|
ماهي البورنوغرافيا ؟ [ العصر الذّهبيّ للبورنوغرافيا (ج1) ] / (5)
ضياء البوسالمي
الحوار المتمدن-العدد: 4903 - 2015 / 8 / 21 - 20:29
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
منذ بداية العصر الذّهبي ( منذ سنة 1900 ) تحوّل الجنس إلى الشّاشة و بالتّالي أصبح وسيلة لربح المال و بعد 20 سنة منذ إنتهاء الحرب العالميّة الثّانية أصبحنا نتحدّث عن "حبّ الجسد" و خرجت البورنوغرافيا نسبيّا من وضعها الهامشيّ الذي كات عليه. و قد سعت المافيا الإطالو-أمريكيّة منذ ثلاثينات القرن الماضي وضع آلات في محلاّت تجاريّة كانت مجهّزة بغرف مخفيّةٍ ( back-room ) كانت تُعرض فيها الأفلام بصفة سريّة. و كان من الضروريّ أن يُعاد بناء كلّ المفاهيم بطريقة علميّة بعيدا عن الإيديولوجيا و ذلك بعد أن تراجعت سلطة الكنيسة و قدرتها على التّأثير أمام التطوّر العلم. فهذا الأخير يواجه الإيمان الأعمى و يدحض الدّوغمائيّة و يفضح الأكاذيب و الأساطير، و حتّى لو إعتقد المتديّنون في في قدسيّة الدّين و بالتّالي إستحالة تعرّضه للنّقد فإنّه و في المقابل، نلاحظ تراجعا لسلطة الكنيسة في أوروبا فقد فسحت المجال للسّياسة. و قد وجدت الشّعوب في الدّولة مجالا أرحب لممارسة الحريّات و التّمتع بصفة المواطنة و هي أمور لم تكن ممكنة تحت سلطة الكنيسة، فالمطالعة و الثّقافة لم تعد حكرا على أصحاب السّلطة الدّينيّة و المترفين من الطبقة البورجوازيّة فقد تحرّرت الشّعوب شيئا فشيئا لتجد وسائل متعدّدة للتّرفيه مثل التّلفاز و الأدب ... في سنة 1920، كان من الممكن أن يكون حديث "جَاكْ شَارْدُونْ" عن الحبّ و الصّعوبات التي يمكن أن يتعرّض لها الأزواج في كتابه "l épithalame" صادما للكثيرين لا بسبب فُحْشِ محتواه و إنّما بسبب الحقيقة المزعجة التي يطرحها و التي لو كانت الكنيسة متمتّعة بقوّتها كما في الماضي لقرّرت أن تخفي مثل هذه الحقائق دفاعا على منظومة الزّواج المقدّسة في الدّيانة المسيحيّة. و في سنة 1930، وُضِعَ قانون "هَايْزْ" ( code Hays ) في الولايات المتّحدة الأمريكيّة بهدف المحافظة على الأخلاق و حماية المشاهدين. فكلّ ما يجعل المشاهد متعاطفا مع الأبطال - المتورّطين في الجريمة، الخطايا أو الفساد - يتمّ منعه و حذفه من الإنتاجات السّينمائيّة. و إلى حدود 1950، لم يتغيّر شيء مع العلم أنّه كانت هناك بعض المحاولات للتّغيير و التّحرّر ففي سنة 1953 أحدث كتاب " Bonjour tristesse " للكاتبة الفرنسيّة "فْرُونسْوَاز سَاغَانْ" ضجّة كبيرة وهو كتاب تروي فيه قصّة فتاة تكتشف الجنس مع طفل صغير و قد أثار ذلك جموعة من المحافظين. و هنا بدأ الحديث عن أدب و أعمال بورنوغرافيّة مضرّة للشّباب. و في سنة 1955، كان مشهد "مَارلين مُونرُو" و هي تمرّ من فتحتة تهوئة و قد ظهرت ملابسها الدّاخلية مشهدا مستفزّا في تلك الظّروف. و في نفس الفترة في الولايات المتّحدة الأمريكيّة، إِعْتُبِرَت رقصة "إِلْفِيسْ برِيسْلِي" بورنوغرافيّة و قد تمّ منع الفنّان أكثر من مرّة. و يمكن أن