أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ميلاد سليمان - كبوة العقل النقدي














المزيد.....

كبوة العقل النقدي


ميلاد سليمان

الحوار المتمدن-العدد: 5115 - 2016 / 3 / 27 - 03:15
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كبوة العقل النقدي

حينما تحدث هيجل عن تجليات الروح المُطلق في العالم، أوضح أن تجلياته تظهر على التوالي في شكل تصاعدي من أسفل إلى أعلى؛ الدين / الفن/ الفلسفة. ويكون السؤال المُلح: لماذا جاء الدين في أسفل التسلسل الهرمي لرحلة الروح المطلق!!؟.
الدين، كما يرى هيجل، هو طفولة الوعي البشري، هو المُباشرة في التعامل الجمعي، هو السعي إلى التقّرُب للمطلق بالمعاملات الجامدة، البراجماتية، أحادية التوّجه. إله كُلي خالد وإنسان جزئي فاني، تُصلي وتَصوم فينفذ الإله لك كل ما تريد. هكذا يكون عقد العمل المُبرم وفق تلك المنظومة المغلقة والتي لا تسمح بنمو الجزئي وتطوره في طريق سعيّه تجاه المطلق، بل نجد العلاقة يسودها روح التنميط والقولبة والتدجين. من هنا تظهر المعاناة؛ ويستمد رجال الدين سلطويتهم ونفوذهم ويضربون بجذورهم في وعي الأتباع أكثر، من خلال معادلة واضحة هي "كلما كان الإتباع أكثر تغييبًا واستسلامًا ورضا وتواكل وبُعدًا عن معايشة الواقع.. كلما كانوا أقرب إلى الله".
من هنا يأتي دور رجال الدين في شَغل وقت المؤمن طوال اليوم بكل ما هو هامشي سطحي ساذج، فتجد محاضرات طويله عن آداب دخول الحمام، تحريك الصباع أثناء التشّهُد، حكم إخراج الريح والضراط، الزي الشرعي، وحكم ذبح خروف الأضحى لو أكل صفحة من الإنجيل!!.
في الفن، يكون الإنسان فرد حر ذو إرادة قصدية وتوّجه إنساني، يعبر عن نفسه وعن توجهاته واحلامه والقضايا التي تشغله، الفن بمختلف أنواعه ومجالاته وأقسامه، هو سعي الإنسان نحو المطلق –كما يرى هيجل- سواء في الرواية أو القصة أو النحت أو الرسم أو الموسيقا، سواء كنت منتج للعمل الفني أو مستقبل له، سيكون للفن أثره عليك بشكل إنفعالي ومهاري. وأغلبنا يعرف دور الفن في تهذيب الشعور والنفس وإعلاء قيمة التسامح والمساواة والعدل بين الشعوب في المهرجانات الدولية المختلفة. من هنا شّن رجال الدين حربهم على الفن والمشتغلين به، حيث أن أغلبهم إن لم يكن جميعهم، يرون في الفن سحر وعمل شيطاني يبعد العبد عن ربه ويأخذه لطرق الضلال، في حين أن الفن يأخذ الإنسان إلى الأفق الأرحب الذي يحترم الجميع ويقدس الحياة ويؤمن بالتعددة والاختلاف وهو ما يكرهه أغلب رجال الدين ويسعون لتأسيس ما هو عكس ذلك تمامًا، حيث نجد في الخطاب الديني وخُطب الجمعة بإستمرار يتم تصعيد وترسيخ حالة الإقصاء والحروب والكراهية المجانية، والتصدي لأي محاولة تسمو بروح الإنسان سواء جاءت هذه المحاولة في لوحة او فيلم أو مسرحية أو رواية. والأمثلة على ذلك كثيرة؛ كتابات عميد الأدب العربي طه حسين، سلامة موسى، نصر حامد أبو زيد، وإسلام البحيري، وفاطمة ناعوت وأخيرًا رواية "إستخدام الحياة" للروائي الشاب أحمد ناجي... وغيرهم. كذلك تعرض للتعنت الرقابي الديني أعمال فنية مثل أفلام يوسف شاهين، وداود عبد السيد ولوحات محمد عبلة وبعض أشعار صلاح جاهين وحسن سالم.

