطبة السياسية في صلاة الجمعة إلى إشعار آخر. ولذا لا أستبعد أنها وصلت إلى قناعة بأن العلمانيين كانوا سيكونون أكثر كفاءة ونزاهة وخدمة للعراق.]


أكبر أخطائي السياسية في العراق
عندما يكتب إنسان عن تجربته مع تيار سياسي أو فكري أو ديني، يتخلى عنه، لا بد أن يكون شجاعا في نقد الذات. نقدي الذاتي يتأتى من كوني لا يمكن أن أبرئ نفسي، من أخطاء، ومن انخفاض في الوعي، جعلني أنتمي إلى ما أرى الآن خطأه، لأني كنت جزءً من ذلك الخطأ لربع قرن، رغم حالة التمرد، والاستقلالية، والإيمان بالديمقراطية، وهذا كله لم يكن دائما بمستوى واحد، بل نما مع الوقت، رغم غيابه في مرحلة من المراحل الأولى، إما كليا، أو بنسبة كبيرة. هناك أخطاء، تعتبر حسب تقديري، هي الأكبر، والمعيبة بدرجة أكبر، لا بد لي من ذكرها هنا. واحد من هذه الأخطاء كان قُبيل سقوط الديكتاتورية، وأربعة منها في العراق، لفترة ما قبل استقالتي من حزب الدعوة، وبُعيدها، والخطأ السادس بعد تحولي العلماني. فلأمر على تلك الأخطاء الخمسة، التي تمنيت لنفسي أني لم أكن قد وقعت فيها. [ولست مضطرا للكتابة عن ذلك، فإن الكثيرين لا يعرفون هذه الحقائق، وكثيرين نسوها، والتذكير بها قد يفتح باب النقد اللاذع والقاسي لي، ويوقعني في حرج أنا في غنى عنه، إلا أني أبقى أرى قيمة الصدق فوق كل اعتبار.]
1. توقيعي على بيان الشيعة: وهذا يمثل الخطأ الأكبر والأفضع والذي أشعر بسببه بالحرج الأكبر، وأدين نفسي وأوبخها عليه. حتى عندما كنت إسلاميا، لم يكن لي توجه طائفي، وانتمائي لحزب الدعوة لم يكن بسبب شيعيته، بقدر ما كان بسبب إسلاميته، واعتداله ووسطيته، على الأقل حسب تقديري، وعلى الأقل آنذاك، وعلى الأقل مقارنة بالأحزاب الإسلامية الأخرى الأكثر تشددا، إلم أقل تطرفا. مع هذا عندما أرسل لي موفق الربيعي ما سمي بـ(بيان شيعة العراق)، راجيا مني وضع توقيعي، فيؤسفني ويحزنني، ويخجلني أني استجبت، ووضعت توقيعي. مع هذا لم أضع توقيعي، إلا بعد التأكد من خلوه من النَّفَس الطائفي. وربما كانت لغته المتوازنة بفضل كونه من صياغة غالب الشابندر، حسبما علمت في وقت متأخر جدا، وذلك عام 2012، عندما بدأ غالب الشابندر بنشر سلسلته التي أسماها بـ(خسرت حياتي). مع هذا ما كان ينبغي لي أن أوقع على بيان يحمل هذا الاسم. [هي حقا لوثة في حياتي السياسية.]
2. قبول تنازلي عن عضوية لجنة كتابة الدستور: ذكرت أني عندما رشحت نفسي لعضوية الجمعية الوطنية الانتقالية، كان الدافع الأساسي هو اهتمامي بالشأن الدستوري، ورغبتي في المشاركة الفاعلة في العملية الدستورية. وذكرت ملابسات حذف اسمي من قبل اللجنة المعينة من المرجعية، ثم إعادة اسمي، وكذلك كيف رشحت لعضوية لجنة كتابة الدستور، ثم كيف طلب مني سحب عضويتي، لصالح التيار الصدري، وبالذات لصالح بهاء الأعرجي، لأن الاقتراع داخل المترشحين لعضوية اللجنة من الائتلاف العراقي الموحد لم يفرز عضوا واحدا من التيار. ما كان ينبغي أن أستجيب لهذا الطلب الذي جرى بمؤامرة ثنائية من قبل المجلس الأعلى وحزب الدعوة. أقول هذا بالرغم من أن عضويتي أعيدت في وقت لاحق، لكن يبقى الخطأ خطأً.