نذكر أيضا الكثير من المجموعات الموسيقيّة في فرنسا و التي إعتمدت على الهدوء في أعمالها إلى أن ظهرت مجموعة "babys boomers" و حطّمت كلّ الحدود الأخلاقيّة. و في الولايات المتّحدة، كانت موسيقى الرّوك وسيلة لتحرّر الشّباب و لعلّ أهمّ فنّاني تلك المرحلة هو "جِيمِي هَنْدرِيكْس" و كانت معظم الأغاني وسيلة للإحتجاج على الأوضاع الإجتماعيّة من جهة و رفضا للحروب من جهة أخرى ( حرب الفييتنام كانت سببا رئيسيّا للإحتجاجات ). بعد ذلك في سنة 1968 في فرنسا، عزم الشّباب على تحطيم "أصنام الماضي" و طالبوا بإستقالة و تخلّي "شَارْل دُو غُول" و هذا ما قام به بعد سنتين. ماي 68 كان حقبة المطالبة بالتّحرّر و الإنعتاق وهذا ما أدخل الغرب في منطق يسمح بكلّ شيء مع غياب تامّ للقيود وكلّ ذلك في سبيل الإكتشاف و المعرفة. وشهدت هذه الفترة أيضا خصوصا من 1966 إلى 1976 فراغا قانونيّا في فرنسا كما في الولايات المتّحدة إذ لم يعد بإمكان القضاة منع أيّ شيء و الحكم بالإعدام لم يطبّق طوال هذه الفترة ! ( لم يُطبّق من جديد إلاّ سنة 1977 ). قد يبدو هذا غريبا و لكنّ في هذه الفترة بالذّات ستشهد البورنوغرافيا عصرها الذّهبيّ كما يفسّر ذلك "فِيلِيب دِي فُولكُو".
#ضياء_البوسالمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ماهي البورنوغرافيا ؟ [ تاريخ البورنوغرافيا ( ج1) ] / 1-2-3
-
ماهي البورنوغرافيا ؟ [ تاريخ البورنوغرافيا (ج2) ] / (4)
-
رهان باسكال
-
رمضان ... شهر بركة !؟
-
منصب مفتي الجمهورية من الإستقلال حتى أواخر حكم بورقيبة
-
...إنتظار
-
الثورة تأكل أولادها -حول القمع الذي تمارسه دولة البوليس-
-
رواية شرق الوادي لتركي الحمد
-
تجار الدين ( عن شيوخ آخر زمن ) [ 2 ]
-
تجار الدين ( عن شيوخ آخر زمن ) [1]
-
حول الثورة الثقافية و محاكمة الفكر في تونس ( جابر الماجري نم
...
-
المس و السحر في الإسلام بين الخوارق و الموضوعية
-
تونس تصدر المجاهدين... و المجاهدات ؟
-
عندما يكبلك اللامرئي ( خواطر من منبع اليأس )
المزيد.....
-
وزير دفاع أمريكا يوجه - تحذيرا- لإيران بعد الهجوم على إسرائي
...
-
الجيش الإسرائيلي ينشر لقطات لعملية إزالة حطام صاروخ إيراني -
...
-
-لا أستطيع التنفس-.. كاميرا شرطية تظهر وفاة أمريكي خلال اعتق
...
-
أنقرة تؤكد تأجيل زيارة أردوغان إلى الولايات المتحدة
-
شرطة برلين تزيل بالقوة مخيم اعتصام مؤيد للفلسطينيين قرب البر
...
-
قيادي حوثي ردا على واشنطن: فلتوجه أمريكا سفنها وسفن إسرائيل
...
-
وكالة أمن بحري: تضرر سفينة بعد تعرضها لهجومين قبالة سواحل ال
...
-
أوروبا.. مشهدًا للتصعيد النووي؟
-
الحوثيون يعلنون استهداف سفينة بريطانية في البحر الأحمر وإسقا
...
-
آلهة الحرب
المزيد.....
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع
/ عادل عبدالله
-
الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية
/ زهير الخويلدي
-
ما المقصود بفلسفة الذهن؟
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|