وفي الفلسفة، نجد قمة التجرد والفكر الصوري، الذي يتأمل في الحقائق الأولية للأشياء باحثًا عن جوهرها، حيث يتم ترسيخ مبدأ "الفردانية"، بإعتبار الفلسفة موقف فرد ورؤية خاصة تجاه موقف أو قضية أو ظاهرة معينة، وهو جلّ ما يحاربه رجال الدين، الفكر الحر والموقف الفردي، بالتالي يظهر عدائهم المباشر المعلن ضد أي عمل فردي فيه إعمال للعقل، ولا أقول هنا أنهم يسعون لترسيخ الغباء فقط، بل ترسيخ صورة ونمط واحد من إستخدام العقل، هو ما يملونه على الناس في خطب الجمعة وقداسات الآحاد. وتشتد الحرب ضد الفلسفة والمشتغلين بها، فيتم تحريم العمل بالفلسفة والمنطق ليقول لنا أحد الفقهاء جملته الشهيرة "من تمنطق تزندق"، ويتم حرق أعمال المفكرين والفلاسفة والترّبُص بهم، كما حدث في نكبة ابن رشد وحرق جيردانو برونوو حيًا وصولا إلى حالة الرُهاب التي عاشها ديكارت الذي بلغ منه التوجس مبلغًا كبيرًا مما جعله قبل أن يسطر أي كلمة في كتاباته يضع مقدمة تحتوي على إهداء إلى كاردينالات الكنيسة الكاثوليكية حتى لو جانبه الصواب بعد مراجعتهم يقيّمون رأيه ويردونه للحق!!!.
الفن، والعلم، والفلسفة، مجالات تتّسع للجميع، ترسخ قيم المواطنة والحرية والمساواة والعدالة، لا فرق بين فنان أبيض وأسمر، لا فرق بين عالم قبطي أو شيعي، لا فرق بين فيلسوف يوناني أو ألماني، جميعها مجالات تُعزز قيمة ديمقراطية المعرفة، وليس حكرها على طبقة وشريحة لاهوتية فقهية معينة تنتمي لقبيلة قرشية أو أشراف آل البيت. ربما لن تجد في أي عصر من العصور أو بلد من البلدان اثنين من العلماء قاموا بشن غزوة على معمل لأنه اثبت أن الحديد يتمدد بالحرارة!!، أو مدرسة فنية أهدرت دم بيكاسو لأنه ينادي بالتكعيبية!!. بينما في الدين الواحد وداخل الطائفة الواحدة تجد اختلاف بين نظرة كل شخص لله وفهمه لجوهره وصفاته وذاته وحكمته الخفية فينشأ التكفير ومحاربة الخيال ومحاكمة الفردانية.
"أفيقوا.. إنهم يضحكون عليكم"، تلك الصرخة التي قالها المفكر الناقد عبد الله القصيمي، وطالب بإعمال العقل في كافة كتاباته، وكان مصيره كمصير من سبقوه ومن لحقوه، التهجير والنفي والمحاكمة على إبداء الرأي!!. إن أول من يزدري الأديان ويسيء لها هم رجال الدين وأتباعها، أولئك الذي جعلوا من أنفسهم حماة الله على الأرض والقائمين بسيف النار على كل من يقول رأي مخالف لرأي المنظومة الرسمية المرقسية والأزهرية.



#ميلاد_سليمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مذكرات طالب دبلوم تربوي
- شهيد الخلفاوي
- عم فتحي
- يوم في الملكوت‬-;-
- جواز ع الطاير
- الحرية الجنسية عند المتزوجين
- الحكيم والفضيلة
- قديسات ولكن
- حماده في الملكوت
- بس يا سيدي ونزل الدين الجديد
- تحلل الأجساد... هل للقديسين فقط!؟
- تمرير السلطة الكنسية
- الحرب.. جراحها مستمرة
- بيت الله قطاع خاص
- يوم في البنك
- الزواج في المسيحية
- الغباء الاجتماعي
- الكنيسة أمك
- موامس الحريات
- سيادة الملائكة


المزيد.....




- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ميلاد سليمان - كبوة العقل النقدي