3. تأخر استقالتي من الدعوة: في بداية الثلث الأخير من فترة الجمعية الوطنية، بل ربما من أواسط تلك الفترة، بدأ مساري يفترق عن مسار عموم الإسلام السياسي، وعن مسار حزب الدعوة. لكني للأسف تأخرت في الإعلان عن انفكاكي واستقالتي من الحزب. إذ لم يكن ذلك إلا في بداية أيار 2006 [الاستقالة كانت مكتوبة منذ منتصف آذار 2006]، بينما كان ينبغي أن يكون في صيف أو خريف 2005. صحيح إن من الأسباب إلحاح أصدقاء عليّ أن أتريث في تقديم استقالتي، منهم من داخل الحزب [بما في ذلك سعيد الطريحي محافظ كربلاء لاحقا]، ممن كان منسجما معي في طروحاتي ومواقفي الناقدة، ومنهم من هو علماني. لكن ما كان ينبغي أن أخضع لهذه النصائح، بل أن أسرع في الاستقالة، بعدما كبرت مسافة التباعد، ليس السياسي فقط، بل أيضا الفكري، بيني وبين الحزب.
4. قبول ترشحي على الائتلاف العراقي الموحد 555: قبل انتهاء دورة الجمعية الوطنية، كنت قد أعلنت مبادرتي بأطروحة (تجمع الديمقراطيين الإسلاميين)، مما كان يمثل مؤشرا على بداية رحلة مقدمات الطلاق بيني وبين الحزب، بل وقلّ تواصلي مع الحزب بشكل ملحوظ، وربما كان ذلك من الطرفين، مني ومن الحزب، وعندما عشت في أواخر عمر الجمعية الوطنية حالة من الكآبة، بسبب أني لم أعد أتحمل التواجد في أوساط الإسلاميين، ولم أعد أطيقهم. بعد كل هذا كان ينبغي ألا أرتكب خطأ الترشح على قائمتهم. وفعلا لم يدرج اسمي من قبل الحزب ضمن المرشحين للدورة النيابية الأولى، ولم أشعر بالأسف مطلقا. لكني علمت أن الكثيرين من الحزبيين كانوا يعاتبون القيادة لعدم إدراجها لاسمي [رغم أني لم أطالب بذلك ولم أتطلع إليه]. بالمناسبة ذكرت أن تحديد أسماء مرشحي الحزب في المرة الأولى كان قد حسم بالاقتراع السري، ولكن في هذه المرة، تخلوا عن هذه الآلية، التي كان قد اقترحها في وقتها نوري المالكي، واعتمدوا آلية التعيين من قبل القيادة. وحسنا فعلوا إذ لم يدرجوا اسمي. لكن كما بينت بعد تكرر العتاب عليهم، اتصل بي علي الأديب، طالبا مني إحضار صور لي وتوقيعي على الترشح. كم هو خطأ مني استجابتي. طبعا يمكن أن أسكت عن هذه المفردة، ولا أحد عاد يعلم شيئا عن ذلك، أو يتذكره. مع هذا أرى أن لا بد لي من طرحه وممارسة نقدي لنفسي على هذا الخطأ. لكني قبيل الانتخابات كنت مسافرا إلى ألمانيا، ودعيت لثلاث ندوات من قبل مجاميع عراقية من المتدينين في أكثر من مدينة. عندها كنت أقول لهم، كي لا أغشهم، أني لن أطرح ما يتوقعونه مني، أو يتمنونه علي، ومع هذا كانوا يصرون على دعوتي. في إحدى الندوات، وبعدما روجت ضد الائتلاف العراقي الموحد، وبينت سلبيات هذا الائتلاف، وسوء أدائه في المرحلة السابقة، جاءني أحد المنظمين قائلا لي: «يا شيخنا، نحن نشتغل من أشهر للترويج للائتلاف، وأنت الآن هدمت ما بنيناه». فأجبته بأني تكلمت حسب قناعتي وتجربتي، وكنت قد أخبرتكم أني لن أتكلم بما