أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ضياء البوسالمي - ”إنتصاب أسود“ أو عندما تتحوّل الرّواية البورنوغرافيّة في تونس إلى سلاح ضدّ الرّجعية














المزيد.....

”إنتصاب أسود“ أو عندما تتحوّل الرّواية البورنوغرافيّة في تونس إلى سلاح ضدّ الرّجعية


ضياء البوسالمي

الحوار المتمدن-العدد: 5103 - 2016 / 3 / 14 - 12:59
المحور: الادب والفن
    


لطالما كانت أولى كتابات الأدباء الكبار لحظة فارقة في حياتهم خصوصا و في تاريخ الأدب عمومًا. شخصيّا أعتبر أنّ أفضل كتابات نجيب محفوظ هي أوّلها أي مجموعته القصصيّة ”همس الجنون“ رغم أنّه حصل على جائزة نوبل بثلاثيّته الشّهيرة. و قد جاءت أولى أعمال أيمن الدّبوسي الأخصائيّ النّفساني و الكاتب لتحدث ضجّة مُتَوَقَّعَة و لتقحم ميدانا ظلّ مهجورا من طرف الكتّاب العرب ( خاصة في تونس ) و ذلك ربّما خوفا من ردّة فعل القرّاء و ما قد يصاحب هذا النّوع من الكتابات من إحتجاجات و مشاكل في مجتمعات مازالت تعتبر الجنس عائقا و من ”التَّابُوهَات“ التي يُمْنَعُ النّقاش حولها حتّى و إن كان ذلك في حلقات خاصّة.
رواية ”إنتصاب أسود“ تنقسم إلى 7 أجزاء/فصول تنقل يوميّات بطلها الطّبيب النّفسي الذي يحمل نفس إسم الكاتب و هو ما يجعل القارئ في حيرة منذ البداية فتختلط السّيرة الذّاتيّة بالخيال و هذا يميّز أسلوب الدّبوسي في الكتابة. و الحقيقة أنّه بالإضافة إلى ما سبق ذكره فيما يتعلّق بالأسلوب فإنّه يمكن أن نلاحظ أمرين : الأوّل هو أنّ المعجم الذي وظّفه الكاتب يجعلنا نتذكّر أهمّ الكُتب التي تعرّضت لهذه المواضيع في التّاريخ الإسلامي مثل كتاب الرّوض العاطر في نزهة الخاطر من تأليف الشّيخ النّفزاوي مع العلم أنّ هذا الكتاب لا يمكن تصنيفه كرواية إلاّ أنه من الواضح أنّ الكاتب عاد للإطّلاع على مثل هذه الكتابات. و أمّا الأمر الثّاني، فهو تأثّر الكاتب بالرّواية البورنوغرافيّة في الغرب ( الولايات المتّحدة و فرنسا خصوصا ) لأنّنا نجد صدى لكتابات رولان بارت و تشارلز بوكوفسكي و قد ساهم هذا الإلمام و المزج بين التّراث العربي من جهة والأعمال الغربيّة الحديثة من جهة أخرى في إضفاء رونق خاصّ على هذا النّص.
عن الثّورة الجنسيّة و أحلام أخرى !
لا تحدث الثّورات في الخفاء فالثورة و الكتابة كلتاهما لا تعرف السريّة.
نوال السعداوي
لقد سعى أيمن الدّبوسي – من خلال روايته – إلى التّأكيد على أنّ الثّورة التّونسية لا يمكن أن تُعْتَبَرَ ثورة كاملة ما لم تتحقّق الثّورة الجنسيّة التي يأمل الكاتب و أبناء جيله أن تحدث تغييرًا جذريّا في العقليّات و أن تحاول تغير نظرة العربي عموما و التّونسي خصوصا للجسد و الجنس. لهذا، كانت سياسة الصّدمة هي الحلّ يُصْدَمُ القارئ بالإباحيّة ثمّ يألفها و أخيرا يلتهم صفحات الرّواية إلتهاما ليستمتع بها و يُدْمِنَهَا. فتتدفّق المقاطع الإباحيّة المبثوثة على كامل النّص لتحقّق هذا الهدف ! لقد أبدع الكاتب في نقل و وصف أدقّ تفاصيل الأجساد و النّهود و هذا يظهر في أكثر من مقطع.
راح كريستوف يقبل و يدبر في هيلين من الخلف بينما هي على أربع تمصّ أيري من الجهة الأخرى. كنت حيانا أغلق فتحتيْ منخريها بسبّابتي و إبهامي فيظطرّها ذلك إلى شفط أيري مع ريقها في شهيق عنيف رافعة نحوي نظرة معاتبة فأمنحها إبتسامة مشجّعة مفلتا أنفها.
تنحيت عن فم هيلين و باشرتها من الخلف أقحمته عميقا في فرجها المنكشف في فحش خلاّب، عانقت المخدّة و راحت تعضّ على حواشيها مغمضة عينيها مسندة جانب وجهها على اللّحاف الأسود لتهبني كلّ خلفيّتها و ظهرها مبسوط أمامي تسري فيه هزّة النّيك و تنحدر عليه حبّات العرق كإنهيار ثلجيّ.
بروح ثورة ماي 68 جاء نصّ أيمن الدّبوسي مشحونا بإرادة تغييرالواقع و التّحريض على التّمرد و تحطيم الأصنام و كسر كلّ الحدود بتدنيس كلّ المقدّسات. ههنا تتحوّل الرّواية البورنوغرافيّة إلى وسيلة للدّعوة و الحثّ على الثّورة ضدّ كلّ سلطة أخلاقيّة، دينيّة أو سياسيّة، و هي كذلك وسيلة الكاتب لإعادة خلق مجموعة من المفاهيم و القيم الجديدة و المتحرّرة بعد القضاء على تلك القيم القديمة و البالية و الرّجعية. لقد وضعت هذه الرّواية المقدّس في موضع شكّ و إتّهام بصفته المحرّك الأساسيّ للرّجعيّة التي تقوم على تصنيف كلّ المسائل عبر ثنائيّة الحلال و الحرام. لهذا فإنّ الرّواية تعلي من شأن الجسد و تحثّ على الإقبال على ملذّات الحياة دون قيود، إنّها رواية مغرقة في الشّهوانيّة و الماديّة قاطعة مع كلّ ميتافيزيقا تحبس الجسد و تحرّم الجنس و اللّذة و بذلك تعيد الإعتبار لفلسفة الجسد التي كادت تندثر في مجتمعات تعاني من الإعاقات الدّينيّة.
”إنتصاب أسود“ تعتبر صرخة جيل لطالما حلم بالحريّة و الثّورة و الإنعتاق و التخلّص من العقد التي إستولت على العقل العربي منذ مئات السّنين، إنّها بداية ثورة و دعوة للإنفتاح على الآخر المختلف و ثقافته و جسده و هكذا يتمّ ”تناكح الثّقافات“ كما جاء على لسان البطل بطريقة ساخرة ليواصل بعد ذلك متهكّما هذا حجر الأساس في مشروع ساركوزي المتوسّطي !!


