أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طارق المهدوي - المدينة بين زلزالين














المزيد.....

المدينة بين زلزالين


طارق المهدوي

الحوار المتمدن-العدد: 5120 - 2016 / 4 / 1 - 17:40
المحور: الادب والفن
    


المدينة بين زلزالين
طارق المهدوي
(1)
عندما وقع الزلزال الأول في المدينة استمر الأب جالساً على مكتبه المنزلي يستكمل ما كان قد بدأه منذ الصباح لتجهيز مرافعة دفاعه التطوعي المجاني عن عمال البلدية المفصولين تعسفياً، رغم هروب ابنه الأكبر مع بقية أفراد أسرته وجيرانهم من أجل الاحتماء بالحديقة العامة التي تتوسط صينية الميدان الرئيسي للحي، وفي تلك الأثناء طارت عشرات العصافير البلدية من أعلى أشجارها لتحط فوق مكتبه وتغرد له لحناً موسيقياً بهيجاً، بينما تسللت عشرات القطط البلدية من مناورها لتندس أسفل المكتب حتى يتسنى لها أن تلعق ساقيه وقدميه، في حين هرعت عشرات الكلاب البلدية من شوارعها لتحيط به وهي تهز رؤوسها وأذيالها فرحاً بنجاته، ولم تغادره هذه "الكائنات" إلا عقب عودة كافة الأمور لطبيعتها برجوع جميع الأفراد الهاربين إلى سابق مواقعهم حوله مع هدوء الزلزال وتوابعه، ولكن العصافير استمرت قبيل كل فجر تحط فوق شباك غرفة نومه المطل على أشجارها لتوقظه في مواعيده المعتادة بتغريداتها الموسيقية البهيجة، بينما استمرت القطط تتسلق المواسير وتدخل من شبابيك المناور بعد صلاة الفجر لتلعق ساقيه وقدميه، في حين استمرت الكلاب تحرس سيارته هو حصرياً دوناً عن بقية السيارات الخاصة بأفراد أسرته وجيرانه، لتستقبله عند خروجه من باب منزله صباحاً ثم تقوده نحو موقع سيارته المعدل إذا كان حارس المنزل قد قام بتحريكها إلى مكان انتظار آخر، وأخيراً ترافق الكلاب سيارته من جانبيها خلال تحركه بها مع إطلاقها لنباح التحية حتى تطمأن إلى مغادرته الشارع سالماً عند إطلاقه لآلة التنبيه مودعاً إياها، فترد عليه بنباح الوداع وتبقى في انتظار عودته المسائية لتكرار الطقوس ذاتها على نحو عكسي!!.
(2)
عقب اغتيال الأب بواسطة الأجهزة العسكرية الحاكمة على خلفية دفاعه التطوعي عن الفقراء المحكومين في مظالمهم المتعددة والمتنوعة، لم يعرف أفراد أسرته ولا جيرانه كيف اختفت العصافير والقطط والكلاب من الشارع أو إلى أين ذهبت، حتى تلقيهم شكوى حارس المقبرة البعيدة عشرات الكيلومترات عن الحي والتي يتضرر فيها من تكرار قيام هذه "الكائنات" معاً بحفر التربة في إطار سعيها الدءوب للوصول إلى جثمان الأب الشهيد، وسرعان ما تواطأ الابن الأكبر مع الأجهزة لإغلاق ملف اغتيال أبيه طمعاً منه في الوظيفة المرموقة التي منحته إياها تلك الأجهزة قبل أن تسحبها سريعاً وتتركه تائهاً بين الفسطاطين، حيث كان قد فشل في أن يرث أي شيء عن أبيه باستثناء بعض الأموال التي فشلت محاولاته المتتالية أيضاً لاستخدامها من أجل اجتذاب العصافير والقطط والكلاب البلدية، فاشترى بأموال أبيه قفصاً خشبياً في داخله عصافير دائمة التغريد النائحي حزناً على حريتها المفقودة وقططاً أغلق عليها مخارج المنزل وكلاباً ربط أعناقها بسلاسل حديدية مشدودة إلى الجدران، وعندما وقع الزلزال الثاني في المدينة وهرب الابن الأكبر كعادته مع بقية أفراد أسرته وجيرانهم من أجل الاحتماء بالحديقة العامة التي تتوسط صينية الميدان الرئيسي للحي، حصلت العصافير والقطط والكلاب الحبيسة في منزله على حريتها ففرت منه إلى الشارع بغير رجعة!!.
طارق المهدوي



#طارق_المهدوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عشرات السنتيمترات
- دعاء جدتي ضد الظالمين
- معلهش إحنا بنتبهدل
- عالجوهم أو اعزلوهم
- أشعار نازفة وشعارات ناسفة
- فوبيا العداء للجنس في الأذهان الفاشية
- صديقي المحارب الأممي كارلوس
- أخلاقنا وأخلاقهم
- استدراج الملحدين في أكمنة الدولة المصرية
- الغياب المتبادل بين الفن والجماهير (4) التذوق
- الغياب المتبادل بين الفن والجماهير (3) الوعي
- الغياب المتبادل بين الفن والجماهير (2) التطبيق
- الغياب المتبادل بين الفن والجماهير (1) الإبداع
- من سجلات الفاشية العسكرية في زمن العولمة
- من سجلات الفاشية العسكرية في زمن المكارثية
- يا نجاتي...فرقع البلالين
- ليس فقط لأنهم كاذبون محترفون
- سبع أرواح
- محلك سر
- حول فنون ومهارات العمل الثوري اللحظي في مصر


المزيد.....




- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...
- ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع ...
- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طارق المهدوي - المدينة بين زلزالين