ترغبون. لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل عندما جرت الانتخابات، وكنت ما أزال في ألمانيا، ذهبنا بباص من هامبُرڠ-;- إلى برلين، للإدلاء بأصواتنا في السفارة. وأنا في الطريق، لم أكن بعد قد حسمت قراري، من أنتخب، إلا بحدود أني كنت قد قررت بشكل نهائي، ألّا يجوز لي مطلقا أن أنتخب هؤلاء، أعني الائتلاف العراقي الموحد الشيعسلاموي. لكن من أنتخب إذن؟ لم يكن ذلك واضحا لي. وبعد فحص القوائم الانتخابية، قررت أن أعطي صوتي، لمن هو أقرب لقناعتي، حتى لو ذهب صوتي ضائعا لعدم تحقيق الفوز من قبل تلك القائمة. فانتخبت قائمة ليث كبة، وفعلا لم تفز. لكني فكرت مع نفسي، كون اسمي أدرج في المرحلة الأخيرة في قائمة الترشيح، فماذا لو فزت بالعضوية في قائمة روّجت ضدها، ولم أنتخبها. كنت أفكر [والله الذي أؤمن به يقينا شاهد على ذلك]، إني فيما إذا فزت ضمن القائمة المغلقة، من خلال حصول القائمة على عدد كاف من المقاعد، يصل إلى اسمي وفقا للترتيب الذي وضع عندها، فكرت بما أن الناخب لم ينتخبني لشخصي، بل انتخب قائمة إسلامية شيعية مغلقة، فخروجي من القائمة، وإعلان نفسي نائبا مستقلا، اعتبرته إذا ما حصل فسيكون خيانة لصوت الناخب، لذا قررت، أني بمثل هذه الحال، سأقف في مجلس النواب، وأبين عدم انسجامي مع القائمة التي فزت من خلالها بالنيابة، ومن أجل ألا أخون صوت الناخب من جهة أخرى، أعلن استقالتي من عضوية مجلس النواب. للأسف هذا لم يحصل، لا أقصد عدم فوزي لذاته، بل لكونه كان سيكون فرصة لتسجيل هذا الموقف الذي أحببت أن أسجله لنفسي.
5. تأسيسي لـ«تجمع الديمقراطيين الإسلاميين»: هذا التجمع كان من حيث المضمون أقرب للحزب العلماني الديمقراطي منه للحزب الإسلامي، إلا أنه حزب علماني، فُكِّر به ليكون لمتدينين علمانيين، ليس حصرا، بل ليشمل المتدينين برؤية شرعية لجواز اعتماد العلمانية، ولغير المتدينين. للمتدينين العلمانيين، كما كنت عند التأسيس، يُقيمون علمانيتهم على أسس شرعية، ولو ضمن رؤية واجتهاد شرعيين. لكني سرعان ما شعرت، أني لم ألتفت لتحولاتي، واستصحبت فكرة، كنت مؤسسا لها ومعجبا بها لحد العشق، منذ الثلث الأول من التسعينيات، وهو تأسيس حزب إسلامي ديمقراطي، والذي جعلت بديلا له مشروع «المنتدى الإسلامي الديمقراطي العراقي»، الذي أطلقته عام 2002. وسرعان ما انتبهت إلى أنه لم يعد هناك مبرر لاعتماد الدين في المشروع السياسي، لذا تحولت إلى فكرة «التجمع الديمقراطي»، والذي اختير له بالأكثرية اسم «تجمع الديمقراطيين العراقيين»، والذي تطور إلى مشروع «التجمع العلماني»، الذي انطلق من 28/01/2011، وانتهى إلى ما سأشير إليه، وهذا المشروع وحده الذي لا أعتبره من أخطائي، رغم أنه لم يحقق نتيجة، على أقل تقدير لحد الآن. [بل سيبقى بقناعتي، وبدون مبالغة، ذلك المشروع الذي خسره العراق، وسيأتي تفصيله في الجزء الثاني من الكتاب.]
