أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - انور سلطان - نقد الشافعي, الحلقة (4 / 29): دعوى شمول الشريعة الجزء 2















المزيد.....

نقد الشافعي, الحلقة (4 / 29): دعوى شمول الشريعة الجزء 2


انور سلطان

الحوار المتمدن-العدد: 5113 - 2016 / 3 / 25 - 03:31
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


نقد الشافعي, (4 / 29): دعوى شمول الشريعة الجزء 2

لا بيان إلا بنص

لا دليل في الآية (89) من سورة النحل على أن الاجتهاد طريق من طرق البيان إذا غاب النص. بل العكس هو الصحيح, فالآية تبطل القول بالإجتهاد في الدين, لأن حقيقة البيان تقتضي وجود نصوص مبينة بنفسها للمطلوب من المخاطب. ومن ادعى غير ذلك عليه أن يأتي بدليل صريح على هذه الدعوى الخطيرة التي تحيل طبيعة الدين إلى طبيعة أخرى، وتضعه في أيدي فئة من الناس, ينزلون بهذا الإدعاء منزلة النبي في أمته.
عدم وجود نصوص في كل مسائل الدنيا يقتضي أن نحمل معنى (البيان) و عبارة (كل شئ) في الآية (89) من سورة النحل, إذا تجاهلنا السياق التاريخي واللغوي للآية, على الخصوص لا على العموم. وعليه, فالوحي "بين كل شئ" من أمور الدين على التفصيل، ومن أمور الدنيا، فيما يتعلق بسلوك الإنسان، على الإجمال، وترك حكم التفاصيل لعقل الإنسان.
لقد بين القران كل ما هو مطلوب من المكلف بالنص بيانا تفصيليا أو إجماليا. ففي جانب العقيدة والعبادة نزل بيان تفصيلي (أحكام تفصيلية) لأنها ليست موضوعا للعقل. أما في الجانب الدنيوي، وهو موضوع العقل، فقد بين المطلوب إجمالا بإرجاع الإنسان إلى مبادئ عقلية كلية (أو قواعد عامة) وهي حسن الخلق في علاقة الإنسان بغيره على المستوى الإنساني، والعدل في علاقة الإنسان بغيره على مستوى الحقوق، والنفع في علاقة الإنسان بنفسه وبالدنيا عموما. والزم الناس بها. والأمر بإقامة العدل هوإرجاع مباشر للعقل، في التشريع العام والقضاء، لا إرجاع إلى عملية قياس على أحكام أخرى بواسطة علامات مزعومة. وهذا هو الأصل إلا ما استثناه القران بإنزال حكم فيه، وهي مسائل معدودة، قامت على المبادئ السابقة.
لكن البيان عند الشافعي ليس فقط بالنص بل بالدلالة على حكم كل مسألة لا نص فيها. ولم يجد الشافعي ما يثبت دعواه، إلا التحكم المحض في تفسير معنى كلمة البيان، بحملها على معنى, لا علاقة للكلمة به حتى من بعيد, يشمل معنى "الاستدلال في غياب النص" الذي يقوم به المجتهد مستعينا بعلامات مزعومة، هي الأخرى لا دليل عليها سوى مغالطة محضة كما سيأتي لاحقا.
ومما ساعد في تمرير هذا التحكم هو الافتراض المسبق أن لله حكم في كل مسألة، والتسليم بهذا الافتراض، رغم أنه لا دليل عليه. وما فعله الشافعي هو تقديم الافتراض ومن ثم التحكم في معنى البيان، حتى يقول أن النصوص تستغرق الأحكام جميعا، إما بنفسها أو بالعلة أو الشبه الذي فيها.

شريعة واحدة أم شرائع متعددة

ولو صح أن الله وضع دلائل تدل على الأحكام كالنصوص، فالمفروض ألا تنتج الدلائل تعددا في الأحكام إلى درجة التضارب في أحيان كثيرة، وإلا كيف تكون بيانا كالنصوص. وكما لم ينزل الله نصوصا متضاربة في مسألة معينة، فلا بد إذا وضع الله دلائل ألا يجعلها تؤدي إلى تعدد في الأحكام، وإلا تعددت الشريعة، وبطلت المصلحة منها، وأصبحت نفسها مشكلة.
وهذه الحقيقة تسقط مغالطة الشافعي التي حاول أن يبرر بها اختلاف المجتهدين, وهي مغالطة تقوم على تقسيم المعرفة الى نوعين, معرفة في الظاهر وهي معرفة الشئ كما هو في الواقع, ومعرفة في الباطن وهى معرفة الشئ كما يظهر للمجتهد, ولا يمكن الجزم بمطابقتها للحقيقة (أي بصوابها). أي أن الشافعي قال بنسبية المعرفة ليخرج من معضلة الاختلاف الذي نتج عنه شرائع متعددة. فالمجتهدون يستدولون بعلامات ضنية لا يمكن الجزم بصحة ما يُبنى عليها. وفي المحصلة الأخيرة لا يختلف الشافعي عن السفسطائيين في المعرفة قيد أنمله سوى أنه يُلبسها لباسا دينيا. وحول كل ما قاله "المجتهدون" إلى دين ولو كان كارثة, فكل مجتهد مصيب.
ضرب الشافعي أمثلة للاختلاف بين الناس، منها معرفة القبلة, ليستدل على نسبية المعرفة في الدين. وهي أمثلة لا يصح القياس عليها أمر شريعة من المفترض أن تُصلح الدنيا. وإمعانا في المغالطة راح الشافعي يتحدث عن حكمة إيجاب الاجتهاد على المجتهدين لا حكمة وضع الشريعة, فالله كلف المجتهدين, أو المسلمين, ليبتليهم فإن قاموا بما ابتلاهم به من اجتهاد أثيبوا وسقط عنهم التكليف. بينما الدين لم ينزل لهذا الغرض إطلاقا.
وربما أعترض معترض وقال: إن هناك اختلاف في التشريع ناتج عن فهم النصوص, فلماذا الاعتراض على الاختلاف الناتج عن الاستدلال بالدلائل (الاستنباط) والدلائل مثل النصوص المُختلف فيها؟
والجواب على هذا الاعتراض هو أن الاختلاف الناتج عن فهم النصوص لم يكن موجودا في عهد النبي. ولذلك كانت الشريعة واحدة ولم تكن متعددة. كما لم يكن هناك كثير من المشرعين تحت دعوى الإجتهاد, وكانت جهة التشريع واحدة تتمثل في شخص النبي. وعندما أعطى فئة من الناس لأنفسهم كأفراد الحق في التشريع العام تعددت الشريعة, وكل يصف شريعته بأنها شريعة الله كما تبدو له. والحقيقة أن حق التشريع العام هو للسلطة السياسية التي تمثل الناس في حالة وجود دولة, أو للمجتمع ككل ويظهر ذلك في شكل أعراف مقبولة قبولا عاما, وضابط التشريع هو تحقيق العدل والمصلحة, ولا يجوز إضفاء الصفة الدينية عليه كما يفعل من سموا أنفسهم بالمجتهدين. وبالتالي فالقول بالإجتهاد أنتج خطأين, الأول إعطاء أفراد حق التشريع العام والثاني إضفاء الصفة الدينية على قول كل فرد.

