عدنان غازي الرفاعي
الحوار المتمدن-العدد: 5112 - 2016 / 3 / 24 - 16:27
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لنواصل الوقوف عند صياغة بعض النصوص القرآنيّة التي وقف عندها بعض الكافرين بكتاب الله تعالى ، على أنَّها أخطاء لغويّة ..
.. سنقف اليوم عند قوله تعالى التالي ..
(( إنَّ مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثمَّ قال له كن فيكون )) [ آل عمران : 59 ] ..
.. قالوا : كان يجب أن يعتبر المقام الذي يقتضي صيغة الماضي لا المضارع ، فيقول : قال له كن فكان .. فما يتخيّلونه أنَّ كلمة : (( فيكون )) ، كان من المفترض أن ترد بالصيغة : ( فكان ) ..
.. هنا يتجلّى جهل مثيري هذه الشبهة بإدراك دلالات كتاب الله تعالى ، فمثلاً قوله تعالى : (( إنما أمرنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون )) ، يصوِّر لنا قول الله تعالى للشيء الذي أراد وجوده ، قبل وجوده في العالم الذي يريد الله تعالى وجوده فيه .. فهذا الشيء المعنيُّ موجودٌ في علم الله تعالى ، ويخاطبه الله تعالى بقوله (( كن )) ، بمعنى : أُخرج - تجسيداً - إلى عالم الوجود الحسِّي في عالم المادّة والمكان والزمان .. وهنا حتّى هذا القول (( كن )) ، لم يكن هذا الشيء المعنيُّ كائناً في عالم وجوده الحسِّي ، فالسياق القرآني - كما نرى - حتّى كلمة : (( كن )) ، يُصوِّر مرحلة ما قبل وجود هذا الشيء في عالمه الحسِّي : (( إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن )) .. الآن .. بعد صدور الأمر الإلهي لهذا الشيء عبر كلمة )) كن )) ، بعد ذلك ، وليس قبل ذلك ، سيكون هذا الشيء في عالم المادّة والحسّ الذي أراد الله تعالى له أن يكون فيه .. وهذا تناسبه صيغة المضارع وليس الماضي ، بمعنى : بعد صدور الأمر الإلهي : (( كن )) لهذا الشيء ، بعد ذلك يكون ..
.. فكيف إذاً يريدون ورود كلمة ( فكان ) بدلاً من كلمة : (( فيكون )) ؟!!!!!!! .. كيف ؟!!!!!!! .. هل هذا الشيء كان موجوداً في عالمه الحسِّي قبل صدور الأمر الإلهي : (( كن )) ، ليقولوا لنا : كان من المفروض أن ترد كلمة ( فكان ) ؟!!!!!!! .. من هنا نرى كيف أنَّ إلقاء الشبهات على كتاب الله تعالى لم يكن منطلقاً من أرضيّة معرفيّة سليمة ، وإنّما هو دون أيِّ منطق ..
أخوكم
عدنان الرفاعي
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