6. ترشحي على ائتلاف وحدة العراق: عام 2009 كان عام جهد متواصل وحثيث، لتأسيس مشروع سياسي، يبدأ على شكل تحالف، وينتهي بكيان سياسي. المشروع أسميناه بـ«الائتلاف الديمقراطي»، وتكوّن من الحزب الوطني الديمقراطي (نصير الجادرجي)، الحزب الوطني الديمقراطي الأول (مجيد الحاج حمود)، التحالف الوطني الديمقراطي (عبد فيصل السهلاني)، جبهة المشروع الوطني العراقي (سبهان ملا جياد)، حركة المجتمع العراقي (أحمد شياع البراك)، تجمع الديمقراطيين العراقيين (ضياء الشكرجي)، الحزب الليبرالي العراقي (هادي المالكي)، حزب الدولة (وائل عبد اللطيف)، وشخصيات مستقلة، منهم هاشم الحبوبي، ومها السماوي، وحامد الصراف، والمرحوم أحمد الدجيلي. انسحب منها وسط الطريق كل من الحزب الوطني الديمقراطي، والحزب الوطني الديمقراطي الأول، وحزب الدولة. عندما اقترب موعد الانتخابات، وبعد التداول قررنا خوض الانتخابات. ولكن بسبب ضعف الإمكانات، فكرنا أن نبحث عن قائمة انتخابية، نراها الأقرب إلى توجهاتنا الديمقراطية العلمانية. فوجدنا الأقرب لنا قائمة «ائتلاف وحدة العراق» برئاسة جواد البولاني. وجدناها الأقرب لاعتبارين، الأول كونها لا تعتمد الإسلام السياسي، والثاني كونها غير طائفية، لأنها لم يكن بالإمكان اعتبارها قائمة سنية أو شيعية. لكن مع الوقت ولتفرد جواد البولاني [مع عدم المؤهلات القيادية] بقراراته، عكس ما كان يبدي في البداية من عدم تجاوزنا، وبالمناسبة هو الذي دعانا، وكان يلح مستقتلا علينا لدخول الائتلاف، فرأيت شخصيا من بعد ذلك أجواءً تبتعد قليلا أو كثيرا عن توجهاتنا العلمانية والليبرالية والحداثوية. فرأينا من له نَفَسٌ عروبي، بل بعضه يقترب من الاتجاه البعثي، أو من هو ذو نَفَسٍ عشائري، أو إسلامي، مثل محمود المشهداني ونديم الجابري. مع هذا كنت أحتمل فوزي، ولا أبالغ إذا قلت إن دعايتي الانتخابية كانت ذات مضامين، لم أجد مثلها، من حيث التركيز على الإنسان كقيمة عليا، ونبذ للطائفية، وحتى من حيث الذوق والألوان والتصاميم، كلها كانت متميزة. وهنا أذكر إن أحد المؤسسين معنا لـ(الائتلاف الديمقراطي)، وهو سبهان ملا چياد، إنه الوحيد الذي نصحني صادقا ألّا أرشح للانتخابات. وفعلا كان من أخطائي أن رشحت، لأنها ربما ستبقى لوثة في تاريخي السياسي، لما تبين لي من بعد القائمة التي رشحت من خلالها، وبعد رموزها، عن فكري السياسي [العلماني الليبرالي] بمسافة، تكفي لعدم جواز أن يرشح مثلي عليها. نعم بعدما بدأت أشخص توجهات القائمة وأسلوب عمل رئيسها وتفرده بالقرارات، تارة بالتنسيق مع أحمد أبو ريشة دون الآخرين، وتارة مع محمود المشهداني دون غيره، وأخرى مع سعد عاصم الجنابي دون غيره، أو مع أحمد عبد الغفور السامرائي دون غيره. لو كنت قد فزت، بلا شك كانت تلك ستكون فرصة جيدة، ولكنت أعلنت كوني نائبا مستقلا، وبمبرر معقول، بعكس ما كنت أنوي فعله في الترشيح السابق، وذلك لسببين، الأول لكوني كنت قد انتُخبت لشخصي، باعتبار إن الانتخابات جرت بطريقة القائمة المفتوحة، والثاني لعدم التزام القائمة بتعهداتها، وابتعادها عن النهج الذي التحقنا بها على أساسه، مما يبرر لي أخلاقيا عدم الالتزام بالبقاء في عضويتها. لكن كان يفترض أن أحسب النتائج بشكل أدق، ولا أضيع المئة مليون دينار التي أنفقتها على دعايتي الانتخابية، ولا أسجل على نفسي نقطة الترشح على قائمة بعيدة عن توجهاتي، بقدر يفترض أنه لا يسمح لي بالترشح ضمنها.