الإجتهاد في فهم النص

الاجتهاد في حقيقة الأمر نوعان: اجتهاد في مسألة دنيوية لا نص فيها لمعرفة حكمها, والذي سُمى استنباطا أو استدلالا, وهذا لا دليل عليه سوى مغالطات كما سيأتي في الفصل الثاني (دعوى الإجتهاد). واجتهاد في فهم نص غامض أو في التوفيق بين نصوص متعارضة. والنص قسمان: نص يتعلق بعبادة, ونص يتعلق بأمر من أمور الدنيا. والأحكام التي جاءت في أمور الدنيا اقتضتها الظروف القائمة, والمخاطب بها الصحابة طالما بقيت الظروف قائمة. وهذه الأحكام ارتفعت بارتفاع الظروف التي اقتضتها, وبالتالي لا تحتاج النصوص في المسائل الدنيوية إلى إجتهاد لفهمها إذا كانت غامضة أو متعارضة. أما النصوص التي تتعلق بالعبادة فهي التي تحتاج إلى إجتهاد لفهمها إذا كانت غامضة أو التوفيق بينها إذا كانت متعارضة. ذلك أن العبادة ثابتة لم تقتضيها الظروف بل إرادة الله. وقد يقع إختلاف هنا, ولكنه اختلاف لا ضرر منه, لانه في فروع العبادات, ولا يترتب عليه سلوك ضار. فأي ضرر ممكن أن ينتج من الجهر بالبسملة من عدمه؟ وهذا غير الإختلاف في فهم نص في مسألة دنيوية عامة, فأقل ضرر ينتج عنه هو تعدد التشريع العام.
وعليه, يمكن القول أن الاجتهاد المطلوب هو الاجتهاد المتعلق بفهم نص غامض أو التوفيق بين النصوص في مسألة تعبدية. أما النصوص في المسائل الدنيوية العامة لا تحتاج أصلا إلى اجتهاد لفهمها أو التوفيق بينها لأنها ارتفعت بارتفاع ظروفها.
والسبب في غموض النص هو البعد الزمني بين عهد الرسالة وقارئ النص في عصور لاحقة لا في النصوص ذاتها إذا صحت نسبة تلك النصوص إلى النبي إذا كانت حديثا. وغموض النص الذي يتطلب اجتهادا لفهمه لا يبرر القول بالنوع الثاني من الاجتهاد وهو الاجتهاد الاستنباطي.



#انور_سلطان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نقد الشافعي, الحلقة (5 / 29): دعوى شمول الشريعة الجزء 3
- نقد الشافعي, الحلقة (3 / 29): دعوى شمول الشريعة الجزء 1
- نقد الشافعي, الحلقة (2 / 29): تمهيد لا بد منه
- نقد الشافعي، الحلقة (1 / 29): المقدمة
- نظرية الكهنوت الإسلامي
- الداعشي الذي اعدم امه
- النبي محمد والحرب الدفاعية والهجومية
- نقد الحوار المتمدن
- مؤسسات المجتمع المدني في العالم الثالث كلام فارغ من المعنى
- العرب والاستعمار والكيل لغيرهم بكيل الاستعمار
- قصة ادم وحواء في التوراة والقران
- خلق الكون في التوراة والقران
- قصص القران تذكير بما في العهدين لا تعريف بقصص مجهولة
- التوراة والانجيل كتابان صحيحان حسب القران
- هل الكفر جريمة تستباح به الحقوق؟


المزيد.....




- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...
- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...
- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر
- أغلق باب بعد تحويل القبلة.. هكذا تطورت أبواب المسجد النبوي م ...
- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...
- موعد وقيمة زكاة الفطر لعام 2024 وفقًا لتصريحات دار الإفتاء ا ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - انور سلطان - نقد الشافعي, الحلقة (4 / 29): دعوى شمول الشريعة الجزء 2