عنوان الرّواية : إنتصاب أسود
عدد الصفحات: 168
تاريخ الصدور : 2016
دار النّشر : منشورات الجمل/ بيروت



#ضياء_البوسالمي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- راب تونسي : رَادْستَارْ رَادِي
- إصلاح الإسلام ( 4 ) : هل توجد مساواة بين الجنسين في الإسلام ...
- سائق الحافلة
- فيلم شبابك الجنة: إبداع في تجسيد المعاناة
- إصلاح الإسلام ( 3 ) : المنطلقات الفكريّة للخطاب الدّيني ( ال ...
- نَحْوَ تَحْلِيلٍ أُنْترُوبُولُوجِي لِلْبُورْنُوغْرَافِيَا (1 ...
- إصلاح الإسلام ( 2 ) : نقد الخطاب السّلفي
- القانون عدد52 : وسيلة لتكميم الأفواه !؟
- حول فيلم “اُلزِّينْ إِلِّي فِيكْ” : عندما تضعنا السّينما أما ...
- إصلاح الإسلام
- الإسلام … دين إرهاب ؟
- المثليّة الجنسيّة: الأخلاق العامّة والحُجج العقلانية
- -خطيبة طوكيو-: عن اليابان والحب ولقاء الشرق والغرب
- ماهي البورنوغرافا ؟ [ البورنوغرافيا و الصّحافة (ج2) ] / (9)
- ماهي البورنوغرافيا ؟ [ البورنوغرافيا و الصّحافة (ج3) ] / (10 ...
- ماهي البورنوغرافيا ؟ [ البورنوغرافيا و الصّحافة (ج1) ] / (8)
- ماهي البورنوغرافيا ؟ [ العصر الذّهبي للبورنوغرافيا (ج3) ] / ...
- ماهي البورنوغرافيا ؟ [ العصر الذّهبي للبورنوغرافيا (ج2) ] / ...
- ماهي البورنوغرافيا ؟ [ العصر الذّهبيّ للبورنوغرافيا (ج1) ] / ...
- ماهي البورنوغرافيا ؟ [ تاريخ البورنوغرافيا ( ج1) ] / 1-2-3


المزيد.....




- مغني الـ-راب- الذي صار عمدة نيويورك.. كيف صنعت الموسيقى نجاح ...
- أسرة أم كلثوم تتحرك قانونيا بعد إعلان فرقة إسرائيلية إحياء ت ...
- تحسين مستوى اللغة السويدية في رعاية كبار السن
- رش النقود على الفنانين في الأعراس.. عادة موريتانية تحظر بموج ...
- كيف نتحدث عن ليلة 13 نوفمبر 2015 في السينما الفرنسية؟
- ميريل ستريب تلتقي مجددًا بآن هاثاواي.. إطلاق الإعلان التشويق ...
- رويترز: أغلب المستمعين لا يميزون الموسيقى المولدة بالذكاء ال ...
- طلاق كريم محمود عبدالعزيز يشغل الوسط الفني.. وفنانون يتدخلون ...
- المتحف الوطني بدمشق يواصل نشاطه عقب فقدان قطع أثرية.. والسلط ...
- وزارة الثقافة السورية تصدر تعميما بمواصفات 6 تماثيل مسروقة م ...


المزيد.....

- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ضياء البوسالمي - ”إنتصاب أسود“ أو عندما تتحوّل الرّواية البورنوغرافيّة في تونس إلى سلاح ضدّ الرّجعية