أصح قراراتي العلمانية
في مقابل ما ذكرته مما أسميته بأكبر أخطائي كسياسي، أذكر هنا أكثر ما يفرحني من ثلاث قرارات اتخذتها، على الصعيد السياسي، وعلى صعيد النشاط أو الدور الديني. وأسمي هذه القرارات بـ(انفكاكاتي الثلاثة)، وهي:
1. إعلان استقالتي من حزب الدعوة الإسلامية ونشرها إعلاميا في 03/05/2006 [رغم تأخرها كما مر ذكره].
2. إعلان إنهاء توكلي عن المرجع محمد حسين فضل الله، ونشر ذلك على شكل مقالة بعنوان «لست وكيلا لأي مرجع» في 08/02/2007 [والذي جاء ربما أيضا متأخرا].
3. إعلان انفكاك مسؤوليتي عن (دار الهدى)، والذي يمثل المركز الإسلامي للمتدينين العراقيين في هامبُرڠ-;- في 21/05/2009 [والذي هو الآخر جاء متأخرا جدا جدا، ولو إن لتأخيره أسبابا سيأتي ذكرها].
مع هذا، وبالرغم من فرحي بهذه القرارات، أو الانفكاكات الثلاثة، والتي تمثل فكّاً لأسري من سجن التحزب في حزب للإسلام السياسي، ومن سجن الدور الديني الوعظي، كما تمثل هذه الانفكاكات عودة الانسجام في شخصيتي، والابتعاد عن كل ما يمثل قدرا من الازدواجية؛ أقول بالرغم من فرحي وافتخاري وزهوي بذلك، أسجل على نفسي أن كلا من القرارات الثلاثة جاء متأخرا. فقرار الانفكاك من حزب الدعوة كان يجب أن يكون أثناء الدورة البرلمانية الموقتة للجمعية الوطنية. وقرار انفكاكي عن دار الهدى كان ينبغي أن يكون في صيف أو خريف 2007. فقط قرار الانفكاك عن مهمة التوكل عن المرجع فضل الله جاء في وقته الصحيح. كل ذلك أذكره على ضوء ما ألت إليه من قناعة، وإلا فانتمائي إلى حزب الدعوة عام 1981 كان خطأً، لولا إنه كان يمثل غاية الاستجابة لقناعاتي - الخاطئة لكن الصادقة - آنذاك. [وفي آخر تشرين الأول من عام 2007 حصل عندي تحول فكري، إذ تحولت من الإيمان الديني عبر مراحل ومخاضات وتحولات جزئية لكن ممهدة من حيث لم أشعر بالفعل التمهيدي لها، إلى الإيمان العقلي اللاديني بما أسميته بـ«لاهوت التنزيه».]



#ضياء_الشكرجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التناقضات في حكم سن التكليف
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 54
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 53
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 52
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 51
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 50
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 49
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 48
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 47
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 46
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 45
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 44
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 43
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 42
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 41
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 40
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 39
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 38
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 37
- هل تتجه مرجعية السيستاني نحو العلمانية؟


المزيد.....




- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى في ثاني أيام الفصح اليهودي
- المقاومة الإسلامية في لبنان .. 200 يوم من الصمود والبطولة إس ...
- الأرجنتين تطالب الإنتربول بتوقيف وزير إيراني بتهمة ضلوعه بتف ...
- الأرجنتين تطلب توقيف وزير الداخلية الإيراني بتهمة ضلوعه بتفج ...
- هل أصبحت أميركا أكثر علمانية؟
- اتفرج الآن على حزورة مع الأمورة…استقبل تردد قناة طيور الجنة ...
- خلال اتصال مع نائبة بايدن.. الرئيس الإسرائيلي يشدد على معارض ...
- تونس.. وزير الشؤون الدينية يقرر إطلاق اسم -غزة- على جامع بكل ...
- “toyor al janah” استقبل الآن التردد الجديد لقناة طيور الجنة ...
- فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ضياء الشكرجي - ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 55